بملابس شبابية بسيطة يغلب عليها اللون الأسود وبوجوه مغطاة بأقنعة قماشية سوداء تخفي ملامحهم ولا تظهر غيرالعينين لكنها تفضح كل ما ظنوا أنهم يخفونه، ظهرت الكتلة السوداء" البلاك بلوك" أثناء الاحتفال بالذكرى الثانية لثورة 25 يناير. شاهدنا مجموعة من الشباب ذات أعواد هشة تحمل وعودا بمواجهة العنف بالعنف لحماية المتظاهرين السلميين ومساعدة المصابين والحصول علي حقوق الشعب المغتصبة، توالت الأحداث وتأزم المشهد السياسي ووجدنا النائب العام" تاركا وراءه سيلا من قضايا الفساد والقتل "و يسارع بإصدار قرار بالقبض علي كل المنتمين لهذه الجماعات التي لم يثبت ضدها أي تهمة حتي الآن. وهنا البديل تتساءل" ما هذه الكتلة السوداء؟ يرى الروائي الدكتور سليمان العطار أن وجود جماعة البلاك بلوك مفيد لدعم الحركات الثورية المصرية التي باتت مهددة من جانب ميليشيات الإخوان مشيدًا بدورالألتراس في حماية ثورة 25 يناير، وعن سلوك البلاك بلوك الذي بات منتقدا من جانب الكثير يقول العطار" هذه المجموعات الشبابية" البلاك بلوك" منطلقة من أيدولوجية مناهضة للظلم والعولمة والرأسمالية ولذلك يترجمونها إلي سلوك أخلاقي محترم جدًا فمنهم 4 شباب أخذوا طعنات بالسكين لحماية فندق سميراميس. ويقول الناشط السياسي علاء عبدالفتاح: "رغم الاتهامات التي أسندت إلي البلاك بلوك بإثارة الفوضي وتخريب البلد إلا أنه لم يظهر حتي الآن اشتراكهم في جريمة قتل واحدة فمن يقتل ويثير الفوضي ويخرب البلد هي" الداخلية " بأمر من النظام الإخواني". ويؤكد الكاتب والسيناريست" باسم شرف" إن "فكرة البلاك بلوك هي مجرد محاكاة غلبانة من جانب فتية مصريين يقلدون الحركات الاحتجاجية لمجموعات شبابية في أوروبا وخاصة في ألمانيا منذ ثمانينات القرن العشرين، وتواصلت في مناهضة العولمة والنفوذ الأمريكي كما لعبوا دورا كبيرا في الدفاع عن فقراء العالم الثالث وعن المهمشين في بلدانهم". ويتابع شرف: "هؤلاء الفتية الصغار رأوا الظلم متأصلا في ممارسات السلطة الحاكمة، فمن قتل أصدقاءهم الذين استشهدوا في الثورة كانوا ضيوفا في مهرجان البراءة للجميع، هنا شعروا باليأس وقرأوا مستقبلهم باللون الأسود في ظل نظام أخرج الشباب من المعادلة، فارتدوا الأقنعة السوداء التي تعبرعن الغضب والسخط مما يجري حولهم" معتبرًا أنهم ليسوا تنظيما أو كيانا موحدا بل شباب تحركهم عواطفهم وقلوبهم التي انفطرت حزنا علي أصدقائهم الذين استشهدوا أمامهم في الميدان، فقرروا القصاص والحصول على حقوقهم ومواجهة العنف بالعنف. ويعبر شرف عن خوفه علي شباب البلاك بلوك قائلًا: "أخشي أن يسند الإخوان المسلمين كل ما ارتكبوه من جرائم إلي هؤلاء الشباب وهنا ستنهال الاتهامات عليهم بأنهم هم الطرف الثالث رغم أننا جميعا نعرف أن الطرف الثالث هو الجيش أو الشرطة أو الإخوان المسلمين، وربما الثلاثة هم الطرف الثالث لأنهم دائما ما يعقدون الصفقات علي حساب الشعب". وعن اتهامهم بالعنف وإثارة الفوضي في البلاد يقول: "طبقًا للتاريخ لا ثورة بدون تخريب ولا تدمير والنظام الإخواني الذي يطلق ميليشياته في كل مكان أكد هذه الحقيقة التاريخية"، متسائلًا: "هل نسينا شهداء الاتحادية الذين قتلوا علي أيدي الإخوان، وشهداء القطارات والجنود المصريين الذين راحوا ضحية نظام فاشٍ مستبد؟" ويري المحلل السياسي د- محمد السعيد إدريس أن البلاك بلوك لم ترق بعد إلي مرحلة التنظيم بل هي مجموعات شبابية أرادت أن توجه إنذارا للإخوان والسلفيين وكأنها تقول لهم"الشعب المصري أكبر منكم ومن كل الأحزاب ونحن نستطيع أن نستخدم العنف مثلكم وإذا لم تقلعوا عن العنف فسنستخدمه ضدكم". ويضيف إدريس: "أري أن وجود "البلاك بلوك" في هذا الوقت مفيد جدا لخلق حالة من التوازن، ولكني أخشى من تحولها إلي تنظيم فنجد علي الجانب الآخر التيار الإسلامي يلجأ إلي تنظيم جبهة مضادة وهنا يكمن الخطر". Comment *