مصر فعلاً مقبلة على كارثة كبرى.. قد لا يتنبه لها إلا من يفهم فى الاقتصاد، وتلك هى بوادر الإفلاس المالى الخطير.. فإن تعلن الحكومة أن الرصيد الدولارى الحالى يكفى فقط تغطية استيراد المواد الغذائية لمدة ثلاثة أشهر فقط.. هنا جرس إنذار حقيقى يهدد كل المصريين.. فقد انخفض هذا الرصيد إلى أدنى معدل له.. وكل ذلك بسبب التخبط الاقتصادى وعدم اتخاذ أى إجراءات تمنع هذه الكارثة.. بل نجد الحكومة تتخذ قراراً بمنع دخول الأفراد بما لا يزيد ما معهم على «10» آلاف دولار فهذا خطأ رهيب لأنه يعنى ألا تدخل إلى البلاد أى موارد دولارية تغطى العجز بين الموارد وبين النفقات. ذلك أن الدخل العام من السياحة الخارجية ينهار شهراً بعد شهر بسبب غياب الأمن، والذى وصل إلى حد مهاجمة أكبر فندق سياحى فى مصر هو فندق سميراميس ويجاوره فندق شبرد، نقول ذلك لأن قرارات الحكومة الأخيرة التى عجزت عن حماية قيمة الجنيه المصرى.. جعلت قيمته تفقد ربع قيمته خلال عام واحد فقط..ولم يعد باقياً لنا إلا عائدات المرور فى قناة السويس.. وحتى هذه العائدات معرضة للانخفاض بسبب ما أعلنته هيئة القناة من زيادة رسوم المرور.. مما قد يدفع السفن العملاقة إلى الابتعاد عن القناة واللجوء إلى الدوران حول رأس الرجاء الصالح.. فهل هذا وقت زيادة هذه الرسوم؟! وحتى قرض صندوق النقد الدولى يتعثر بل يكاد يتجمد.. وقيمته كبيرة تصل إلى 4800 مليون دولار، كل ذلك بينما مصر الآن تعيش عصراً من تزايد الواردات.. وانخفاض الصادرات.. بل نرى مصر تتجه إلى مزيد من الاستيراد، فى كل شىء.. فماذا فعلت الحكومة؟! يقول المؤيدون لفصيل الإخوان المسلمين إنهم رجال مال وأعمال واقتصاد بدليل حسن إدارتهم لأموالهم الخاصة.. فهل عجزوا عن تطوير أساليب إدارة اقتصاد الدولة.. طيب «يورونا شطارتهم». وقد يكون قرار المحافظ الجديد للبنك المركزى الدكتور هشام رامز بزيادة سعر الفائدة على الودائع بالجنيه المصرى محاولة لإيقاف لعبة الدولرة.. ولكنها أيضاً خاطئة لأنها تؤدى إلى زيادة سعر الفائدة على الإقراض.. أى يؤدى ذلك إلى تقليل اتجاه حملة الأموال بالجنيه إلى استثمارها المحلى فى الصناعة والزراعة وبالتالى تقليل فرص توفير العمل.. ولكن ذلك يؤدى إلى أن تتحول البنوك إلى خزائن لتجميع العملة الوطنية فمن الذى يتحمل دفع هذه الفوائد على الودائع عندما تعجز البنوك عن تشغيلها. هى فعلاً عملية خطيرة ربما تكون سلبياتها أكثر من إيجابياتها.. ولكن الأخطر هو انهيار هذا الرصيد الدولارى. ما دمنا سوف نفقده بالتدريج لتغطية احتياجات استيراد السلع الحيوية.. هل نعود إلى لعبة إلزام المستوردين بتدبير ما يحتاجونه من دولارات رغم أن ذلك يؤدىإلى اشتعال سعر الدولار لتزايد الطلب عليه. فعلاً مصر على أبواب كارثة رهيبة.. والمطلوب أن تتوحد كل القوى لمنع هذا الانهيار.. لأن الانهيار يعنى إفلاس مصر.. وهذا ما نخشاه.. وإن كنا نترقبه.. فماذا نفعل؟.