قد يبدو حكم محكمة القضاء الإداري بإيقاف الانتخابات البرلمانية وإحالة قانون الانتخابات للمحكمة الدستورية العليا لإقراره طبقا للدستور.. طوق نجاة للرئيس محمد مرسي ليبدو الخطوات الصحية للأزمة التي استفلحت في ظل مقاطعة جبهة الإنقاذ للانتخابات البرلمانية بسبب سياسة العناد التي تتبها مؤسسة الرئاسة.. حكم المحكمة جاء ليلتقط الجميع أنفاسه لدراسة الموقف للخروج بقرارات صائبة بدلا من الأزمة التي وضعها الرئيس وجماعته بسبب سياسات التمكين حتي ولو كانت علي جثة الوطن.. مؤسسة الرئاسة أعلنت احترامها للحكم القضائي وعدم الطعن فيه.. وفي نفس الوقت أعلنت اللجنة العليا للانتخابات احترامها للحكم وأوقفت الإجراءات حتي صدور حكم المحكمة الدستورية.. قد يبدو إعلان الجميع احترام الحكم القضائي من مؤسسة الرئاسة واللجنة العليا للانتخابات فرصة للرئاسة وجبهة الإنقاذ لبدء خطوات عملية للحوار والتشاور للخروج من المأزق الذي وضعوا فيه الوطن. الرئيس محاط بمجموعة من المستشارين آخر ما يفهمون فيه هو القانون.. بدليل أنهم زينوا له أن يصدر قرارا بإصدار قانون الانتخابات بعد إحالته إليه من مجلس الشوري.. رغم أن صحيح الدستور يؤكد الرقابة السابقة علي القوانين.. و لكنهم اكتفوا بالتعديلات التي أجراها مجلس الشوري وأصدر الرئيس قرارا بفتح باب الانتخابات مما عرض مجلس النواب الجديد للطعن عليها بعدم الدستورية لعدم إقراره من المحكمة.. فهل يتخلص الرئيس من هؤلاء المستشارين القانونيين الذين يغرقون الوطن؟.. وخاصة أن الانتخابات البرلمانية ستتكلف 4 مليارات جنيه فمن الذي كان سيتحمل تلك التكلفة الباهظة.. هل كان سيدفعها الرئيس من ماله الخاص وهو لا يملكه أم سيدفعها ترزية القوانين ومستشارو السوء الذين يفهمون في كل شيء إلا القانون؟.. لقد أثبت هؤلاء المستشارون أنهم لا علاقة لهم بالقانون ولكنهم يعملون علي إغراق الرئيس بمبدأ فعل ما يرضيه وبمبدأ السمع والطاعة.. رغم أن دورهم الأساسي هو تبيان الحقائق له دون تذويق وبصرف النظر عن توافقها مع رأي الرئيس وقناعاته أو معارضتها له.. مستشارو الرئيس يأخذونه ومؤسسة الرئاسة إلي التهلكة.. فعلوها من قبل عندما زينوا له عقب توليه الحكم دعوة مجلس الشعب المنعدم بحكم المحكمة الدستورية العليا للانعقاد وأصبح هو والعدم سواء.. وكان الرد قاسيا من نفس المحكمة التي أكدت حكمها مرة أخري وهنا استشعر الرئيس الحرج وأعلن التزامه واحترامه للحكم القضائي ثم عاد ليتراجع عن قراره كالعادة. لقد آن الأوان لان يقوم الرئيس بغربلة مستشاريه وخاصة ان هناك العديد منهم قد استقال بعد اكتشافهم وهم العمل الذي أسند إليهم.. استقال الكثيرون منهم لان الرئيس يصدر قرارات ومراسيم بقانون دون استشارة أحد كما فعل عندما ألغي الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري والذي أدي اليمين الدستورية بمقتضاه وإصداره إعلانا دستوريا آخر منح به نفسه سلطة إصدار قوانين بقرارات جمهورية وأصبح لديه سلطة التشريع والتنفيذ.. كذلك عندما أصدر إعلانا دستوريا حصن بمقتضاه الجمعية التأسيسية للدستور من الحل ومجلس الشوري الذي سيلقي مصير مجلس الشعب المنحل إن آجلاً أو عاجلا وكذلك عزل النائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود وتعيين نائب عام بمعرفته.. فهل استشار الرئيس أحداً أم أنه جاءت إليه من مكتب الإرشاد ليصدر بها قوانين وإعلانات دستورية علي مقاس جماعته وأهله وعشيرته؟.. هناك مستشارون لا يعلمهم أحد غير الموجودين رسمياً وفي الصورة الظاهرة.. هؤلاء المستشارون قد يكونون من داخل الجماعة أو خارجها إذا لم يلتزموا مصلحة الوطن وصحيح الدستور والقانون فإنهم يغرقون الوطن ويؤدون به إلي هاوية لا يعملها إلا الله.. فهل يستمر هؤلاء وهؤلاء من المستشارين أم أنهم سيلحقون عن بمن استقال للحفاظ علي وحدة الوطن؟ جبهة الإنقاذ قاطعت الانتخابات لأسباب وجيهة أهمها استمرار حكومة الدكتور هشام قنديل في الحكم وعدم ثقة الجبهة في حيادية هذه الحكومة لذلك فهل تطالب بحكومة محايدة تجري الانتخابات.. وكذلك إجراء تعديل علي قانون الانتخابات وإعلان التزام الرئيس بالتعديلات الدستورية علي المواد الخلافية.. إضافة إلي إقالة النائب العام الحالي واختيار بديل له طبقا للدستور الجديد للبلاد.. هذه المطالب المشروعة تقابل بالرفض من الرئيس ومؤسسته التي لا تري ضرورة لتغيير الحكومة لضمان نزاهة الانتخابات ولا تري ضرورة لإقالة النائب العام واختياره بالقواعد التي ينص عليها الدستور.. فهل تستمر هذه الأزمة وتجري الانتخابات البرلمانية ليخرج لنا مجلس النواب القادم بدون معارضة تكراراً لانتخابات أحمد عز وصفوت الشريف في 2010 والتي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير وكانت أحد مفجرات ثورة 25 يناير.. ما لم تعد جبهة الإنقاذ إلي الانتخابات البرلمانية فإن الوطن في طريقه لمزيد من الأزمات والانقسام بسبب استحواذ الرئيس وجماعته وأهله وعشيرته علي مفاصل الدولة.. ما يبدو في الأفق هو استمرار الرئيس في سياسة العناد وعدم اتخاذ خطوات عملية للم الشمل وتوحيد القوي الوطنية لمصلحة البلاد.. فقد أعلنت مؤسسة الرئاسة استمرار حكومة الدكتور قنديل حتي بعد إجراء الانتخابات مما يعني يا جبهة الإنقاذ اضربي دماغك في الحائط.. وبما يضطرها إلي اتخاذ إجراءات تصعيدية ضد الرئيس وجماعته لانتزاع حقها في المعارضة وحماية الشعب من رئيس لا يري إلا أهله وجماعته وعشيرته.. استمرار حكومة الدكتور قنديل هو مؤشر قوي لإمكانية تزوير الانتخابات لوزير الإدارة المحلية إخواني ووزير إعلام إخواني ووزير التموين ووزير الإسكان ووزير الداخلية علي خطي الإخوان.. بما يعني ان الانتخابات يمكن ان تزوير بمبدأ السمع والطاعة والضرورات تبيح المحظورات من التمكين والسيطرة علي البلاد حتي ولو تحولت علي يديهم إلي بؤر من الخراب. .. الشعب ضاق ومل وطهق من سياسات الإخوان والرئيس ولن يكون هناك أمل للخروج من الأزمة الاقتصادية الطاحنة دون استعادة الأمن ودون التوافق السياسي بين الرئاسة والمعارضة.. فلن يحكم مصر فصيل واحد عودوا إلي صوابكم من أجل مصر فلن يسمح لكم أحد سرقة الوطن فلن تكون هناك نهضة حقيقية دون وجود شركاء وطنيين.. لن تسرقوا الثورة ولا الوطن وعليكم بحوار حقيقي وجاد مع الجماعة الوطنية بالتزامات محددة، فالوطن أهم وأبقي من جميع الفرقاء.. عودوا إلي رشدكم يرحمكم الله.