التقى رئيس المجلس السيادي الفريق عبد الفتاح البرهان فبراير من العام الماضي مع كينيث روث، المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس ووتش، وماوسي سيغون، مدير المنظمة في إفريقيا وذلك في العاصمة السودانية الخرطوم. وخلال هذا اللقاء قال البرهان انه يتعاون بشكل تام مع المحكمة الجنائية الدولية، بما يخص تسليم المطلوبين بتهمة ارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية، فيما يتعلق بنزاع دارفور، وفقاً لمنظمة هيومن رايتش ووتش. وخلال الاجتماع قال البرهان: "لقد اتفقنا على أنه لا يوجد أحد فوق القانون، وأن الناس سوف يقدمون إلى العدالة، سواء في السودان أو خارجه بمساعدة المحكمة الجنائية الدولية". أما روث فقال بدوره: "لقد انتظر الضحايا وعائلاتهم أكثر من 15 عاماً لتحقيق العدالة بشأن الفظائع التي ارتكبت على نطاق واسع في دارفور. الآن قد يرون أخيراً الرئيس السابق البشير وغيره من المشتبه بهم في المحكمة الجنائية الدولية". ومن جانبه قال ربيع عبدالعاطي، المحلل السياسي المختص بالشأن السوداني، إن البرهان وقتها لم يذكر أي شيء حول تسليم البشير لمحكمة الجنايات الدولية، وفي اكتوبر من العام الماضي أيضاً أعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، حصولها على تأكيدات من رئيس مجلس السيادة بالسودان عبد البرهان البرهان، بمحاسبة مرتكبي جرائم دارفور، وذلك خلال لقاء جمعها مع البرهان في الخرطوم ولم توضح بنسودا كيفية المحاسبة وهذا ليس بالأمر المستغرب خاصة وأن هناك تردد دائم في قبول محاكمة البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية. وأوضح أنه على الرغم من ذلك فقد قالت مدعية المحكمة الجنائية إنها بحثت مع المسؤولين في الخرطوم السماح لمحققين من المحكمة بدخول السودان للتحقيق في الجرائم التي ارتكبت في اقليم دارفور خلال حكم الرئيس السابق عمر البشير، وقالت ان هناك تقدماً بالمفاوضات حول هذا الأمر، مشيرا إلى أن الغريب في الأمر أن المحكمة الجنائية أصدرت مذكرة اعتقال بحقه وهو الآن مازال في موقعه الهام، ومن المثير للاهتمام مراقبة الأوضاع وترقب التصريحات حول التزامه بالتعاون مع المحكمة فمن غير المتوقع أن البرهان سوف يسلم نفسه للمحكمة طوعاً. وأشار إلى أن المحكمة بنت المذكرة على أساس عمله في دارفور فقد تولى البرهان في العام 2003 منصب معتمد محلية نيرتتي بولاية عرب دارفور سابقاً، وتم القبض عليه حينها من قبل حركة تحرير السودان، وتم اطلاق سراحه في صفقة تبادل الأسرى عقب التوقيع على اتفاقية أبشي الأولى بتشاد في الثالث من سبتمبر 2003 بين الحركة والحكومة السودانية وبعد إطلاق سراحه أعادته الحكومة للخدمة وأرجعته الى دارفور حيث قاد عمليات عسكرية ضد الحركة وأسس وأشرف على أنشطة الجنجويد وحرس الحدود لاحقاً وتسليح القبائل العربية بالمنطقة. وأكد المحلل، أنه في يونيو من العام الماضي مثل زعيم المليشيا السوداني السابق علي كوشيب أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور السوداني، وأقر خلال المحاكمة أن بأن المسؤولية عن هذه الجرائم تقع بالأساس على قادة كبار في الحكومة السودانية السابقة برئاسة عمر البشير. ومن جانبه قال المحلل السياسي آدم جديد الذي تواصل على فترات مختلفة مع كوشيب، وجود مستندات تؤكد وتربط بشكل مباشر وجود علاقة بالأحداث التي كان ضالعاً فيها البشير ونائب الرئيس الأسبق علي عثمان طه مع وزير الدفاع عبدالرحيم محمد حسين وأحمد هارون وإبراهيم غندور الذي كان وزيراً للخارجية السودانية في وقت سابق ورئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول، موضحا أن المشككين قد يقولون أنه من الغريب أن تتفاوض محكمة الجنايات الدولية مع البرهان حول تسليم المطلوبين، خلال زيارات رسمية الى الخرطوم، ومن ثم وبعد عام تصدر بحق البرهان مذكرة اعتقال، والبعض يذهب الى افتراض وجود مؤامرات ضد السودان وما شابه، لكن هذا كله يُبنى على أساس عدم فهم كيفية عمل محكمة الجنايات الدولية، فهي في كثير من الاحيان تقوم بعملها بشكل سري وتجمع الدلائل والبراهين، ومن ثم تضع قوائم سرية بمرتكبي جرائم الحرب، من أجل اعتقالهم على حين غرّة.