وزير العمل يلتقى نظيره السويسري لتعزيز التعاون في الملفات المشتركة    خبراء عسكريون: الجمهورية الجديدة حاربت الإرهاب فكريًا وعسكريًا ونجحت فى مشروعات التنمية الشاملة    أسعار اللحوم اليوم الجمعة 7 يونيو 2024 في أسواق الأقصر    وزير التنمية المحلية: تنفيذ 5130 مشروعا في سوهاج وقنا لتحسين البنية التحتية والخدمات    الإسكان: تم وجارٍ تنفيذ 11 مشروعًا لمياه الشرب وصرف صحى الحضر لخدمة أهالى محافظة مطروح    أسعار الأسماك اليوم 7 يونيو بسوق العبور    ارتفاع حجم التجارة الخارجية للصين بواقع 6.3% في أول 5 أشهر من 2024    وزير النقل يبحث التعاون المشترك مع نظرائه في الإمارات وروسيا والصين    الزراعة الاكتفاء الذاتى وتقليل فاتورة الاستيراد    15 شهيدا في قصف إسرائيلي استهدف وسط غزة    البرهان: الجيش السوداني مستمر في معركته ضد الميليشيات المتمردة    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    خطأ فادح ل«ميلر» بشأن استهداف مدرسة في غزة.. و«الخارجية الأمريكية» توضح    اليمين المتطرف.. يجتاح أوروبا    الزمالك يواجه البنك الأهلي وديا استعدادا ل سيراميكا كليوباترا بدوري نايل    جيل رياضى قادر على تحقيق طموحات الجمهورية الجديدة    الأرصاد: الموجة شديدة الحرارة مستمرة الأسبوع المقبل باستثناء يومين    العثور على جثة شاب مذبوح وملقى في بحر الحجايزة بالدقهلية    «الغرف السياحية»: انطلاق رحلات الحج السياحي 5 نجوم اليوم.. ولا مبيت في منى    من هو أحمد سعد وما عدد زيجاته    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    مرسى جميل عزيز l ملك الحروف .. و موسيقار الكلمات    في ذكرى ميلاد محمود مرسي.. قصة حب «فيلسوف الفن» وسيدة المسرح    «أفضل أعمال العشر الأول من ذي الحجة» موضوع خطبة الجمعة بمساجد شمال سيناء    «الرقابة الصحية»: 3 ملايين مريض يموتون سنويًا بالدول منخفضة الدخل بسبب «غياب الجودة»    ماكرون: الوقت ليس مناسبا للاعتراف بدولة فلسطين    منتخب السودان يتصدر مجموعة تصفيات كأس العالم على حساب السنغال    الأخضر بكامِ ؟.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري في تعاملات اليوم الجمعة 7 يونيو 2024    هل يشترط صيام العشر من ذي الحجة أم يكفي يومان.. دار الإفتاء توضح    عبر الموقع الرسمي.. نتيجة الصف الثالث الإعدادي برقم الجلوس 2024 (رابط مباشر)    تفشي سلالة من إنفلونزا الطيور في مزرعة دواجن خامسة بأستراليا    السيطرة على حريق شب في محل حلويات بحلوان    دعاء أولى ليالي العشر من ذي الحجة.. اللهم اغفر لي ولوالدي    افتتاح المهرجان الختامي لفرق الأقاليم ال46 بمسرح السامر بالعجوزة غدًا    مفاجأة.. دولة عربية تعلن إجازة عيد الأضحى يومين فقط    سياسية ألمانية تعتبر السماح بضرب أهداف روسية بأسلحة بلدها ضرباً من الجنون    سيد معوض: هناك لاعبين لعبوا المباراة بقوة وبعد نصف ساعة كانوا بعيدين تمامًا    الأوقاف تفتتح 25 مساجد.. اليوم الجمعة    رغم الفوز.. نبيل الحلفاوي ينتقد مبارة مصر وبوركينا فاسو .. ماذا قال؟    الصيادلة: الدواء المصري حتى بعد الزيادة الأرخص في العالم    موعد مباراة كوت ديفوار والجابون في تصفيات إفريقيا المؤهلة لكأس العالم    بعد جدل أفشة.. تركي آل شيخ يعلن عن مفاجأة في برنامج إبراهيم فايق    حالة يعفى فيها الموظف من مجازاته تأديبًا في قانون الخدمة المدنية    نصائح هامة للطلاب قبل الثانوية العامة "تعرف عليهم"    ما قانونية المكالمات الهاتفية لشركات التسويق العقاري؟ خبير يجيب (فيديو)    تحرير 30 مخالفة في حملات لتموين الأقصر للتأكد من التزام أصحاب المخابز والتجار    إنفوجراف لكلمة مصر نيابة عن «المجموعة العربية» في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    ساتر لجميع جسدها.. الإفتاء توضح الزي الشرعي للمرأة أثناء الحج    أمين الفتوى: إعداد الزوجة للطعام فضل منها وليس واجبا    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    خالد جلال ينعي المخرج محمد لبيب مدير دار عرض مسرح الطليعة    «صلاة الجمعة».. مواقيت الصلاة اليوم في محافظات مصر    في عيد تأسيسها الأول.. الأنبا مرقس يكرس إيبارشية القوصية لقلب يسوع الأقدس    غانا تعاقب مالي في الوقت القاتل بتصفيات كأس العالم 2026    حظ عاثر للأهلي.. إصابة ثنائي دولي في ساعات    حسين حمودة بعد حصوله على جائزة الدولة في الأدب: "حاسس إن في حاجة أقدر أقدمها لبنتي"    بمكون سحري وفي دقيقة واحدة .. طريقة تنظيف الممبار استعدادًا ل عيد الأضحى    نجاح أول تجربة لعلاج جيني يعمل على إعادة السمع للأطفال.. النتائج مبشرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تراجع خطوة للخلف وتقدم «الإخوان» للأمام
الشاعر سيد حجاب : الجيش لم يترك السلطة
نشر في الوفد يوم 08 - 02 - 2013

قادني لغرفة مكتبه فوجدت عوداً وقناعاً وصورة لحسن نصر الله ومكتبة عامرة بالكتب واريكة إلى جوار مكتب مريح.. قلت لعله هنا ينعم بالهدوء ويهطل عليه الشعر كما تهطل الأمطار على الأرض
فتنبت الورود والقمح، لكن كان الحديث في الخارج يصل لمسامعي حول الدولار الذي يشتعل فتشتعل معه بيوت الفقراء، إذ كلما زاد قرشاً ارتدت أحلامهم خطوة للخلف.. كان مشغولاً بصب فنجان قهوة لي.. «اعذرني يمكن ملهاش وش».. قلت لنفسي: «تشبه مصر التي لم يعد لها وش».. كان من المفترض ان يكون حواري مع الرجل، الذي يمتلك زمام الفصحى باقتداركما يمتلك زمام العامية التي يغزل عليها معظم اشعاره منذ ستينيات القرن الماضي، حول مصر التي كتب عن جوها وناسها وعن الأمن الذي حل ضيفاً على المصريين عقوداً لكنه غادر منذ عامين.. حدثت نفسي هل أبدأ معه الكلام عن ذلك القناع المعلق على الحائط أم بالعود الموضوع جانباً أم بصورة زعيم حزب الله التي يزين بها مكتبه بين صور عديدة.. لكن استفزتني تلك البسمة التي لاتغادر وجهه.. كان قد تم اقتحام فندقين في وسط القاهرة للتو، فقلت بصوت خافت: «على أي شيء يبتسم.. ألا تصله خدمة الرسائل القصيرة عبر هاتفه ليدرك ان البلد بصدد الاشتعال».. ثم تذكرت اغنيته الشهيرة «اصحي يادنيا.. قومي يادنيا.. ورشي علينا كولونيا».. قلت لنفسي: «لعله سمعها قبل مجيئي فانتابته هذه الحالة من الأمل».
قلت له: ايه يا استاذنا، ما كل هذا التفاؤل في زمن يعد التشاؤم بطله بلا منازع؟
- وليه أتشاءم.. احنا ماشيين كويس والثورة تجدد نفسها وتسترد عافيتها والبلد صاحية رغم المؤامرات.
صاحيه فين يا أستاذ.. الدولار اقتحم حاجز السبعة جنيه والناس بتترحم على أيام المخلوع.
- اوعى تقول الكلام دا تاني.. احنا بنسىء للمصريين لما نقول بيترحموا على زمن الديكتاتور.. يابني البلد عارفة طريقها والشباب هيصنعوا المستقبل اللي يليق بيهم وبالبلد.
تركته منهمكاً بالبحث عن علبة سجائره وقلت لنفسي ألم يشاهد التليفزيون هذا الصباح؟ أليس له صفحة على الفيس بوك؟ بلد ايه اللي ماشية.. نظر لي من تحت نظارته وقال:
- مش مصدق؟ بقولك والله ماشية كويس.. ياريت نبطل اليأس.
بأمارة إيه البلد ماشية؟
- بأمارة أن الشباب عارف طريقه ومش بيتفرج ولم ييأس ولما «حس» ان الثورة بتتسرق منه رجع تاني للميادين من أجل أن يستردها.
لكن غالبية الناس يقولون ماذا كسبنا من الميادين غير وقف الحال وتردي الأوضاع واختفاء السياح والمستثمرين.
