بعيداً عن السياسة قامت «الوفد» بجولة لاستطلاع أحوال أصحاب الورش و«الصنايعية» في ظل حكم الاخوان، بدأنا من شارع الجسر بشبرا مصر الذي كان الآلاف يزورونه يومياً قاصدين الورش والمصانع والحرفيين الذين اشتهر بهم هذا الشارع ولكننا وجدناه علي غير عادته فارغا تماماً إلا من العاملين فيه، الجميع- حرفيين وأصحاب ورش ومصانع- في هذا الشارع يجلسون وأيديهم نظيفة- يحتسون الشاي ويتندرون علي أحوالهم»، وخيبة أملهم في ظل حكم الاخوان بعد ثورة شهد لها العالم وعبرت عن أصالة الشعب المصري وتحضره. «غياب الامن وازدياد الفقر والفقراء وتوقف الاستثمارات أمور ضربت أصحاب الحرف في مقتل» هذا ما قاله «أحمد حمدي» من أصحاب الورش بشارع الجسر بشبرا في حديثه مع «الوفد» معبراً عن تدهور الاحوال الاقتصادية والمستوي المعيشي له ولاسرته فعندما كان يتحدث عن أحواله أشار بإصبعه الي ورشته التي لا تتعدي الأربعة أمتار، مؤكداً ان هذا المقر الصغير لورشته كان مصدراً لرزق أربع أسر أما الآن فالخسارة تصل ل«200٪» بالمقارنة بالوضع قبل الثورة والآن يجلس حمدي في ورشته وحيداً بعيون دامعة يروي مأساة أسرته بعد أن أصبح عاجزاً عن تلبية احتياجاتهم الاساسية من أكل وشرب وعلاج. وزوجته المريضة في حاجة لعملية جراحية يعجز حمدي عن انقاذها. وكل ما يتمناه أن يعود الي منزله بما يسد جوع أطفاله. أما «أحمد قطب» الذي يعمل في بيع قطع غيار السيارات فوصل به الحال الي ما تحت خط الفقر بعد أن تراكمت عليه الديون وفواتير الكهرباء التي تعدت ال«10» آلاف جنيه. ويتحدث قطب عن الايام الخوالي قائلاً: في هذه الايام كل ما أرجوه من الله أن يرزقني ب«20» جنيها يومياً في حين انني كنت أضحي بثلاثة عجول سنوياً في عيد الاضحي يزيد ثمنها علي 30 ألف جنيه. وامتنع «محمد ابراهيم» سائق عن الكلام قائلاً بحزن «الحالة مريحة».. كان محمد يبحث في شارع الجسر عن أي «سبوبة» بين الورش والمحال في الشارع توفر له بضعة جنيهات تكفي قوت يومه وتلبي احتياجات أسرته اليومية من الطعام لم يكن محمد حتي لحظة حديثنا معه قد وجد هذه «السبوبة» علي حد قوله ولكنه سيظل يبحث عنها حتي غروب الشمس وبعدها سيبدأ في البحث عن من يقرضه ولو حتي 50 جنيها. «سعيد عبده» صاحب مصنع بلاستيك وصف الحالة التي يعيشها هذه الايام بالهم قائلاً: «نحن نعيش في هم كبير لا شغلة ولا مشغلة» فانعدما التصدير والاستيراد اضطرنا لتسريح العمالة بعد أن تعذر علينا دفع أجورهم اليومية وتحول شارع الجسر الي بؤرة للفقر والبطالة بعد أن كان شريان الحياة الاقتصادية التي تلبي احتياجات مئات الآلاف من البشر. وانتقد سعيد انشغال المسئولين بمعاركهم السياسية تاركين وراء ظهورهم هموم الشعب التي قد تدفعه الي الانفجار. أما «رضا علي»- عامل خراطة- فلم يتبق غيره في الورشة من العمال بعد أن تخلص منهم صاحب العمل ولا يعلم رضا الاسباب الحقيقية وراء «وقفة الحال» التي يعيشها ولكنه يري انه أفضل