عضو بالشيوخ: الإقبال الكبير على الانتخابات يعكس وعي الشعب المصري    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    وزير العدل الأوكراني يقدم استقالته على خلفية فضيحة فساد    «غانم» تحقيق أولى خطوات تنفيذ استراتيجية البنك (2025 – 2030)، امتدادًا لمسيرة النجاح التي واصلها خلال الأعوام الماضية    مصر تحتفظ بعضوية اللجنة التنفيذية للمنظمة الدولية لمراقبي المعاشات وصناديق التأمين الخاصة    استقالة وزيري العدل والطاقة الأوكرانيين على خلفية فضيحة الفساد    كندا تفرض عقوبات إضافية على روسيا    بالمستندات| تعرف على نص عقوبات كأس السوبر المصري    موعد مباراة مصر وسويسرا في مونديال الناشئين    مدرب فرنسا: هدفنا الفوز على أوكرانيا والتأهل لكأس العالم    «كان نايم ولم يسمع الصراخ».. انتشال جثة شاب من عقار الإسكندرية المُنهار| صور    الداخلية تكشف تفاصيل استهداف عناصر جنائية خطرة    وزيرالتعليم: شراكات دولية جديدة مع إيطاليا وسنغافورة لإنشاء مدارس تكنولوجية متخصصة    أسما إبراهيم تهنئ مي عز الدين بزواجها    محمود الليثي أول الحضور في عزاء إسماعيل الليثي بإمبابة | صور    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    رئيس الوزراء ونائبه لشئون التنمية البشرية يشهدان جلسة حوارية في مؤتمر السكان    من انقاص الوزن إلى بشرة صحية.. فوائد لشرب الماء بالليمون في الصباح    رسميًا.. ستاندرد بنك يفتتح مكتبًا في مصر لتعزيز الاستثمارات بين إفريقيا والشرق الأوسط    سعر كرتونه البيض الأحمر والأبيض للمستهلك اليوم الأربعاء 12نوفمبر2025 فى المنيا    أسماء جلال ترد بطريقتها الخاصة على شائعات ارتباطها بعمرو دياب    المتحف المصري الكبير ينظم الدخول ويخصص حصة للسائحين لضمان تجربة زيارة متكاملة    كرة يد - بعثة سموحة تصل الإمارات مكتملة تحضيرا لمواجهة الأهلي في السوبر    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    ضبط مصنع حلويات بدون ترخيص في بني سويف    ما عدد التأشيرات المخصصة لحج الجمعيات الأهلية هذا العام؟.. وزارة التضامن تجيب    طريقة عمل فتة الشاورما، أحلى وأوفر من الجاهزة    موعد مباراة عمان والسودان الودية.. والقنوات الناقلة    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    هبة التميمي: المفوضية تؤكد نجاح الانتخابات التشريعية العراقية بمشاركة 55%    بحماية الجيش.. المستوطنون يحرقون أرزاق الفلسطينيين في نابلس    19 ألف زائر يوميًا.. طفرة في أعداد الزائرين للمتحف المصري الكبير    بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.. آثارنا تتلألأ على الشاشة بعبق التاريخ    جنوب سيناء.. تخصيص 186 فدانا لزيادة مساحة الغابة الشجرية في مدينة دهب    إخلاء سيدة بكفالة 10 آلاف جنيه لاتهامها بنشر الشائعات وتضليل الرأي العام في الشرقية    ذكرى رحيل الساحر الفنان محمود عبد العزيز فى كاريكاتير اليوم السابع    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    الغرفة التجارية بمطروح: الموافقة على إنشاء مكتب توثيق وزارة الخارجية داخل مقر الغرفة    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    حجز محاكمة متهمة بخلية الهرم لجسة 13 يناير للحكم    أثناء عمله.. مصرع عامل نظافة أسفل عجلات مقطورة بمركز الشهداء بالمنوفية    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    عاجل- محمود عباس: زيارتي لفرنسا ترسخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفتح آفاقًا جديدة لسلام عادل    بتروجت يواجه النجوم وديا استعدادا لحرس الحدود    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    موعد مباراة مصر وأوزبكستان الودية.. والقنوات الناقلة    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    الحبيب الجفرى: مسائل التوسل والتبرك والأضرحة ليست من الأولويات التى تشغل المسلمين    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    وزير الخارجية يعلن انعقاد المنتدى الاقتصادي المصري – التركي خلال 2026    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخلاص لله في العمل
نشر في الوفد يوم 15 - 06 - 2021

الإخلاص من أهم القيم الأخلاقية التي حث عليها الشارع الحكيم؛ لأن العمل بلا إخلاص لا قيمة له عند الله؛ لذا كان الإخلاص في القول والعمل شرطاً لقبول الأعمال عند الله،وقال سهل بن عبد الله: "الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى خاصة"،وحقيقة الإخلاص: أن يستوي العمل في الظاهر وفي الباطن,
أما إذا كنت تريد من عملك أو عبادتك منفعة أو شهرة ومدح وثناء؛ فهذا رياء وليس من الإخلاص في شئ!!
