أكد الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية أن ما نعيشه الآن في مصر هو لحظات متغايرة وسريعة، مشيرا إلى أن على رأس تلك التغيرات التي تبعث بالأمل هو التأكيد على سيادة القانون ومشاركة وتعاون كافة طوائف المجتمع المصري في الحياة العامة. وأضاف المفتي خلال مقاله في صحيفة "واشنطن بوست" أنه يصاحب هذه المرحلة الانتقالية قدر من القلق بل والغموض أحيانا، مطالبا المصريين أن يعملوا على تحقيق أهداف الثورة بصورة آمنة ومرضية، وأن نعمل جميعاً على تحقيق الاستقرار والأمن العام، والرفاهية الاجتماعية، وإرساء قيم الديمقراطية الحقيقية. وحذر من قيام البعض عن عمد إلى استغلال الاحتجاجات النظيفة والمشروعة والقيام ببعض التصرفات المناوئة للديمقراطية والمنافية لتعاليم الإسلام سعيا لتحقيق مآربهم الخاصة . وأضاف أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت صعودا للعنف من قبل المتشددين الذين استهدفوا أماكن تحتل أهمية دينية سواء للمسلمين أو المسيحيين لدى غالبية الشعب المصري المتدين بطبعه وهذه تطورات هي بمثابة ناقوس الخطر لاسيما في ضوء الوضع الذي تحياه البلاد في هذا المنعطف الخطير، هذه الأحداث لابد أن تسترعي الانتباه وأن يتم إيقافها حتى لا يتم المساس بقيمة الاندماج الديني والاجتماعي للبلاد . وأكد المفتي أنه حان الوقت لتكون مقاومة هذا الفكر المتشدد مطلبا قوميا من أجل مستقبل بلدنا الغالية من خلال العودة إلى منهج الأزهر الذي حمل لواء أهل السنة والجماعة عبر القرون والذي لم ينكر الاجتهاد الفردي أو الجماعي ولم ينكر أيضا الأخذ بالمذاهب الثمانية المعمول بها (كالإباضية والظاهرية والإمامية والزيدية) بجانب الأخذ بالمذاهب السنية الأربعة (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) و الأخذ من وسيع الفقه الإسلامي من خارج هذه المذاهب من كتب الفقه التي تربو عن ثمانين مذهبا بما يلائم حاجات العصر ومصالح البلاد والعباد وبما يلائم الانطلاق في هذا العالم والمشاركة في الحضارة الإنسانية. وشدد فضيلته أن هذا المنهج الشامل للتعليم الديني الأزهري بالإضافة إلى وعيه بالقضايا المعاصرة يجعل الطلاب من شتى بقاع الأرض يفدون للدراسة بالأزهر، ثم يعودون إلى بلادهم لا بالعلم فحسب، ولكن بنوع من التدين المعتدل الذي وإن ظل متمسكا بالثوابت لكنه قادر على تناول احتياجات المجتمع الإسلامي الراهنة وأشار فضيلته إلى أن الأمور التي تميز المنهج الأزهري أنه يدرس علم الأخلاق الذي يتعلم فيه الإنسان أن يخلي قلبه من القبيح بما فيه من الكبر والعناد، وأن يحلي قلبه بالصحيح بما فيه الرجوع إلى المرجعية الصحيحة، وإلى العلم النافع، والتواصل مع المسلمين شرقا وغربا ومع أصحاب الديانات في شتى بقاع الأرض.