- نحن نحتاج مجدداً لأن نعيد الكلام الذي قلناه عقب رحيل مبارك الذي ترك سرطاناً ينهش في جسد البلد ولابد من تطهيره.. الإخوان للأسف الشديد هم أيضاً قاموا بما لم ينجح فيه مبارك.. قسموا البلد لنصفين بعد أن ظلت قروناً عصيه على القسمة.
لماذا تتصيد النخبة للرئيس «مرسي»وتعد عليه أنفاسه؟
- ليس هناك من يتصيد للرئيس، هو الذي يقع في الأخطاء الواحد تلو الآخر ويحنث بوعوده وانقلب على مؤسسات الدولة المدنية وكأنه يريد للدولة ان تزول، ولن تسمح له الجماهير بهذا.. ومنذ الانقلاب على الدستور واعتلاء القوات المسلحة للسلطة ونحن نعيش حالة مخالفات دستورية متتابعة لدسترة هذه الأخطاء الدستورية التي تتالت بعد إزاحة المجلس عن السلطة، وأظن ان المعارضة تلعب حتى الآن دور رد الفعل ولا تمارس الفعل، ويجب ان ندرك أن المسئولية تقع على من يتولى السلطة لاعلى المعارضة.
ولكن التيارات الإسلامية ليست تيارا واحدا، ومن بين ما يشير لذلك هو التقارب بين حزب النور وجبهة الإنقاذ.. فهل يعول على السلفيين ان يكونوا اكثر مرونة من الإخوان؟
- أرجو ألا يكون هذا الاقتراب بين النور والجبهة مناورة دبرها الإخوان واعتقد ان خريطة التحالفات بين القوى سوف تتغير كثيراً خلال المرحلة القريبة القادمة بين كل التنظيمات الموجودة وحتى القوى داخل السلطة.
لماذا ظل اليسار خاملاً رغم التحولات الكبرى التي تعيشها الأمة؟
- أتصور أن اليسار في العالم كله يجدد نفسه بعد انكساره خلال تصفية ما يسمى بالمعسكر الاشتراكي، وأتوقع ان تعود الاشتراكية من جديد تحت اسم يناسب القرن الواحد والعشرين وهو اسم العدالة الاجتماعية، وأظن ان أفكار العدالة الاجتماعية تملأ قلوب النخب الشابة الوليدة وهي التي ستستكمل مهام هذه الثورة.. فاليسار القديم وآلياته انتهت ونحن الآن نعيش ثورة أظنها تكتب تاريخاً للانسانية.. هذه الثورة التي انفجرت في 25 يناير.. ثورة تفتح الباب الجديد لنوع من الثورات متجاوزة للأيديولجيات في اتجاه الحرية والعدالة الاجتماعية.
لماذا ننسى أن الرئيس «مرسي» حقق للأمة حلماً بعيد المنال حينما أبعد العسكر عن المشهد السياسي؟
- هذا ليس صحيحاً.. مازال العسكر في السلطة.. وكل ماحدث أنه في المرحلة الانتقالية الأولى كان العسكر هم في صدارة المشهد وفي خلفه يأتي الإخوان.. الآن تغيرت الصورة إذ يأتي الإخوان في صدارة المشهد ومن خلفهم قيادة الجيش أو قيادة العسكر لكن العسكر مازالوا في السلطة ولم يتركوها والدستور الزائف الذي أقروه مازال يقر للعسكر حق محاكمة المدنيين ومازال يقر للعسكر بموقعهم المتميز في الدولة المصرية.
لكن البعض يرى أن وزير الدفاع ابن بار للإخوان أو قريب الصلة بهم؟
- أظن أن الجيش المصري بشكل عام أكبر من أي قيادة تتولاه وهو مكون بحكم طبيعته من أغلبية عظمى من مجنديه من أبناء الشعب بمختلف طبقاته ماعدا الشرائح العليا منه، وفي هيكله صف الضباط من أبناء الريف والمدن، وقياداته الوسطى من ابناء الطبقة المتوسطة وأغنياء الريف، وبذلك يصبح هذا الجيش هو النواة الصلبة للوحدة الوطنية المصرية، أما القيادات فيمكن جرها هنا أو هناك أو يمكن السيطرة أو يمكن إلحاقها كما هي الآن بالمعسكر المعادي للشعوب في المنطقة.. اقول في النهاية ان الجيش المصري أكبر من قياداته ولا يمكن أن تجره هذه القيادات لمعارك ضد الشعب المصري.
