سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مبارك.. "المرشد السرى" للإخوان المسلمين! الرئيس "خيال مآتة" بأمر المرشد
الرئيس وعد بعدم التفريط في صلاحياته.. ثم انتزعها من العسكر ومنحها لمكتب الإرشاد
لم يعد الرئيس محمد مرسي يملك قراره داخل القصر الرئاسي ولم يعد صاحب الكلمة في إدارة شئون البلاد ولم يعد يستطيع معالجة ما يحدث في البلاد من فوضي وعدم استقرار بعد أن ترك منذ اليوم الأول لرئاسة إدارة البلاد في يد مكتب الإرشاد الذي لا يبحث سوي عن هدف واحد فقط وهو السيطرة علي مفاصل الدولة وإبعاد المعارضة عن كرسي الحكم حتي تنفذ الجماعة برنامجها وأجندتها السياسية دون أن يزاحمها أحد. ومن يتابع بدايات الرئيس مرسي في الحكم يجدها كانت طيبة حيث سعي إلي طمأنة الجميع، في خطابه بميدان التحرير الذي ألقاه وسط القوي الثورية وشباب الإخوان المسلمين عقب إعلان نجاحه، وقال كلاما يستحق الاحترام ويسعي إلي لم الشمل، وأكد علي أنه كرئيس للمصريين وأنه صاحب القرار الوحيد لن يتهاون في انتزاع أية صلاحية من صلاحيات رئيس الجمهورية. أهمية خطاب مرسي في التحرير هي أنه حوي الكلمات الأولي التي يقدم فيها تعهداته إلي الشعب وهو رئيس منتخب وليس مرشحا للرئاسة حيث كان حينها يسرف في الوعود والأحلام حتي يحصل علي ثقة ناخبيه ولكن بعد أن أصبح رئيسا أصبح لزاما عليه أن يتكلم بما يفعل وأن يعد بما يستطيع فعله وأن يحترم شعبه الذي منحه الثقة، ولذلك كانت كلمات مرسي الأولي وعودا بالجملة كان أهمها أنه قال: «سأعمل معكم في كل لحظة من ولايتي الرئاسية.. سأغلب في ذلك مصالح الوطن العليا.. وإزالة كل أشكال الظلم والفساد والتمييز». ولكن بعد ما يقرب من 8 أشهر في الحكم انقلب مرسي علي كل وعوده وسلم إدارة الدولة إلي مكتب الإرشاد حيث أصبح القرار في يد خيرت الشاطر نائب المرشد ومحمد بديع المرشد العام للجماعة وهما اللذان يديران الأزمة الحادثة في مصر الآن ويتحملان جانبا كبيرا من تفاقمها خاصة انهم يصدرون فكرة العناد للمعارضة وعدم الاستجابة لمطالبهم وهو ما يشعل الأزمة. فحتي عندما تتوصل الرئاسة إلي حلول مع قوي المعارضة وتطلب الحوار معها تدمر الجماعة كل الطرق إلي الحل وتنسف كل المبادرات التي تقدم إلي الرئاسة وتصر علي موقفها الذي لا يخدم سوي مصلحتها وهو ما يضع الأزمة التي تعيشها البلاد الآن في موضع الاستمرار خاصة ان الجماعة تقطع كل الطرق إلي العلاج وكأنها تريد بقاء الحالة الأمنية والسياسية في مصر عند هذا الوضع دون أي تقدم. الغريب أن الرئيس مرسي نفسه يقف عاجزاً علي مواجهة الإخوان رغم ان الجميع لا يشكك في نواياه الحسنة التي تفسدها الجماعة بتصرفاتها ولكنه لم يلتزم بما تعهد به ولم يصبح رئيسا لكل المصريين ولا رئيسا حتي علي جماعته فأصبح مثل الرئيس الديكور يدير ولا يحكم ويتواجد علي رأس السلطة في مصر بشكل رمزي ليكمل المشهد الديمقراطي لكن الحقيقة ان مكتب