كنت أشعر دائماً أن هناك خصوصية تربطنى بالكاتب الصحفي الكبير والقدير عادل القاضي رئيس تحرير بوابة الوفد الإلكترونية ، الذى رحل عن دنيانا أمس، حيث لعب القدر دوراً كبيراً فى معرفتى به، فكان له الفضل فى إتاحة أهم فرصة عمل لى فى بلاط صاحبة الجلالة كمدير لقسم الصحافة الشعبية ومجتمعات الويب بالوفد. ورغم صغر سنى وعدم وجود أى معرفة سابقة بيننا إلا أنه تبناني على الفور، وذلك لوجود قناعة لديه - حسب قوله – بأنه عليه واجبا تجاه الشاب الذي يمتلك الطموح، ويريد النجاح والتفوق ويحتاج من يأخذ بيده. فقد حلمت كثيرا بالعمل فى بلاط صاحبة الجلالة كمدير لمشروعى الخاص، وكنت دائما أرتب لذلك، ومكثت شهوراً عجافاً لا أجد من يأخذ بيدى، حتى ساقت لى الأقدار الأستاذ عادل القاضى أو ساقتني إليه، وخلال حديث قصير بيننا، عن طريق التليفون، عرض علىّ أن أقابله فى خلال يومين، وأثناء المقابلة قال لى بالحرف الواحد :"مشروعك كبير وضخم، وياريت تقولى طلباتك ايه؟ عشان ننفذه فى أسرع وقت". ولم أعرف ماذا أقول لهذا الإنسان، وتنازلت وقتها عن كل طلباتى المادية راضيا مرضّيا، خاصة أنه أعاد الثقة إلى نفسى من جديد، وكل ما كنت أفكر فيه طوال الوقت هو أن أكون عند حسن الظن فى أعين القاضى. لا أنسى أيضا أنه كان يحمسنى دوما بعباراته اللاذعة المحبوبة لدى ليشجعني علي الكتابة، ولسان حاله يقول لي أحسنت، والآن اشعر كأنني فقدت نفسى . ولن أنسى ما حييت قسوة هذه اللحظة، التى سمعت فيه: "لقد رحل عادل القاضي إلى جوار ربّه"، كان الخبر صدمةً لها وقع لا حدود له على نفسي، لقد كان القاضى هو الحضن الدافئ الذي يستقبلنى دائما ويعنني علي البقاء بعض الوقت..كنت أراه يعمل في صمت وابتسامته لا تفارقه على الدوام. في ظني أن القاضى لن يموت، فهو فى قلوب الجميع أبنائه وأصدقائه وتلاميذه، فهو الأب والأخ والأستاذ، وهو الناصح الأمين، ومن القلّة التي تسعى في الخير بلا مقابل، لذلك مع من عرف ومن لم يعرف. لقد كان القاضى مرجعاً مهماً لى طوال الشهور الماضية فيما يتعلق بالشأن الديني، سواء العبادات أو المعاملات، فهو مثلى من جذور ريفية وكانت أخلاق القرية هى طباعه، كما أنه عرف بصاحب الموقف والقضية طوال حياته، ومنذ لقائى الأول به حتى اليوم أشهد أنه كان إنساناً نموذجياً تتجمع فيه كل الخصال الطيبة. فاتنى أن أقول إننى كتبت هذا المقال قبل وفاة القاضى بأيام لأهنئه بصدارة بوابة الوفد الإلكترونية للمواقع الإخبارية فى مصر، فشاءت الأقدار أن يكون مقالاً للرثاء. فالدعاء لهذا الرجل البالغ الاحترام و"الإنسان" الذى تعلمت منه الكثير.