لم يكن يتخيل يوما أن يرى جنازته ويسير وسط المشيعين فى مشهد مهيب وقفت عنده عقارب الساعة لا يعلم ماذا يدور حوله وهل هو حى يرزق أم أن المنية وافته و روحه ما زالت معلقة بين السماء والأرض متمسكة بأحبتها. عشرات الخواطر المتدافعة كالموج الثائر دارت فى ذهن جمال سعيد الخولى (59 عاما)، بعد أن سمع منادى القرية ينادى عليه فى ساعة متأخرة من الليل ويدعو أهل القرية لتشييع جثمانه على المقابر. فى غضون دقائق خرج أهالى قرية سبرباى، مركز طنطا بمحافظة الغربية عن بكرة أبيها لتشيع جثمان ابنها "الحاج جمال" المشهود له بحسن الخلق وحب الجميع ، ودوى الصراخ فى أرجاء القرية، فجمال من أكبر عائلات القرية وانهالت الاتصالات على بناته المتزوجات لمواساتهم ومعرفة ماذا حدث وسط دهشة وذهول الجميع. بداية طرف خيط تلك الواقعة الغربية كانت عند الشيخ منجى شاهين منادى القرية الكفيف الذى حباه الله بقدرة عجيبة على حفظ أسماء عائلات القرية بأكملها وشوارعها ومنازلها رغم أنه فقد بصره منذ أكثر من ثلاثين عاما بعد عملية جراحية فاشلة تقاعد على أثرها واتجه لمهنة منادى الموتى لينفق على أبنائه الثلاث ويحميهم من ذلك السؤال للناس. يقول الحاج منجى: "حضر إلى منزلى عقب صلاة المغرب شابان وفى يدهم ورقة بها بيانات المتوفى كما هو معتاد ولم ألاحظ عليهم أى شىء غريب سوى أنهم يتبادلون الحديث مع طرف ثالث عبر الهاتف ليخبرهم ببيانات المتوفى ثم طلبوا منى أن أسرع فى النداء على المتوفى عقب صلاة العشاء على المقابر بحجة أنه متوفى بكورنا و سيكتفون بالعزاء على المقابر وكانوا فى عجلة من أمرهم ويرتدون كمامة ونظارة لاخفاء ملامحهم لكنها أمور معتادة من أهل المتوفى بكورنا فى هذه الآونة. وتابع الشيخ منجى"توجهت على الفور إلى أكبر المساجد القريبة من منزله وقمت بالنداء على المتوفى وذكرت كل أفراد عائلته وأقاربه، وبعد انتهائي من إعلان خبر وفاته فى 3 مساجد ونشر نعيه على صفحات الفيسبوك جاءنى اتصال من الحاج جمال الخولى (المرحوم ) ليخبرنى أنه ما زال حيًا فارتبكت وتوقعت وجود عديد من السيناريوهات مثل أن يكون دخل فى غيبوبة وعاد إلى الحياه إلا أن الحقيقة كانت عكس كل توقعاتى فهو لم يمرض وبكامل صحته وما حدث هو مكيدة من أحد الأشخاص لأسباب غير معلومة وغير مفهومة إلى الآن. حالة من الحزن الشديد يعيشها جمال سعيد الخولى وأسرته بسبب هذه المكيدة الشيطانية التى كادت أن تودى بحياة أبنائه وزوجته عند سماع هذا النبأ لولا ستر الله ورحمته ووجوده فى وسطهم فى هذا اليوم على الرغم من كثرة سفره وتنقلاته بحكم عمله ككهربائى . يسترجع "جمال" تفاصيل تلك الواقعة المؤلمة قائلا "كنت أنظف أمام منزلى وسمعت المنادى ينادى من بعيد على متوفى لكننى لم أكترث للمنادى لأننى كنت منهمكا فى أعمال التنظيف وفجأة فوجئت بحشود من الناس يرتدون ملابس سوداء وفى حالة صراخ وإعياء شديدة وعندما وجدونى واقفا أمام نزلى وقع بعضا منهم مغشيا عليه بينما تساءل آخرون كيف عدت إلى الحياة وماذا حدث ؟ وتابع "وفى هذه الأثناء جاء ابن خالى السيد شاهين يتساءل هو الآخر عما يحدث وطلب منى أن أركب خلفه على موتوسيكل لنذهب إلى المقابر لنصرف المشيعين الذين أتوا لصلاة الجنازة على المقابر وعندما ذهبت إلى المقابر خشيت الاقتراب من المشيعين وظللت أراقب نظرات الحزن فى أعينيهم وأحسست بحب الناس لى عندما وجدت هذا الحشد الغفير على المقابر ووقفت أشاهد مراسم تشييعى وتجهيز مقبرتى من بعيد حتى تمكن أقاربى من تكذيب الخبر للمشيعين الذين رددوا هتاف الله أكبر ولا إله إلا الله لمدة طويله هزت وجدان كل الحاضرين. صدمة شديدة انتابت بنات "جمال" بعد أن وصل لهن نبأ وفاة والدهن ودخلت إحداهن فى غيبوبة بينما فقدت الثانية النطق وأصيبت بنزيف من هول الفاجعة لأنهن كن فى منزل والدهن منذ ساعات قليله ولم يلبثن أن عدن إلى بيوتهن ليلحق بهن هذا الاتصال الأسود على حد وصفهن. كما أصيب ابنه الوحيد بانهيار شديد لأنه كان بعيدا عن منزله حين سمع المنادى ينادى على والده وأخذ يصرخ فى الشارع ويغلق أذنيه من هول ما يسمع. توجه جمال الخولى إلى مركز طنطا لتحرير محضر بالواقعة ومعرفة من وراء تلك المكيدة التى كادت أن تعصف به وعائلته ويطالب بالقبض على الجناة وتوقيع أقصى العقوبات عليهم ليكونوا عبرة لمن تسول له نفسه اللعب بحياة البشر. هذا وتكثف الأجهزة الأمنية بالغربية جهودها لكشف ملابسات وغمود هذا الحادث الغريب والفريد من نوعه.