كانت سوهاج من المحافظات الهامة والمشهود لها في زراعة القطن وفي مقدمة محافظات مصر وتمثل زراعته عماد الإقتصاد لكثير من الأسر بقرى المحافظة واطلقوا عليه لقب الذهب الابيض لأنه كان مصدرا رئيسيا لإدرار المال لغالبية الأسر حيث يفتح المجال امام شباب وفتيات القرى للعمل فى عمليات مكافحة دودة القطن وجمع وجنى المحصول. وكان معظم أهل الريف ينتظر موسم زراعة القطن وجمعه لسداد ديونهم وتزويج أبنائهم وتجهيز بناتهم وبناء منازلهم من عائدات بيع محصوله بينما اتجه البعض إلى ادخار المال لأداء فريضة الحج وشراء المواشى والأراضي الزراعية . ولكن زراعة القطن شهدت فى الأونة الاخيرة تراجعا غير مسبوق حيث احجم كثير من المزارعين عن زراعته لارتفاع تكلفة زراعته وتضاعف أسعار الأسمدة وزيادة تكلفة الأيدي العاملة في عملية الجني حيث تتم يدويا وقلة العائد منه نتيجة تعرضه للإصابة بالحشرات وحاجته الى الرش لمقاومة الآفات وإهمال الدولة في رعاية ومكافحة إصابة الزراعات فضلا عن اعتماد المصانع على القطن متوسط وقصير التيلة وهما صنفان لا يتم زراعتهما فى محافظة سوهاج التى تنتج القطن طويل التيلة. يقول مظهر عبد الرحمن علي أحد مزارعي القطن ان موسم زراعة القطن كان يحول القرية السوهاجية إلى خلية نحل حيث تحتاج زراعته الى عمالة كثيفة وهذا دفع العديد من الأسر وخاصة الفقيرة إلى الحاق ابنائهم وبناتهم للعمل باليومية فى زراعة القطن وأعمال المقاومة والمتمثلة فى مكافحة دودة القطن بالإضافة إلى جمع المحصول فكانت زراعة القطن توفر الكثير من فرص العمل للاسر الفقيرة وتعينهم على مصروفات المعيشة أما الآن فغالبية شباب القرى بلا عمل يقضون معظم اوقاتهم على المقاهى وفي الطرقات. ويقول عبد الباسط شابون أن المزارعين كانوا فى الماضى يستقبلون موسم جنى القطن بفرحة عارمة لدرجة أن مناسباتهم الاجتماعية كالزواج وتجهيز العرائس كانت ترتبط ارتباطا وثيقا به نظرا لارتفاع الأرباح التى تعود عليهم عقب بيع المحصول وكانت كثير من الأسر السوهاجية تستفيد من حصيلة بيع القطن فى اداء فريضة الحج والعمرة خلال العشرون عام الماضية وبعد بيع محصول القطن اديت فريضة الحج بالإضافة الي استكمال بناء المنازل وشراء المواشى والاراضى الزراعية. ويتحسر عبده فرغلي قاسم على ما آلت له زراعة القطن فى سوهاج من تردى حيث أحجم غالبية المزارعين عن زراعته لارتفاع تكلفته خاصة بعد رفع الدعم عن مزارعى القطن واتجه غالبية المزارعين الى زراعة الخضر والفاكهة والحبوب التى لا تتطلب عمالة كثيفة وتحقق ارباحا عالية بالإضافة إلى اتجاه المزارعين الي زراعة القمح لسد احتياجات الأسرة بدلا من شراء الدقيق من البقالين. ويوضح محمد ياسين أن الأصناف التى يتم زراعتها فى سوهاج هى القطن طويل التيلة وفى الفترة الأخيرة امتنعت المصانع عن شراء هذه النوعية لآن الآلات الحديثة تعتمد على القطن متوسط وقصير التيلة والذى يتم استيراده من الخارج ونتج عن ذلك تكدس القطن لدينا ويطالب المسئولين بمديرية الزراعة بتوزيع أصناف القطن متوسط وقصير التيلة على المزارعين واستلام المحصول منهم حفاظا على زراعة القطن من الانقراض .