لا أدري هل هى مصادفة.. أم ترتيب قدري أن يذيع التليفزيون المصري كلمة الرئيس مرسي في افتتاح الدورة البرلمانية لمجلس الشورى ثم يعيد اذاعة فيلم «العتبة الخضراء» بمجرد انتهاء كلمة الرئيس!! فالقاسم المشترك بين يوسف «أحمد مظهر» بطل الفيلم، والرئيس مرسي أن كلا منهم يبيع الوهم للناس.. الأول باع العتبة الخضراء وما عليها من مبان لاسماعيل ياسين وعديلة والثاني باع لنا مشروع النهضة والذي أكد لنا انه سيجعل من مصر جنة الله في أرضه، بل جعلنا ننتظر طلباً من الحكومة السويسرية لاقراض مصر. جريمة الأول أنه نصب على رجل وامرأة، أما الثاني فقد باع الوهم لشعب بأكمله حتى أضحت على يديه كلمة «النهضة» لفظا قبيحا يستحي المرء أن ينطقه.. كل ذلك عاشه الشعب، وتأكد منه، ونطق به لسانه ومع ذلك لم يتب الرجل أو يتوقف عن بيع الوهم لشعبه، ربما لاعتقاده أن ذاكرة الشعب المصري باتت أشبه بذاكرة السمك، والتي لا تحتفظ بالمعلومة أو الحدث لأكثر من ثلاث دقائق! فالرجل تحدث في خطابه أمام الشورى - وليته ما تحدث - فعاد لممارسة هوايته الأثيرة في بيع الوهم للشعب.. فالرجل يتحدث من بلد آخر غير مصر التي نعيش فيها وتكلم عن شعب آخر غير شعب مصر. فالسياحة في رأي الرجل تضاعفت، والاحتياطي النقدي ارتفع ومعدل النمو قفز وهو كلام أشبه بالنكتة، وكان على التليفزيون المصري أن يذيع خطاب السيد الرئيس - حصرياً - على قناة «نايل كوميدي» فالكل يعلم أن السياحة تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة، حتى إن أكثر من 250 فندقاً سياحياً بالأقصر معروضة للبيع، بل إن محافظ أسوان خرج بعد دقائق معدودة ليكذب رئيسه بعد أن أعلن المحافظ أن نسبة الاشغال في اسوان - في ذروة الموسم السياحي - لم تتعد نسبة العشرة في المائة، وكذلك الحال وأسوأ منه في الغردقة وشرم الشيخ والتي كانت نسبة الاشغال بها في الموسم السابق تصل ل 100٪ في موسم رأس السنة! أما عن الاحتياطي النقدي.. والذي كان أيام المخلوع 36 مليار دولار فقد وصل في عهد مرسي الميمون الى 13 مليار دولار أي حوالي الثلث تقريباً أما الملياران ونصف المليار دولار التي أضافها مرسي لرصيد الاحتياطي النقدي فهى قيمة الوديعتين السعودية والقطرية. أما عن معدل النمو الذي قفز فالرجل يكون صادقاً تماماً إذا كان يتحدث عن النمو في ماليزيا الشقيقة، أما في مصر فالمواطن قطعاً سيقول للسيد الرئيس «العب غيرها». والسؤال هنا الى متى يستمر الرئيس مرسي وجماعته في بيع الوهم للمصريين، بل إن شيخاً كبيراً في القيمة والمقام كيوسف القرضاوي اشترك معهم في بيع الوهم عندما أكدوا للمصريين في الاستفتاء أن استجابتهم لرموز جبهة الانقاذ بقول «لا» ستحرم مصر من 20 مليار دولار استثمارات قطرية!! والآن وبعد أن قال 64٪ ممن أدلوا بأصواتهم «نعم» ولم يخيبوا رجاء الشيخ ولا الرئيس ولا جماعته أين المليارات العشرون يا سادة؟! بعد كل ذلك - ونظراً لمحبتي لسيادة الرئيس وخوفي عليه من عذاب الآخرة - أقترح تغيير صيغة اليمين الدستورية والتي تقول «أقسم بالله العظيم بأن أحترم القانون والدستور، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة وأن أحافظ على الوطن وسلامة أراضيه». فالقسم بالله في بداية اليمين تورد التهلكة في حالة الحنث بالقسم ونحن نخاف على الرئيس لذلك أرى استبدال القسم بأية صيغة أخرى كأن يقول المسئول «ورحمة أمي» مثلاً لأن والدته ستسامحه إذا ما خالف القسم، أو أن يقول «وحياة العيش والملح» لأن اختفاء العيش من الأسواق سيسمح للمسئول بالحنث بالقسم!! أما أن يحلف الرئيس على سيادة القانون والدستور ثم يدوسهما بحذائه فهذا إثم عظيم، وأن يقسم على مراعاة مصالح الشعب ثم يلجأ لبيع الوهم له وتلبيسه العمة فهذا ما لا نرضاه لرئيسنا الذي جاء الينا حاملاً كتاب الله وسنة رسوله.. حفظ الله مصر من الاخوان وكل من يشبههم في خصالهم وشرهم.