حالة من الارتباك تسيطر علي مجتمع سوق المال والشركات المقيدة بالبورصة منذ عدان الحكومة مؤخرا عن رفع أسعار الغاز الطبيعي والمازوت بنسبة 50٪ علي شركات الصناعة. القرار الصادر في 14 فبراير الجاري وبدأ العمل به من اليوم التالي يعد لطمة جديدة للشركات العاملة في السوق، وتكون تداعياته خطيرة سواء علي نتائج أعمال الشركات أو المستثمرين وحملة الأسهم عند توزيع الأرباح. القطاع الصناعي يعاني العديد من المشاكل علي رأسها ارتفاع أسعار المواد الخام والتضخم العالمي وكذلك الارتفاع في مواد الطاقة اللازمة للتصنيع، مما يؤدي إلي ارتفاع تكلفة الإنتاج وبالتالي سيرتفع السعر النائي ويتحمله المواطن وهو ما يشكل عبئاً علي المستهلك في ظل الارتفاع الحاد في التضخم وأسعار المواد الغذائية الأساسية. الشركات الصناعية المتداولة في السوق ستتجرع المرارة من خلال رفع تكلفة الإنتاج بشكل عام، وسيعاني قطاعا مواد البناء وشركات الأسمنت والحديد الأمرين لاعتمادها بشكل كبير في عمليات التصنيع علي الغاز والمازوت. المراقب يتبين انه من المستحيل الاعتماد علي أي تكنولوجيا أخري في سوق ناشيء من شأنها توفير الطاقة وتقلل الإنتاج خاصة في قطاعي البتروكيماويات وقطاع الخدمات والمنتجات الصناعية والسيارات التي تعتمد بشكل كبير أيضا علي الطاقة. «إذن جميع الشركات تواجه مشكلة نتيجة القرار» يقول صلاح حيدر خبير أسواق المال ان كل الشركات بما فيها شركات الأدوية والأغذية والدواجن والتي تخدم العديد من المدخلات التي تعتمد عليها الشركات». وفرص نجاح هذه الإجراءات رغم أثرها الإيجابي علي تخفيض عجز الموازنة وقيمة الدعم قد يكون ضعيفا، إذ إنها ترتبط بقدرتها علي عدم زيادة معدلات التضخم المحلي. من الضروري دراسة مثل هذه القرارات قبل تنفيذها حتي لا يتحمل الجميع تبعاتها». فالتأثير السلبي حسبما ذكر محسن عادل نائب رذيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار يكون علي المناخ العام للاستثمار والتكلفة النهائية للمنتجات الصناعية والتي ستدفع المصنعين والمنتجين لإعادة النظر في حساب تكلفتهم النهائية للسلع بعد أن اطمأنوا خلال الفترة الأخيرة لتحسن مناخ الاستثمار لصدور العديد من القرارات المدروسة. وكان الأولي علي الحكومة ان تفصح عن خطة تسعيرية مستقبلية تتميز بالتدرج في التطبيق بما يعطي الفرصة للمصانع لتكييف أوضاعها ورسم سياستها المستقبلية أيضا». وعلي الحكومة وفقا لقول محمود جبريل خبير أسواق المال تقليص الانفاق الحكومي في بعض القطاعات بهدف توفير بعض السيولة التي تساعد في سد العجز بدل من رفع دعم الطاقة علي الصناعات خاصة ان السوق يتطلب إجراءات لزيادة الإنتاج والصناعة وتخفيض الأسعار النهائية للمستهلكين وزيادة الإقبال عليها لزيادة الحراك الاقتصادي وهو ما يولد فائض لسد العجز. وتابع ان «المصانع قليلة الاستهلاك للطاقة لن تضر أو يؤثر علي أرباحها بشكل كبير إلغاء أو تقليل الدعم الموجه إليها، وأن بعض الشركات التي تعمل في تصنيع الأجهزة المعمرة وشركات الغزل والنسيج والسجاد، وتمثل الطاقة نحو 3٪ من إجمالي التكلفة، إلا انه في حال رفع الدعم ستتأثر الشركات المستخدمة للطاقة بغزارة سلبيا مثل شركات قطاع البتروكيماويات والأسمدة والحديد والأسمنت والتي تنقل الأعباء الناتجة عن ذلك إلي المستهلك». تأثيرات القرار ستكون علي أرباح الشركات سلباً في حال تطبيقه ويؤثر ذلك علي حجم الاستثمارات الأجنبية القادمة، كما سيمتد تأثيرها علي الاستثمارات المحلية في تلك القطاعات وهو أمر يستدعي تدرجا في التطبيق وطرح بدائل جديدة للتنفيذ.