إقالة حكومة الدكتور هشام قنديل وحدها لا تكفى أبداً، وإقالة وزير الداخلية وحدها أيضاً لا تكفى أمام المسخرة التى تمت بحق المواطن حمادة صابر أمام قصر الاتحادية، بل إن القضية برمتها تستوجب محاكمة هذا النظام المستبد الفاسد الذى «مرمط» الشعب المصرى إلى هذه الدرجة التى لا ينفع معها أى اعتذار.. الذى حدث من سحل وتعرية لهذا المواطن إنما هو رسالة موجهة إلى جموع الشعب المصرى والإهانة لم تخص هذا المواطن وحده، إنما نالت من كل المصريين جميعاً.. وكأن النظام ارتكب جريمة بشعة فى المصريين لا ينفع معها اعتذار ولا ينفع معها شفاعة، فالذين فعلوا هذه الجريمة التى شاهدها العالم أجمع، يستحقون إنزال أشد العذاب بهم، وأبسط هذا العقاب هو إقالة وزير الداخلية والحكومة التى ارتكبت هذه المهزلة. أما النظام الحاكم فهو بطبيعته آيل للسقوط إن اليوم أو غداً، فما شهده المصريون منذ وصول «جماعة الإخوان» إلى سدة الحكم فاق بمراحل كثيرة ما فعله النظام السابق على مدار عقوده الطويلة.. إن أبسط شىء لرد اعتبار كرامة المصريين أن يرحل هذا النظام ومحاكمة رموزه على جرائمهم التى فاقت كل حد وتصور... إن الرئيس حتى كتابة هذه السطور لم يخرج على المصريين حتى لتبرير هذا الموقف الإجرامى، وكيف يخرج ويتكلم وقبله بأيام ألقى بخطاب كله تهديد ووعيد عندما كان يخاطب المصريين ويفرض الطوارئ وحظر التجوال على مدن القناة الثلاث صاحبة الدور البطولى فى التاريخ المصرى ضد المستعمرين وضد الصهاينة!. لو أن هناك ذرة من حمرة الخجل عند الرئيس ورئيس الحكومة ووزير الداخلية، لقدموا استقالاتهم فوراً أمام هذه الكارثة التى أصابت كل مصرى فى سويداء قلبه، لكن من أين تأتى حمرة الخجل أمام نظام فاشى مستبد لا يعرف إلا الديكتاتورية وسياسة الاستحواذ والإقصاء.. ثم إن عقيدة الداخلية لم تتغير حتى الآن رغم حالة الانهيار الأمنى السائدة فى المجتمع، ورغم حالة الانكسار التى تعيشها الأجهزة الأمنية.. وكنت أتصور أن وزير الداخلية الذى جاءت به جماعة الإخوان، سيكون له عظة ممن سبقوه من الوزراء السابقين وعلى رأسهم الوزير الجبار حبيب العادلى الذى لم ينفعه النظام السابق وتحمل مسئولية كل الأحداث ويقبع حالياً فى السجن، كنت أتصور أن عقيدة الداخلية ستتغير ويكون جهاز الشرطة خادماً للشعب وليس سيفاً مصلتاً تستغله جماعة الإخوان ضد المصريين، لكن يبدو أنهم آثروا أن يكونوا «ألعوبة» فى يد النظام.. فهل ستنفع جماعة الإخوان الحاكمة الوزير الحالى عندما تتم محاكمته على جريمة إهانة المصريين وسحلهم أمام القصر الجمهورى؟! الذى زاد الطين بلة هو الاستمرار فى إهانة المصريين وترويعهم وترهيبهم وكانت الكارثة الأفدح أننا نفاجأ أمام النيابة بالرجل المسحول لا يتهم أجهزة الأمن بارتكاب هذه الجريمة الشنعاء..وكيف يتكلم هذا الرجل بعد ما لاقى من تعذيب بدنى نفسى على مرأى ومسمع العالم أجمع؟!.. ثم إن هذه الجريمة لم تعد ملكاً أو ضد هذا الرجل وحده، إنما هى جريمة فى حق كل المصريين، وإذا كان الرجل قد تعرض لضغوط أو تخويف أو ترويع، فإن ملايين المصريين الآخرين لن يسكتوا على حقهم أو على إهانتهم البالغة من وزير الداخلية وقنديل والرئيس شخصياً. ثم كيف ينجو النظام بكامله من عقابه على هذه الجريمة، وغير صحيح على الاطلاق أن المصريين «نعاج» يساقون على هوى جماعة الإخوان، فلن يسكت أحد أبداً على مثل هذه الجرائم، وبات واجباً وفى الحال إقالة هذا النظام الآيل أصلاً للسقوط وتقديم رموزه إلى المحاكمة العاجلة.. وإذا كان المواطن المسحول قد ارتضى عدم اتهام أحد تحت تأثير الضغط والتخويف والترويع، فإن ملايين المصريين لديهم إصرار شديد على معاقبة هذا النظام القادم من الجحور ولا يعرف أصلاً معنى إدارة الدولة وحسن معاملة الشعب.. وإذا كنا قد قلنا إن النظام قد فقد شرعيته منذ ارتكابه المجازر فى حق هذه الأمة، فإن جريمة إهانة المصريين قد أسقطته بالفعل.. يوم قلت إننى لا أعترف برئيس قادم من بين «الجماعة» كنت على حق مائة فى المائة.. والله يتولانا برحمته وإنقاذ مصر من هذه «الجماعة» التى تتاجر بالدين وترتكب جرائم فى حق مصر.