بالأسماء، قرار جديد بالسماح ل 21 مواطنا بالحصول على جنسيات أجنبية    أمين الأعلى للجامعات يترأس اجتماع مجلس شئون التعليم بجامعة القاهرة    التضامن الاجتماعي تشارك في احتفال الأزهر الشريف بالأشخاص ذوي الإعاقة    أسعار الأسماك اليوم الإثنين 22 ديسمبر فى سوق العبور    استقرار أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 22 ديسمبر 2025    سعر أونصة الذهب يتجاوز 4400 دولار للمرة الأولى على الإطلاق    وزير العمل يصدر قرارا تنفيذيا لتحديد الجهات المختصة بتقديم خدمات الوزارة    السكك الحديدية تعتذر لركاب القطارات لهذا السبب    500 مليون جنيه استثمارات لتحويل مخلفات الشرقية إلى طاقة نظيفة    بالفيديو.. مساعد وزير البيئة: المحميات الطبيعية في مصر تتحول إلى وجهات سياحية مستدامة    مقتل 16 شخصا بانقلاب حافلة في إندونيسيا    المبعوث الأمريكي للعراق: نزع سلاح الفصائل يجب أن يكون شاملا ولا رجعة فيه ضمن إطار وطني ملزم    الحكومة النيجيرية تعلن تحرير 130 تلميذا مختطفا    وول ستريت: أسعار القهوة فى أمريكا مرشحة للبقاء مرتفعة رغم تراجع الرسوم الجمركية    تحرك شاحنات القافلة ال99 من المساعدات الإنسانية تمهيدا لدخولها من مصر إلى غزة    أمم أفريقيا 2025.. منتخب مصر يستهل مشواره بمواجهة زيمبابوي    محمود ناجي حكما لمباراة سيراميكا وأبو قير للأسمدة في كأس مصر    الشناوي: هدفنا التتويج بأمم أفريقيا وإسعاد 120 مليون مصري    تشديدات أمنية ودعم جماهيري وطقس جيد.. سفير مصر يطمئن على بعثة الفراعنة بالمغرب    بالأسماء.. 11 مصابًا في حادث انقلاب ميكروباص بالبحيرة    انخفاض درجات الحرارة في الإسكندرية.. والعظمى 21 درجة مئوية    جريمة 7 الصبح.. قاتل صديقه بالإسكندرية: نفذت صباحا حتى لا يشعر أحد بالواقعة    مصر تكثف تحركاتها مع ليبيا لكشف مصير المفقودين وتؤكد استمرار الجهود دون انقطاع    اليوم.. نظر محاكمة هدير عبد الرازق وأوتاكا بتهمة نشر فيديوهات خادشة    في ذكرى رحيل سناء جميل.. مسيرة فنية خالدة من المسرح إلى ذاكرة الفن المصري    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 22ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    الصحة تبحث مع وفد ليبي نقل التجربة المصرية في الرعاية الطبية الأولية    رئيس جامعة بورسعيد يكشف المشروعات المزمع افتتاحها بالتزامن مع احتفالات العيد القومي للمدينة الباسلة    نائب وزير الصحة يترأس الاجتماع الأول للجنة تطوير منظومة طب الأسنان    رئيس جامعة القاهرة يجري سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بالصين لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي    ألمانيا تعلن تسجيل أكثر من 1000 حالة تحليق مشبوهة للمسيرات فى 2025 .. وتصاعد المخاوف الأمنية    اليوم .. الإدارية العليا تفصل فى 48 طعنا على نتيجة 30 دائرة ملغاة بانتخابات النواب    أهالي المنوفية يشيعون 4 جثامين من ضحايا الطريق الصحراوي    اليوم.. الحكم على 16 متهما بقضية الهيكل الإداري بالهرم    كأس الأمم الإفريقية| اليوم.. جنوب إفريقيا تفتتح مشوارها أمام أنجولا ضمن مجموعة مصر    تعرف علي مواعيد امتحانات الفصل الدراسى الأول لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوى بالجيزة    محمود الليثي يشعل رأس السنة بحفل عالمي في فرنسا ويعيش أقوى فتراته الفنية    بحضور أبطاله.. انطلاق العرض الخاص لفيلم «خريطة رأس