البعض نادي مؤخراً بعودة الجيش إلى الشوارع من بينهم البرادعي وسعد الدين ابراهيم ألا يعد ذلك تناقضاً وخيانة للأمة وثورتها؟
- الجيش لم يبرح السلطة بعد، كل ماهنالك أنه تراجع خطوة للوراء وتقدم الإخوان خطوة للأمام.. الجيش بقياداته مازال في السلطة للآن، والمعركة بين الإخوان الذين يسعون للتمكين وبين الشعب المصري أظن ان الغلبة فيها ستكون للقوى الشعبية الوطنية لكنها معركة لا يمكن حسمها إلا بأن تميل الكفة نحوهم أو تحييد قيادات السلطة.. أظن ان التخلص من سطوة الجيش على السياسة هي معركة طويلة جداً ستأخذ بعض الوقت حتى يخرج الجيش من المشهد، لكن مسألة أن يعود الجيش للسلطة كما حدث قبل ستين عاماً فذلك ضرب من ضروب المستحيل مع هذا الشعب الذي تغير وأصبح يسير في اتجاه الحرية والعدالة الاجتماعية.
ألا ترى أن هناك بعض الأكاذيب التي تشاع ضد التيار الاسلامي؟
- أظن أننا نشهد الآن نهايات التنظيمات الفاشية التي تتسربل برداء الإسلام، وقد بدأت في سنة 1828 متمثلة بخطى حركات القوى والتنظيمات الفاشية التي كانت آنذاك، حيث كانت خارجة من عباءة الخلافة العثمانية ومازالت تحلم باستعادة هذه الخلافة، وأظن أننا في نهاية سقوط هذا الوهم التاريخي الذي وصل لحد الإفلاس.. نحن الآن نعيش في ظل ثورة ستكنس كل من سعى لاستعادة الماضي لأنه لا حل لمشكلات الوطن إلا بالتطلع للأمام لا بالعودة للخلف.
بماذا تعول على تحقيق تلك الأهداف وكنس الماضي؟
- الضمانة الوحيدة لنجاح الثورة أن الشعب المصري لم يعد كما كان، فللمرة الأولى في تاريخ مصر يطرح الشعب فكرة انه صاحب هذا الوطن، فقد تعودنا دائماً أننا مجرد رعايا.. الآن وصلت نخبة جديدة على الساحة عصية على التطويع وهي نخبة تفهم العصر جيداً وتطرح الحلول لمشكلاتنا لنتقدم للعصر الحديث وهي تستعمل ارقى ادوات الثورة المعلوماتية في وقت تتراجع فيه الرأسمالية على مستوى العالم ..الآن الظرف مناسب تماماً لأن نحقق اهدافنا.
ألا تخشى من مولد بعض التنظيمات التي تتخذ من العنف وسيلة للتغيير؟
- لا أظن أن تلك التنظيمات ومنها البلاك بلوك تسعى للعنف ولكني أعتقد أن أهل الحكم يستخدمونها كشماعة لتبرير تعاملهم معها والنجاة بأخطائهم وأعتقد ان السبب الحقيقي للاحتقان ولتفجر الأوضاع وبعض الميل للعنف عند الشباب هو انسداد الأفق أمامهم بسبب الأفعال التعسفية التي تمارسها السلطة.. والبلاك بلوك وغيرهم من الشباب الذين يفكرون في العنف هم نتيجة طبيعية لتلك المخالفات الدستورية ومحاولات التمكين والتسلط التي نراها على الساحة الآن.
وهل يعجبك ما وصلت إليه الثورة؟
- الثورة الآن تجدد نفسها وتعيد تصحيح مسارها كما قلت لك ولاخوف عليها، بل كل الخوف يكمن في ان نستكين لما يدبر له الرئيس وجماعته.
تصحح الثورة مسارها بالبلاك بلوك؟
- كثير مما ينشر عن هؤلاء الشباب لا أساس له من الصحة ولم يضبط أعضاء ذلك الفريق في أعمال عنف بل على العكس لقد حموا المنشآت من البلطجية الذين خرجوا من كل حدب وصوب.
نظرت للقناع المعلق بالقرب منه وسألته: هل أنت متعاطف مع البلاك بلوك ؟
- أنا متعاطف مع كل من يرفض التسلط وكل من يحاول أن يفرض على الشعوب هيمنته.
وما حكاية هذا القناع الذي تحتفظ به؟
- هذا قناع أفريقي لا علاقة له بالبلاك بلوك وموجود عندي منذ فترة.
قيادات البلاك بلوك أعلنت أنها ستدمر 65 منشأة للإسلاميين؟
- من أدراك أنهم هم الذين أعلنوا؟
شريف الصيرفي وهو اهم قيادتهم وآخرون روجوا لذلك؟
- أظن وراء تلك الأقنعة لا نعرف من يختفي.. ربما يختفي بعض الفاشيست المنتمين للإخوان المسلمين ويستخدمون تلك الأقنعة كما حدث أمام مكتب النائب العام، فمسألة أن هناك تنظيماً مسلحاً لا أصدقها بل أعتقد أنها فزاعة جديدة يخلقها النظام لصرف الأنظار عن شراسته وإلصاق التهمة بغيره.. أعتقد أن المسئول الحقيقي عن العنف الذي طغى على الساحة هو النظام ومأجورو هذا النظام.
ما الشعور الذي انتابك حينما سمعت بالبلاك بلوك.. هل شككت في أن الأمر لا يعدو عن كونه تمثيلية؟
- أعرف أن البلاك بلوك نشأت في المانيا لرفض المنشآت النووية التي يمكن ان تضر بالسكان حولها وهذا هدف نبيل لهذه الجماعة التي لم يعرف عنها أنها مارست العنف حتى الآن وما أطلق عليه هنا بالبلاك بلوك ينتمي لهذه الجماعات ولم يضبط أحد حتى الآن من أعضائها بممارسة عنف.. أظن أن هذه فزاعة وأسطورة يؤسس لها من في السلطة.
إذن هم مجرد وهم لا أساس له من الحقيقة؟
- ممكن أن تكون هناك مجموعة من الشباب قد اقامت ذلك الفصيل لكن حتى الآن كما قلت لك لا يوجد دليل واحد على انهم قاموا بحوادث عنف.
هل ترى ان التيار الإسلامي حصل على فرصته كاملة؟
- أظن أنه استنفد مرات الرسوب لأنه لا يقدم حلولاً حقيقية لمشكلات الواقع المصري، كما انه ليس لديه برنامج حقيقي سواء اقتصادي أو اجتماعي وسياسي للمستقبل، كما انه مارس التآمر على الثورة وقد ألتحق متأخراً بصفوف الثوار وخرج مبكراً بالتآمر مع المجلس العسكري ومع الراعي الدولي والإقليمي، لذا أظن أنه محكوم عليه بالفشل بعد أن استنفد مرات الرسوب في كل المعارك منذ تصدر المشهد الأساسي حتى الآن.
إذن عليه أن يرحل؟
- أظنه سوف يرحل بالضرورة وهذه مسألة متروكه للأيام القليلة القادمة إما أن يخضع مرسي للإرادة الشعبية وإما يعلو سقف الطلبات وتتآكل مشروعية الصناديق التي أخذها خلسة بالتزوير.
الكلام عن المد الوهابي لحكم مرسي يدحضه كراهية النظام السعودي له ولجماعته بدليل رفض دعمه على كافة الأصعدة؟
- وتؤكده في نفس الوقت صورة المرشد الأول للجماعة وهو يقبل يد العاهل السعودي وليس من الضرورة ان يكون مدعوماً بشكل ظاهر من الوهابية السعودية لكنه مدعوم بشكل مؤكد من الوهابية القطرية.
بعض الإسلاميين يقولون إن العداء لهم تجاوز حد العداء للإسلام نفسه؟
- هذا كلام غير منطقي.. هم يتصورون أنهم المعبرون وأصحاب الوكالة عن الفكرة الإسلامية والدين الإسلامي، والشعب المصري عرف الإسلام الوسطي مع الليث بن سعد وظل مع الإمام الشافعي مسلماً وسطياً وهو ليس الآن بحاجة لمن يعلمه أصول دينه.. هؤلاء الجهلة المتخلفون الذين يدعون امتلاك الحقيقة الإسلامية واهمون ومأجورون وكانوا عملاء لمباحث أمن الدولة سابقاً ولن يعلمونا ديننا.
هل المشروع الإسلامي غير قادر على أن يحكم أم أن الخطأ فيمن يتحدثون باسمه؟
- من المؤكد أن الدين الإسلامي يقدم هداية وقيما تهدي البشرية إلى الحق وإلى العدالة والحرية والمساواة، فالإسلام كفكرة وكدين صالح لكل زمان ومكان لكن هذه الفكرة أرسلت للناس كافة لا إلى الإخوان المسلمين فقط.. نحن كبشر جميعاً مستخلفون في الأرض وحسابنا عند الله ولا كهانة في الإسلام.
الرئيس مرسي بزهده وتجرده ألا يستحق نوعاً من التعاطف ؟
- الأوطان لا تدار فقط بالزهد ولكن العدل هو أساس الملك والحق هو الأساس ولم يكن إسلام عمر بن الخطاب خيراً من إسلام عبد الرحمن بن عوف على سبيل المثال، لكن عمر لعدله صار هو الحاكم وعمر بن عبد العزيز صار أحق بحكم الأمة في زمانه بسبب هذا العدل وبالنسبة لزهد الرئيس فهو لنفسه اما عدله او ظلمه فهو للناس.
هل ستغيب عن المشهد أيضاً كل النخب القديمة؟
- النخب القديمة التي تستحق الاستمرار هي التي تتعلم من شباب هذه الأمة وتقبل بالقيادة الفكرية لهؤلاء الشباب.
وماذا تأخذ على اليسار؟
- أقول لك إن المعركة الحقيقية ليست بين يسار ويمين في النخب القديمة.. المعركة بين يسار جديد تمثله هذه النخب الشابة وبين الأدمغة القديمة سواء كانت هذه الأدمغة يمينية أو الماضوية التي تتسربل بلباس الإسلام السياسي أو حتى التقدميين الذين ينتمون لزمن آخر وفكر آخر.. هؤلاء الشباب يطرحون فكراً جديداً لعالم جديد وهم أصحاب القيادة الحقيقية في المراحل القادمة.
هل تتخوف من شبح الحرب الأهلية التي يتحدث عنها البعض؟
- لا أظن ان تلك الحرب تهددنا او ستقع بيننا لأن هناك ضمانة أساسية للوحدة الوطنية المصرية وهي الجيش المصري العظيم الذي لا يقف ضد الشعب مهما كانت القيادة على رأسه، اما الضمانة الأساسية الأخرى فتتمثل في ذلك الشعار العبقري الذي رفعه الشباب العبقري بداية الثورة وما زال قائماً وهو شعار «الوحدة الوطنية والسلمية» وهاتان الضمانتان هما السياج الواقي من أي شواهد لحرب أهلية.
وهل تتخوف من مجاعة مقبلة؟
- وارد جداً ان تسوء الظروف الاقتصادية نتيجة لأخطاء من هم في السلطة أو من هم في المعارضة لكن أعتقد انه سيمنعنا من الانزلاق لذلك الشبح الإسراع بإسقاط هذا النظام الذي هو استمرار للنظام القديم.
هل انت مع إسقاطه بالقوة؟
- عن أية قوة تتحدث؟.. مازال شعار الثورة هو «سلمية.. سلمية» ولن تنجر للصراع بالعنف.
الجيش قد يتدخل لإزاحة حكم الجماعة؟
- الجيش مع الشعب ومنه ولن يتحرك إلا من أجله.
لماذا تتحدث بثقة عن قرب سقوط الرئيس والجماعة؟
- لأنه في المعركة بين الأمس والغد لابد أن ينتصر الغد والتاريخ مهما كانت هناك تعرجات في مساره فهو يتقدم دائماً وهؤلاء الشباب يطرحون فكراً للمستقبل في طريق من يريدون جرنا للماضي وبالتالي هؤلاء الرجعيون لا يملكون لهذا الشعب حلولاً لمشكلاته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لكن الشباب هم من يملكون الحل والرؤية التي لم تعرف مصر مثالاً لها من قبل بهذه الروح العبقرية الاستشهادية وهذه الصلابة والاستنارة الفكرية التي ترى المستقبل.
هناك حالة من اليأس تجاه ثورات الياسمين في مصر وتونس وليبيا فما أسبابها؟
- حين انفجرت تلك الثورات ارتبك المعسكر الاستعماري لفترة ثم حاول الالتفاف حول هذه الثورات وسعى لتحويل هذا الربيع العربي لشتاء إسلامي ليس تعاطفاً مع الاسلام ولكن لإمكانية استخدام هؤلاء المتمسحين بالإسلام ضد مصالح شعوبهم ولا تنس ان المخابرات الأمريكية هي التي صنعت اسطورة أسامة بن لادن وهي التي استخدمته، والمعروف والذي قال به نعوم تشونومسكي إن في مواجهة الثورات الشعبية يتردد الأمريكيون ويساندون الديكتاتور لآخر لحظة ويسعون لإطالة عمره للنهاية ثم حين يتأكدون من أن الموجة سوف تكتسح هذا الديكتاتور يبعثون به لمكان ما ويقولون كلاماً طيباً عن الديمقراطية ثم يبحثون في صفوف نظامه عمن يستطيع ان يمرر سياسة نفس الديكتاتور وقد فعلوا هذا في مصر وبعض البلدان العربية الأخرى وهم يسعون لتسويق هذا النموذج في المنطقة كلها لكن أظن أن المسألة الآن تتجاوز أحلامهم لأن الشعوب اختلفت تماماً عن السابق.
تريد أن تقول انهم صنعوا اسطورة مرسي كما صنعوا أسطورة بن لادن؟
- هم لا يعملون في خدمة الإخوان لكنهم في الأساس يستخدمون الإخوان وأظنهم سوف يتخلون عنهم إذا أثبت الشعب بكثرته الغالبة رفضه لهذا المسار.
هل هم بالفعل يريدون القضاء على الإخوان؟
- هم ليسوا في خصومة مع أحد، هم في خصومة فقط مع من يهدد مصالحهم ومصالح إسرائيل في المنطقة ومن الواضح أن بعضاً من أوراق الاعتماد التي قدمها مرسي ونظامه الإخواني للولايات المتحدة ولإسرائيل عبر هذه التطمينات التي يرسلونها وسلوكهم في غزة إذ أجبروا حماس على التهدئة برغم ان هذه المعركة تأذى منها الإسرائيليون وهم الذين استغاثوا وأغاثهم الإخوان بإيقاف موجة المقاومة في غزة.. المسألة عند الأمريكيين وعند الإسرائيليين والوهابيين والإخوان هي أنهم يلتقون جميعاً حول حماية المصالح الأمريكية في المنطقة وأمن إسرائيل.
تحدثت عن حالة الفرز التي أعقبت الثورة في مجالات السياسة فلماذا لم تنتقل نحو عالم الفن والثقافة؟
- لا طبعاً.. الفنون المصرية تشهد الآن انبعاث موجة جديدة من الإبداع وأظن أن جزءا من عبقرية الثورة أنها فجرت الطاقة الخلابة عند الكثيرين من أبناء هذا الشعب وبدا ذلك واضحا في الميدان في «الجرافيتي» كما بدا واضحاً في المشاهد التمثيلية التي أقيمت في الميدان مثل مشهد صرف العفريت ومجموعة «الفن ميدان» والأغنيات المنتشرة على اليوتيوب وتحمل فكراً جديداً في التأليف والموسيقى وأستطيع التأكيد أننا على مشارف نهضة حقيقية وحين يكتمل إطلاق الحرية ستنطلق تلك الطاقات الخلاقة لذلك الشعب، كما أنه يوجد الآن سينما تسجيلية تولد وتغير في بنية السينما والمسرح الجديد ودماء تولد وربما تكون حالة الثورة غير مناسبة لمولد أعمال كبرى لأن هذه تأتي بعد أن تختمر الثورة في النفوس لكن هناك فنوناً جديدة تولد وشباباً جديداً يطلق إبداعاته.
هل تضررت بإقصاء النظام لك؟
- أعتقد ان المبدع الحقيقي الذي يقبض على إبداعه بالجمر قادر في كل الظروف أن ينفذ من تحت أنف الرقابة في النظام القديم قلت وغنى كثير من المطربين من أعمالي شعراً مقاوماً، وفي معظم أعمالي توجد هذه الروح المقاومة وأظن أنه حتى موجة المد الثوري التي نعيشها الآن قد أسس لها المبدعون في أزمنة ماضية ربما منذ أن صرخ أمل دنقل «لا تصالح».. والمبدعون المصريون لم يكفوا عن المقاومة في أحلك الظروف.
هل مهد جيلك الأرض للثورة؟
- يقيناً قمنا بذلك وكل مبدع ومثقف تأتي عليه لحظة اختيار في مقتبل عمره وهي التي تحدد موقفه والمثقف بطبيعته خارج لعبة الصراع الطبقي بين من يعمل وبين من يشتري قوة العمل وهو يمكن أن يربح إذا انتصر هذا أو ذاك لكن لأن المثقف يصل للوعي قبل الآخرين يضعه أمام لحظة اختيار أساسية: هل هذه القدرة الإبداعية وهذا الوعي يوظفه لحساب نفسه أم لحساب جماعته الوطنية والإنسانية؟ وهذا ما يجعل موقف المثقف دائماً ملتبساً.. بعض المثقفين يرون ان في اقترابهم من مواقع السلطة يكونون قادرين على إشاعة فكرهم لحساب الطبقات الشعبية وبعضهم يبيع الطبقات الشعبية بالكامل لحساب نفسه للحصول على منصب أو مال وجاه وبعضهم يقرر أن يقف مع شعبه في خندق واحد في مواجهة الظلم، والحمد لله أنني كنت من هذا النوع الأخير.
هل أنت حزين على خطوات لم تتخذها في حياتك؟
- أظن أنه من العبث الندم، فأي خطأ يرتكبه من هو مخلص مع نفسه ومع فكره وشعبه يمكن أن ينظر إليه لا في إطار الندم ولكن في إطار الاستفادة من هذا الخطأ وعن نفسي لم أستشعر لحظة ندم واحدة طوال حياتي وإنما تعلمت من عثراتي أكثر مما ندمت على ارتكابها.
