نتيجة الاختبارات التحريرية لمسابقة الأئمة بوزارة الأوقاف    استعدادات «تعليم قنا» لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    محافظ المنوفية يترأس اللجنة العليا للقيادات لاختيار مدير عام التعليم الفني    احتفالا بذكرى مجمع نيقية.. اجتماع ممثلي الكنائس الأرثوذكسية    وكيل زراعة البحيرة: زراعة 2970 فدان قطن والإنتهاء من حصاد محصول القمح    تعاون استراتيجي بين القومي للاتصالات وبنك أبو ظبي الأول مصر لتأهيل كوادر مصرفية رقمية    مبادرات شاملة لدعم الأسر الأولى بالرعاية بمركز الخارجة في الوادي الجديد.. صور    محافظ المنوفية يتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة كورنيش شبين الكوم    المركز الإعلامي لمجلس الوزراء: مصر تحقق طفرة غير مسبوقة بسرعة الإنترنت    قيادي ب«الشعب الجمهوري»: كلمة السيسي في قمة بغداد تاريخية    السوداني يدعو إلى الاستمرار بالتعاون بين العراق ووكالات الأمم المتحدة    وزير الدفاع الباكستاني: تلقّينا عرضًا هنديًّا للتفاوض حول كشمير والإرهاب.. ولا يمكن تجاهل الدور الدولي    لقطات من اجتماع الرابطة مع أندية الدوري    تشكيل ريال مدريد - لونين أساسي.. وفاييخو مع رامون في الدفاع ضد إشبيلية    عرض برازيلي يُربك مستقبل رونالدو مع النصر    علاء عبد العال: "بيراميدز لا يلوم إلا نفسه"    "جلسة جديدة".. بايرن ميونخ يكشف تطورات المفاوضات مع ساني    ضبط مشجع مالية كفر الزيات بتهمة ارتكاب فعل فاضح عقب مباراة بالدوري    إغلاق ميناء الغردقة البحري بسبب سوء الأحوال الجوية    محافظة الجيزة تزيل 3 أدوار مخالفة فى عقار بحى العجوزة    مصر تسترد 20 قطعة أثرية من أستراليا وتودعها المتحف المصري بالتحرير    فيديوجراف| أوحش يوم في حياة عادل إمام.. أسرار يكشفها محمود سعد    شينخوا: معرض الآثار المصرية فى شنغهاى يصبح الأكثر زيارة فى العالم    هل تزوج عبدالحليم من سعاد حسني؟.. وثيقة تشعل الجدل وأسرة العندليب تحسم الأمر    لطيفة تستفتي جمهورها لاختيار اسم ألبوم صيف 2025: «تفتكروا نسميه إيه؟»    رئيس الهيئة القومية لجودة التعليم: الفنون قوة مصر الناعمة في كل العصور    اقرأ وتدبر    شراء الذهب بالتقسيط    هيئة الدواء تعقد ملتقى للتعريف بالدليل الاسترشادي عن دور صيدلي الأورام في العلاج الإشعاعي    بدء التصويت في الانتخابات التشريعية بالبرتغال    رئيس جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية يتفقد سير امتحانات نهاية العام -صور    تواضع رغم النجاح| 4 أبراج لا تغريها الأضواء وتسعى للإنجاز بصمت    60 ٪ نسبة التنفيذ بمشروع «سيل» بقرى وادي الصعايدة في إدفو    بداية من اليوم.. السكة الحديد تتيح حجز تذاكر قطارات عيد الأضحى 2025    ما العيوب التي تمنع صحة الأضحية؟ الأزهر للفتوى يجيب    الحج رحلة قلبية وتزكية روحانية    حكم قراءة الفاتحة وأول البقرة بعد ختم القرآن؟.. علي جمعة يوضح    فصل التيار الكهربائي عن 5 مناطق بالعريش غدًا.. تعرف عليها    هل الكركم ضار بالكلى؟    الداخلية تواصل تيسير الإجراءات للحصول على خدمات الجوازات والهجرة    رئيس «تعليم الشيوخ» يقترح خصم 200 جنيه من كل طالب سنويًا لإنشاء مدارس جديدة    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع لسرقته    الشيوخ يحيل تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة    أشرف العربى: تحسن ملموس فى مستوى التنمية فى مصر    "الإغاثة الطبية في غزة": مليون مواطن يواجهون الجوع وتكدس بشري في الشوارع    «مأزق جديد».. بيراميدز يدرس عدم خوض مباراة سيراميكا ويلوح بالتصعيد    التعليم العالي: قافلة طبية من المركز القومى للبحوث تخدم 3200 مريض فى 6 أكتوبر    حماس: الإدارة الأمريكية تتحمل مسئولية المجازر الإسرائيلية بغزة    وفاة بالسرطان.. ماقصة "تيفو" جماهير كريستال بالاس الخالدة منذ 14 عامًا؟    