بهذا بدأالدكتور محمد السيد ابوهاشم امام وخطيب مسجد السيدة زينب حديثه حول الاخلاص لله في العمل واضاف قائلا: فمن أنفق ليقال جواد وكريم!! ومن قرأ ليقال قارئ!! ومن حج ليقال حاج!! ومن تعلَّم ليقال عالم!! ومن صلَّى ليقال عابد!! ......إلخ كل هؤلاء ليس لهم حظٌ من أعمالهم!!
كما ينبغي على العبد أن يجعل الإخلاص لله وسيلة لا غاية وقصدًا، فكثير من الناس يجعل الإخلاص وسيلة لأحد المطالب الدنيوية.
لذلك تضافرت النصوص من القرآن والسنة تحث على الإلتزام بقيمة الإخلاص في القول والعمل؛ فقد وردت مادة الإخلاص ومشتقاتها في كتاب الله تعالى: إحدى وثلاثين مرة.
قال تعالى على لسان نبيه عليه السلام: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ؛ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ؛ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ؛ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي؛ فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ}( الزمر: 11-15)
بل إن الله أمر أهل الكتاب من قبلنا بذلك فقال:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}
والإخلاص هو الذي أمر الله العباد بالتزامه، وهو الذي ابتلاهم به، فقال في كتابه الكريم: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[الملك: 2]، وقوله تعالى: {لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[الكهف: 7]، قال ابن كثيرٍ رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة مبيناً هذا الأمر العظيم، والركن المتين: "لم يقل أكثر عملاً بل أحسن عملاً، ولا يكون العمَلُ حسنًا حتى يكون خالصًا لله عز وجلّ على شريعةِ رسول الله، فمتى فقَد العمل واحدًا من هذين الشّرطين حبط وبطل", وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: "أَخلَصُه وأصوَبُه، فإذا كان العمل خالصًا ولم يكُن صوابًا لم يُقبَل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًالم يُقبَل، فلا بدّ أن يكون خالصًا صوابًا" (تفسير البغوي)
لذلك كان يوصي النبي -صلى الله عليه وسلم- الولاة والأمراء بالإخلاص؛ فعن معاذ بن جبل، رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن : يا رسول الله أوصني، قال: « أخلص دينك يكفك العمل القليل » (الحاكم والبيهقي وضعفه الألباني)؛ وأخبرنا –صلى الله عليه وسلم- بأن الله لا يقبل من العمل إلا الخالص له؛
فكثير من الناس – للأسف – لا يخلص لله في عمله أو التجائه إلى الله إلا في وقت الشدة والأزمات والمصائب والكربات!! أما في وقت رخائه وسرَّائه وسعة رزقه فإنه ينسب الفضل لغير الله عز وجل!!؛ وهذا ما سجله القرآن والسنة؛ قال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} ( العنكبوت: 65)؛ لذلك ينبغي عليك الإخلاص في جميع أحوالك وأفراحك وأتراحك؛ "روى أن عِكْرِمَةُ رَكِبَ الْبَحْرَ – مَعَ جَمَاعَةٍ- فَأَصَابَتْهُمْ عَاصِفٌ فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ: أَخْلِصُوا فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لَا تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا هَاهُنَا؛ فَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ يُنَجِّنِي مِنْ الْبَحْرِ إِلَّا الْإِخْلَاصُ لَا يُنَجِّينِي فِي الْبَرِّ
غَيْرُهُ! اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ عَهْدًا إِنْ أَنْتَ عَافَيْتَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ أَنْ آتِيَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَضَعَ يَدِي فِي يَدِهِ؛ فَلَأَجِدَنَّهُ عَفُوًّا كَرِيمًا فَجَاءَ فَأَسْلَمَ!!" ( النسائي وصححه الألباني في الصحيحة)؛ فكان إخلاصه في التجائه إلى الله سبباً في إسلامه؛ وهكذا ينبغي أن نكون!!
