التفاف على توصيات الأمم المتحدة .. السيسي يصدّق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا 22 عملية أمنية ضد "داعش" طوال الشهر الماضي    إعلام: زيلينسكي وأجهزة مكافحة الفساد الأوكرانية على شفا الحرب    أبوريدة: متفائل بمنتخب مصر فى أمم أفريقيا والوقت لا يسمح بوديات بعد نيجيريا    نقابة الموسيقيين تنفى إقامة عزاء للمطرب الراحل إسماعيل الليثى    غضب واسع بعد إعلان فرقة إسرائيلية إقامة حفلات لأم كلثوم.. والأسرة تتحرك قانونيا    وزير الإسكان: بدء التسجيل عبر منصة "مصر العقارية" لطرح 25 ألف وحدة سكنية    فرصة مميزة للمعلمين 2025.. التقديم الآن علي اعتماد المراكز التدريبية لدى الأكاديمية المهنية    المستشار بنداري: أشكر وسائل الإعلام على صدق تغطية انتخابات نواب 2025    واشنطن تدعو لتحرك دولي عاجل لوقف إمدادات السلاح لقوات الدعم السريع    الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة اقتحامات وعمليات نسف في الضفة الغربية وقطاع غزة    عماد الدين حسين: إقبال كبير في دوائر المرشحين البارزين    الإنتاج الحربي يلتقي أسوان في الجولة ال 12 بدوري المحترفين    بتروجت: اتفاق ثلاثي مع الزمالك وحمدان لانتقاله في يناير ولكن.. وحقيقة عرض الأهلي    انطلاق معسكر فيفا لحكام الدوري الممتاز بمشروع الهدف 15 نوفمبر    سحب منخفضة ومتوسطة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025    أمطار تضرب الإسكندرية بالتزامن مع بدء نوة المكنسة (صور)    انفجار ضخم يهز منطقة كاجيتهانة في إسطنبول التركية    قرارات جديدة بشأن مصرع وإصابة 7 في حادث منشأة القناطر    مرور الإسكندرية يواصل حملاته لضبط المخالفات بجميع أنحاء المحافظة    قفزة في سعر الذهب اليوم.. وعيار 21 الآن في السودان ببداية تعاملات الخميس 13 نوفمبر 2025    وزير المالية السابق: 2026 سيكون عام شعور المواطن باستقرار الأسعار والانخفاض التدريجي    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    بالصور.. علي العربي يتألق على السجادة الحمراء لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي    خالد النبوي.. فنان يروي الحكاية بصدق الإبداع ودفء الإنسان    الولايات المتحدة تنهي رسميا سك عملة السنت بعد أكثر من قرنين من التداول    يقضي على ذاكرتك.. أهم أضرار استخدام الشاشات لفترات طويلة    عقار تجريبي جديد من نوفارتيس يُظهر فعالية واعدة ضد الملاريا    طريقة عمل فتة الحمص بالزبادي والثوم، أكلة شامية سهلة وسريعة    أسعار السمك البلطي والكابوريا والجمبري بالأسواق اليوم الخميس 13 نوفمبر 3035    ممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي: مصر لا تحتاج لتحريك سعر الوقود لمدة عام    إذا قالت صدقت.. كيف تتمسك مصر بملفات أمنها القومي وحماية استقرار المنطقة؟.. من سرت والجفرة خط أحمر إلى إفشال محاولات تفكيك السودان وتهجير أهالي غزة .. دور القاهرة حاسم في ضبط التوازنات الإقليمية    تعرف على ملاعب يورو 2028 بعد إعلان اللجنة المنظمة رسميا    ترامب يحمل «جين تاتشر» وكيندي استخدم مرتبة صلبة.. عادات نوم غريبة لرؤساء أمريكا    التصريح بدفن جثمان الزوجة المقتولة على يد زوجها فى المنوفية    حادث مرورى بنفق قناة السويس بالإسكندرية وعودة الحركة المرورية    حيثيات حبس البلوجر «سوزي الأردنية»: «الحرية لا تعني الانفلات»    إسرائيل تُفرج عن 4 أسرى فلسطينيين من غزة بعد عامين    دوامٌ مسائي لرؤساء القرى بالوادي الجديد لتسريع إنجاز معاملات المواطنين    "حقوق المنصورة "تنظم يومًا بيئيًا للابتكار الطلابي والتوعية بمفاهيم الاستدامة وترشيد الاستهلاك    محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية الجديد سيقضي على مشكلة «تشابه الأسماء»    