هو علم من أعلام الفقه الإسلامي ؛ وأحد الفقهاء الأربعة ؛انه الإمام محمد بن إدريس الشافعي؛ ولد – رحمه الله – عام 150هجريًا، ونشأ يتيما في بيئة فقيرة ؛ لم يملك أدوات الدراسة ؛ وكان يحضر مجالس الإمام مالك ؛ وحدثت قصة عجيبة أمام أستاذه مالك . فكان من شدة فقر الإمام الشافعي يبل إصبعه السبابة بريقه ويكتب بها ويمررها على كفه اليسرى؛ فرآه الإمام مالك فظن أنه يلهو ويلعب في مجلس العلم ؛ فسأله عن ذلك؟ فأجاب الشافعي: لا أملك ما أشتري به ألواح الكتابة فأكتب كل حديث أسمعه على كف يدي اليسرى ثم أمسحه وأكتب الذي بعده ؛ فتعجب الإمام مالك وقال له أتحفظ هكذا كيف ذلك ؟ فقال الشافعي نعم وأحفظها جميعًا وإن شئت أسمعتك كل حديثك اليوم ، فقال الإمام مالك في تعجبٍ وتستطيع أن تفعل ذلك !؟ أجاب الشافعي نعم أفعل ، فقال له الإمام مالك إذن أسمعني . فأخذ الشافعي يحدث ويقول: حدثنا مالك عن فلان عن فلان عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ويذكر الحديث ثم الحديث الذي يليه ، حتى ساق له كل حديثًا ذكره ما ترك حديثًا ، فانبهر الإمام مالك من شدة حفظه وذكائه فقربه الإمام مالك منه وجعله في الصفوف الأولى بهذه القصة عن نشأة الامام الشافعى بدأالدكتور ابراهيم البيومى امام وخطيب مسجد السيدة زينب واضاف قائلا: . وقد سُئل الإمام الشافعي: كيف شهوتك للعلم؟ قال: أسمع بالحرف مما لم أسمعه، فتود أعضائي أن لها أسماعًا تتنعم به مثل ما تنعمت به الأذنان، فقيل له: فكيف حرصك؟ قال: حرص الجموع المنوع في بلوغ لذته للمال،: فكيف طلبك له؟ قال: طلب المرأة المضلة ولدها ليس لها غيره. وقد كانت أم الإمام الشافعي رحمه الله تذهب إلى ديوان أمير البلدة وتلتقط الأوراق التي يلقونها لكي تعطيها للشافعي ، كي يكتب على ظهرها ما حفظ ، وأيضًا كانت تحضر له جلود الإبل لكي يكتب عليها العلم؛ فيا لها من امرأة عظيمة كانت تقدر العلم وبفضلها صار ابنها من أعظم الأئمة !! ومع كل هذه الصعاب كان الإمام الشافعي له باع طويل في العلوم الشرعية والعربية كلها ؛ فهو مؤسس علم أصول الفقه، وهو أيضاً إمام في علم التفسير وعلم الحديث، وقد عمل قاضياً فعُرف بالعدل والذكاء.؛ وإضافةً إلى العلوم الدينية، كان فصيحاً شاعراً، ورامياً ماهراً، ورحّالاً مسافراً. وكان معروفًا بشدة ذكائه وفطنته ومما روي عن ذكائه أنه كان ذاتَ مرةٍ جالساً مع الحميدي ومحمد بن حسن يتفرسون الناس، فمر رجل فقال محمد بن الحسن: «يا أبا عبد الله انظر في هذا»، فنظر إليه وأطال، فقال ابن الحسن: «أعياك أمره؟»، قال: «أعياني أمره، لا أدري خياط أو نجار»، قال الحميدي: فقمت إليه فقلت له: «ما صناعة الرجل؟»، قال: «كنت نجاراً وأنا اليوم خياط». وأوضح الدكتور إبراهيم البيومى، إمام وخطيب مسجد السيدة زينب . انه كان رحمه الله قد وضع لنفسه منهجاً علمياً واضحاً، فكان يقول: كل متكلم على الكتاب والسنة هو الجد، وما سواه هو الهذيان، ويقول: إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله فَقُولُوا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعُوا مَا قُلْتُ، وإذا صح الحديث فهو مذهبي، وإذا صح الحديث فاضربوا بقولي عرض الحائط، أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني إذا رويت عن رسول الله حديثاً فلم أقل به ؟ فقد كان رائداً أثرى الحياة العلمية الإسلامية. وكان الإمام الشافعي (رحمه الله) إمامًا في الإيمان والتقوى والورع والعبادة؛ فعن الربيع قال: "كان الشافعي قد جزّأ الليل ثلاثة أجزاء: الثلث الأول يكتب، والثلث الثاني يصلي، والثلث الثالث ينام". وكان رحمه الله لا يقرأ قرآنًا بالليل إلا في صلاة، يقول المزني: "ما رأيت الشافعي قرأ قرآنًا قَطُّ بالليل إلا وهو في الصلاة ". وكان مخلصًا في طلب العلم. يقول: "وَدِدْتُ أَنَّ النَّاسَ تَعَلَّمُوا هَذَا العِلْمَ، وَلَم يُنسَبْ إِلَيَّ مِنهُ شَيءٌ، فَأُؤجَرُ عَلَيهِ، وَلَا يَحمَدُونِي". شهد له القاصي والداني من العلماء : قال عنه أبو عبيد القاسم بن سلاَّم: ( ما رأيت أحداً أعقل ولا أورع ولا أفصح ولا أنبل رأياً من الشافعي) . وقال الكرابيسي: (ما رأيت مجلساً قط أنبل من مجلس الشافعي، كان يحضره أهل الحديث، وأهل الفقه، وأهل الشعر، وكان يأتيه كبار أهل اللغة والشعر، فكلٌّ يتكلم فيه) رضي الله عنه . ومع كل هذا فإن الإمام الشافعي الذي ملأ الدنيا بعلمه وإخلاصه وورعه وتقواه ؛ يرى نفسه عاصيًا ومقصرًا في حق الله تعالى؛ ويبحث جاهداً عن صحبة الصالحين؛ ليشفعوا له في الآخرة.