سياحة وفنادق ودار علوم وحقوق وآداب، أبرز الأماكن الشاغرة لطلاب المرحلة الثالثة 2025    تعرف على ضوابط الإعلان عن الفائزين بانتخابات الشيوخ وهذه شروط الإعادة    الأعلى للإعلام: 20 ترخيصا جديدا لمواقع وتطبيقات إلكترونية    جلسة تشاورية لوصف مشروع القطار الكهربائي السريع أكتوبر- أبو سمبل في أسوان (صور)    وزير قطاع الأعمال العام يترأس الجمعية العامة للقابضة للأدوية لاعتماد موازنة 2025-2026    الاحتلال الإسرائيلي يهدم منزلا في بلدة سلواد لسبب غريب    رئيس مدينة الخانكة: مصنع الأحذية المحترق مرخص وأعمال التبريد جارية (صور)    ضبط 1156 قضية «سرقة تيار كهربائي» خلال 24 ساعة    قبل عرضه على الشاشات، كل ما تريد معرفته عن مسلسل سلمى    القومي لثقافة الطفل يتغنى بأوبريت "وفاء النيل" على مسرح معهد الموسيقى العربية، الأربعاء    «جربت الجوع سنين».. عباس أبوالحسن يهاجم محمد رمضان بعد صورته مع لارا ترامب    محافظة الجيزة تنظم قافلة طبية متخصصة في أمراض العيون بمدينة الصف    إعلام فلسطيني: اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في غزة وانسحاب الجيش الإسرائيلي    تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام تيرول وديًا اليوم    محمد الشناوي يوضح موقفه من الرحيل وحقيقة مفاوضات الزمالك وبيراميدز    أسعار الأسماك بأسواق كفر الشيخ اليوم.. البلطي ب 90 جنيها    سعر الدولار في مصر اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025    الأرصاد: استمرار الأجواء شديدة الحرارة وتحذير من اضطراب الملاحة البحرية    غرق سيدة وصغير في نهر النيل بسوهاج    ارتفاع التفاح.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025    وزير الري يستقبل سفراء مصر الجدد في جنوب السودان وكينيا ورواندا    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    قافلة المساعدات المصرية ال13 تنطلق إلى غزة    منتخب الناشئين يواجه الدنمارك في مباراة قوية ب مونديال اليد    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    26 من زعماء الاتحاد الأوروبي: أوكرانيا يجب أن تتمتع بالحرية في تقرير مستقبلها    مادونا في نداء عاجل للبابا: تعال إلى غزة.. كأم لا أستطيع تحمل معاناة الأطفال هناك    رئيس الوزراء ينعى على المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية السابق    انتظام امتحانات الدور الثاني للدبلومات الفنية في يومها الرابع بالغربية    3 شهداء و7 إصابات برصاص الاحتلال قرب نقطة توزيع المساعدات وسط القطاع    "لوفيجارو": الصين في مواجهة ترامب "العين بالعين والسن بالسن"    جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية تكرم المشاركين في ملتقى القادة الأول    الأربعاء.. القومي لثقافة الطفل يقدم أوبريت وفاء النيل على مسرح معهد الموسيقى العربية    14 أغسطس.. تامر عاشور يحيي حفلًا غنائيًا في العلمين الجديدة    وزير الإسكان يعقد اجتماعا مع الشركات المنفذة لمشروع حدائق تلال الفسطاط    وزير البترول والثروة المعدنية يتابع جهود جذب الاستثمارات من خلال بوابة مصر الرقمية للاستكشاف والإنتاج EUG    تنطلق الخميس.. مواعيد مباريات الجولة الثانية من بطولة الدوري المصري    لجان ميدانية لمتابعة منظومة العمل بالوحدات الصحية ورصد المعوقات بالإسكندرية (صور)    مؤشرات تنسيق المرحلة الثانية، الحدود الدنيا للشعبة