منذ إطلاق السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رؤيته لبناء الجمهورية الجديدة، تحولت السكك الحديدية في مصر من مرفق يعاني الإهمال إلى منظومة حديثة تضاهي كبرى الشبكات العالمية، بعدما وضعت وزارة النقل خطة طموحة لإعادة بناء القطاع من الجذور، ترتكز على خمسة محاور رئيسية: تطوير الوحدات المتحركة، تحديث البنية الأساسية، تجديد نظم الإشارات، تطوير الورش الإنتاجية، وتنمية العنصر البشري. هذه الخطة التي تُنفذ على مدار عقد كامل، تُعد الأكبر في تاريخ السكك الحديدية المصرية منذ إنشائها قبل أكثر من 170 عامًا، وتهدف إلى مضاعفة طاقة نقل الركاب لتصل إلى مليوني راكب يوميًا بحلول عام 2030، وزيادة طاقة نقل البضائع إلى 13 مليون طن سنويًا، مع تحقيق أعلى معايير الأمان والسلامة وخفض الانبعاثات الكربونية. في مجال الوحدات المتحركة، شهدت الهيئة القومية لسكك حديد مصر طفرة نوعية بتوريد 210 جرارات جديدة من طراز "جنرال إلكتريك"، وإعادة تأهيل 100 جرار من إجمالي 220 ضمن خطة الإحلال الشامل، إلى جانب دخول 6 قطارات "تالجو" الفاخرة الخدمة لتقديم تجربة نقل راقية بمعايير أوروبية، كما تم توريد 1067 عربة ركاب جديدة ضمن عقد تصنيع 1350 عربة مع الجانب المجري، والانتهاء من إعادة تأهيل 1404 عربة "تحيا مصر". وفي قطاع نقل البضائع، تم توريد 609 عربة جديدة وإعادة تأهيل 5000 عربة أخرى، فضلًا عن توريد قطارات نوم فاخرة جديدة وإعادة تأهيل الأسطول القائم لتوفير خدمة فندقية متكاملة للركاب. أما على صعيد البنية الأساسية، فقد تم تطوير 364 محطة من إجمالي 708 محطة على مستوى الجمهورية، بينها 114 محطة ضمن مبادرة "حياة كريمة"، وإنشاء محطات جديدة أبرزها محطة "صعيد مصر" العملاقة في بشتيل، التي تمثل نقلة نوعية في نقل الركاب من وإلى محافظات الصعيد، وتعد أكبر محطة في تاريخ الهيئة بمساحة تعادل أربعة أضعاف محطة رمسيس. كما تم إنشاء أول خط سكة حديد جديد منذ 30 عامًا بين كفر داود والسادات بطول 38 كم لخدمة المنطقة الصناعية والميناء الجاف، إلى جانب تنفيذ خطوط جديدة مثل الفردان–بئر العبد بطول 100 كم، وخط الروبيكي–بلبيس بطول 63.5 كم، وخط المناشي–6 أكتوبر بطول 68 كم، وخط دمياط–المنصورة المزدوج بطول 65 كم، وخط الربط بين ميناء جرجوب وخط السلوم بطول 28 كم. وتضمن التطوير أيضًا تجديد مسافات سكة بأطوال بلغت 1634 كم وتحديث أكثر من 2300 مفتاح، فضلًا عن الانتهاء من تطوير 841 مزلقان من أصل 1120 مزمع تطويرها، وتزويد المحطات الرئيسية ببوابات إلكترونية للحجز والدفع الذكي. كما شمل المشروع تدبير 17 ماكينة إنشاء جديدة وتوقيع عقود لتوريد 44 ماكينة إضافية لرفع كفاءة تنفيذ وصيانة خطوط السكة الحديد. وفي مجال نظم الإشارات، يتم تحويل خطوط الشبكة من النظام الميكانيكي إلى النظام الإلكتروني الحديث على إجمالي أطوال 2000 كم لضمان أعلى مستويات الأمان وتقليل الاعتماد على العنصر البشري، وتشمل هذه الخطوط القاهرة–الإسكندرية، والقاهرة–أسوان، وبنها–بورسعيد، بما يعزز انسيابية الحركة ويرفع القدرة التشغيلية للشبكة. كما يجري تطوير 33 ورشة رئيسية بالتعاون مع الشركات العالمية مثل "جنرال إلكتريك" و"تالجو" و"ترانسماش"، وإنشاء 10 ورش جديدة مزودة بأحدث أنظمة الصيانة والتجميع. ولأن تطوير الإنسان لا يقل أهمية عن تطوير الآلات، فقد وضعت وزارة النقل خطة متكاملة لتأهيل العنصر البشري من خلال تدريب المهندسين والفنيين بالأكاديمية العسكرية والكلية التكنولوجية العسكرية والمعهد العالي لتكنولوجيا النقل بوردان، الذي تم تحويله من مدرسة ثانوية إلى معهد متخصص يخرّج كوادر مؤهلة وفقًا للمعايير العالمية. وقد تم بالفعل تعيين 550 مهندسًا و3350 فنيًا جديدًا بعد اجتيازهم برامج تدريبية مكثفة، في حين بدأت الشركات العالمية العاملة في مصر مثل ألستوم وهيونداي روتم وRATP في الاستعانة بخريجي هذه البرامج المتخصصة. اقرا أيضا | سكك حديد مصر تنظم ندوة توعية بجامعة الأزهر بالتعاون مع مجمع إعلام القاهرة وبهذه الطفرة الشاملة، استعادت سكك حديد مصر مكانتها كواحدة من أهم ركائز التنمية في الجمهورية الجديدة، بعد أن تحولت من مرفق يعاني التحديات إلى شبكة عصرية تدعم النمو الاقتصادي وتخدم المواطن في كل أرجاء البلاد، لتكتب وزارة النقل فصلًا جديدًا من فصول النهضة المصرية الحديثة.