الإرشاد يدير البلاد والرئيس مجرد تابع للجماعة فقط. القوي الثورية نفسها أدركت أن الرئيس ليس إلا ديكورا في مؤسسة الرئاسة لذلك استبدلت شعار الشعب يريد إسقاط النظام إلي المطالبة بحل الجماعة وفصلها عن الرئيس حتي يستطيع أن يدير البلاد بمشاركة كل القوي السياسية وليس بمشاركة جماعته فقط. وبمرور الوقت خسر مرسي كل ما تبقي له من رصيد في الشارع، ولم يعد يؤيد إلا أفراد جماعته فقط خاصة بعدما تنازل عن كل سلطاته لمكتب الإرشاد بل إنه في كثير من الأحيان يرفض التدخل لمنع جماعته من التدخل في شئون الرئاسة ويرفض محاسبتها علي الجرائم السياسية التي ترتكبها في حق البلاد. والغريب ان جماعة الإخوان التي تدير مؤسسة الرئاسة بعد ان انسحب الرئيس من المشهد لصالحها اتخذت من الرئيس المخلوع مبارك مرشدا سريا لها فهي تسير علي دربه وتنفذ مخططاته في الرئاسة وسعت إلي استنساخ نظام حكمه وطريقة إدارته للبلاد بعد أن وجدت فيها الخلطة السرية التي جعلته يحكم البلاد بالقبضة الأمنية 30 عاما ولولا أن الحزب الوطني فشل في حشد عدد كبير من مؤيدي مبارك في المظاهرات لما سقط نظامه. الجماعة وحدها تتحمل وزر ما يحدث في مصر الآن خاصة أنها أفسدت كل خطوات التوافق الوطني في الوقت الذي أبدت فيه الرئاسة مرونة في الحوار الوطني حتي أن الرئيس مرسي نفسه قال في أول اجتماعات الحوار الوطني إنه ملتزم بتطبيق ما يتم الاتفاق عليه في الحوار الوطني ولكن الجماعة هي التي لا تريد الخير لمصر وأفسدت كل الحلول لعلاج الأزمة السياسية. الحوار الوطني أصبح مصطلحا سيئ السمعة علي يد الجماعة خاصة بعدما أصدر الرئيس الإعلان الدستوري الأخير الذي سبقه جلسات حوار بين الرئيس وبعض رموز المعارضة وحرصت الرئاسة في ذلك الوقت علي إبراز صورة الرئيس وهو يتحاور مع الدكتور محمد البرادعي وحمدين صباحي وعمرو موسي وغيرهم من رموز المعارضة وبعدها أصدر الإعلان وهو ما أعطي إيحاء بأنه أصدر الإعلان بعد التشاور معهم وهو ما أوقع الرئاسة في مأزق بعد رفض المعارضة ممثلة في جبهة الإنقاذ الحوار الرئاسي في الوقت الذي اشتعلت فيه الميادين تطالب بسقوط نظام الرئيس مرسي. وبعد الإعلان الدستوري عقدت الرئاسة ما يقرب من 7 جلسات للحوار الوطني وأصدرت توصيات في البداية بتغيير قانون الانتخابات البرلمانية ووضعت تصورا للقانون بما يخدم كل فئات وأطياف المجتمع والقوي السياسية المختلفة ولكن مجلس الشوري لم يلتزم بتلك التوصيات التي أرسلت إليه، وقال بعض نواب الإخوان إن توصيات الحوار الوطني غير ملزمة لأعضاء البرلمان الذي يملك الحق في وضع ما يراه مناسبا للقانون. وخرج الدكتور ياسر علي المتحدث الرسمي السابق باسم رئاسة الجمهورية ليزيد من الطين بلة ويؤكد في بيان ان الرئاسة غير مسئولة عن قيام مجلس الشوري بتغيير بعض نصوص مشروع القانون لان الشوري هو فقط صاحب السلطة التشريعية، وهو الجهة الوحيدة المنوط بها إقرار القانون وهو ما نسف