في العميق المضيء، وفي البهي العطر، تنبئ التجربة عن تجربتها . الإمارات حرف صعب في أبجدية العروبة وكذلك مصر، والإمارات توأم الفعل الخلاق والمبادرة الوثابة، حيث التاريخ ينسج بأنامله الرشيقة دم الحاضر، ورايات التطلع إلى غد الأمنيات . وحيث المصير واحد من دون شك، ذلك يعرفه من يقرأ التاريخ جيداً، ومن يحفظ الجغرافيا عن ظهر قلب، ومن يفهم السياسة، ومن يفهم الأخلاق . ومن قال إن السياسة بعيدة عن الأخلاق؟ البعض يروج لذلك، لكنه يفشل، فهو يناقض كل حجة دامغة وكل دليل ناصع، الإمارات تفهم السياسة، بالإضافة إلى وعي الواقع، مبادئ وأخلاقاً، فعلاقتها الأكيدة مع مصر الدولة ومصر الشعب، والدولة ليست الحزب، والشعب ليس الجماعة . نتذكر الآن، وفي كل وقت، فهذه مواقف لخلود الزمان والدنا وقائدنا وحكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، يوم أطلق الصرخة مدوية: البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي . قال ذلك في أجواء حرب أكتوبر، ومازالت تتردد على كل لسان . قبل ذلك وبعده، كان التضامن عنوان العلاقة، وكان تبادل الرأي، وكانت الاستعانة بالخبرات المصرية التي أسهمت في تنمية وبناء الإمارات . كان لدينا المعلم المصري، والمهندس المصري، والطبيب المصري، والمحاسب المصري، والصحفي المصري، والموظف المصري . كانت لدينا مصر بهذا الحضور، وكان لبلادنا حضورها في مصر عبر البرامج والمشاريع، وكانت الإمارات تنظر إلى ذلك كفعل في صميم الواجب، وهل أوجب من مصر والمصريين؟ . بدأت العلاقة ومضت في السنوات من نمو إلى نمو، وكان التنسيق، في كل المستويات وعلى الصعد جميعاً، أما الطموح فتحقيق مصلحة الشعبين الشقيقين، وترجمة الأخوة إلى حلقات من العطاء والعمل، والذهاب أبعد إلى عمق العلاقة، وإلى تقويتها وتعزيزها . حقائق راسخة في تاريخ العلاقة، فهل تتأثر بما هو طارئ وهش؟ من طبيعة الإمارات أنها السباقة إلى التواصل مع محيطها العربي، وهي تدرك، منطلقة من وعي التجربة، ومن وعي التاريخ باعتباره حركة مستقبلية أيضاً، ومستقبلية خصوصاً، وكانت دائماً، والعرب يشهدون، والعالم كله يشهد، أنها طالما سعت إلى كسر كل عزلة من خلال المناداة إلى الاحتكام للعقل، ونبذ الخلاف، والاجتماع حول ما يجمع كلمة الأمة ولا يفرقها . وللإمارات في قلوب المصريين مكانة خاصة . المصريون يحبون زايد الخير، ويثمنون عالياً مواقف وعطاءات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله . المصريون المقيميون أو الذين أقاموا في الإمارات يعرفون ويقدرون ويحبون، والمصريون الذين لم يزوروا الإمارات يعرفون ويقدرون ويحبون، فعلاقة البلدين والشعبين ذهبت وتذهب إلى سجلها المشرف، وفي كل بيت مصري ومض من نبض الشيخ زايد، وفي كل منطقة ومدينة وقرية شارع باسم الشيخ زايد . ليس من داع إلى استدعاء البدهي وإثباته لكنها حيلة المضطر، حيث يحاول بعض الأحزاب الإساءة فلا يسيء إلا إلى نفسه . ولسوف تظل الإمارات ومصر كما هما في الذاكرة الشاهدة، وكما هما في تطلعات شعبين عزيزين، وكما هما في الشرفات العالية، وفي الرايات العالية . نقلا عن صحيفة الخليج