حالاً من صاحب الورشة نفسه فهو يتقاضي 150 جنيها أو 200 جنيه أسبوعياً، مؤكداً ان هذا المبلغ أكبر من حصيلة الورشة في الاسبوع كله. وامتنع محمد عبدالكريم- عامل في مخزن لقطع غيار السيارات- عن الكلام في وجود صاحب المخزن معرباً عن قلقه فهو معرض ل«التسريح» ويخشي من «بكره» أين سيذهب ومن أين سيسدد ديونه ويلبي احتياجات أسرته؟. هذا ما أكده لنا «هيثم أحمد» صاحب العمل قائلاً انه مضطر لذلك بعد أن أصبح دخل المخزن شبه منعدم، مشيرا الي انه مضطر لان يبيع ما هو ثمين بأسعار زهيدة ليدفع أجور العاملين. وأضاف هيثم الي أن نظام «التدليل» علي البضاعة سوف يؤدي الي الافلاس إما عاجلاً أو آجلاً وسينضم هو بعد أن كان صاحب مخزن من أكبر مخازن شارع الجسر الي صف العاطلين. وطالب هيثم بضرورة التفات المسئولين اليه والي الكثيرين ممن في نفس مجاله بعين الاعتبار والعمل علي الوصول الي وفاق وطني يضمن الاستقرار للبلاد واعادة عجلة الانتاج مرة أخري. «ابراهيم جعفر» صنايعي عاش طوال عمره يعمل في مهنته، راض بحاله لم يضطر يوماً الي أن يتسول من الحكومة وظيفة ولا معاشاً لكن هذه الظروف التي طالته كما طالت غيره اضطرته لذلك بعد هذا العمر واضطر لان يسعي جاهداً للحصول علي معاش ولو زهيد حتي تسير حياته «من غير مرمطة»- علي حد قوله- لكن في ظل الحكم الاخواني مازالت البيروقراطية والروتين يقفان عائقاً أمام تسيير حوائج الناس فلم يستطع ابراهيم حتي الآن أن يحقق حلمه ويحصل علي معاش من وزارة التضامن يكفيه ذل السؤال. وقرر أن ينتظر مصيره كرجل نال منه السن وعاش ليجد نفسه دون مصدر رزق مضطرا الي السؤال خاصة وهو يعاني أمراض الشيخوخة ويحتاج الي علاج شهري. ويتمني جعفر الموت حتي يستره من فضيحة السؤال بعد أيام العز التي عاشها يأكل من عمل يده بكرامة وشرف. «الايدي النظيفة عار علي أي حرفي».. هذا ما شعرنا به عندما قالت مجموعة من الحرفيين في شارع الجسر بابتسامة ساخرة وهم يبسطون أيديهم أمام «الوفد» «أيدينا نظيفة من قلة الشغل» انها مصيبة نعيشها هذه الايام فطوال النهار نحتسي الشاي ونتندر علي ما وصلنا اليه من ضيق الحال وقلة الحيلة. فيقول «أحمد محمد» لا نملك إلا الدعاء بالفرج بعد أن تراكمت علينا الديون والايجارات دون دخل يذكر. وحمل ربيع أبو السعود المسئولين ما وصل اليه المصريون من ضيق الحال كما يحملونه من وعد وأخلف وعده بحل مشكلة الامن والسعي لحل أزمة المرور وتنشيط العمالة والاستثمار فالواقع يؤكد عكس هذه الوعود. أما «علاء صراف» فيؤكد ان الوزراء والمسئولين لا يعنيهم جموع الشعب و«خراب البيوت» الذي نتعرض له، اضافة الي ان أعضاء مجلس الشعب الذين انتخبوا للتعبير عن مشاكلنا لم يفعلوا شيئا غير انهم قالوا نعم للدستور ودعونا لذلك. وبحزن شديد قال «محمد عبدالحميد» حرفي «قلنا نعم علشان الاستقرار واهو اتخرب بيتنا» ثم أشاح بيديه وأدار وجهه واستقر في أحد الاركان ينعي حظه بتمتمة غير مفهومة.