الحوار الوطني الذي انسحبت منه بعض الشخصيات كما انسحبت الكنائس الثلاث وأصبح الحوار كما لو كان علي وشك الموت الاجباري. ولم تعلق الجماعة علي حالة الهجوم علي الحوار بل إنها بدت كما لو أنها كانت سعيدة بإفساده وتنفيذ رؤيتها فقط وعدم الاستجابة لأي مطلب من المعارضة وشعرت الجماعة بقوتها بعد أن نفذت مخططها وأبدت المعارضة. وعندما حلت الذكري الثانية لثورة 25 يناير التي واكبها اندلاع مظاهرات غاضبة ضد حكم الجماعة لم تكن تتوقعها بل أن المظاهرات امتدت إلي ميادين أخري، واختفت الجماعة من المشهد خاصة بعدما زاد الغضب الشعبي ثم خرجت الجماعة لتطالب بحوار وطني رغم إنها أفسدته. وفي محاولة من الجماعة لتجميل الحوار الوطني وإعادة إحيائه من جديد خرج بعض قياداتها يعتذرون عن عدم تنفيذ الشوري لمطالب الحوار وتعديل قانون الانتخابات، وخرجت الرئاسة التي ساهمت في وفاة الحوار الوطني تطالب أيضا بانعقاد جلساته وتصورت أن المعارضة يمكن أن تستجيب للحوار الوهمي وأن تساهم في حوار الطرشان الذي لا يخدم إلا الجماعة. وعندما طالبت بعض قوي المعارضة بضمانات لتحقيق مطالب الحوار الوطني لم تتحملها الجماعة وهو ما كشف نواياها في العصف بنتائج الحوار، وهاجمت المعارضة واطلقت السباب عليها ووصفتهم بأنهم لم يهتموا بمصالح البلاد رغم انها هي التي ساهمت في تلويث سمعة الحوار الوطني وساعدت في تحويله إلي مكلمة. لو أن الجماعة ألتزمت بتحقيق أي نتيجة للحوار لما أصبحت مصر في الأزمة التي تعيشها الآن، فقوي المعارضة لا تثق في نوايا الجماعة التي تدير مصر الآن وتعرف جيدا ان الحوار مع الرئيس يفقد أهميته إذا لم تقدم الجماعة ضمانات لتحقيق نتائجه. الدكتور سعد الدين إبراهيم رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية قال إن الرئيس محمد مرسي تحول الي ديكور يدير ولا يحكم وأن مكتب الإرشاد هو الذي يدير البلاد من خلف الستار. وأشار إلي أن مرسي يختفي عقب كل أزمة سياسية تعيشها البلاد فهو لا يستطيع أن يتخذ قرارا وينتظر لحين صدور أوامر مكتب الإرشاد له، ومكتب الإرشاد نفسه ينتظر صدور أوامره من التنظيم الدولي للجماعة ،فهناك سلسلة من حلقات اتخاذ القرار ومرسي ينتظر دوره في تلك الحلقة وهذا وضع غريب لم تعشه مصر من قبل. وأكد سعد الدين أن الحل في انتخابات رئاسية جديدة مع الانتخابات البرلمانية لأن دائرة العنف والدم ستبقي دائرة في مصر طالما ان الرئيس عاجز عن اتخاذ القرار. وأكد أحمد بهاء الدين شعبان وكيل مؤسس الحزب الاشتراكي المصري ان مكتب الإرشاد هو الحاكم الرئيسي للبلاد والرئيس محمد مرسي تحول الي ديكور في مؤسسة الرئاسة لا يستطيع اتخاذ قرار ولا يستطيع ان يدير الأزمة السياسية الحادثة في مصر بشكل منفرد إلا بعد الرجوع إلي مرشده وقيادات جماعته. وأشار إلي ان الجماعة تسير علي خطي الرئيس المخلوع مبارك فهو بمثابة مرشد الجماعة الأعلي التي تسير علي طريقة حكمه الرئاسي.