النيابة العامة تخصص جزء من رسوم خدماتها الرقمية لصالح مستشفى سرطان الأطفال    «ده مش سوبر مان».. مجدي عبد الغني: زيزو لا يستحق مليون دولار    ليلى علوي: مهرجان القاهرة السينمائي يحتل مكانة كبيرة في حياتي    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    تأكيد لليوم السابع.. اتحاد الكرة يعلن حرية انتقال اللاعبين الهواة بدون قيود    «يتميز بالانضباط التكتيكي».. نجم الأهلي السابق يتغنى ب طاهر محمد طاهر    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    شريف عامر: قانون الإجراءات الجنائية الجديد أحد أهم القوانين على مستوى العالم    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    محافظ أسيوط يحضر برنامج تدريب الأخصائيين على التعامل مع التنمر    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فضل الصدقة
نشر في الوفد يوم 09 - 06 - 2021

لقد حث الإسلام على بذل الصدقات والإنفاق في سبيل الله عز وجل؛ ورغب في ذلك بضروب وأمثلة كثيرة من الكتاب والسنة؛ قال تعالى: { مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }(البقرة: 261). قال ابن كثير:" هذا مثل ضربه الله تعالى لتضعيف الثواب لمن أنفق في سبيله وابتغاء مرضاته، وأن الحسنة تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وهذا المثل أبلغ في النفوس، من ذكر عدد السبعمائة، فإن هذا فيه إشارة إلى أن الأعمال الصالحة ينميها الله عز وجل، لأصحابها، كما ينمي الزرع لمن بذره في الأرض الطيبة."
بهذا بدأالدكتور ابراهيم البيومى امام وخطيب مسجد السيدة زينبحديثه حول فضل الصدقة وأضاف قائلا:وقال الله تعالي في كتابه الكريم{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ}.
وترغيباً في الإنفاق أخبر الله سبحانه المنفقين بأن نفقتهم يخلفها عليهم فقال: { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ }.(سبأ: 39)" أي: مهما أنفقتم من شيء فيما أمركم به وأباحه لكم، فهو يخلفه عليكم في الدنيا بالبدل، وفي الآخرة بالجزاء والثواب. " ( تفسير ابن كثير ) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قال الله تعالى: يا ابن آدم أَنفقْ أُنفقْ عليك."(متفق عليه). فهذا وعد من الله بالإنفاق على من أنفق في سبيل الله، والله تبارك وتعالى لا يخلف وعده.
واعلموا أن ربكم يتجر لكم في الصدقة التي تخرجونها وينميها لكم. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّبُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ." (متفق عليه )."
وقوله صلى الله عليه وسلم فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه؛ يريد أن الله عز وجل ينمي الصدقة بتضعيف أجرها كما ينمي الإنسان الفلو وهو أنثى ولد الخيل من ذكور الحمر ؛ أو فصيله وهو ولد الناقة ؛ لأن هذا مما جرت عادة الناس بتنميته بالتربية ورجاء زيادته.".
إن الصدقة التي تخرجونها تجدونها وافية عند الله؛ ومن أوفى بعهده من الله ؟! قال تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا}(المزمل: 20) ؛ فعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ، فَقَالَ: هَذِه فِي سَبِيلِ الله، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لَكَ بِهَا يَوْمَ القِيَامَةِ سَبْعُمِائَةِ نَاقَةٍ، كُلّهَا مَخْطُومَةٌ».
وعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنهم ذَبَحُوا شَاة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:" مَا بَقِي مِنْهَا؟ قَالَت: مَا بَقِي مِنْهَا إِلَّا كتفها. قَالَ: بَقِي كلهَا غير كتفها." (أحمد والترمذي وصححه ). "أي: ما تصدقت به فهو باق . وما بقي عندك فهو غير باق ، إشارة إلى قوله تعالى: { مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ } (النحل: 96 )."
