كلية التجارة بجامعة أسيوط تنظم حفل تخرج الدارسين في برامج الماجستير المهني    أحمد عز: تعيين خبير صلب في وزارات الصناعة العربية وإطلاق طاقات البناء من أهم سبل النمو    نائب محافظ القاهرة تتابع تطبيق قانون التصالح بحي شرق مدينة نصر    ترامب يتحدث مع بوتين لدى دراسته ضغط أوكرانيا للحصول على صواريخ توماهوك    الحوثيون يعلنون تعيين المداني رئيسا لهيئة الأركان خلفا للغماري    جائزة نوبل للحرب    بالصور.. بعثة نهضة بركان تصل القاهرة استعدادا لمواجهة بيراميدز    محمود الخطيب: "لأول مرة أفكر في نفسي قبل الأهلي.. وهذا سر التراجع"    سيف زاهر: فخور بثقة الرئيس السيسي باختياري عضوًا بمجلس الشيوخ(فيديو)    حسن مصطفى: كنت أتمنى التنسيق بين حسام حسن وحلمي طولان في اختيارات اللاعبين    ماس كهربائي السبب.. السيطرة على حريق اندلع في منزل بالفيوم دون إصابات    حسين فهمي: مهرجان القاهرة السينمائي في موعده.. ولا ننافس الجونة بل نتعاون وفزنا معا بجائزة في كان    أول ظهور ل محمود العسيلي مع زوجته في مهرجان الجونة السينمائي    عاجل- رئيس الوزراء يطمئن ميدانيا على الانتهاء من أعمال تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير والطرق المؤدية إليه    قافلة «مسرح المواجهة والتجوال» تصل رفح دعمًا لأطفال غزة    قائد القوات المسلحة النرويجية: قادرون مع أوروبا على ردع روسيا    سكك حديد مصر تعلن موعد تطبيق التوقيت الشتوي على الخطوط    حجز قضية اتهام عامل بمحل دواجن بالخانكة بقتل شخص بسكين لحكم الشهر المقبل    حركة فتح ل"القاهرة الإخبارية": إسرائيل تراوغ وتتنصل من فتح معبر رفح    يرتدي جلبابا أحمر ويدخن سيجارة.. تصرفات زائر ل مولد السيد البدوي تثير جدلًا (فيديو)    أبوقير للأسمدة يفوز على الداخلية.. وخسارة طنطا أمام مالية كفر الزيات بدوري المحترفين    سيدات يد الأهلي يهزمن فلاورز البنيني في ربع نهائي بطولة أفريقيا    نائب رئيس مهرجان الموسيقى العربية: آمال ماهر تبرعت بأجرها ورفضت تقاضيه    مسرح المواجهة والتجوال يصل رفح دعمًا لأطفال غزة    حسام زكى: العودة الكاملة للسلطة الفلسطينية السبيل الوحيد لهدوء الأوضاع فى غزة    بعد ظهورها كإعلامية.. دنيا صلاح عبد الله توجه الشكر لطاقم عمل مسلسل وتر حساس 2    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    هل يجوز المزاح بلفظ «أنت طالق» مع الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندى: رأينا بأعيننا عواقب مخالفة ولى الأمر (فيديو)    قافلة طبية مجانية بقرية سنرو بالفيوم والكشف على 1362 حالة وتحويل 33 للعمليات    نائب رئيس جامعة الأزهر بأسيوط يشهد انطلاق المؤتمر العلمي الخامس لقسم المخ والأعصاب بالأقصر    قائمة بأسماء ال 72 مرشحًا بالقوائم الأولية لانتخابات مجلس النواب 2025 بالقليوبية    وعظ كفرالشيخ يشارك في ندوة توعوية بكلية التربية النوعية    علاء عبدالنبي بعد تعيينه بالشيوخ: ملف الصناعة على رأس أولوياتي    جامعة قناة السويس تطلق فعاليات«منحة أدوات النجاح»لتأهيل طلابها وتنمية مهاراتهم    ضبط معمل تحاليل غير مرخص بإحدى قرى سوهاج    إصابة 3 أشخاص من أسرة واحدة فى حادث انقلاب ملاكى بقنا    محافظ كفر الشيخ يناقش موقف تنفيذ مشروعات مبادرة «حياة كريمة»    محافظ الجيزة يوجه بسرعة تجهيز مبنى سكن أطباء مستشفى الواحات البحرية    سحر نصر: نبدأ مسيرة عطاء