منذ سنوات ليست بعيدة كانت محافظة سوهاج في مقدمة مدن الجمهورية المشهود لها بزراعة القطن الذي كان يمثل زراعته عماد الإقتصاد لكثير من الأسر بقرى المحافظة واطلقوا عليه لقب الذهب الابيض لأنه كان مصدرا رئيسيا لإدرار المال لغالبية الأسر حيث يفتح المجال امام شباب وفتيات القرى للعمل فى عمليات مكافحة دودة القطن وجمع وجنى المحصول. وكان معظم أهل الريف ينتظر موسم زراعة القطن وجنيه لسداد ديونهم وزواج أبنائهم وتجهيز بناتهم وبناء منازلهم من عائدات بيع محصوله بينما اتجه البعض إلى ادخار المال لأداء فريضة الحج وشراء المواشى والأراضي الزراعية . ولكن السنوات الأخيرة شهدت زراعة القطن بسوهاج تراجعا غير مسبوق حيث احجم كثير من المزارعين عن زراعته لارتفاع تكلفة زراعته وتضاعف أسعار الأسمدة وزيادة تكلفة الأيدي العاملة في عملية الجني حيث تتم يدويا وقلة العائد منه نتيجة تعرضه للإصابة بالحشرات وحاجته الى الرش لمقاومة الآفات وإهمال الدولة في رعاية ومكافحة إصابة الزراعات فضلا عن اعتماد المصانع على القطن متوسط وقصير التيلة وهما صنفان لا يتم زراعتهما فى محافظة سوهاج التى تنتج القطن طويل التيلة. وقال أحمد الدردير، أحد المزارعين، إن موسم زراعة القطن كان يحول القرية السوهاجية إلى خلية نحل حيث تحتاج زراعته الى عمالة كثيفة وهذا دفع العديد من الأسر وخاصة الفقيرة إلى الحاق ابنائهم وبناتهم للعمل باليومية فى زراعة القطن وأعمال المقاومة والمتمثلة فى مكافحة دودة القطن بالإضافة إلى جمع المحصول فكانت زراعة القطن توفر الكثير من فرص العمل للاسر الفقيرة وتعينهم على مصروفات المعيشة أما الآن فغالبية شباب القرى بلا عمل يقضون معظم اوقاتهم على المقاهى وفي الطرقات. وأكد على محمود، مزارع، أن المزارعين كانوا فى الماضى يستقبلون موسم جنى القطن بفرحة عارمة لدرجة أن مناسباتهم الاجتماعية كالزواج وتجهيز العرائس كانت ترتبط ارتباطا وثيقا به نظرا لارتفاع الأرباح التى تعود عليهم عقب بيع المحصول وكانت كثير من الأسر السوهاجية تستفيد من حصيلة بيع القطن فى اداء فريضة الحج والعمرة خلال العشرون عام الماضية وبعد بيع محصول القطن اديت فريضة الحج بالإضافة الي استكمال بناء المنازل وشراء المواشى والاراضى الزراعية. وأبدى محمود البدري، مزارع، حيرته على ما آلت له زراعة القطن فى سوهاج من تردي حيث أحجم غالبية المزارعين عن زراعته لارتفاع تكلفته خاصة بعد رفع الدعم عن مزارعى القطن واتجه غالبية المزارعين الى زراعة الخضر والفاكهة والحبوب التى لا تتطلب عمالة كثيفة وتحقق ارباحا عالية بالإضافة إلى اتجاه المزارعين الي زراعة القمح لسد احتياجات الأسرة بدلا من شراء الدقيق من البقالين. ولفت عزت السيد مزارع، إلى أن الأصناف التى يتم زراعتها فى سوهاج هى القطن طويل التيلة وفى الفترة الأخيرة امتنعت المصانع عن شراء هذه النوعية لآن الآلات الحديثة تعتمد على القطن متوسط وقصير التيلة والذى يتم استيراده من الخارج ونتج عن ذلك تكدس القطن لدينا ويطالب المسئولين بمديرية الزراعة بتوزيع أصناف القطن متوسط وقصير التيلة على المزارعين واستلام المحصول منهم حفاظا على زراعة القطن من الانقراض . ومن جانبه قال أحمد عبد الرحيم فقير نقيب الفلاحين، إن زراعة القطن تواجه العديد من المشاكل أهمها تحديد سعر عادل للمحصول والعناية به وأن شركات القطاع الخاص هى السبب فى القضاء على زراعة القطن فى مصر عامة وبمحافظة سوهاج بصفة خاصة بسبب استغلالها للمزارعين الذين باتوا يواجهون صعوبة فى تسويق حاصلاتهم بعدما رفعت الحكومة يد العون عنهم. وأضاف "فقير"، أن مشكلة التقاوى والتي هي مخزنة من العام الماضى يؤثر على إنتاجيتها وأن مركز البحوث الزراعية يقوم بإنتاج كميات أقل من احتياجات المزارعين ما يؤدى إلى تراجع المساحات المزروعة من القطن مؤكدا أن المساحة المنزرعة بالوطن هذا العام لا تتعدى 200 فدان رغم انه في الماضي القريب كانت سوهاج تزرع آلاف الأفدنة من محصول القطن . وطالب نقيب الفلاحين بضرورة الاهتمام برعاية مزارعى القطن وإرشادهم ومتابعتهم للتصدى للمشكلات التى تواجههم عند الزراعة والتى من أهمها ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وعدم وجود الأيدى العاملة وعدم توفير التقاوى وغياب الإرشاد الزراعى وتدنى سعر المنتج هذا إلى جانب عدم القدرة على التسويق. وحث "فقير"، بالبحث عن طريقة مُثلى لتسويق القطن بشكل أفضل والإسراع فى صرف مستحقات المزارعين لدى الشركات عقب توريد المحصول وتحسين سعر المنتج وتوفير التقاوى بالكميات المطلوبة وتعاون الإرشاد الزراعى مع المزارعين فى رش المحاصيل وتوفير الأسمدة بالجمعيات الزراعية وذلك للحصول على أفضل محصول وأعلى عائد وزيادة الإقبال على زراعته وحتى لايعزف باقي المزارعين عن زراعته ويأتي اليوم التي تكون فيه محافظة سوهاج صفر قطن .