الأدبية نظام قديم    إصابة 30 شخصا إثر حادث تصادم بين أتوبيس ركاب وسيارة نصف نقل على طريق أسيوط -البحر الأحمر    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    زيارة لوفد «الحكماء» التابع للأمم المتحدة لتفقد الخدمات الطبية المقدمة للمرضى الفلسطينيين بمستشفى العريش العام    «هلاعبك وحقك عليا!».. تعليق ناري من شوبير بشأن رسالة ريبيرو لنجم الأهلي    من شرفة بالدقي إلى الزواج بعد 30 عاما.. محمد سعيد محفوظ: لأول مرة أجد نفسي بطلا في قصة عاطفية    وليد صلاح الدين: أرحب بعودة وسام أبوعلي للأهلي.. ومصلحة النادي فوق الجميع    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    مبلغ ضخم، كم سيدفع الهلال السعودي لمهاجمه ميتروفيتش لفسخ عقده؟    نتيجة تنسيق المرحلة الثانية علمي علوم.. رابط مباشر    4 أبراج «في الحب زي المغناطيس».. يجذبون المعجبين بسهولة وأحلامهم تتحول لواقع    تحارب الألم والتيبس.. مشروبات صيفية مفيدة لمرضى التهاب المفاصل    موعد مباراة سيراميكا كيلوباترا وزد بالدوري والقنوات الناقلة    قرار هام بشأن البلوجر لوشا لنشره محتوى منافي للآداب    د. آلاء برانية تكتب: الوعى الزائف.. مخاطر الشائعات على الثقة بين الدولة والمجتمع المصري    «مشروب المقاهي الأكثر طلبًا».. حضري «الزبادي خلاط» في المنزل وتمتعي بمذاق منعش    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    هل يشعر الموتى بالأحياء؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا كان يريد حسن البنا؟
نشر في الدستور الأصلي يوم 03 - 09 - 2010

سئل الشيخ حسن البنا أن يعرف نفسه للناس فأجاب بقوله: أنا سائح يطلب الحقيقة وإنسان يبحث عن مدلول الإنسانية بين الناس ومواطن ينشد لوطنه الكرامة والحرية والاستقرار والحياة الطيبة في ظل الإسلام الحنيف، وأنا متجرد أدرك سر وجوده فنادي: «إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين».. هذا هو حسن البنا «الشيخ» الذي استطاع أن يصل إلي الإسلام بصورته الواسعة وبعمقه الكبير، واستطاع أن يصنع تنظيما عاش معه21 عاما وعاش بعد 61 عاما ومازال يعيش بيننا بفضل نظام وضعه البنا وإن لم يدركه أصحابه ومريدوه بالشكل الذي كان يريده.
فقد كان حسن البنا دائما يستنكر سؤال لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟ وكان يري أنه ينبغي أن نطرح سؤالا آخر هو: لماذا نهض المسلمون وازدهرت حضارتهم وسادت الدنيا أول مرة؟ والجواب من وجهة نظره «المسلمون يوم تمسكوا بتعاليم الإسلام سادوا وشادوا وعمروا الأرض وأناروا الإنسانية وأسعدوا الدنيا بحضارة لم تزل وستظل بهجة الحياة وعنوان الفضيلة، وعندما تنكروا لدينهم وجهلوه وأهملوه ولبسوه كما يلبس الفرو مقلوبا فوصلوا إلي ما هم فيه وسيظلون كذلك حتي يعودوا إلي دينهم».
إن القضية في نظر البنا لا تخرج عن كونها سنة من سنن الله في حياة الأمم، فهو يري أن كل أمة بين طورين لا ثالث لهما يخلف كل منهما الآخر متي توافرت دواعيه وأسبابه، هذان الطوران هما طور القوة وطور الضعف فالأمة تقوي إذا حددت غايتها وعرفت مثلها الأعلي ورسمت منهاجا وصممت علي الوصول إلي الغاية وتنفيذ المنهاج ومحاكاة المثل الأعلي مهما كلفها ذلك من تضحيات وعندما تنسي الغاية وتجهل المثل وتؤثر المنفعة والمتعة علي الجهاد وتنحل الأخلاق ويكون مظهر ذلك الإغراق في الترف والقعود عن الواجب حينئذ تأخذ الأمة في الضعف.