لماذا هجرت شعر الفصحى؟
- كففت عن الفصحى واتخذت العامية أداة أساسية للتعبير بعد صدور ديواني الأول «صياد وجنية» عام 1966 حينها أدركت أن هذا الشعر الذي استلهمت فيه حياة أهلي والصيادين في بحيرة المنزلة لم يصل لهؤلاء البسطاء. أدركت أن ثمة خطأ ما في إبداعنا أننا لا نتوجه به للناس وإنما نتوجه به لبعضنا البعض، ساعتها قررت هجرة الشعر المكتوب المنشور للمشافهة الشعرية عبر الديوان الإذاعي مثل «بعد التحية والسلام» الذي شاركت في كتابته مع عبد الرحمن الأبنودي والعديد من الدواوين الاذاعية التي نشرتها بعد ذلك وعبر الغناء في الدراما وغير الدراما، وأظن أن لحظة الاختيار تلك هي التي حددت مسيرتي ولست حزيناً ولا نادماً فقد كفل هذا المسار تواصلي مع الناس الذين أشعر أنني منهم.
لم يعد يروقك شعر الفصحى؟
- بالعكس يروقني الشعر بأي طريقة، المهم أن دوائر التأثير تختلف بين أن تكون في الخاصة المحدودة والعام وكل ميسر لما خلق له وقد كتبت الكثير من شعر الفصحى في مسلسلات مثل «رابعة تعود» وفي العيد الخمسيني للجامعة العربية ولست ضد شعر الفصحى او العامية فكلاهما أداة.. المهم ان تحمل هذه الأداة فكراً مستنيراً.
لماذا يخلد التاريخ شعراء الفصحى دون العامية؟
- أظن ان التاريخ يتغير الآن وقد تغير وقد خلد هذا التاريخ بيرم التونسي وفؤاد حداد وصلاح جاهين ومرسي جميل عزيز وعبد الفتاح مصطفى وكل من يستحق الخلود سيخلد كما قال تعالى «فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض».
ما سر هذا الاحتفاء بحسن نصر الله الذي تقتني له بعض صوره؟
- لأن لديه مشروعاً كبيراً يتمثل في مقاومة إسرائيل وهو الزعيم العربي الوحيد الذي هزمها مرتين.
مصر عادت إلى حالة من السيولة؟
- بالعكس.. نحن نمر الآن بحالة فرز مهمة جداً للبلد.. وهو فرز بين القوى الوطنية والإخوان الذين سعوا من قبل تنحي المخلوع لقيادة المرحلة الانتقالية مع المجلس العسكري.. وتمت هذه المسألة برعاية الراعي الإقليمي الوهابي الصهيوني والراعي الدولي الأمريكي.. الآن يسعى الإخوان للتمكن من السلطة والاستئثار بها دون القوى الوطنية وأظن أن مصر لقمة كبيرة سيغصون بها وستستمر الثورة الوطنية في سبيلها بقوة الشعب حتى تؤسس لدستورها ودولتها المدنية الديمقراطية الحديثة.
لكننا نرى أحياناً بعض المواقف المتضاربة، كأن نرى جبهة الانقاذ ترفض الحوار، ثم يخرج الدكتور البرادعي في اليوم التالي ليعلن ضرورة الحوار مع الرئيس؟
- المعركة الحقيقية ليست بين جبهة الانقاذ والإخوان ومن والاهم ولكن بين النخب القديمة والنخب الجديدة، والنصر معقود فيها للنخب الجديدة التي لا تقودها المعارضة بل تحاول المعارضة أن تسير في ركابها وان تستلهمها.
بطاقة شخصية
ولد سيد حجاب بمدينة المطرية، بمحافظة الدقهلية في 23 سبتمبر 1940.
التحق بقسم العمارة بكلية الهندسة جامعة الاسكندرية عام 1956، ثم انتقل إلى جامعة القاهرة لدراسة هندسة التعدين عام 1958.
التحق منذ شبابه بأشبال الدعاة مع الإخوان المسلمين ثم انضم إلى حزب مصر الفتاة، واعتقل خمسة أشهر في عهد جمال عبد الناصر.
من إصداراته الشعرية:
- صياد وجنية، دار ابن عروس، القاهرة 1964.
- الأعمال الشعرية الكاملة، الجزء الأول، دار الفكر، القاهرة 1986.
- مختارات سيد حجاب، مكتبة الأسرة، هيئة الكتاب 2005.
له اعمال عديدة في مجال الأغنية وغنى له كل من عفاف راضي وعبد المنعم مدبولي وصفاء أبو السعود وعلي الحجار وسميرة سعيد ومحمد منير، كما كتب أشعار العديد من الفوازير لشريهان وغيرها بجانب العديد من تترات المسلسلات.
حصل على جائزة الشاعر اليوناني «كفافيس» عن مجمل أعماله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.