ومن لوازم الإخلاص في الأعمال: أن ينظر العبد في باعث العمل قبل إتيانه، ما هو الباعث للعمل؟ أهو إخلاص لله؟!! أم هو رياء وسمعة؟!! ولهذا كان بعض السلف إذا قيل
يأيها الناس ويأيها العمال والموظفون! أخلصوا لله في أعمالكم وأقوالكم؛ إنكم إن فعلتم ذلك إخلاصا لله كان النفع والقبول والأجر والجزيل؛ وإلا كانت أعمالكم وأقوالكم هباءً منثوراً؛ فما خرج من القلب وصل إلى القلب وما خرج من اللسان لا يتجاوز الآذان!! قيل لحمدون بن أحمد: "ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا، قال: لأنهم تكلموا لعز الإسلام، ونجاة النفوس، ورضا الرحمن، ونحن نتكلم لعز النفوس، وطلب الدنيا، ورضا الخلق". لأحدهم تعالى نحضر جنازة فلان والصلاة عليه. فيقول له: اصبر حتى أحضر للأمر نية، حتى يوجه بوصلة القلب إلى الله وابتغاء مرضاته، فعندما يحاسب المسلم نفسه، ويرجع إلى نيته هل هي مخلصة، فيذهب لأداء هذا العمل, أم أنها ليست مخلصة لله فيجلس خيراً من أن يذهب؟!!
يأيها الناس ويأيها العمال والموظفون! أخلصوا لله في أعمالكم وأقوالكم؛ إنكم إن فعلتم ذلك إخلاصا لله كان النفع والقبول والأجر والجزيل؛ وإلا كانت أعمالكم وأقوالكم هباءً منثوراً؛ فما خرج من القلب وصل إلى القلب وما خرج من اللسان لا يتجاوز الآذان!! قيل لحمدون بن أحمد: "ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا، قال: لأنهم تكلموا لعز الإسلام، ونجاة النفوس، ورضا الرحمن، ونحن نتكلم لعز النفوس، وطلب الدنيا، ورضا الخلق".
فكثير من الناس يتسابق إلى أعمال الخير الفعلية والقولية في المجتمع؛ ولكنه لم يخلص في عمله أو قوله!! فلا تزن أعماله وأقواله شيئاً؛ وعلى العكس من ذلك لو أخلص الإنسان في قليل عمله وقوله فإن الله يضاعف له الجزاء؛ لأن الإخلاص سببٌ لعظم الجزاء مع قله العمل؛ وقد دلّ على ذلك نصوص نبوية كثيرة منها:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ اللهَ سيُخَلِّصُ رجلًا من أمتي على رؤوسِ الخلائقِ يومَ القيامة فينشُرُ عليه تسعةً وتسعينَ سِجِلًّا ، كلُّ سِجِلٍّ مثلُ مدِّ البصرِ ثم يقولُ : أتُنكِرُ من هذا شيئًا ؟ أظلَمَكَ كَتَبتي الحافظونَ ؟ يقولُ : لا يا ربِّ . فيقولُ : أفَلَكَ عُذرٌ ؟ فيقولُ : لا يا ربِّ ، فيقولُ : بلى إنَّ لكَ عندنا حسنةً وإنِّه لا ظلمَ عليكَ اليومَ ، فيُخرِجُ بِطاقةً فيها أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه ، فيقولُ : احضُرْ وزنَكَ ، فيقولُ : يا ربِّ ما هذهِ البِطاقةُ معَ هذه السِّجِلَّاتِ ؟ فقال فإنك لا تُظلَمُ . قال : فتوضعُ السِّجِلَّاتُ
في كِفَّةٍ والبطاقةُ في كِفَّةٍ فطاشتِ السِّجِلَّاتُ وثقُلتِ البِطاقةُ ، ولا يَثقُلُ معَ اسمِ اللهِ شيءٌ ".