ونذهب للسؤال الأهم هو: ماذا كان يريد حسن البنا؟
المفكر جمال البنا يجيب عنه قائلا: كان حسن البنا رجلا تربويا بفطرته وطبيعته وقد أراد الله له أن يدخل دار العلوم ليكون معلما وعبر عن أمله عندما طلب إليه مع بقية الطلبة أن يكتب موضوعا عن أمله بعد التخرج فقال إن أمله أن يكون مرشدا معلما يقضي سحابة اليوم في تعليم الأبناء ويقضي الليل في تعليم الآباء هدف دينهم ومنابع سعادتهم، وكان هدفه أن يكون الإسلام منهج حياة وكان عليه لكي يحقق هذا أن يقدم الإسلام مبلورا مبسطا مركزا وهو ما فعله في عدد من الرسائل الصغيرة أو المقالات، وأضرب مثلا برسالة التعاليم التي أعتبره قائما علي الفهم وعرض الفهم في صورة للسلفية المبسطة مع استبعاد ما أقحم علي هذه الأصول من غشاوات: فقال إنما أريد بالفهم أن نوقن بأن فكرتنا إسلامية صميمة وأن تفهم الإسلام كما نفهمه في حدود الأصول العشرين الموجزة:
1-الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعها فهو دولة ووطن أو حكومة أو أمة وهو خلق وقوة ورحمة وعدالة وهو ثقافة وعلم وقضاء.
2- القرآن الكريم والسنة المطهرة مرجع كل مسلم في تعرف أحكام الإسلام ويفهم القرآن طبقا لقواعد اللغة العربية من غير تكلف ولا تعسف.
3- الإيمان الصادق والعبادة الصحيحة والمجاهدة نور وحلاوة يقذفهما الله في قلب من يشاء من عباده.
4-الرقي والودع والرمل والمعرفة والكهانة وادعاء معرفة الغيب وكل ما كان من هذا الباب منكر يجب محاربته إلا إذا كان آية من قرآن كريم أو رقية مأثورة.
5-رأي الإمام ونائبه فيما لا نص فيه وفيما يحتمل وجوها عدة وفي المصالح المرسلة معمول به ما لم يصطدم بقاعدة شرعية.
6-كل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم «صلي الله عليه وسلم» وكل ما جاء عن السلف رضوان الله عليهم موافقا للكتاب والسنة.
7-لكل مسلم لم يبلغ درجة النظر في أدلة الأحكام الفرعية أن يتبع إماما من أئمة الدين ويحسن به مع هذا الاتباع أن يجتهد ما استطاع في تعرف أدلته.
8- الخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سببا للتفرق في الدين.
9- كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها من التكلف الذي نهينا عنه شرعا.
10- معرفة الله تبارك وتعالي وتوحيده وتنزيهه أسمي عقائد الإسلام وآيات الصفات وأحاديثها الصحيحة.
11- كل بدعة في دين الله لا أصل لها وضلالة تجب محاربتها والقضاء عليها بأفضل الوسائل التي لا تؤدي إلي ما هو شر منها.
12- محبة الصالحين واحترامهم والثناء عليهم بما عرف من طيب أعمالهم قربة إلي الله تعالي.
13- زيارة القبور أيا كانت سنة مشروعة بالكيفية المأثورة ولكن الاستعانة بالموتي أيا كانوا وطلب قضاء الحاجات منهم كبائر تجب محاربتها.
14- البدعة الإضافية والتركية والالتزام في العبادات المطلقة خلاف فقهي لكل فيه رأيه.
15-الدعاء إذا قورن بالتوسل إلي الله بأحد من خلقه خلاف فرعي في كيفية الدعاء وليس من مسائل العقيدة.
16- العرف الخاطئ لا يغير حقائق الألفاظ الشرعية بل يجب التأكد من حدود المعاني المقصود بها والوقوف عندها.
17-العقيدة أساس العمل وعمل القلب أهم من عمل الجارحة.
18- الإسلام يحرر العقل ويحث علي النظر في الكون ويرفع العلم والعلماء ويرحب بالصلح والنافع من كل شئ.
19- قد يتناول كل من النظر الشرعي والنظر العقلي ما لا يدخل في دائرة الآخر.
20- لا تكفر مسلما أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاها وأدي الفرائض إلا إن أقر بكلمة الكفر.