وَعَن عدي بن حَاتِم رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:" مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا سيكلمه الله لَيْسَ بَينه وَبَينه ترجمان؛ فَينْظر أَيمن مِنْهُ فَلَا يرى إِلَّا مَا قدم؛ فَينْظر أشأم مِنْهُ فَلَا يرى إِلَّا مَا قدم؛ فَينْظر بَين يَدَيْهِ فَلَا يرى إِلَّا النَّار تِلْقَاء وَجهه؛ فَاتَّقُوا النَّار وَلَو بشق تَمْرَة ." ( متفق عليه ).
قال ابن حجر :" فيه الحث على الصدقة ؛ وفيه دليل على قبول الصدقة ولو قلت ، وقد قيدت في الحديث بالكسب
الطيب ؛ وفيه دليل على قرب النار من أهل الموقف." ( فتح الباري ) .
إن كثيرًا من الناس يظن أن الصدقة تنقص المال؛ وهذا نبيكم صلى الله عليه وسلم لا يقسم على شئ فهو صادق مصدق؛ ومع ذلك جاء عند هذا الحديث فأقسم تأكيدًا ؛ فعَن أبي كبشةَ الأنماريِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " ثَلَاثٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ. فَأَمَّا الَّذِي أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ: فَإِنَّهُ مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ ؛ وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلِمَةً صَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ بِهَا عِزًّا ؛ وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ .".
قال النووي رحمه الله في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مال» : " ذكروا فيه وجهين: أحدهما: معناه أنه يبارك فيه ويدفع عنه المضرّات، فينجبر نقص الصورة بالبركة الخفيّة، و هذا مدرك بالحسّ والعادة، والثاني: أنه وإن نقصت صورته، كان في الثواب المرتّب عليه جبر لنقصه، وزيادة إلى أضعاف كثيرة."
وهكذا حث الإسلام على الصدقة والإنفاق في سبيل الله تعالى كما جاء في القرآن والسنة .
وأوضح الدكتور ابراهيم البيومى امام وخطيب مسجد السيدة زينب انه من الصدقة أن هناك صور وأنواع للصدقات الكثير منا – وخاصة الفقراء - يعتقد أن الصدقة قاصرة على الإنفاق المادي ؛ ولكن مفهوم الصدقة أوسع وأعم وأشمل من ذلك ؛ فهناك صور وأنواع كثيرة للصدقات منها :
كف الأذى عن الناس: فعَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ؟ قَالَ: « تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ ». (متفق عليه) .
وصنائع المعروف المتعددة: وقد جمعها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله:" كُلُّ سُلَامَى مِنْ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ قَالَ: تَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ؛ وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ؛ قَالَ: وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ؛ وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ "(مسلم) . وعَنْ أَبِي ذَرٍّ الغفاري رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ لَكَ، وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلَالَةِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ». (صحيح ابن حبان).
ومن الصدقات المعاشرة الزوجية: فالإسلام يعد المعاشرة الزوجية صدقة؛ مع أن فيها مآرب أخرى للزوجين يقول صلى الله عليه وسلم: "وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟! قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟! فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ"(مسلم)، قال النووي: "في هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات، فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله تعالى به، أو طلب ولد صالح، أو إعفاف نفسه أو إعفاف الزوجة
ومنعهما جميعًا من النظر إلى حرام، أو الفكر فيه، أو الهم به، أو غير ذلك من المقاصد الصالحة."
ومنهاايضا التسبيح والتهليل والتكبير: فعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ؛ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ؛ وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ؛ وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ؛ وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ؛ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ؛ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ؛ وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى."(مسلم)
ومنها: ما أكله الطير والدواب: فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا؛ أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا؛ فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ؛ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ".(متفق عليه).
ومنها: الإنفاق على النفس والأهل والولد: فعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إِذَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُ نَفَقَةً عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً " . ( متفق عليه ) . وعَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" ما أَطعَمْتَ نفْسَك فهو لك صدَقةٌ، وما أَطعَمْتَ ولَدَك فهو لك صدَقةٌ، وما أَطعَمْتَ زَوْجتَك فهو لك صدَقةٌ، وما أَطعَمْتَ خادِمَك فهو لك صدَقةٌ. ( أحمد والنسائي) .
وعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ؛ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ؛ وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " . ( مسلم ) .
ومنها: القرض الحسن: فلو أقرضت شخصًا ما مرتين ؛ فكأنك تصدقت بهذا المال مرة ؛ فعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ قَالَ :" مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا قَرْضًا مَرَّتَيْنِ إِلاَّ كَانَ كَصَدَقَتِهَا مَرَّةً " .( ابن ماجة وابن حبان والبيهقي ) . ولذا قال ابن مسعود: لأن أقرض مرتين أحب إليَّ من أن أتصدق به مرة .
وبعد؛ فتلك أبواب الصدقات ومنافذ القربات، مُوفَّقٌ من تلمَّسَها، ومغبونٌ مَن حُرِمها، وفائزٌ مَن أحسن النية فيها، فهنيئًا لمن تصدق بماله وبفعاله، وبنواياه وبأقواله، فملأ صحائفه بالصدقات، والمرء في ظل صدقته يوم القيامة.
فينبغي على العبد أن يسارع إلى التصدق حال صحته وعافيته؛ فإنها أفضل الصدقة, فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فَقال : يَا رَسُولَ الله ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا ؟ قَالَ :" أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ ، تَخْشَى الْفَقْرَ ، وَتَأْمُلُ الْبَقَاءَ ، وَلاَ تَمَهَّلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ، قُلْتَ : لِفُلاَنٍ كَذَا ، وَلِفُلاَنٍ كَذَا ، وَقَدْ كَانَ لِفُلاَنٍ." ( متفق عليه ).
فسارعوا إلى فعل الخيرات والصدقات ؛ ولا يستحقر أحدكم ما ينفقه حتى لو كان درهمًا ( جنيهًا واحدًا ) فرب درهم سبق مائة ألف درهم؛ فعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:" سبق دِرْهَم مائَة ألف دِرْهَم. فَقَالَ رجل: وَكَيف ذَاك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: رجل لَهُ مَال كثير أَخذ من عرضه مائَة ألف دِرْهَم تصدق بهَا؛ وَرجل لَيْسَ لَهُ إِلَّا دِرْهَمَانِ فَأخذ أَحدهمَا فَتصدق بِهِ." (النسائي وابن حبان والحاكم وصححه).
قال اليافعي :" فإذا أخرج رجل من ماله مائة ألف وتصدق بها وأخرج آخر درهما واحدا من درهمين لا يملك غيرهما طيبة بها نفسه صار صاحب الدرهم الواحد أفضل من صاحب مائة ألف درهم . وقال في المطامح : فيه دليل على أن الصدقة من القليل أنفع وأفضل منها من الكثير : { ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} ؛ والدرجات تتباين بحسب تباين المقاصد والأحوال والأعمال". (فيض القدير للمناوي).
فعليكم بالزكوات والصدقات؛ ولا سيما في ظل ظروف الوباء والبلاء؛ فأفضل الصدقة أن تفرج بها كرب صاحب البلاء والشدة؛ وبادروا قبل أن يأتيكم الأجل وأنتم لا تشعرون؛ وقتها يتمني أحدكم الرجوع ليتصدق؛ ولكن هيهات هيهات!! {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} (المنافقون: 10)؛ فالميت تمنى الرجوع قائلًا: فأصَّدَّق؛ ولم يقل لأصلي أو لأصوم أو غير ذلك!! قال أهل العلم: ما ذكر الميت الصدقة إلا لعظيم ما رأى من فضل ثوابها وأثرها بعد موته؛ ولذلك قال عمر بن الخطّاب:« إنّ الأعمال تباهت، فقالت الصّدقة أنا أفضلكنّ ». (إحياء علوم الدين) .
فهيا قبل فوات الأوان؛ قبل أن تندموا ولا ينفع الندم !!
نسأل الله أن يصبَّ علينا الخير صبًّا ؛ وأن لا يجعل عيشنا كدًّا ؛؛؛؛


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.