مقرئ الرؤساء ابن الدقهلية الشيخ ياسر الشرقاوى: التقليد دون إبداع يقيّد المقرئ.. والتجديد مطلوب جيل العمالقة انتهى.. والخروج على المألوف تعسُّف فى الأداء أرفض أداء الأذان الشيعى.. ومقرئو مصر لا مثيل لهم لم أدرس المقامات الموسيقية وتأثرت بالشيخ مصطفى إسماعيل و«البهتيمى» مثّل صوته موهبة فريدة ومتميزة بين أقرانه من القراء الشباب حتى استقى فى بداية دخوله إلى عالم التلاوة حلاوة الصوت وفن الأداء من القراء الكبار، أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ عبدالفتاح الشعشاعى والشيخ عبدالباسط عبدالصمد، ليمتص رحيق زهرة خاصة به من بستان القرآن، المقرئ الشيخ ياسر الشرقاوى انتهج لنفسه طريقاً، عُرف بالعذوبة فى التلاوة وحسن الأداء، وفى سنوات معدودة انطلق كسرعة البرق ليكون فى الصفوف الأولى فى عالم التلاوة، بالرغم من سنه الصغيرة، والذى يعد أصغر مقرئ بين مقرئى الإذاعة المصرية، ومنذ مولده فى الثمانينيات بقرية أخطاب بمحافظة الدقهلية تربى فى كنف والده الشيخ محمود الشرقاوى الذى حفظ القرآن على يديه، ليقلد المشايخ الكبار ويمزج بين مدارسهم، حتى تشرب من معينهم، لتمر السنوات ويصبح المقرئ الشهير الذى لُقب فيما بعد بمقرئ الرؤساء، «الوفد» التقت صاحب الصوت الندىّ الشيخ ياسر الشرقاوى، وهذا نص الحوار: ماذا عن بداياتك مع القرآن وهل درست المقامات الموسيقية؟ بدأت رحلتى مع القرآن الكريم فى المرحلة الابتدائية قبل دخول المدرسة، وتعلمت القراءة والكتابة والحفظ على يد والدى الشيخ محمود الشرقاوى، حيث كان يعمل مدرساً للقرآن والقراءات بمدارس تحفيظ القرآن الكريم فى منطقة حى العسير، بالمملكة العربية السعودية، وختمت حظ القرآن كاملا فى سن الرابعة عشرة ثم عدت للقاهرة ودرست بالأزهر بدءاً من الصف السادس الابتدائى، وتدرجت فى التعليم الأزهرى حتى تخرجت فى كلية الشريعة والقانون عام 2009، وقرأت القرآن برواية حفص عن عاصم فقط، أما المقامات الموسيقية فقد أخذتها عن طريق السماع وليس بشكل أكاديمى أو الدراسة، فسماعى للشيخ مصطفى إسماعيل بالإضافة إلى التراث القديم والقراء والمبتهلين والتواشيح زاد من الموهبة لدىّ أكثر، فقد أنعم الله عز وجل علىّ بموهبة كبيرة، حيث بدأت فى تقليد الشيخ عبدالباسط عبدالصمد ثم الشيخ مصطفى إسماعيل، ولم أكن أستمع للقراء الجدد واكتفيت بالمدارس القديمة فقط وتأثرت أيضاً بالشيخ على محمود والشيخ كامل يوسف البهتيمى، وكل القراء القدامى كنت آخذ منهم وأضيف لهم ومن كثرة سماعى لهم أصبحت عندى حصيلة نغمية أكثر. وما رأيك فى ظاهرة التقليد فى التلاوة؟ إذا كان التقليد سوف يقيد المقرئ ويحبس إبداعه فلا داعى له، لكن إذا كان به إبداع وتجديد بعد ذلك فسيكون بداية جيدة. وما تأثير نشأتك فى السعودية فى ظهور موهبتك ومَن أول من اكتشفك؟ مكثت فى السعودية حتى المرحلة الابتدائية فقط، حيث بدأت تظهر موهبتى وأتممت حفظ القرآن على يد والدى وقد اكتشفت أسرتى أن صوتى جيد، وأننى أقلد الكثيرين سواء من القراء القدامى أو المطربين بإجادة تامة. متى كان أول لقاء لك مع الناس وما الذى تعلمته من والدك الشيخ محمود الشرقاوى؟ كنت فى الصف السادس الابتدائى فى بلدتنا وكان يوجد عزاء بجوار منزلنا، فطلب منى الجيران القراءة فيه ووقتها شعرت برهبة شديدة وكنت أقلد القراء الكبار، ولم يكن هناك كنترول للصوت، لكن الموهبة كانت موجودة، وكنت أتمكن من الجوابات وبالممارسة بدأت أضبط صوتى بالفطرة السليمة دون دراسة، وبدأت أتجنب النشاز فى الأداء والرتابة، وقد تعلمت من والدى حسن الأداء فى الترتيل، فهو كان لا يقلد أحداً، وكان يوصينى بمراجعة كتاب الله وقد استفدت منه الكثير. كيف التحقت كمقرئ بالإذاعة والتليفزيون؟ كنت أزور الشيخ أبوالعينين شعيشع - رحمه الله - فى منزله بصحبة الأستاذ أحمد مصطفى كامل جامع تراث الشيخ مصطفى إسماعيل، وكان معنا أحد أصدقاء الشيخ شعيشع، واستمع لصوتى وأُعجب بالأداء وقتها لدرجة أننى قلدته فى الأذان فقال لى: هل تريد أن تقدم فى الإذاعة كمقرئ، ثم قام بتزكيتى بخط يده وكتب جملة «أزكى هذا الشاب وكتب طلباً لرئيسة اللجنة وقتها ورئيس لجنة اختيار القراء، وتقدمت للإذاعة وتم اختبارى لمدة خمس دقائق ونجحت من المرة الأولى وطلبوا منى ألا أقلد أحداً، واعتمدت على نفسى وقرأت أمامهم وأضفت فى الأداء وتدرجت فى الاختبارات حتى سجلت أرباع ساعة وبعد ذلك أنصاف ساعة ثم أول إذاعة لى على الهواء مباشرة من مسجد سيدنا الحسين رضى الله عنه وكانت تلاوة لقرآن الفجر فى 25 يناير 2012. لُقبت بمقرئ الرؤساء وكنت أصغر مقرئ فى الإذاعة هل هذه الألقاب لها تأثير على المقرئ؟ الجمهور هو الذى يطلق هذه الألقاب على القراء، فأنا خادم للقرآن وهذه الألقاب لا أعترف بها، وأحب لقب خادم القرآن الكريم. إلى أى المدارس تنتمى أم تعددت مشاربك من القراء القدامى؟ المدرسة الأساسية التى أنتمى لها هى مدرسة الشيخ مصطفى إسماعيل، لأن معظم مقرئى القرآن الكريم أو 90٪ منهم أخذوا من الشيخ مصطفى إسماعيل بطريق مباشر. كيف يمكن للمقرئ المحافظة على صوته وفن الأداء؟ لا بد أن يجدّد المقرئ من نفسه وألا يسير على وتيرة واحدة، بالإضافة إلى الحفاظ على الصوت عن طريق النوم الكافى وعدم إرهاق الصوت دون داعٍ، وألا يبدأ المقرئ قراءته بطبقة عالية مرة واحدة، حتى يحافظ على صوته، ولا بد أن يلتزم بآداب التلاوة القرآنية السليمة، وأن يبتعد عن الألحان الموسيقية التى لا تناسب جلال القرآن وعليه الاستماع للرعيل الأول من القراء ومدارس التواشيح والابتهالات. هل ترى أنه من الممكن أن يخرج من المقرئين الجدد مَن يضاهى جيل العمالقة القدامى؟ ليس هناك من يضاهى المقرئين القدامى أبداً ولكن لا بد أن تسير على خطاهم وليس هناك مانع من أن نجدد، لكن ليس بطريقة مبتذلة وتكون القراءة بضوابط وليس فيها تكلف فى الأداء، فالخروج عن المألوف فى النغم القرآنى ينقلب إلى قراءة بها غناء وتعسف فى الأداء. خضت مجال الإذاعة والحفلات الشعبية والليالى القرآنية.. أيها أقرب لك؟ أحب الحفلات أمام الجمهور خاصة الحفلات الخاصة والشوادر المخصصة للأفراح والمناسبات العامة غير العزاء وأشعر بالإبداع أكثر فيها فمن الممكن أن أذهب إلى مكان به جمهور لكن ليس هو جمهورى الذى أريده، فأنا أحب النمطى الكلاسيكى وليس الشعبى وليس هناك مانع من الإضافة والتجديد. هل فكرت فى تسجيل المصحف المرتل؟ هناك بعض الشركات طلبت منى ذلك، وبالفعل أدرس هذا الموضوع جيداً قريباً، وسوف أقوم بتسجيل المصحف إن شاء الله. لمن تستمع من المقرئين وأيهم تراه أقرب لك؟ أقرب الناس لى هو سيدنا الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ كامل يوسف البهتيمى والشيخ على محمود وأحب جداً كل القراء القدامى بلا استثناء لأنهم أبدعوا وكل منهم له طريقته وبصمته. ماذا عن أهم الرحلات الخارجية لك؟ الحمد لله ذهبت إلى معظم الدول العربية والإسلامية والغربية كالنمسا وتركيا وكندا والبرازيل وسويسرا والسويد ولبنان وإيران والجزائر والمغرب وسلطنة بروناى وكنت محكِّماً فيها فى المسابقة الوطنية هناك برعاية السلطان وكذلك سافرت إلى ماليزيا لأداء صلاة التراويح، وجنوب أفريقيا والبوسنة والهرسك وكردستان العراق. هل ترى أن المقرئين المصريين لهم بصمة خارج مصر؟ بالتأكيد.. لأن معظم المقرئين الذين يقرأون سواء الإيرانيون أو المغاربة أو قراء العالم أخذوا من المقرئين المصريين القدامى ويقلدونهم، فالإندونيسيون والماليزيون والعراقيون يقلدون مقرئى مصر، بل ولديهم مدارس للقرآن بأسماء المقرئين المصريين القدامى. ماذا عن أبرز التكريمات التى حصلت عليها؟ بفضل الله تم تكريمى من سلطان بروناى حسن بلقية فى عام 2017، ومنحنى شهادة تقدير لحضورى هذه المسابقة، وكُرمت من الجاليات على مستوى العالم كالجالية التركية وكرمت فى ماليزيا والعديد من الدول، كما كرمت من الرئيس الإيرانى فى المسابقة الدولية بإيران 2007، وقرأت أمام آية الله على خامئنى وطلب منى القراءة وأتوا بى من بلدة تسمى «مشهد» على طائرة خاصة لقصره وقرأت أمامه ما تيسر من سورتى الإنسان والعلق وبعد أن انتهيت من القراءة قابلته. كان هناك بعض المقرئين يرفعون الأذان الشيعى عند ذهابهم لإيران فهل تؤيد ذلك؟ أرفض ذلك، فالأذان الشيعى مختلف عن الأذان الذى نؤديه، فلسنا مجبرين أن نؤذن أذانهم والعكس أيضاً. بعض المقرئين يعيبون على الإذاعة اشتراطها أن يكون المقرئ حافظاً للقرآن الكريم كاملاً قبل الالتحاق بها ويرون أن هذا شرط تعسفى فما رأيك؟ ليس شرطاً تعسفياً فكيف لمقرئ أن يلتحق بالإذاعة وهو لم يحفظ القرآن كاملاً فهناك قراءات بالترتيب مثل قراءة الفجر فكيف يكون مقرئاً إذاعياً دون حفظ كتاب الله بالكامل. أخيراً.. ما نصيحتك التى تقدمها للمقرئين الجدد؟ - لجميع الناس أقول اتقوا الله فى القرآن وألا ينجرّوا إلى التلاوة التى بها ابتذال وخروج على الأحكام والخشوع والنغم القرآنى، سعياً وراء الشهرة أو البحث عن المال.