بأمر الدين والأخلاق والدستور والقانون..الحياة الخاصة «مقدسة» أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية: من يتلاعب فى الصور ويزيف الحقائق ملعون كالغشاش حقوقيون: الدستور والقانون يجرمان كل أشكال الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة برلمانيون: حماية الأخلاق العامة تقتضى تغليظ عقوبة الجرائم الإلكترونية تداول مقاطع رقص لمعلمة الدقهلية، خلال رحلة نيلية مع زملائها، جاء تزامنًا مع انتحار الشابة «بسنت» ضحية ابتزاز شابين هدداها بنشر صور «مفبركة» لها. هذا التزامن، والأثر الكارثى للواقعتين دفع برلمانيين وحقوقيين للبحث فى وضع تشريعات تحمى الحياة الخاصة للمواطنين، تتضمن عقوبات رادعة للابتزاز والإيذاء الناتج عن تناول تفاصيل الحياة الخاصة للأشخاص دون علمهم. ذات القضية أثارت زخمًا دينيًا، ودويًا اجتماعيًا كبيرًا.. من الناحية الدينية أكد الشيخ خالد عمران أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن المصريين لديهم تدين فريد وأخلاق فريدة، وحرص على الحفاظ على الأعراض، موجهًا رسالة للشباب باستخدام التكنولوجيا بشكل أخلاقى، والحفاظ على القيم والأخلاق. وأوضح «عمران»، أن التطبيقات التكنولوجية نعمة من الله أهدى إليها الإنسان، وشكرها يكون باستخدام أخلاقى رشيد، ينفع المجتمع، بلا ترصد وتجسس وابتزاز.. وقال «الدين يحثنا على احترام الخصوصيات، والرسول (صلى الله عليه وسلم) أعاب على شخص اقتحم– بدون استئذان- بعض الأماكن ظنًا أن بها من يشرب الخمر، وبالتالى اعتقد أن اقتحام المكان صار حقًا له لمطاردة من يخالفون أوامر الله، ولكن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أعاب تصرفه هذا، لأنه يمثل اعتداء على خصوصية الناس. وأشار عمران، إلى أن استخدام برنامج التزييف العميق، محرم شرعًا، وفاعله داخل فى لعن الغشاش الذى يضر بأعراض الناس قائلاً «التصوير والنشر، بصرف النظر عن أخطاء من يتم تصويره،، أمر محرم، وليس لأحد من الناس أن ينصب نفسه مقومًا على سلوك الناس». ورغم الوضوح الشديد فى الجانب الدينى فى قضية الابتزاز الإلكترونى فإن الجانب التشريعى فيها يعانى ضبابية غريبة، فحسب النائب محمد ماهر عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، فإنه لا يوجد قانون يُعاقب على التصوير دون إذن، إلا إذا تم استعمال الصور فى التحرش أو خدش الحياء أو الابتزاز، وبالتالى حتى الآن لا يوجد قانون يمكن معلمة الدقهلية من مقاضاة من قام بتسريب فيديو الرقص الخاص بها، إلا إذا استند القاضى إلى واقعة استغلال المتهم للفيديو المصور بطريقة ما والتى من بينها نشرها على مواقع التواصل الاجتماعى والتشهير بها. وأضاف عضو اللجنة التشريعية، أنه لابد للمجلس القومى للمرأة دعم المتضررات من استغلال صورهن بعد تصويرهن دون إذنهن، خاصة بعد الانتشار الخطير لتلك الظاهرة فى الفترة الأخيرة، وتحول السوشيال ميديا إلى وسيلة تخترق أبسط خصوصيات الحياة. من جهتها قالت المحامية نهاد أبوالقمصان عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، فى تصريحات إعلامية لها إن المعلمة وزملاءها الذين ظهروا فى مقطع الفيديو يحق لهم التقدم ببلاغ للنيابة العامة للقبض على ناشرى الفيديو، موضحة أن المعلمين الذين ظهروا فى الفيديو ليسوا شخصيات عامة ولم يتم الحصول على إذنهم للتصوير، وعلى الرغم من أن المكان الذى ظهرت فيه المعلمة وزملاؤها كان مفتوحًا، فإنه يمكن اعتباره مكانًا خاصًا بهم، لأنه لم يكن متاحًا دخوله للعامة، بل كان مقصورًا على الأفراد الظاهرين فى مقطع الفيديو فقط، موضحة أن المادة 309 مكرر من قانون العقوبات تجرم كل أشكال الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمواطن وذلك بارتكاب عدد من الأفعال فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء الأشخاص، لافتة أنه من بين هذه الأفعال الالتقاط أو نقل صورة شخص فى مكان خاص بجهاز من الأجهزة أيًا كان نوعه. وفى هذا السياق قال على أبوالدهب محامى بالاستئناف، إن القانون والدستور نصا على حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، سواء كان انتهاك حرمة الحياة الخاصة فى الأماكن العامة التى لا تعد جريمة إلا فى حالة محددة، أو الأماكن الخاصة التى تعد جريمة يعاقب عليها القانون، مضيفًا أن المادة 309 من قانون العقوبات تحدثت عن التعرض للتصوير خلسة بما يعرض حياة المواطنين للخطر. وأشار المحامى بالاستئناف، إلى أن العقوبة المنتظرة لمن قام بالتصوير بغرض سوء النية ونشرها على السوشيال ميديا كما حدث فى هذه الواقعة قد تصل إلى الحبس لمدة 6 أشهر، وغرامة مالية، فضلًا عن التعويض المادى للمتضررة من الواقعة «المعلمة» لانتهاك حرمة حياتها الخاصة. وأكد أبوالدهب، أن المعلمة التى تم تصويرها فى مكان عام وهى المركب النيلية، لم تكن هناك نية حسنة فهو يعد انتهاكًا لحرمة حياتها الخاصة، والرحلة التى كانت فيها من الرحلات العامة لنقابة المعلمين والمخالفة هنا بالنسبة للمعلمة هى المخالفة التأديبية، وفى هذه الحالة تكون العقوبة تأديبية. وقال الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسى، إننا لا نستطيع الحكم على فعل المعلمة ولكن نحكم بخطأ وخطورة من قام بالتصوير وهو قام بفعل خطأ ليس صحيحًا لأنه اختراق حقوق الغير. وأوضح فرويز، أن بعض المهن تأخذ طابعًا خاصًا نظراً لمكانتها الاجتماعية بين المواطنين، وعلى رأسها مهنة التدريس ولهذا يجب أن يحافظ المعلم على سلوكياته العامة، ولكن هذا ليس مبرراً لاقتحام الخصوصية ويجب على المجتمع أن يقف مع المعلمة وليس ضدها لأنها هى المظلومة فى هذه القضية والمجرم هو من قام بالتصوير وأيضًا يجب على الأسرة الوقوف بجوارها، وفى حالة التنمر على مثل تلك القضايا هذا سوف يؤدى إلى دمار الأسرة والمجتمع ويجب محاسبة من يتحرش وأيضًا من يهدد بعض السيدات من أجل الضغط عليهم فهذا يجب على الدولة حماية المرأة المصرية. واستنكر بعض أعضاء مجلس النواب وبعض الخبراء ظاهرة أخرى انتشرت فى الأونة الأخيرة وهى تصوير الجرائم الدموية، وأبرز مثال على ذلك الجريمة المأساوية التى وقعت فى محافظة الإسماعيلية قبل نحو شهرين، حيث قام مواطن بذبح آخر خلال ساعات النهار وأمام المارة وتم الحكم على مرتكبها بالإعدام مؤخراً، مشيرين إلى أن المادة 10من الدستور تنص على أن الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها، لذلك فإن الدولة تقوم بحماية القيم والآداب العامة خاصة وأن ما يعرض يمثل خطرًا على المجتمع بآثره، مثمنين دور الإعلام فى توعية المواطنين بمثل هذه الجرائم وعقوبتها فى القانون. وفى هذا السياق طالبت النائبة داليا السعدنى، عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، بتغليظ عقوبة من يقوم بتصوير الجرائم البشعة التى تحدث فى الشوارع والأماكن العامة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعى، وذلك بعد جريمة الإسماعيلية البشعة التى هزت الشارع المصرى، حيث أقدم شخص على قطع رأس رجل آخر وفصله عن جسده فى الشارع وأمام أعين المارة. وأوضحت عضو مجلس النواب، أن تصوير الجريمة ونشرها قد يشجع البعض على ارتكاب جرائم مماثلة، لافتة إلى أن هناك من يسعى لتحقيق الشهرة من خلال تصوير هذه المقاطع ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعى بدلاً من التدخل لمنع حدوثها، كما طالبت من يقوم بتصوير مثل هذه الجرائم فى حال حدوثها أن يقوم بتسليم ما بحوزته من صور ومقاطع مصورة للجهات المعنية للقيام بدورها المنوط والتحقيق فى ملابسات هذه الوقائع والقبض على الجُناة. وفى هذا الصدد أكد محمد على عضو مجلس النواب، أن القانون أيضًا يجرم تصوير وإذاعة تلك الجرائم