محافظ الدقهلية يفتتح الوحدة الصحية بالشيخ زايد بمدينة جمصة    أوكرانيا تعلن ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 973 ألفا و730 فردا    السلطات السعودية تحذر الحجاج من ظاهرة منتشرة تعيق حركة الطائفين والمصلين    التريلا دخلت في الميكروباص.. إصابة 13 شخصًا في حادث تصادم بالمنوفية    فيديو.. لحظة اصطدام سفينة بجسر في نيويورك ومقتل وإصابة العشرات    النائب عبد السلام الجبلى يطالب بزيادة حجم الاستثمارات الزراعية فى خطة التنمية الاقتصادية للعام المالي الجديد    وسائل إعلام إسرائيلية: نائب الرئيس الأمريكي قد يزور إسرائيل هذا الأسبوع    «الرعاية الصحية» تعلن اعتماد مجمع السويس الطبي وفق معايير GAHAR    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة العالم للإسكواش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"صفوان الكاشف"نموذج في رواية "صخب الهمس"
نشر في الوفد يوم 21 - 04 - 2011

ثمة أعمال ابداعية شعرية ونثرية تناولت النظام البائد السابق برؤي مختلفة،‮ اشتركت جميعاً‮ في هدف واحد هو‮: ضرورة تغيير هذا النظام أو إقصائه، ‮ ومن بين هذه الأعمال روايات‮: حرث الأحلام لمحمد قطب‮ (‬2001‮)‬،‮ فرس النبي لنبيل عبد الحميد‮ (‬2005‮)‬،‮ العائد بالحب‮ (‬2006‮)‬،‮ صخب الهمس‮ (‬2009‮) لحسن البنداري،‮ اجنحة الفراشة لمحمد سلماوي‮ (‬2010‮).‬
يركز هذا المقال علي رواية صخب الهمس‮ (‬2009‮) لحسن البنداري التي وظف فيها شخصية اختفت في ظروف‮ غامضة هي شخصية صفوان الكاشف الصحفي بصحيفة الشهاب،‮ التي تقابل اختفاء مساعد رئيس تحرير صحيفة الأهرام‮ "‬رضا هلال‮" صيف عام‮ 2003.‬
إن كلا من صفوان الكاشف في الرواية ورضا هلال في الواقع خصص في كتاباته جانباً‮ من المواجهة الجريئة للدولة العبرية،‮ ودولة القطب الأوحد،‮ نلحظ هذا في بدء صفحات الرواية‮ "‬أحسست بالرضا‮"‬،‮ و"احساسي بالرضا يتواري بمشاهد القتل والدمار التي يبثها مراسلو الفضائيات العربية والعالمية‮"‬،‮ و"نسيت تماماً‮ احساس الرضا الذي انتابني منذ قليل بمشاهد الحرب الدائرة‮.. تضرب قنابل الطائرات والدبابات المدينة الساحلية الصغيرة‮ "‬غزة‮" المتاخمة لحدود وطني‮). وكأن الكاتب يشير الي مدي الترابط بين السياسة الاسرائيلية في فلسطين وكتابات‮ (‬رضا هلال‮) قاصداً‮ بذلك التمهيد للشخصية التي سوف تلبس الثوب الهلالي يقول رشيد الكاشف‮: "‬شقيقي صفوان الكاشف المقيم بالجيزة امام النيل‮.. صحفي ناجح‮.. مقالاته مثيرة في الصحف المصرية والعربية والعالمية‮"‬،‮ فهو‮ "‬مراسل متجول في أنحاء المعمورة لصحيفة الشهاب الواسعة الانتشار‮".‬
عمد الكاتب الي لحظة تحريك صفوان الكاشف،‮ وهي لحظة القلق المسيطرة علي خواطره،‮ يحدث صفوان شقيقه عبر التليفون‮: "‬أنا متوجس‮.. أشعر بأنني مطارد من قوي مجهولة معلومة‮". فهذه هي الدائرة التي يعيش فيها صفوان وهي دائرة التصميم والحرص والقلق،‮ لأنه كما يصفه شقيقه الراوي‮ "‬رشيد الكاشف‮": "‬مناوئ،‮ شرس لأهداف الدولة العبرية الخفية والمعلنة،‮ ولهيمنة القطب الأوحد علي دول العالمين الشرقي والغربي،‮ وأن جريدة الشهاب أتاحت له موافاتها بتقارير صحفية ومقالات له ولسواه من مناوئي الدول الاخري لسياسة القطب الأوحد،‮ وهو في كلامه عن الدولة العبرية صريح للغاية،‮ ودائم الكشف عن سياسة القمع والسلب والاستيطان،‮ ولأنه اكتوي بنار حرب الاستنزاف وحرب‮ 73‮ فإنه لا يترك مناسبة إلا وينبه الي خطورة سياسة الدولة العبرية‮".‬