الإمام حسن البنا احتفظ بالسلفية بكل معالمها تقريبا وإن استبعد منها الشوائب والغشاوات وهو أمر إن كان يحمد له في قضية الالتزام فلا جدال أنه كان قيدا علي حرية التجديد كما نراها اليوم وأن مقارنة رسالة التعاليم بأصول الإسلام كما قدمها الإمام محمد عبده تمثل مدي التزام حسن البنا ومدي تحرر محمد عبده وإذا كان هناك تبرير فهو أن محمد عبده كان مفكرا حرا ولكن حسن البنا كان زعيما جماهيريا، والزعيم الجماهيري ملزم باتباع مستوي فهم جماهيره، فالإمام محمد عبده كان يطلق آراءه وحسن البنا كان يطبق أحكامه وهناك فرق كبير بين الفكر والتطبيق.
وفي رسالته المهمة عن «مشكلاتنا الداخلية في ضوء النظام الإسلامي» نظام الحكم يتحدث إلينا كأنه ليبرالي من أبناء ثورة 19 ومن أنصار دستور23.
فهو يشير إلي مسئولية الحكم ووحدة الأمة واحترام إرادة الأمة وهو يتحدث عن نظام الانتخاب وعيوبه في مصر ويستشهد بكلام لميريت غالي والدكتور سيد صبري كما ينتقد سياسة الأحزاب وأنه ليس لها مبادئ متميزة وأن رسالتها الوحيدة هي الحكم، وفي كل ما كتبه البنا ورغم أن هو الذي صك تعبير «دين ودولة» فلم ترد أبدا كلمة الحاكمية الألهية، وكان أقصي ما وصل إليه الإخوان - في عهده - هو الترشيح مرتان للمجلس التشريعي، فقد كان حسن البنا بالدرجة الأولي منظما وهذه هي ميزته بقدر ما كانت هي السبب في ضبط فكرته بما يسمح به الواقع ومستوي الجماهير العريضة، فإذا كان البنا لم ينجح فيما هدف إليه من جعل الإسلام منهج حياة فإنه قدم لنا الهيئة الإسلامية القياسية وما تتعرض له الهيئة من مأزق، وهذا في حد ذاته درس يثري ويعلم الهيئات الإسلامية. لذلك ليس غريبا أن يكون أول من ذهب إلي اليمن وشارك في ثورتها وساهم في حرب فلسطين مساهمة لا ينكرها حتي ألد أعدائه.
رؤية حسن البنا كانت أكبر كثيرا مما ظهر منها فلم تكن مصر فقط هي شغله الشاغل - وإن كانت المنطقة الأهم - لكن العالم الإسلامي كله كان يشغله ويشغل تفكيره لذلك كان سباقا لفكرة الوحدة العربية بل كان شديد الحماسة لها فقال في عام 1938: نحن نعلم أن لكل شعب مميزاته وقسطه من الفضيلة والخلق ونعلم أن الشعوب تتفاوت وتتفاضل ونعتقد أن العروبة لها من ذلك النصيب الأوفر والأوفي ولكن ليس معني هذا أن تتخذ الشعوب هذه المزايا ذريعة إلي العدوان بل عليها أن تتخذ ذلك وسيلة إلي النهوض بالإنسانية وأضاف قائلا: الإسلام نشأ عربيا ووصل إلي الأمم عن طريق العرب وجاء كتابه بلسان عربي مبين وتوحدت الأمم باسمه علي هذا اللسان يوم كان المسلمون مسلمين بحق، وقد جاء في الأثر إذا ذل العربي ذل الإسلامي وقد تحقق هذا المعني السياسي وانتقل الأمر من أيديهم إلي غيرهم ثم جاء وأكد في خطاب له عام 1941: أن العروبة لها في دعوتنا مكانها البارز وحظها الوافر فالعرب هم أمة الإسلام الأولي ولن ينهض الإسلام بغير اجتماع كلمة الشعوب العربية، فهذه التقسيمات السياسية لا تمزق في أنفسنا أبدا معني الوحدة العربية الإسلامية التي جمعت القلوب علي أمل واحد ونحن نعتقد أننا حين نعمل للعروبة نعمل للسلام ولخير العالم كله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.