فوجئ الوسط الإعلامي كله بما حدث لجريدة الوفد الغراء.. وهي جريدة حزب الوفد العظيم - والذي طالما حمل لواء التنوير في مصر عقوداً طويلة.. أقول فوجئ الجميع بالهجوم الذي شنه البعض علي مقر الجريدة .. وقيام المعتدين باقتحام مقر الجريدة وتحطيم محتويات مكاتبها.. والاعتداء علي محرريها وسياراتهم - بل وإطلاق الرصاص الحي والخرطوش وزجاجات المولوتوف علي مقر الجريدة.. في سابقة لم تشهدها مصر من قبل. وبالرغم من معرفة الأمن المسبقة بموعد الهجوم - إلا أنهم تراجعوا وتركوا الجريدة ومحرريها وآثروا الانسحاب أمام جحافل المهاجمين لينضم أهالي وجيران مقر الجريدة بالدفاع عنها مع محرري الجريدة.. دفاعا عن حرية الرأي والصحافة.. في وقت يبدو فيه أن كل مؤسسات الدولة وأولها الداخلية قد نفضت يدها عن هذا الأمر. وحتي لا نتهم أننا ندعي علي البعض قيامهم بهذا الاعتداء الوحشي فقد صرح مدير الأمن بأن المعتدين هم من اتباع الشيخ حازم أبوإسماعيل في هجمة وحشية علي مقر الجريدة. ولا يبدو الأمر مستغرباً بسبب دفاع الجريدة المستمر عن الحق والعدل وكشف الباطل والأكاذيب.. فنالها ما نالها من اعتداء غاشم.. في ظل غياب دولة الأمن ومؤسساتها. ورغم إنكار الشيخ حازم أبوإسماعيل قيام اتباعه بهذا الاعتداء - إلا أن التحقيقات وشهادة شهود العيان تؤكده .. ولم يقتصر الأمر علي ذلك.. فقد احتشد المئات من اتباع الشيخ حازم أبوإسماعيل في حصار لقسم الدقي الذي تتبعه الجريدة، في حين لم يجرؤ الأمن علي استدعاء الشيخ حازم والتحقيق معه في الواقعتين. وهكذا تحول اتباع الشيخ حازم أبوإسماعيل إلي قوة فوق القانون ولا يجرؤ أحد في مصر المحروسة علي التصدي لهم ومنعهم من ممارساتهم.. فحسب ما قالته بعض مصادر في الشرطة والداخلية.. ان هناك تعليمات شفوية من مؤسسة الرئاسة بعدم التعرض للشيخ حازم أبوإسماعيل أو اتباعه. وفي مقال سابق لي حذرت من انهيار مؤسسات الدولة، ودللت علي ذلك بحصار مقر المحكمة الدستورية التي منع المحاصرون رئيس المحكمة من دخولها للمرة الثانية.. وكذلك ما مارسته ميليشيات، الإخوان ضد معتصمي قصر الاتحادية دون ان يتصدي لهم الأمن أو يقبض علي أحد منهم، وأخيراً كان حصار اتباع الشيخ حازم أبوإسماعيل لمدينة الإنتاج الإعلامي والتعدي علي المخرج خالد يوسف في غياب تام للأمن وللداخلية. وهكذا تتوالي حوادث الاعتداءات دون رادع.. لتؤكد بما لا يجعل مجالاً للشك، أن مصر تدخل عصر البلطجة.. حيث صار البعض من التيار الإسلامي فوق كل قانون بمباركة من أعلي سلطة في البلاد. ولست أظن ان الأمر سيتوقف علي ماجري من حوادث ولدي يقين ان الأسوأ لم يأت بعد. وأوجه سؤالي لمؤسسة الرئاسة التي تغض الطرف عن كل ما سبق - وأتساءل .. هل مصلحة مصر ما يحدث من إرهاب وترويع من ميليشيات البعض والتأكيد علي سقوط هيبة القانون وهل تجهز الدولة هذه الميليشيات لتكون بديلاً عن الداخلية فيما هو قادم لإخراس كل صوت حر في مصر، ولتكميم أفواه الحق وإرهاب الإعلام.. واتهامه بالانحياز للقوي الوطنية وهو شرف لا اتهام! ولعل الشيخ حازم أبوإسماعيل وغيره من رموز التيار الإسلامي والسلفي في مصر، يتذكر ان الجرائد والقنوات الفضائية المستقلة هي أول من احتفي بهم وقدمهم للجماهير بعد ثورة يناير.. وأثناء الانتخابات الرئاسية الماضية ، فهل كانت الصحافة الحرة والقنوات المستقلة علي حق وتحوز الرضا- إذا ما استقبلت واحتضنت هذه الرموز الإسلامية. وهي الآن علي باطل ويجب محاربتها.. لانها راحت تفند أخطاء هذه الرموز التي توشك ان تعصف بالوطن؟ إن من يظنون انهم سيستطيعوا إرهاب الإعلام الحر في مصر بأساليبهم تلك هم واهمون.. حتي لو سقط منهم ألف شهيد مثل الحسيني أبوضيف فمصر لن تسقط أمام الإرهاب الفكري أبدأ مهما كان الثمن.