علي شاشة قناة «العربية» سألني مذيعها المتألق محمود الورواري عن سر الغرام الذي يجمع بين الأمريكان والإخوان منذ مجيئهم للحكم، فكان جوابي كالتالي: «الأمريكان يتعاملون مع كافة دول العالم حسب دستور من مادة واحدة هي المصلحة، وعندما نقول المصلحة لا نعني بها مصلحة الأمريكان فقط، وإنما مصلحة إسرائيل أيضا، لذلك يتعامل الأمريكان مع أي قوي سياسية في العالم دون النظر لاتجاهاتها أوديانتها فالمهم أن تعمل هذه القوي وفق الأجندة الأمريكية وفي خدمة مصالحها». والإخوان قوي سياسية لا يستهان بها، بدأت علاقتهم بالأمريكان منذ زمن طويل، وقد حاولوا التودد للأمريكان، ونفي الصورة النمطية التي رسمها نظام المخلوع عنهم، والذي كان يلعب بورقة الإخوان، ويستخدمهم كفزاعة يرهب بها الأمريكان، ولم يدرك الرجل - لعدم حصافته - أن هناك خطا مفتوحا بين الأمريكان والإخوان، وكان الإخوان يرسلون من خلاله الرسائل التطمينية و«عرابين» المحبة للأمريكان وطفلتهم المدللة إسرائيل.. باختصار قدم الإخوان للأمريكان السبت والأحد والاثنين أيضا، فكان لزاما علي الأمريكان إثبات حسن النوايا، لذلك رأينا الضغوط الهائلة التي كانت تمارسها السفيرة الأمريكية علي المجلس العسكري لتسليم السلطة للإخوان، وإجراء الانتخابات قبل وضع الدستور حتي تتيح الفرصة لهم للسطو علي الثورة قبل أن يشتد عود الأحزاب القديمة وتتعافي من أمراضها وآثار الحصار الذي فرضه النظام السابق عليها، أما القوي الثورية الشابة فكانت بعيدة عن المنافسة وحلبة الصراع، ربما لحداثة عمرها أو أفعالها الخاطئة التي جعلتها تخسر الشارع المصري، بل إن السفيرة التي تحولت الي مندوب سامي جديد في مصر بذلت جهودا جبارة من أجل الضغط علي المجلس العسكري وقضاة اللجنة العليا لانتخابات الرئاسية من أجل التسريع بإعلان فوز محمد مرسي!! وما أن وصل الفائز الإخواني لسدة الحكم حتي بدأ في رد الجميل وتسديد الفواتير المفروضة عليه من قبل دولة الخلافة «الولاياتالمتحدةالأمريكية» فبدأ الرجل في وصلات غزل صريح هو وجماعته، تمثلت في الزيارات المكوكية المتبادلة بين مكتب الإرشاد بالمقطم والسفارة الأمريكية في جاردن سيتي، بل وواشنطن أيضا، وكان للإخوان دور لا ينسي في صفقة تهريب الأمريكان المتهمين في قضية التمويلات الخارجية - رغم أنهم ينفون ذلك - واستمرت حالات العشق والغرام بين الأمريكان والإخوان حتي بلغ الأمر ذروته بدعوة عصام العريان للإسرائيليين من أصل مصري للعودة الي مصر وهي قمة العشق والغرام، وتقديم السبت والأحد وكافة أيام الأسبوع لأسيادهم في واشنطن.. وهي فواتير إخوانية يدفعها - للأسف - شعب مصر ونظير ذلك تغاضي الأمريكان عن كل أخطاء وخطايا الإخوان في حق الديمقراطية والمسيحيين في مصر، بل والغريب أن أمريكا التي كانت تقف بالمرصاد لنظام مبارك وتفضح أي محاولة لضرب الديمقراطية وكانت تمارس الضغوط، التي كادت تصل لقطع المعونات.. إلا أن ذات الدولة تغض الطرف وتبدي صمتها الكامل الآن أمام كل جرائم الإخوان واغتصابهم حقوق المصريين وحرمانهم من ثمار الثورة وعلي رأسها إقامة دولة ديمقراطية تكون السيادة فيها للقانون وليس لأصحاب الذقون، حتي وصل الأمر لقتل وسحل المعارضين إذن الأمريكان لا يهمهم التعامل مع المتشددين دينيا أو المنفلتين أخلاقيا ومذهبيا.. المهم لديها هو أن تكون خادما مطيعا ومخلصا لمصالحها ومصالح طفلتها المدللة إسرائيل. كل ذلك وأكثر منه قلته في حديث مع «الورواري» مذيع «العربية» الأشهر وأضفت أن علي القوي المعارضة في مصر الآن ألا تعول علي الأمريكان ودعمها للديمقراطية وحقوق الإنسان لأن أهل واشنطن يكيلون بألف مكيال ومكيال! فالديمقراطية لعبة في أيديهم وورقة يحاربون بها خصومهم، يهددون بها الأنظمة المناوئة لكنهم أبدا لا يؤمنون بحق الشعوب في العيش في ظلها لأن الديمقراطية تقوي الشعوب وتضعف مكانة الطغاة وتهدد عروشهم، والأمريكان طوال تاريخهم يفضلون التعامل مع الأنظمة خاصة العميلة منها.. لكننا نهمس في أذن الإخوان ونقول يا رجال الإخوان «المتغطي بالأمريكان عريان، واسألوا مبارك ونظامه، والقابعين الآن خلف أسوار السجون».