نجح الفنان يوسف شعبان خلال مشواره الفني الطويل أن ينفذ لعقل وقلب المشاهد عبر إطلالته الدرامية وأدائه التمثيلي المتميز فهو صاحب نكهة خاصة في كل أدواره ودائما ما يضفي عليها «مسحة» كوميدية، وخفة ظل حتي في الجادة منها بطريقة السهل الممتنع.. ورغم ما يعيشه النجم الكبير من حالة إحباط وتوتر بسبب ما يدور في الشارع المصري من أزمات وانقسامات وتناحر بين كل القوي السياسية ومؤسسة الرئاسة لكنه دائماً وحسب قوله يري أن الأمل قريب ومصر ستظل قوية و«أم الدنيا» معشوقة العالم وساحرة القلوب ويطالب الجميع بالرضوخ للمنطق والواقع والعودة لمصر وحب مصر حتي يمكننا الخروج من هذه الحالة المخيبة للآمال، يوسف شعبان يبدأ خلال أيام تصوير دوره في مسلسل «النمرود» مع المخرج زهير رجب ونحو 140 ممثلاً وممثلة في دور شقيق سيدنا إبراهيم في عمل باللغة الفصحي حول رؤية لما يحدث وكيف الخروج من المأزق وأزمة الدراما والسينما كان هذا الحوار؟؟ كيف تري بعين الفنان المشهد الحالي في الشارع المصري؟! - رد متسائلاً وكيف تراه أنت وجميع الشعب المصري.. وأنا واحد منهم أري أننا نعيش حالة مخيبة للآمال والطموح وما يحدث في الشارع المصري أصابنا جميعاً بالحزن والاكتئاب وما كان يتصور أحد أن يصل البلد لهذه الحالة بعد الثورة، بعدما كنا نأمل أن يصل بنا الحال للأفضل .. كيف تحول كبت الناس لانفجار يملأ الشوارع قتلاً وبلطجة وتخريباً وتحولت الحرية لفوضي وغابت الدولة، وغاب القانون وضاعت ملامح وأهداف الثورة التي ضحي من أجلها شبابنا بدمائه وروحه، وأضاف حزين علي حالة العنف والتوتر التي يعيشها المجتمع في ظل غياب الأمن والأمان الذي كان أفضل ما يميز مصر وضاع معهما حلم الاقتصاد القوي والسياحة المتدفقة وتوقفت شرايين الحياة بسبب هذه الظروف، والنتيجة أننا نزداد فقراً وجوعاً وتجرؤ علي القيم والأخلاق والضمير وضاعت أجمل ما فينا كشعب مصري له تاريخ .. ولا بد أن نعود سريعاً لمصر التي نحبها جميعاً. في رأيك من المتسبب في زيادة حالة الاحتقان في الشارع؟! - بصراحة أنا لا أستثني أحداً من جميع الأطراف المتصارعة سواء من هم في الحكم أو من هم في المعارضة، حالة العناد والكبرياء المتبادلة من الاثنين هي التي ساهمت بشكل كبير في حالة الانقسام والتوتر الأمني والأخلاقي والسياسي في الشارع وكل ذلك أدي إلي التراجع الكبير في كل شيء اقتصاد وفن وسياسة وأمن وأخلاق وسياحة. وكيف تري الخروج من الأزمة الدائرة لحالة توافق؟ - علي كل هذه الأطراف أن تثبت للشعب ان أهم شيء هو مصر وحاضرها ومستقبلها وعلينا أن ننزل لسياسة الهدوء والاتزان في الحوار والتخلي عن سياسة العناد والكبرياء حتي نصل بها لبر الأمان، ولا يعقل أن نراها تحترق وتغرق والأطراف المتصارعة تقف تتفرج ويتمسكون برأيهم ويسعون وراء أهدافهم ومصالحهم الشخصية، والدليل هو الواقع الذي نعيشه البلد يتجه لتوقف شرايينه في كل شيء وهم مازالوا يمارسون سياسة العناد الجميع مسئول ومدان فيما وصلنا إليه.. لكن الأزمة السياسية صاحبها أزمة أخلاق في الشارع المصري في رأيك ما سببها؟ - للأسف وأنا أرفض ظاهرة العنف والقتل والخروج عن السلمية لكن علينا قبل أن ندين ذلك أن ندرس الأسباب ونحللها لماذا وصل الشباب لهذا العنف في الشارع والأسباب النفسية التي أدت لهذا السلوك حتي يمكن أن نسد الخانة التي تتسرب منها الفوضي الأخلاقية والعنف.. وأضاف في رأي أن هذا السلوك ناتجاً عن حالة الكبت التي عاشها الشعب علي مدار 60 عاماً من الحكم العسكري والناس «ما صدقت تفك» لكن الخروج عن السطر ربما يكون ناتج عن حالة اليأس والإحباط التي يعاني منها الشباب فهو تخيل أن الحياة ستحتضنه بعد الثورة وتحقق له طموحه وآماله، لكن للأسف فقد كل ذلك بعد الثورة وضاع بين متاهة التوتر والوعود الكاذبة من حكومة