تنظيم الجماعة يؤكد ان منهجها وحده هو الإسلام الصحيح فلا يعد غيره كذلك عندما ظهرت مجلة النذير، واعلن المرشد (حسن البنا) في عددها الاول ان الاسلام عبادة وقيادة ودين ودولة وروحانية وعمل وصلاة وجهاد وطاعة وحلم ومصحف وسيف.. فحق للجميع ان يتساءلوا: فيم سيستعمل السيف؟ والى صدر من سيوجه؟ وما الهدف من وصول الجماعة الى الحكم والسيطرة على الدولة؟ ومن سيكون الحاكم وقتها؟ ومن سيكون المحكوم؟ وخطورة الامر ان هذا الكلام ليس مجرد رأي يلقيه احد الكتاب، ولكنه موقف يستطيع ان يمسك السيف. والحاصل انه في المؤتمر الثالث للاخوان الذي انعقد في اوائل عام 1935 وصنع منهاجاً لنشاط الجماعة ولطريقة التكوين العملي لاعضائها وتكوينها الاداري وموقف الجماعة من التيارات العامة والحركات الفكرية الاسلامية.. الخ. وتضمنت قرارات المؤتمر مبدأين بالغي الاهمية: أولهما: «على كل مسلم ان يعتقد ان هذا المنهج كله (منهاج الاخوان المسلمين) من الاسلام وان كل نقص منه نقص من الفكرة الاسلامية الصحيحة». وثانيهما: «كل هيئة تحقق بعملها ناحية من نواحي منهاج الاخوان المسلمين يؤيدها الاخ المسلم في هذه الناحية يجب على الاخوان المسلمين اذا ايدوا هيئة ما من الهيئات ان يستوثقوا انها لا تتنكر لغايتهم في وقت من الاوقات». وكان من الواجبات التي يلتزم عضو الجماعة (الاخ العامل) بتنفيذها: «أن تتخلى عن صلتك بأي هيئة او جماعة لا يكون الاتصال بها في مصلحة الدعوة وبخاصة اذا امرت بذلك». ووجه خطورة المبدأ الاول ان الجماعة تصادر به الدين لمصلحتها، وبهذا لا تصبح مجرد جمعية تطبيق الدين كما يحاول غيرها ان يفعل. وانما تؤكد ان منهجها وحده هو الاسلام الصحيح فلا يعد غيره كذلك، وبهذا يكون تنظيم الجماعة هو تجسيدا للاسلام ومؤسسة مهيمنة عليه، فيكون من لم يوالها خارجا على الاسلام ذاته. ووجه اهمية المبدأ الثاني ان لعضو الجماعة ولاء وحيدا لها دون غيرها من الهيئات وان تأييده للهيئات الاخرى يكون في الناحية التي تراها الجماعة فقط. والاستيثاق من عدم تنكر الغير لهم يعني فيما يعني الحرص على الاستقلال والذاتية وألا يحترم الاخوان الا اهداف جماعتهم بوصفها تنظيما. والمبدأ الأول يسعى للسيطرة على الاسلام للاتصاف به فقط، والمبدأ الثاني من ملامح التنظيمات السياسية، ويعني ذلك ان ثمة تنظيما سياسيا يسعى لاحتواء الاسلام بوصفه دينا، (كتاب الحركة السياسية في مصر دار الشرق ص119/118). كل ما يهمنا من هذا السرد الذي طرحه المفكر الاسلامي طارق البشري ان حسن البنا لم يجعل منهج الاخوان هو القرآن والسنة وهو الاسلام مثلما جعلته منهاجا لها باقي الجماعات والاحزاب الدينية الاخرى. وانما وضع لجماعة الاخوان منهاجا آخر لنشاطها وقال هذا من الاسلام، فمن انتقص فيه فقد انتقص من الاسلام الصحيح، اي بصحيح العبارة انه جعل من الاسلام طواعية وتابعا لفكره ومنهجه لا متصفا به والامتثال له. وسوف نحاول شرح هذا المنهج الاخواني.. منهج حسن البنا في المرات القادمة بإذن الله وصلى الله على سيدنا محمد. نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية