طالبت جامعة الدول العربية، مجلس الأمن الدولي بفرض حظر على الطيران العسكري الإسرائيلي فوق غزة، وتقرر اثر اجتماع طارئ للمجلس الوزارى للجامعة، الأحد الماضي "تكليف المجموعة العربية فى الأممالمتحدة بطلب عقد جلسة لمجلس الأمن لوقف العدوان على غزة وفرض حظر جوى على الطيران العسكرى الإسرائيلى فوق غزة". ويبدو أن الجامعة تريد الاستفادة من حالة الزخم الدولي الراهنة المؤيدة للحظر الجوي فوق ليبيا، خصوصاً في ضوء طلب الدول الغربية صراحة وبشكل مكرر توفير غطاء عربي للقرار الدولي بشأن ليبيا، وتلبية الأخيرة للطلب. فهل تنجح المجموعة العربية بدورها في إقناع مجلس الأمن الدولي بإقرار فرض حظرٍ على الطيران العسكري الصهيوني في سماء غزة؟، ثم في اطار رد الفعل الأوروبي والأمريكي الذي رحب ودعم قرار فرض الحظر بدعوى حماية المدنيين، فما سيكون رد الفعل الأمريكي تجاه حظر غزة؟! أم أن الأمر كله في النهاية محاولة لمغازلة الشعوب العربية واستعادة ثقتها المفقودة منذ زمن، أو ربما كما يقول البعض هي حملة لتسويق وتجميل صورة السيد عمرو موسى مرشح الرئاسة المصرية القادمة ؟! خطوة متقدمة بداية، يرى فهمي هويدي الكاتب السياسي المعروف، بأن مجرد طرح فكرة المطالبة بفرض الحظر الجوي في حد ذاتها تشير إلى تغيير نوعي في ردود الفعل العربية إزاء أول توتر مع الكيان الصهيوني منذ إسقاط نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، الحليف الاستراتيجي في المنطقة، والذي كان مُتهما بأنه كان يبالغ في مهادنة العدو الصهيوني. ويصف هويدي، خلال اتصال هاتفي، الطلب بأنه "موقف إيجابي وخطوة متقدمة للجامعة"، لكنه في المقابل أضاف: "على الجامعة العربية إن أرادت أن تتخذ موقفًا مشرفًا أن تفتح المعابر وتكسر الحصار المفروض على القطاع، خاصة أن هناك قرارًا صادرًا بذلك فعلا منذ زمن ولم يتم تفعيله وذهب طي النسيان"، وأضاف: "ولن تواجه الدول العربية الفيتو الأمريكي المتوقع أن تواجهه في مجلس الأمن بخصوص فرض حظر جوي على غزة؛ لأن هذا قرار عربي بالأساس". فيتو أمريكا وربما كان في شبه المؤكد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لن ترحب بطرح الطلب على مجلس الأمن، ومن المتوقع في ضوء سياستها العامة تجاه القضية الفلسطينية أنها ستقاوم ذلك بشدة؛ إذ إنّ ترحيبها للقرار الخاص بالشأن الليبي لا يعني أنها قد تخلت عن سياسة الكيل بمكياليَن خصوصا عندما يتعلق الأمر ب"إسرائيل". أو بتعبير هويدي: "الفيتو الأمريكي سيكون جاهزا في حال تم التصويت على الطلب في مجلس الأمن." وهذا أيضا ما أكده د. نافعة خلال اتصال هاتفي، فقال: "طبعا الفيتو الأمريكي جاهز"، مشيرا إلى أنه يجب على الدول العربية أن تستعد بسيناريو بديل في حال استخدمت الولاياتالمتحدة الفيتو لإفشال القرار. وفي هذه الحالة، كما يقول نافعة، لابد للجامعة أن تكون جاهزة بخطة بديلة للتحرك، مؤكدا أن الجامعة لابد أن تعلن ما يقال في هذه الأمور في الصالونات المغلقة وأن تترك للأبد فكرة السياسة المزدوجة. عمرو موسى ورئاسة مصر وجهة نظر أخرى ترى أن عمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية، هو المستهدف بهذا الطلب "الجرئ"، فهو أحد أهم الشخصيات المرشحة لانتخابات الرئاسة القادمة في مصر، خاصة وأن تجربة موسى في جامعة الدول واطلاعه على الملفات الشائكة في الشرق الأوسط تجنب المجتمع العربي والدولي مفاجآت، ما يمكن أن تأتي به انتخابات الرئاسة المصرية. لكن هويدي استبعد أن يؤثر هذا الموقف على شعبية عمرو موسى لدى المصريين، قائلا: "لا أظن أن هذا سيضيف أي شيء إلى رصيد موسى خلال خوضه لانتخابات الرئاسة القادمة" موضحاً: "الشعب المصري أذكي من أن يربط بين هذا القرار وإعطاء صوته لعمرو موسى." وعن الأمر ذاته، قال د. نافعة: "كان لدى موسى من الوقت ما يكفي لإثبات شجاعة مواقفه، فقد استمر في أمانة الجامعة بالفعل عشر سنوات حدثت خلالها كل أشكال التعدي على حقوق الإنسان، ومارس خلالها الاحتلال سياسات الحصار والتجويع والقتل للفلسطينيين، ولم تتخذ الجامعة أي موقف إيجابي، وأيضا حدثت خلال فترة أمانته الحرب على غزة واستشهد فيها الآلاف وأيضا لم تحرك الجامعة ساكنا.. حسب تعبير نافعة. وأضاف: وإذا وضعنا في الاعتبار رفض القرار شبه المؤكد من مجلس الأمن، فلا أظن في ضوء كل هذا أن القرار سيضيف أي نقاط لحساب موسى إذا تم ترشيحه لرئاسة الجمهورية.