وحديث المرأة التي سقت الكلب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " بينما كلبٌ يُطِيفُ برَكيَّةٍ ، كاد يقتُلُه العطشُ ، إذ رأَتْه بغيٌّ من بغايا بني إسرائيلَ ، فنزَعَت مُوقَها ، فسَقَتْه فغُفِر لها به ".(البخاري ومسلم)
وحديث الرجل الذي أماط الأذى عن الطريق، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ، وجَد غُصنَ شَوكٍ على الطريقِ فأخَّرَه، فشَكَر اللهُ له فغَفَر له ".( البخاري ومسلم)
وكما قال ابن القيّم- رحمه اللّه تعالى-:« العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملا ينقله ولا ينفعه» " وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : مَثَلُ مَنْ يَعْمَلُ رِيَاءً وَسُمْعَةً كَمَثَلِ مَنْ مَلَأَ كِيسَهُ حَصًى ثُمَّ دَخَلَ السُّوقَ لِيَشْتَرِيَ بِهِ ، فَإِذَا فَتَحَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْبَائِعِ افْتَضَحَ ، وَضَرَبَ بِهِ وَجْهَهُ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِهِ مَنْفَعَةٌ سِوَى قَوْلِ النَّاسِ : مَا أَمْلَأَ كِيسَهُ وَلَا يُعْطَى بِهِ شَيْئًا ، فَكَذَلِكَ مَنْ عَمِلَ لِلرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي عَمَلِهِ سِوَى مَقَالَةِ النَّاسِ وَلَا ثَوَابَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ . قَالَ تَعَالَى :{ وَقَدِمْنَا إلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا } أَيْ الْأَعْمَالُ الَّتِي قُصِدَ بِهَا غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى يَبْطُلُ ثَوَابُهَا صَارَتْ كَالْهَبَاءِ الْمَنْثُورِ ، وَهُوَ الْغُبَارُ الَّذِي يُرَى فِي شُعَاعِ الشَّمْسِ."
واضاف الدكتور محمد السيد ابوهاشم امام وخطيب مسجد السيدة زينب قائلا:
إن الذي يرائي بعمله أمام الناس قد أخذ حظه وجزاؤه في الدنيا؛ لأنه فعل ذلك من أجل تحقيق منفعة وغرضٍ دنيوي فليس له جزاءٌ عند الله؛ فعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ. قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الرِّيَاءُ. يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ: اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً؟!"[
فليذهبوا إليهم وليأخذوا جزاءهم منهم!! وفي الحقيقة لا هؤلاء ولا هؤلاء يملكون من الجزاء شيئاً!! لذلك قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث القدسي: "قال الله -عزّ وجلّ-: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركتُه وشركَه". (رواه مسلم.)
عباد الله وحتى لا تقعوا في حبال وشباك الرياء أذكر لكم علامات المرائي لتكونوا على حذرٍ منها ولتجتنبوها؛" قَالَ عَلِيٌّ : لِلْمُرَائِي ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ: يَكْسَلُ إذَا كَانَ وَحْدَهُ، وَيَنْشَطُ إذَا كَانَ فِي النَّاسِ، وَيَزِيدُ فِي الْعَمَلِ إذَا أُثْنِيَ عَلَيْهِ وَيَنْقُصُ إذَا ذُمَّ."(إحياء علوم الدين)
كم من أناسٍ ينافقون وينشطون في عملهم أمام رؤسائهم ومديريهم؛ وفي غيابهم حدث ولا حرج وكفى بالواقع دليلا!!! ؛ كم من رجل يحسن صلاته وعبادته أمام الناس فإذا انفرد لا يقيم أركانها وواجباتها!! وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم بذلك؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : " خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ ، فَقَالَ : أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ؟ قَالَ : قُلْنَا : بَلَى ، فَقَالَ : الشِّرْكُ الْخَفِيُّ ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي ، فَيُزَيِّنُ صَلاَتَهُ ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ)
إن البهائم حركاتها واحدة في حضورك وغيابك؛ بخلاف الإنسان ينشط في العمل والعبادة حين يراه الآخرون ويكسل إذا انفرد مع نفسه!
أيها المسلمون: إن الشرك الأصغر ( الرياء ) أخفى من دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء؛ أي نملة سوداء في ليلة ظلماء، على صخرة سمراء تمشي، هل تراها أو تسمع لمشيها صوتا؟!! فكذلك الشرك الأصغر قد تقع فيه وأنت لا تشعر!!
ولكن السؤال هنا: كيف أتقيه وأنا لا أراه أو أشعر به؟!
والجواب عند حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ فعن أبي موسى الأشعريّ قالَ: خطبَنا صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ذاتَ يومٍ فقالَ : " يا أيُّها النَّاسُ اتَّقوا هذا الشِّركَ ، فإنَّهُ أخفَى من دَبيبِ النَّملِ!! فقالَ لَهُ من شاءَ اللَّهُ أن يقولَ : وكيفَ نتَّقيهِ وَهوَ أخفَى من دبيبِ النَّملِ يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: قولوا اللَّهمَّ إنَّا نعوذُ بِكَ من أن نُشْرِكَ بِكَ شيئًا نعلمُهُ، ونستَغفرُكَ لما لا نعلمُهُ"[


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.