مازال الإبداع فى مصر يبحث عن منقذ، بهذه الكلمات عبر المخرج أمير رمسيس عن حزنه من تعنت النظام فى التعامل مع الإبداع والسعى وراء كبته، بعد أن رفضت هيئة الرقابة على المصنفات الفنية عرض فيلمه التسجيلى «عن يهود مصر» بحجة لدواعي الأمن القومي. وقال أمير: إن الأمن القومى رفض منحنا الورقة الأخيرة التي يتم عرض الفيلم بواسطتها في دور العرض رغم حصول الفيلم على تصريح للعرض العام دون ملاحظات من هيئة الرقابة على المصنفات، وحصوله على تصريح تصدير الفيلم وعرضه خارج مصر، في مهرجانات كثيرة منها مهرجان كاليفورونيا وامستردام للفيلم العربي. القضية ليست فى رفض الرقابة على عرض الفيلم، ولكن هيبة الرقابة التى أصبحت مؤسسة ليس لها قرار فى الدولة رغم أنها جهة تشريعية وقرارها بالعرض لا يمكن أن تسقطه أى جهة أخرى فى مصر. وترجع الأزمة كما طرحها منتج الفيلم «هيثم الخميسي» أن الشركة حصلت على تصريح من الرقابة على المصنفات الفنية عام 2010 على تصوير الفيلم بعد الموافقة على السيناريو وبعد الانتهاء من مراحل إنتاجه من تصوير ومونتاچ وباقي العمليات الفنية ما يقرب من ثلاث سنوات حتى إبريل 2012، وأجازت الرقابة عرض الفيلم ضمن فعاليات الدورة الخامسة من بانوراما السينما الأوروبية فى أكتوبر 2012 برئاسة مريان خورى، وبعدها أجازت الرقابة سفر الفيلم إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية للمشاركة فى مهرجان بالم سبرينجز في ولاية كاليفورونيا فى ديسمبر 2012 بعد موافقة شخصية من وزير الثقافة الذى شاهد الفيلم بنفسه، وعندما قررت الشركة المنتجة تجديد عرض الفيلم داخل جمهورية مصر العربية، وحددت له قاعات عرض سينمات رينيسانس يوم الأربعاء 13 مارس 2013، وبعد تقديم كافة الأوراق المطلوبة من خطابات الرسم النسبي من نقابات المهن السينمائية والتمثيلية والموسيقية، وشهادة مزاولة الإنتاج من قطاع الإنتاج الثقافي بوزارة الثقافة، لتقديمها للإدارة العامة للرقابة على المصنفات الفنية، طلب الوزير مشاهدة الفيلم مرة أخرى بشكل شخصى، وأسقط كلمة الرقابة ورفضوا عرض الفيلم بحجة أن جهة أمنية طلبت مشاهدة الفيلم قبل تجديد الترخيص له بالعرض السينمائي ورفضته لأنه يدعو لعودة اليهود لمصر. ونظرا لتعلق المشكلة بالإبداع أصدرت جبهة حرية الإبداع بيانا أكدت فيه ان هذا الأمر هو إرهاب للفكر وقمع للإبداع، وتضامنت مع فريق عمل الفيلم وحملت كافة الجهات المعنية هذا التجاوز والخسائر التى ستتكلفها الشركة المنتجة أو التى سيواجهها كل المبدعين فى مصر بداية من وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة والإدارة العامة للرقابة على المصنفات الفنية ووزارة الداخلية. علق الناقد مصطفى درويش رئيس هيئة الرقابة سابقا أن هذا القرار يعتبر انتهاكا لحرمة الرقابة وأننا نعيش فى عصر أسوأ من عصور الظلام الماضية، وقال إن الرقابة عندما تجيز عرض أى فيلم لابد أن تراعى موافقة الأمن القومى وخلافه من قرارات الأزهر والكنيسة فى مصر ولكن عندما تجيز فيلما وبعدها تسحب قرارها وتمنع عرضه فهى بذلك تؤكد على ضعف الثقة فى أى قرارات تصدرها بعد ذلك، خاصة أن هناك مئات الافلام التى تأتى من الخارج لتأخذ حق عرضها فى مصر، فمن الممكن ان توافق الرقابة مبدئيا وبعدما تتكلف الشركة المنتجة ارسال الفيلم وحجز مواعيد لعرضه والدعاية له ترفض عرضه بحجة أنها «رجعت فى كلامها». وأشار درويش الي أن فكرة الرجوع فى القرارات أصبح هو سمة العصر الآن فى مصر.