السنة» في أجواء احتفالية    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    «المهن التمثيلية» تكشف تطورات الحالة الصحية للفنان إدوارد    مفوضى القضاء الإدارى: ادعاءات وجود عوائق أمام تنفيذ مشروع الزمالك قول مرسل    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 22 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    ريهام عبد الغفور: خريطة رأس السنة محطة استثنائية في مسيرتي الفنية    متحدث الكهرباء: 15.5 مليار جنيه خسائر سرقات واستهلاك غير قانوني    السلفية والسياسة: التيه بين النص والواقع.. قراءة في التحولات الكبرى    أبناؤنا أمانة.. أوقاف بورسعيد تطلق خارطة طريق لحماية النشء من (مسجد لطفي)| صور    سائق يقتل زوج شقيقته إثر نزاع عائلي على شقة ميراث بالخانكة    أستاذ بالأزهر يوضح فضائل شهر رجب ومكانته في ميزان الشرع    تصعيد ديموقراطي ضد ترامب بسبب وثائق إبستين المثيرة للجدل    خالد الغندور: توروب رفض التعاقد مع محمد عبد المنعم    تعرف على جوائز الدورة ال7 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي للفيلم القصير    تامر النحاس: سعر حامد حمدان لن يقل عن 50 مليونا وصعب ديانج يروح بيراميدز    هاني البحيري: يد الله امتدت لتنقذ أمي من أزمتها الصحية    نجاح عملية معقدة لتشوه شديد بالعمود الفقرى بمستشفى جامعة كفر الشيخ    سلوكيات خاطئة تسبب الإصابة بالفشل الكلوي    دعاء أول يوم في شهر رجب.. يزيد البركة والرزق    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا كان يريد حسن البنا؟
نشر في الدستور الأصلي يوم 03 - 09 - 2010

سئل الشيخ حسن البنا أن يعرف نفسه للناس فأجاب بقوله: أنا سائح يطلب الحقيقة وإنسان يبحث عن مدلول الإنسانية بين الناس ومواطن ينشد لوطنه الكرامة والحرية والاستقرار والحياة الطيبة في ظل الإسلام الحنيف، وأنا متجرد أدرك سر وجوده فنادي: «إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين».. هذا هو حسن البنا «الشيخ» الذي استطاع أن يصل إلي الإسلام بصورته الواسعة وبعمقه الكبير، واستطاع أن يصنع تنظيما عاش معه21 عاما وعاش بعد 61 عاما ومازال يعيش بيننا بفضل نظام وضعه البنا وإن لم يدركه أصحابه ومريدوه بالشكل الذي كان يريده.
فقد كان حسن البنا دائما يستنكر سؤال لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟ وكان يري أنه ينبغي أن نطرح سؤالا آخر هو: لماذا نهض المسلمون وازدهرت حضارتهم وسادت الدنيا أول مرة؟ والجواب من وجهة نظره «المسلمون يوم تمسكوا بتعاليم الإسلام سادوا وشادوا وعمروا الأرض وأناروا الإنسانية وأسعدوا الدنيا بحضارة لم تزل وستظل بهجة الحياة وعنوان الفضيلة، وعندما تنكروا لدينهم وجهلوه وأهملوه ولبسوه كما يلبس الفرو مقلوبا فوصلوا إلي ما هم فيه وسيظلون كذلك حتي يعودوا إلي دينهم».
إن القضية في نظر البنا لا تخرج عن كونها سنة من سنن الله في حياة الأمم، فهو يري أن كل أمة بين طورين لا ثالث لهما يخلف كل منهما الآخر متي توافرت دواعيه وأسبابه، هذان الطوران هما طور القوة وطور الضعف فالأمة تقوي إذا حددت غايتها وعرفت مثلها الأعلي ورسمت منهاجا وصممت علي الوصول إلي الغاية وتنفيذ المنهاج ومحاكاة المثل الأعلي مهما كلفها ذلك من تضحيات وعندما تنسي الغاية وتجهل المثل وتؤثر المنفعة والمتعة علي الجهاد وتنحل الأخلاق ويكون مظهر ذلك الإغراق في الترف والقعود عن الواجب حينئذ تأخذ الأمة في الضعف.