جديدة في صرح تشريعي يعكس طموحات أبناء الوطن    مقتل 40 مدنيا قبل الهدنة فى الاشتباكات على الحدود بين أفغانستان وباكستان    فيريرا يكشف حقيقة رحيل أوشينج وجهاد عن الزمالك وموقفه من المعد النفسي    في يوم الأغذية العالمي| أطعمة تعيد لشعركِ الحياة والطول والقوة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-10-2025 في محافظة الأقصر    قرار جمهوري بترقية اسم الشهيد اللواء حازم مشعل استثنائيا إلى رتبة لواء مساعد وزير الداخلية    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    كيف ظهرت سوزي الأردنية داخل قفص الاتهام فى المحكمة الاقتصادية؟    نبيلة مكرم تشارك في انطلاق قافلة دعم غزة رقم 12 ضمن جهود التحالف الوطني    كامل الوزير: تجميع قطارات مترو الإسكندرية بنسبة 40% تصنيع محلى    الداخلية تكثف حملاتها لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    وكيل النواب يستعرض تقرير اللجنة الخاصة بشأن اعتراض الرئيس على الإجراءات الجنائية    وزارة العمل تشارك في احتفالية اليوم العالمي للمكفوفين والعصا البيضاء بالقاهرة    350 مليون دولار استثمارات هندية بمصر.. و«UFLEX» تخطط لإنشاء مصنع جديد بالعين السخنة    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    الأهلي: لا ديون على النادي وجميع أقساط الأراضي تم سدادها.. والرعاية ستكون بالدولار    إحالة مسؤولين في المرج والسلام إلى النيابة العامة والإدارية    الصحة تنصح بتلقي لقاح الإنفلونزا سنويًا    قوات الاحتلال تعتقل شابًا خلال مداهمة في بلدة علار شمال طولكرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الأقصر إلى مارينا.. حكايات بيوت الجنوب محفورة على الخشب
نشر في الوفد يوم 07 - 08 - 2021

من بعيد، ستجذبك تلك الألوان المفرحة المضيئة، البرتقالي والأحمر والأصفر والأزرق السماوي، والأخضر الفاتح، وعندما تقترب أكثر ستأخذ عينك تلك الشخصيات المرسومة على تابلوهات أو على مقعد أو طاولة أومحفورة على دكة كبيرة، وكأنها شخصيات كرتونية محفورة في وجداننا.لتكتشف أنها ثنائيات من ابتكار أتيايه "آرت هوم الأقصر"الذى يتصدر معرض ديارنا بمارينا 5 بالساحل الشمالي، بجناح كبير.
"ناعسة وهريدي"، "عتريس وفؤادة"، "تيمور وشفيقة"، "عويس وفاطمة"، و"شوكة وسكينة"، شخصيات، تتداخل مع مشاهد من بيوت مدينة الأقصر، وموتيفات من بيئة الأقصر الغنية بتراثها الشعبي، برج الحمام والمركب والجرة، والزير، والمثلث والنخلة رمز العطاء والخير.
بعضها مرسوم بألوان الزيت، وبعضها محفور يدويا على الخشب، وملون بألوان الزيت، وكلها من أفكار محمود أحمد بغدادي، ابن مدينة الأقصر، خريج كلية التربية الفنية، الذى أراد أن يقدم تراث محافظته في قالب حديث"مودرن"، ليس فقط في شكل تابلوهات مرسومة كما كانت بدايته، بل موظّفة في منتجات عملية، مثل المقاعد والطاولات والدواليب والدكك وغيرها، لتجمع بين الجمال والوظيفة معًا.
في الثانوية العامة، كان حلم الطالب محمود أن يلتحق بكلية الهندسة، ليدرس الديكور، لكن مجموعه أوصله لكلية التربية الفنية، وبعد التخرج من قسم التصميم بالكلية والحصول على كورسات في فن الديكور، أراد محمود أن يربط بين حبه للعمارة والديكور وبين دراسته الفنية، فاختار أن تكون دراسته للحصول على درجة الماجستير عن"الرسوم الجدارية على منازل الأقصر وكيفية استخدامها في عمل لوحات زخرفية جديدة".
وثّق محمود تلك الرسوم التى وجدها على بيوت أهالي الأقصر، وصورها بكاميرته، "بعض هذه البيوت تهدّم ولم يعد موجودًا، مما يجعل من الصور التى صورتها لهذه البيوت وثيقة فنية شعبية تاريخية، وقد أعدّت صياغة هذه الرسوم في لوحات فنية رسمتها على الخشب، وأخرى بالحفر، في مزاوجة بين الفنون وتطويرها".
يشرح محمود ما يميز شكل بيوت أهل الأقصر بالمقارنة بالبيوت النوبية بمحافظة أسوان، المتاخمة لمحافظة الأقصر:"بيوت النوبة تتميز باللون الأبيض والقبة البيضاء، لعكس حرارة الشمس، ثم تتزين بزخارف بألوان النوبة المميزة الأخضر والبرتقالي والأحمر والأصفر، أما بيوت الأقصر، فلكل بيت لون مختلف، تطلى به كل واجهاته، فهناك البيت الأزرق والبيت الأحمر، والأصفر وهكذا، ثم ترسم الزخارف بأسلوب الرسم الفرعوني القديم، الذى يتميز بالتسطيح وليس العمق، أى تقسيم اللوحة لمجموعة لوحات أو مشاهد، فيقسم جدار البيت لمجموعة لوحات بجانب بعضها، وكأنها تحكي حكاية".
الرسوم الجدارية التى وثّقها محمود لبيوت الأقصر، توضح كيف كان الفنان الشعبي الأقصرى يوثق لحياته، بمشاهد متسلسلة حول نفس الحدث، فاذا أراد أن يحكي عن سفر صاحب البيت لأداء فريضة الحج، نجد مشهد الكعبة الشريفة، ومشهد الجمل أو الباخرة أو الطائرة، للدلالة على وسيلة السفر، ومشهد الدعاء بملابس الاحرام، وغيرها،وإذا أراد أن يحكي عن أن صاحب البيت سيتزوج قريبا، فيرسم على جدار البيت مظاهر الفرح، من رقصة التحطيب، والعزف بالمزمار والدكة والراقصة، وهكذا في تصوير الكثير من الاحتفالات والعادات والتقاليد، مستخدما الكثير من الموتيفات ذات الدلالات والرموز الشعبية، مثل الكف والعين لدرء الحسد، لمبة الجاز، القطة، النخلة رمز الخير، الشمس، الجمل، الغزالة رمزالرشاقة والجمال والسرعة، والأسد رمز القوة والشجاعة لتخويف من يفكر في إلحاق الشربأهل البيت.
إحدى لوحات محمود المعروضة بمعرض ديارنا بمارينا الساحل الشمالي، الذى يستمر حتى 25 أغسطس الجارى، بها عدة مشاهد لفرح شخصية فاطمة، "رسمتها بطريقة جداريات بيوت الأقصر، وبطريقة الرسم الفرعوني، وبنفس الألوان المبهجة المضيئة، ألوان الزيت، تخليدا للتراث الجنوبي، كنت أرسم اللوحات وأسوقها في السوق السياحي بالأقصر، فأتواصل مع جميع البازارات وأعرض فيها لوحاتي لأبيعها، إلى جانب عملي في التصميم وتشطيب المنازل، الذى لازلت أعمل فيه حتى الآن".
بجانب رسم اللوحات، عمل محمود في مجال الديكور، لكن هوايته في الرسم، دفعته في 2007 لتأسيس مرسم أو أتيليه، يستقبل فيه هواة الفن لتنمية مواهبهم الفنية في الرسم والنحت، وبدأ بخمسة شباب، وفي كل مرة كان يستمر معه فقط من لديه الموهبة الحقيقية والقدرة على الاستمرار، وخلال شهرين يكون الواحد منهم قادرًا على إنتاج عمل فني، يستطيع المنافسة في السوق المصري، ويتكسب من عمله.
وصل عدد هؤلاء الفنانين الآن إلى 30 فتاة، و7 شباب، كلهم دون الثلاثين أو حولها، وأغلبهم أصحاب موهبة وليسوا دارسين للفن، وأطلق على هذا الكيان"آرت هوم الأقصر"، وأصبح بامكان الواحد منهم الآن أن يتحصل على نحو ألفي جنيه
شهريا في المتوسط.