ومسئولين لا يملكون من أمرهم شيئاً وتفرغوا للصراع علي البقاء ونسوا مصالح الشعب فتراجعت كل أحوالنا علي كل المستويات بما فيها أخلاق الشارع وانتماء الشباب للوطن وترابه. هل تري في مثل هذه الظروف أن هناك أملاً في فن وإبداع! - الفن مرآة المجتمع انعكاس لحالها والبلد كما تري منذ فترة وبعد الثورة الحالة مازالت مستمرة من سييء لأسوأ، وبالتأكيد الفن تحول من سييء لأسوأ بدليل ما شاهدنا من دراما العام الماضي بخلاف أننا نعيش في وقت المسئولون لا يقدرون قيمة الفن والإبداع بدليل أن وزير إعلام الإخوان المسئول عن الإعلام والإبداع الرسمي لا يقدر الفن ولا الفنانين بدليل أنه لم يضع ميزانية حتي الآن للتليفزيون سواء في الإنتاج الدرامي أو البرامجي وهذا يعكس عدم اهتمام بالفن والإبداع والدراما حتي الثقافة لا يقتنعون بها ولا يضعونها في حساباتهم وربما يعتبرونها شيئاً عادياً مع أن الأصل في كل شيء والأكثر تأثيراً في الشعوب هو ثقافتهم وتأثير الإعلام والدراما عليهم فهي الأكثر والأخطر تأثيراً. معني ذلك إنك لا تشاهد ولا تقتنع بالإعلام الرسمي؟ - بالتأكيد الإعلام الرسمي مثل الجرائد الرسمية لا أقبل عليها بشغف مثل باقي الوسائل فهي دائماً تنحاز حتي دون رضا للمسئول عنها بدليل أن الإعلام الخاص سواء في الصحف والفضائيات أكثر تأثيرا من الإعلام الرسمي في الشارع لان القائمين علي الإعلام الرسمي لا يفرق معهم تطوير مضمونه وشكله وإنتاجه الدرامي والبرامجي مثل الإعلام الخاص. لكنك كنت أحد أبطال مسلسلات الإنتاج الرسمي بصوت القاهرة العام الماضي؟ - يحسب للمسئول عن صوت القاهرة بصراحة جرأته في الإنتاج في ظل هذه الظروف الصعبة ورغم أنني مازالت لي مستحقات عندهم والتجربة «جاءت علي دماغي» لكن إنتاجهم في هذه الظروف مغامرة حميدة وشيء جيد رغم إمكانية التطوير والمنافسة بشكل أفضل. البعض يتهم الإعلام الخاص بإشعال الفتنة في الشارع ما رأيك؟ - بصراحة هي ليست مسئولة عما يحدث بل هي تنقل الحدث بسرعة بإيجابياته وسلبياته مثل أي دولة متحضرة في العالم تنقل للشعب الأحداث أولاً بأول، وهي تعرض أخباراً ربما لا ينقلها الإعلام الرسمي إما خوفاً من المسئولين عنه أو لعدم قدرته علي نقل الحدث بنفس السرعة. بعيداً عن السياسة.. ما الذي جذبك في مسلسل «النمرود»؟ - منذ فترة طويلة وأنا لم أقدم هذه الدراما التاريخية الثرية وهي أصلاً لم تعد موجودة نظراً لتكلفتها في الملابس والإكسسوار والديكور وأماكن التصوير وهروب المنتجين منها، لكن الجيد منها ربما يتفوق علي أي دراما.. والنمرود الدور الذي عرض علي فيه مهم وحيوي وهو دور «آزر» شقيق سيدنا إبراهيم وهو دور قوي ومؤثر في الأهداف بخلاف خلطة النجوم المشاركين من مصر وتونس والمغرب وسوريا والأردن مع المخرج السوري محمد زهير رجب شجعتني مع قوة العمل وشهرة الشخصية «النمرود» التي يؤديها السوري عابد فهد. وهل تري أن هذا العمل «بالفصحي» يقدر علي المنافسة في رمضان؟ - بالتأكيد فهو عمل يجمع شخصيات مختلفة من الممثلين لأول مرة بخلاف أن المضمون في العمل ثري وطبيعة الأدوار والشكل والصورة التي تميز بها المخرج يجعلنا نتميز بخلاف إنني أستمتع بالتمثيل بالفصحي، وأعشقها وقدمتها كثيرا من قبل لأنني درستها جيداً فهي صعبة علي ممثلين كثيرين التمثيل بالفصحي ويحتاجون لتدريب وهم سبب قلة هذه النوعية. كثير من النجوم يقبلون العمل في السينما «ضيف شرف» أو دور ثان؟ - هذا ربما لا يقل من حجم وقيمة الفنان لكن أين هي السينما ما يحدث مجرد محاولات ليس لي دخل بها - المستوي كله تدني سواء في السينما أو المسرح باستثناء التليفزيون هناك محاولات للحفاظ عليه لأنه يدخل كل بيت ومع ذلك لو هناك دور قوي في السينما ما المانع، فالسينما تاريخ مهم في حياة الفنان، لكن عندما تكون سينما حقيقية!