العنيفة الدموية مثل حادثة الاسماعيلية التى أثارت الرأى العام وتم الحكم على مرتكبها بالاعدام نظراً لبشاعة الجريمة، ولكن الأجهزة الخلوية الحديثة والطفرة فى استخدام وسائل التواصل الاجتماعى، جعلت أى شخص فى أى مكان يقوم بتصوير أى شيء، والقوانين كافية لمجابهة تلك الجرائم بما فيها النشر، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعى بشكل غير منضبط ويثير الفزع للمواطنين ويعطى شعوراً بعدم الثقة والأمان. وأضاف عضو مجلس النواب، أن تحريك الدعوى الجنائية يكون ممن لهم صفة من أهل المجنى عليه، لأن بعضهم قد يرى أن تصوير جريمة ما ونشرها يسهم فى عدم ضياع حق ذويهم وهناك البعض الأخر من يراها أنه يسهم فى مساعدة المجنى عليه مثلما حدث أثناء تصوير وإذاعة فيديو اشتباك مواطن مع موظفى شركة فودافون الذى حقق انتشاراً واسعاً وأثار غضب المواطنين بسبب ممارسات بعض موظفى الشركة، ولولا تصوير وإذاعة الفيديو ما شهدنا ما حدث وهذا أيضاً نقطة إيجابية فى التصوير، ولكننا ضد التصوير وإذاعة الجرائم الدموية حتى لا يتم تكرارها وتكون محفزاً على ارتكابها مرات أخرى. وقال سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، إنه يجب محاسبة كل شخص يكتفى بتصوير الجرائم الدموية ويترك الضحية ضعيفًا أمام الجانى، كما تجب معاقبة أى شخص يقوم بنشر فيديو لجريمة دموية على مواقع التواصل الاجتماعى، لكسب الشهرة على حساب الضحية وأهله، وكذلك دون مراعاة التأثير النفسى على من يشاهد هذه المقاطع المليئة بالعنف والدماء، ويتم وضع بعض بنود القانون التى تحدد عقوبة لهؤلاء الأشخاص. وأضاف «صادق»، لا بد من منع نشر الرموز السلبية من دراما وأفلام، أو مشاهد العنف التى تشجع الشباب على السلوك العنيف واستخدام البلطجة فى أى شيء، وتتم مواجهة ذلك من خلال عمل برامج توعية ونشر محتوى تعليمى وثقافى لمحاربة المحتوى الذى يشجع على العنف والتفكير فى الذات والأنانية واللامبالاة التى تراكمت فى المجتمع على مدار السنوات الأخير. وأكد اللواء محمد نورالدين مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن هناك مخاطر وتهديدات على شبكة الإنترنت، وتعمل الدولة جاهدة فى مواجهة الحروب المعلوماتية والاختراقات التى تقوم بها الجماعات المتطرفة وبعض الخارجين عن القانون، وصد الهجمات الإلكترونية الإرهابية، وأساليب الدولة فى مواجهة الجرائم الإلكترونية المستحدثة، مثل النصب والاحتيال الإلكترونى، وغيرها من جرائم إلكترونية تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعى من سب وقذف وتشهير، وانتشر مؤخراً مصطلح الجريمة الإلكترونية الذى يتمثل فى الابتزاز ونشر شائعات لا أساس لها من الصحة من أجل تشويه صورة شخص آخر، وهو ما يتم التصدى له من قبل مباحث الإنترنت ومكافحة الجريمة. وأضاف «نورالدين»، أنه بسبب جائحة كورونا خلال العامين الماضيين، التى تسببت فى الكثير من اللجوء إلى الاعتمادية على الوسائل التكنولوجية، والخدمات الإلكترونية التى توفرها شبكة الإنترنت، أصبح أى خطر يهدد هذه الاستخدامات يمكن أن يصيب حياتنا بالشلل التام، إضافة إلى وقوع الكثير من الجرائم المتنوعة عبر شبكة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعى، والتى تصل إلى القتل والتسبب فى الانتحار والاتجار بالأعضاء البشرية. وأشار مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن تصوير جرائم العنف وبثها وهو أحد أسلحة حروب الجيل الرابع لبث الذعر والخوف داخل المجتمع وتحقيق أهداف الجماعات الإرهابية، من أجل تحقيق أهدافها الخبيثة ولكن رجال الأمن ومباحث الإنترنت تتصدى لهم بكل حزم، من أجل التصدى لهم ومنعهم من بث سمومهم. مقاطع رقص لمعلمة الدقهلية تدين فريد وأخلاق فريدة ضحية ابتزاز شابين رحلة نيلية تفاصيل الحياة الخاصة Share 1 Tweet 1 0 الرابط المختصر