"أتيليه آرت هوم الأقصرتحول من ورشة صغيرة لأتيليه من طابقين، اللي بيشتغل معايا كلهم موهوبين، من سنوات قليلة بدأت أستقبل الدراسين من فنون جميلة وتربية فنية، الأساس عندى الموهبة، عشان كده بيشتغل معانا أطباء وخريجي علوم وآداب، ودايما بأقول لهم انتم فنانين مش بس حرفيين وأصحاب صنعة، لكن لازم يبقى عندكم فكر وثقافة، وبأدرب معاهم ابني معاذ 9 سنين، وابنتى فاطمة 10 سنوات، باعلمهم الرسم، عشان يشربوا الفن ده ويكملوا فيه."
رأى الزائر الذى غيّر الطريق
قبل ما يقرب من 12 سنة، شارك محمود بغدادي، لأول مرة في معرض ديارنا بعدد محدود من لوحاته، ضمن مشاركة إحدى جمعيات الأسر المنتجة بالأقصر، وعاما بعد عام، قال له أحد الزائرين "بقى عندي لوحات كتير من لوحاتك، ماعنديش مكان تاني"، هذا التعليق دفع محمود إلى أن يفكر في توظيف فنه التعبيري في منتج عملي وفني معا، يستطيع أن ينافس في السوق المصري ويحفظ الهوية المصرية وبصمة"آرت هوم الأقصر".
أراد بغدادي أن يسير على مدرسة الفنان التشكيلي الفرنسي فيكتور فازاريلي، في أن يصبح الفن في متناول الجميع، وليس فقط لمقتنيي اللوحات والمنحوتات الفنية، فنقل فازاريلي تصاميمه الفنية للملابس والأثاث والجدران والسجاجيد والستائر وغيرها مما يستخدمه الناس في حياتهم اليومية.
ومن أجل أن ينقل محمود التراث الشعبي في الأقصر، استخدمفن الحفر البارز والغائر للنقوش والرسومات على الخشب، وهو الفن الذى يعدمن أقدم الفنون في التاريخ،وموجود على المعابد الفرعونية والرومانية والإغريقية والسومرية، وزين العثمانيون الأبنية بالأجزاء الخشبيةالمحفورة على الخشب أو نقشًا عليه أو تلوينه؛ مثل منابر المساجد والصناديق وحوامل المصاحف وصناديق الملابس، والخزائن، والكراسى.
"ناعسة وهريدي"طبلية ودولاب وطرابيزة
"ناعسة وهريدي"هما إحدى الثنائيات التى خرجت من أتيليه "آرت هوم الأقصر"، وهما الأكثر طلبا عند بغدادي من باقى الثنائيات حتى الآن، يرسم كل شخصية على مقعد، وأحيانا تكون الشخصية منحوتة على خشب المقعد أو الطاولات أو الطبلية،أو قطعة أثاث حفظ الملابس، والسعر حسب المجهود والخامات المصنوع منها المنتج.
الغريب أننا وجدنا ناعسة وهريدي، وثنائيات أخرى من إبداع "آرت هوم الأقصر"، مطرزة بابرة الشنيط على بعض الخداديات في جناح "نسرين هاند ميد"، ومعلقة على شماعة بلوزة وتي شيرت في جناح "سمر باتيك"، وسيلفت نظرك أنها مرسومة على بعض أطباق الخزف على إحدى رفوف جناح"خزف قدم السعد".
"ناعسة وهريدي"مصممتهما كما يقول محمود:هي الفنانة سمر، التى تشاركه العمل في الأتيليه،
"الفنان محمد سالم صاحب "خزف قدم السعد" طلب منى أن يرسم "عويس وفاطمة" على منتجاته من الخزف، وأطلقت سمر حسين فنانة الباتيك اسم "الحلوة والجدع" على الشخصيتين بعدما رسمتهما بتقنية الباتيك على البلوزات والخداديات، وبالطبع كنت سعيدا لأن شخصيات آرت هوم نالت إعجاب المشترين، وأيضا الفنانين من الحرف الأخرى، والأمر نفسه تكرر مع نسرين المتخصصة في التطريز بغرزة الشنيط مع شخصيتي"تيمور وشفيقة"، والفضل في هذا لمعارض ديارنا التى تمنح الفنانين القادمين من محافظات مختلفة، فرصة الالتقاء ببعضهم البعض، وتبادل الخبرات فيما بينهم".