يوحي النص السابق من الرواية بأن كاتب الرواية كان جندياً‮ عاصر الهزيمة والنصر،‮ وشاهد ملامح اليأس والأمل،‮ وماتت في نفسه مرارة الهزيمة بنصر‮ 73،‮ فهو ينقل ملخصاً‮ عظيماً‮ لشباب حياته وحياة جيله في كلامه عن‮ "‬صفوان الكاشف‮"‬،‮ وهذا دليل علي براعة المزج بين الروائي والشخصية الفنية،‮ ويهدف الكاتب بذلك الي اثارة عقل القارئ بتساؤلات تحركه نحو خبايا الرواية وعناصرها،‮ فالرواية تجسد الطابور الخامس الذي يعيش في شوارع مصر وبين جدران اسرارها العسكرية،‮ هذا الطابور الذي يستهدف قيام دولة اسرائيل الكبري التي تمتد في زعمهم من‮ "‬النيل الي الفرات‮"‬،‮ وهو هدف يعتمد علي جمع معلومات للقضاء علي رواد النضال بمصر،‮ ومن بينهم‮ "‬صفوان الكاشف‮" او‮ "‬رضا هلال‮" الذي شغل نفسه تماماً‮ بقضية فلسطين والدولة العبرية،‮ فنجد الراوي علي لسان‮ "‬اشرف الساعي‮" - إحدي شخصيات الرواية‮ - يخبرنا عن شخصية‮ "‬صفوان‮" بقوله‮: "‬ماذا تنتظر من مثقف مهموم بوطنه وبالعالم إلا الزهد في الزواج والأبناء؟‮"‬،‮ فكان جزاء هذا المهموم ان اختفي في ظروف‮ غامضة‮.‬
الغريب أن هذا الاختفاء جاء في وجود جهاز أمن قوي نشط هو‮ "‬جهاز أمن الدولة‮" فلم يعبأباختفاء‮ "‬صفوان الكاشف‮" او‮ "‬رضا هلال‮" علي الرغم من اهتمامات المصادر الصحفية القومية والمعارضة والمستقلة بالكشف عن لغز اختفائه‮.. فهل نحن هنا أمام عجز الجهاز أم أمام تواطئه‮.‬
ومن الواضح ان ارهاصات الكاتب عن ثورة سوف تنفجر قريباً‮ كانت محل عقد ويقين من نفسه،‮ حيث ذكر ذلك علي لسان‮ "‬همس الجواري‮" الصحفية بالشهاب المدربة بخبرة‮ "‬رضوان الكاشف‮"‬،‮ بل هي صنيعة يده وقبس من فيض فكره السياسي‮: تقول همس لرشيد الكاشف‮ "‬لا تنس أن‮ 90٪‮ من الثورات قد نهبت بأشكال مختلفة ومصطلحات‮ غامضة‮ غير مقنعة‮"‬،‮ وهذا دليل علي أن الفساد بأشكاله المختلفة بدا واضحاً‮ للغاية حين صدور صخب الهمس عام‮ 2009،‮ ثم يحرض الكاتب او الراوي علي قيام ثورة كاسحة يعبر عنها صفوان الكاشف بقوله‮: "‬الشعوب الآن يقظة وتعرف أين حقوقها المسلوبة،‮ ولن أكف ومعي المخلصون من أمتنا ومن أمم اخري عن فضح السياسات المستغلة‮".‬
لو أننا تأملنا هذا النص‮ - في زمن الرواية‮ 2009‮ - لعرفنا أنه سوف تنهض ثورة عارمة لاستعادة الحقوق والثروات المنهوبة،‮ هذه الثورة فجرها شباب ثورة‮ 25‮ يناير وناصرتهم وتوحدت معهم كافة القوي الشعبية والسياسية،‮ ومن ثم لنا ان نقول ان هذه الرواية قد اسهمت مع‮ غيرها من الروايات في تبصير الشباب وهم يعدون لهذه الثورة،‮ لأن افكار هؤلاء الكتاب جميعاً‮ نضجت ونمت في عقول الشباب في‮ غفلة من النظام الفاسد وأمن الدولة،‮ الذي‮ غفل عن أهمية الفكر ودوره في ايقاظ الوعي القومي تماماً،‮ كما تغافل عن اسباب اختفاء‮ "‬رضا هلال‮"‬،‮ واغتيال‮ "‬جمال حمدان‮" وغيرهما من شرفاء هذا الوطن‮.‬
إن نظرة الكاتب في هذه الرواية لم تكن مقصورة علي الحدث المحلي بل تخطته الي التشابك السياسي العالمي،‮ حيث يقول الراوي‮: "‬ضروري ان تراجع الدولة المساندة لسياسة القطب الأوحد سياستها تجاه الدول والشعوب الاخري‮"‬،‮ وكأن الكاتب يؤكد علي أن الشعوب هي الحاكمة‮ وليست المحكومة،‮ وأنها قادرة علي اسقاط الانظمة وتوطيد نظم أصلح للقيادة،‮ وهذا ما احدثته بالفعل ثورة‮ 25‮ يناير‮ 2011‮ التي كشفت للعالم كيف يكون سقوط النظام الفاسد بطريقة حضارية حاسمة‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.