ونذهب للسؤال الأهم هو: ماذا كان يريد حسن البنا؟
المفكر جمال البنا يجيب عنه قائلا: كان حسن البنا رجلا تربويا بفطرته وطبيعته وقد أراد الله له أن يدخل دار العلوم ليكون معلما وعبر عن أمله عندما طلب إليه مع بقية الطلبة أن يكتب موضوعا عن أمله بعد التخرج فقال إن أمله أن يكون مرشدا معلما يقضي سحابة اليوم في تعليم الأبناء ويقضي الليل في تعليم الآباء هدف دينهم ومنابع سعادتهم، وكان هدفه أن يكون الإسلام منهج حياة وكان عليه لكي يحقق هذا أن يقدم الإسلام مبلورا مبسطا مركزا وهو ما فعله في عدد من الرسائل الصغيرة أو المقالات، وأضرب مثلا برسالة التعاليم التي أعتبره قائما علي الفهم وعرض الفهم في صورة للسلفية المبسطة مع استبعاد ما أقحم علي هذه الأصول من غشاوات: فقال إنما أريد بالفهم أن نوقن بأن فكرتنا إسلامية صميمة وأن تفهم الإسلام كما نفهمه في حدود الأصول العشرين الموجزة:
1-الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعها فهو دولة ووطن أو حكومة أو أمة وهو خلق وقوة ورحمة وعدالة وهو ثقافة وعلم وقضاء.
2- القرآن الكريم والسنة المطهرة مرجع كل مسلم في تعرف أحكام الإسلام ويفهم القرآن طبقا لقواعد اللغة العربية من غير تكلف ولا تعسف.
3- الإيمان الصادق والعبادة الصحيحة والمجاهدة نور وحلاوة يقذفهما الله في قلب من يشاء من عباده.
4-الرقي والودع والرمل والمعرفة والكهانة وادعاء معرفة الغيب وكل ما كان من هذا الباب منكر يجب محاربته إلا إذا كان آية من قرآن كريم أو رقية مأثورة.
5-رأي الإمام ونائبه فيما لا نص فيه وفيما يحتمل وجوها عدة وفي المصالح المرسلة معمول به ما لم يصطدم بقاعدة شرعية.
6-كل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم «صلي الله عليه وسلم» وكل ما جاء عن السلف رضوان الله عليهم موافقا للكتاب والسنة.
7-لكل مسلم لم يبلغ درجة النظر في أدلة الأحكام الفرعية أن يتبع إماما من أئمة الدين ويحسن به مع هذا الاتباع أن يجتهد ما استطاع في تعرف أدلته.
8- الخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سببا للتفرق في الدين.
9- كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها من التكلف الذي نهينا عنه شرعا.
10- معرفة الله تبارك وتعالي وتوحيده وتنزيهه أسمي عقائد الإسلام وآيات الصفات وأحاديثها الصحيحة.
11- كل بدعة في دين الله لا أصل لها وضلالة تجب محاربتها والقضاء عليها بأفضل الوسائل التي لا تؤدي إلي ما هو شر منها.
12- محبة الصالحين واحترامهم والثناء عليهم بما عرف من طيب أعمالهم قربة إلي الله تعالي.
13- زيارة القبور أيا كانت سنة مشروعة بالكيفية المأثورة ولكن الاستعانة بالموتي أيا كانوا وطلب قضاء الحاجات منهم كبائر تجب محاربتها.
14- البدعة الإضافية والتركية والالتزام في العبادات المطلقة خلاف فقهي لكل فيه رأيه.
15-الدعاء إذا قورن بالتوسل إلي الله بأحد من خلقه خلاف فرعي في كيفية الدعاء وليس من مسائل العقيدة.
16- العرف الخاطئ لا يغير حقائق الألفاظ الشرعية بل يجب التأكد من حدود المعاني المقصود بها والوقوف عندها.
17-العقيدة أساس العمل وعمل القلب أهم من عمل الجارحة.
18- الإسلام يحرر العقل ويحث علي النظر في الكون ويرفع العلم والعلماء ويرحب بالصلح والنافع من كل شئ.
19- قد يتناول كل من النظر الشرعي والنظر العقلي ما لا يدخل في دائرة الآخر.
20- لا تكفر مسلما أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاها وأدي الفرائض إلا إن أقر بكلمة الكفر.
الإمام حسن البنا احتفظ بالسلفية بكل معالمها تقريبا وإن استبعد منها الشوائب والغشاوات وهو أمر إن كان يحمد له في قضية الالتزام فلا جدال أنه كان قيدا علي حرية التجديد كما نراها اليوم وأن مقارنة رسالة التعاليم بأصول الإسلام كما قدمها الإمام محمد عبده تمثل مدي التزام حسن البنا ومدي تحرر محمد عبده وإذا كان هناك تبرير فهو أن محمد عبده كان مفكرا حرا ولكن حسن البنا كان زعيما جماهيريا، والزعيم الجماهيري ملزم باتباع مستوي فهم جماهيره، فالإمام محمد عبده كان يطلق آراءه وحسن البنا كان يطبق أحكامه وهناك فرق كبير بين الفكر والتطبيق.
وفي رسالته المهمة عن «مشكلاتنا الداخلية في ضوء النظام الإسلامي» نظام الحكم يتحدث إلينا كأنه ليبرالي من أبناء ثورة 19 ومن أنصار دستور23.
فهو يشير إلي مسئولية الحكم ووحدة الأمة واحترام إرادة الأمة وهو يتحدث عن نظام الانتخاب وعيوبه في مصر ويستشهد بكلام لميريت غالي والدكتور سيد صبري كما ينتقد سياسة الأحزاب وأنه ليس لها مبادئ متميزة وأن رسالتها الوحيدة هي الحكم، وفي كل ما كتبه البنا ورغم أن هو الذي صك تعبير «دين ودولة» فلم ترد أبدا كلمة الحاكمية الألهية، وكان أقصي ما وصل إليه الإخوان - في عهده - هو الترشيح مرتان للمجلس التشريعي، فقد كان حسن البنا بالدرجة الأولي منظما وهذه هي ميزته بقدر ما كانت هي السبب في ضبط فكرته بما يسمح به الواقع ومستوي الجماهير العريضة، فإذا كان البنا لم ينجح فيما هدف إليه من جعل الإسلام منهج حياة فإنه قدم لنا الهيئة الإسلامية القياسية وما تتعرض له الهيئة من مأزق، وهذا في حد ذاته درس يثري ويعلم الهيئات الإسلامية. لذلك ليس غريبا أن يكون أول من ذهب إلي اليمن وشارك في ثورتها وساهم في حرب فلسطين مساهمة لا ينكرها حتي ألد أعدائه.
رؤية حسن البنا كانت أكبر كثيرا مما ظهر منها فلم تكن مصر فقط هي شغله الشاغل - وإن كانت المنطقة الأهم - لكن العالم الإسلامي كله كان يشغله ويشغل تفكيره لذلك كان سباقا لفكرة الوحدة العربية بل كان شديد الحماسة لها فقال في عام 1938: نحن نعلم أن لكل شعب مميزاته وقسطه من الفضيلة والخلق ونعلم أن الشعوب تتفاوت وتتفاضل ونعتقد أن العروبة لها من ذلك النصيب الأوفر والأوفي ولكن ليس معني هذا أن تتخذ الشعوب هذه المزايا ذريعة إلي العدوان بل عليها أن تتخذ ذلك وسيلة إلي النهوض بالإنسانية وأضاف قائلا: الإسلام نشأ عربيا ووصل إلي الأمم عن طريق العرب وجاء كتابه بلسان عربي مبين وتوحدت الأمم باسمه علي هذا اللسان يوم كان المسلمون مسلمين بحق، وقد جاء في الأثر إذا ذل العربي ذل الإسلامي وقد تحقق هذا المعني السياسي وانتقل الأمر من أيديهم إلي غيرهم ثم جاء وأكد في خطاب له عام 1941: أن العروبة لها في دعوتنا مكانها البارز وحظها الوافر فالعرب هم أمة الإسلام الأولي ولن ينهض الإسلام بغير اجتماع كلمة الشعوب العربية، فهذه التقسيمات السياسية لا تمزق في أنفسنا أبدا معني الوحدة العربية الإسلامية التي جمعت القلوب علي أمل واحد ونحن نعتقد أننا حين نعمل للعروبة نعمل للسلام ولخير العالم كله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.