أسرار الصنعة
ناعسة وهريدى محفورتان بشكل جميل على دكة كبيرة، يصل سعرها إلى 17 ألف جنيه، وبينهما حفر محمود بيوتا كثيرة، رمزا للعمار، ورسم أيضا بألوان الزيت." ارتفاع السعر يعود إلى تكلفة الخشب من النوع الزان المستورد،"تكلفة الخشب، وكمية الخشب المهدر هنا كثيرة لأن الشخصية محفورة بشكل دائرى بارز، هذا بالاضافة إلى الوقت والجهد المبذول في الرسم والحفر والتلوين".
يشترى محمود الخشب الزان المستورد من الخارج، من مغالق الخشب بمدينة الأقصر، "خشب الزان يجمع بين الصلابة والليونة، وهو من أكثر الأخشاب استخداما في الحفر والأثاث لأنه سهل التشكيل، ويستخدم في صنع "دكة" أخرى، "خشب الأثل" وهو خشب ثقيل وصلب جدا، لكنه يؤكد أن التقنية وخطوات العمل وعدد المشاركين في القطعة هي التى تحدد سعرها في النهاية.
يعلًم محمود فريقه من الفنانيين، خطوات رسم اللوحة، " أطلب من النجار خشب اللوحة وأعطيه المقاسات المطلوبة، وكذلك بالنسبة لقطع الأثاث، هو ينفذ القطعة، ويكون علينا رسمها أو الحفر عليها، بعدهانصنفر الخشب جيدا لإزالة الزوائد أو الحواف الخشنة، حتى يصبح ناعما، ثم نبطنه بالدهان أو دهان التلميع ويترك ليجف، ثم نرسم التصميم بالقلم الرصاص، وأوجههم إلى تنسيق الألوان الزيت لتلائم الحالة التى تعبر عنها اللوحة من الحزن أو الفرح، والأمر لا يختلف بالنسبةللنحت على الخشب، فبعد الصنفرةنرسم الرسمة ثم نقوم بتفريغ الفراغات حول الرسمة، ومن ثم نحتها يدويا".
محمود هو صاحب تصميم وفكرة كل قطعه، التى يتولي باقي الفريق تنفيذها معه، وأحيانا عمل أكثر من نسخة لنفس المنتج حسب الطلبات، "بأعلّم الفريق كل الخطوات حتى تقفيل المنتج، وخلال تنفيذ تصميم للمرة الأول، أحدد بيدي إطار العمل أو الأوتلاين، والألوان وأنحت المستويات المختلفة، وأطلب من واحد أو اثنين من الفريق إكمال الرسمة، التى تكتمل شيئا فشيئا بالنقاش حول تفاصيلها، إلى أن نطمئن إلى أن العمل قد اكتمل".
يشبّه محمود دهان قطعة الخشب لتجهيزها للعمل بأنه أشبه بعملية المحارة التى تجرى للجدران، غير أنه لا يستخدم الفرشاة، بل سكين ناعم خاص بألوان الزيت الملساء التى يخففها بالزيت بحسب سمك اللون المناسب للرسمة، "تعلمت بعض أسرار المهنة من النجارين، منها أن استخدام السيلر الشفاف لأكثر من مرة من دون الصنفرة بين الطبقة والأخرى، لا يعطي النتيجة المطلوبة، وهي مهمة حماية الخشب من أى مادة قد تقع عليه مثل العصير أو الشاى أو غيره".
بعض اللوحات لا يحتاج العمل فيها أكثر من يوم، وبعضها يأخذ 10 أيام، وبعضها الآخر يحتاج شهرا للانتهاء منه، وتستغرق 3 أشهر مثل الدكة" تأخذ شهرا كاملا في ورشة النجارة، لعمل التصميم والأرجل والأدراج، لاستخدام النجار الغراء في جمع الخشب معا، عبر تقنية "النقر واللسان" لتعشيق الخشب، ثم وضعها تحت المكبس لتتماسك، وتترك لتجف، لضمان جودة ومتانة العمل، بعد هذه المرحلة تأتي الأتيليه ليبدأ فيها العمل في التبطين ورش اللون الأساسي للدكة يدويا وليكن الأزرق، وهو عبارة عن لون لاكيه، ثم الرسم والنحت، وبناء الفكرة شيئا فشيئا، والتلوين بالزيت والصنفرة للتلميع وطبقات السيلر، وأخيرا التغليف".
يستخدم محمود وفريقه في الأتيليه أدوات حفر الخشب اليدوية التقليدية، مثل الأزميل بكافة مقاساته، والمطرقة الخشبية، والجاكوش والمبرد والسكين أو المشرط، والمقشطة وغيرها، لأنه ينحت في جسم الدكة أو الدولاب أو اللوحة مباشرة، ولا يستخدم تقنية تركيب أجزاء محفورة من خارج جسم الدكة أو الدولاب، "النحت في القطعة والخامة نفسها، يجعلها تعيش أطول".
دولاب الملابس المرسوم عليه الموتيفات الشعبية مثل لمبة الجاز والوابور والشخصيات الشعبية، والدكة المحفورة ذات المترين، والمزخرفة بالموتيفات الشعبية فوق أدارجها، هما الأعلى سعرا في منتجات جناح "آرت هوم الأقصر" في معرض مارينا 5 بالساحل الشمالي، ويتراوح سعرهمابين 17إلى 20 ألف جنيه.
أما الكرسي الخشب الزان المرسوم على ظهره شخصية هريدي، أو شخصية ناعسة، والمزخرف القعدة، فيصل إلى 3 آلاف جنيه وكله يدوي الصنع من البداية إلى النهاية ونفس الأمر بالنسبة للكرسي ذى الظهر الشيش المبتكر التصميم، قطعة حفظ الملابس ذات الدرجين الكبيرين، التى يسميها أهل الأقصر "العسكري" المرسومة فسعرها 3500 جنيه، والطرابيزة 1200 جنيه، مرسومة أيضا بشخصيات آرت هوم الأقصر، وطقم الثلاث طرابيزات المرسوم بشخصيات فريق محمود أو لوحات الفنان بيكار، فيصل سعرها إلى 2000 جنيه، والطبلية 2000، وهناك تابلوهات صغيرة تباع سريعا ، سعرها لا يتجاوز 150 جنيها.
لا يتوقف فريق محمود بغدادي عن التفكير في استثمار الأفكار الشعبية في الخامات والتشكيل، فاللعب بالشيش الخشب، له أكثر من شكل في تصميمات آرت هوم، منها الشيش المستخدم كرف للحائط، والشيش الكبير المتعدد الألوان المستخدم كبارفان أو ساتر، والشيش المستخدم كظهر مقعد، وكل هذه الأفكار وغيرها سيوثقها محمود في رسالته للدكتوره، التى يعدها الآن حول المزاوجة بين الفنون المختلفة للحفاظ على الهوية والتراث المصري.
"أدين لمعارض ديارنا"
يدين محمود بغدادي لمعارض ديارنا بالفضل في توسع مشروعه، "عرفت من زملائي العارضين إزاى أطور شغلي وأشكل منه منتجات جديدة، وكمان التقفيل، ومن بعد ما كنت باجي المعرض بمنتجات صغيرة، بأجي من الأقصر بعربية محملة بضاعة كتير، ومش بس شغلنا فاتح بيوت ال 37 شاب وفتاة اللي شغالين معايا، لا كمان بنفتح بيوت تانية من اللي بنشترى منهم الخشب والنجارين والاكسسوارات زي المفصلات والمقابض وغيرها، ولو سوقت أكثر هشغل ناس أكثر".
يرى محمود أن العمل في مجال الحرف اليدوية ونقل التراث بفكر جديد ليس سهلا، لكنه يحتاج إلى صبر وإصرار على النجاح وقدرة على التعامل مع العملاء والسوق حتى يستطيع الشخص عرض منتجاته بشكل جيد، ويحاول أيضا أن يسوق منتجاته أونلاين، ويجمع الطلبات التى تطلب في محافظة معينة معا، لتقليل تكلفة النقل من مدينة الأقصر، بتقسيمها على أكبر عدد من القطع والطلبات.
" أثناء النقل ممكن نتعرض لخسائر، ككسر رجل دكة أو خلافه، وهنا أشير للعميل إلى المشكلة وأقلل من سعرها إذا أراد أن يأخذها بعد الاصلاح، أو أصنع له غيرها، وهنا خفة أو ثقل المنتج تكون حسب التصميم والاستخدام".
على فترات متباعدة يطلب بعض العملاء من البحرين أو السعودية، منتجات من محمود، لكنه يتمنى أن تكون معارض ديارنا بالساحل الشمالي، فرصة ليتعرف أصحاب القرى السياحية على أصحاب الحرف الفنية التراثية اليدوية، وما يمكن أن يقدموه لتأثيث هذه القرى وتزيينها، فتفتح لهم باب رزق جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.