جمعت الطموحات المشتركة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس دولة الامارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان لتخفيف حدة التوتر الاقليمي والعالمي وتوصلت إلي عقد أول لقاء مشترك بينهما في أبوظبي الذي يشكل أول زيارة لرئيس روسي للامارات. ولم تكن الطموحات المستقبلية فقط التي أسهمت في اتمام هذا اللقاء بل هناك أيضا واقع يفرض نفسه اذ إن الاماراتوروسيا تشكلان تجربتين متقاربتين من حيث خصوصية البناء الاتحادي والتنمية الاقتصادية والبشرية. والانفتاح العالمي حيث يلتقي الزعيمان علي طريق واحد لاستثمار قدرات البلدين وقدراتهما وتجربتهما التي تكاد تحاكي احداهما الأخري من حيث الكيان الاتحادي, وبناء الاقتصاد الذاتي الوطني, فضلا عن التعامل بمصداقية مع الملفات الدولية والاقليمية بعيدا عن المعايير المزدوجة فضلا عن الجانب الانساني الذي لاتغفله اعمال اللجنة العليا المشتركة وطبيعة الاتفاقات الثنائية الموقعة لتطوير العلاقات. وتأتي زيارة الرئيس الروسي للامارات أمس وهي ضمن جولة شملت أندونيسيا واستراليا, في ظل تفاعلات عربية, واقليمية, ودولة لم تغب عن الاجندة المشتركة التي اعدت للقاء الزعيمين. فمازالت حالة المد والجذر تراوح الملف النووي الايراني, فضلا عن تفاقم الازمة الأمريكية الايرانية, وتفاقم حالة الاحتقان في العراق خاصة بعد انسحاب القوات البريطانية من البصرة. اضافة إلي القضايا الاقتصادية وتنشيطها بشكل يصل إلي مستوي المشاركة خاصة ان الامارات تحتل المرتبة الأولي من بين دول الخليج العربية في مجال التعاون الاقتصادي مع روسيا. وتشير الارقام إلي ان حجم التبادل التجاري بين الاماراتوروسيا متواضع اذ لايتجاوز مليار دولار العام الماضي2006 كما لم يتجاوز عديد من السائحين الروس إلي الامارات250 ألفا في العام نفسه إلا ان مصدرا روسيا توقع ان تنمو تلك الارقام بعد الزيارة بنسب تتراوج ما بين10 إلي20%. ولأهمية القمة الروسية الاماراتية رصدت دراسة اصدرها مركز شئون الاعلام التابع للشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء مظاهر التعاون الجيد والمشاركة المتميزة في الجوانب الثقافية والعسكرية والمدنية والعدلية التي جمعت الاماراتوروسيا وما صاحبه من توقيع مذكرات تفاهم وبروتوكولات لدعم التعاون المشترك وتعميق العلاقات بين البلدين علي قاعدة متينة مؤسسة علي الاقتناع. ومن الواضح أن روسيا الاتحادية بقيادة الرئيس بوتين تسعي إلي بناء سياسة نشيطة مع دول الخليج العربية وفي مقدمتها دولة الامارات منطلقة من بعدها الحضاري وبنيتها الاقتصادية المتطورة وتمتعها بحضور دولي مؤثر في السياسات الدولية سمح لها بلعب دور مهم وملحوظ في تحقيق الأمن والاستقرار العالمي وتجسيد قيم التعايش السلمي وتحقيق أعلي مستوي من التعاون الدولي. وقد أشاد الرئيس بوتين بسياسة الامارات, وأوضح صراحة أن اتصالات بلاده المتنامية مع دولة الامارات تحكمها روح الصداقة والتفاهم المشترك, وهناك امكانات جيدة لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين إلي مستوي أعلي وكذلك تعزيز العلاقات فيما بين البلدين علي المستوي الدولي. علي الجانب الأخر تشكل جهود الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان نحو تعزيز العلاقات الثنائية وبحث وسائل دعم وتطوير التعاون المشترك, حدثا مهما ومستمرا يتواءم مع التزام الامارات بسياسة متوازنة تسعي للوصول إلي مستوي تطلعات الشعوب حول مجمل القضايا الاقليمية والدولية علي اسس الاحترام المتبادل. وتشكل الاماراتروسيا كما تشير الدراسة تجربتين متقاربتين من حيث خصوصية الكيان الداخلي والبناء الاتحادي والتنمية الاقتصادية والبشرية والانفتاح العالمي علي العديد من رهانات عالمنا المعاصر سياسيا واقتصادية وانسانيا كما ان البلدين التقيا علي نفس الطريق في المقاربة والاجتهاد لاستثمار قدراتهما الخاصة في سبيل الوصول إلي الأهداف المنشودة ومواكبة حركة التاريخ المتغيرة. قد لاتحمل اوراق التاريخ الكثير من الأحداث حول العلاقات الثنائية باستثناء الزيارة التي قام بها أول مسئول روسي كبير فيكتور تشيرنومردين رئيس الوزراء الروسي إلي الامارات في اغسطس1994. ومنذ اقامة العلاقات الدبلوماسية عام1971 مرورا بافتتاح سفارة الاتحاد السوفيتي في أبوظبي عام1986 وافتتاح سفارة دولة الامارات في موسكو في ابريل من عام1987. إلا ان زيارة الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الاعلي للقوات المسلحة في سبتمبر . وزيارة الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية في نهاية أكتوبر الماضيين قد ساهمتا بشكل مؤثر في تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع آفاقها واثراء جوانب التعاون, ويؤرخ المراقبون إلي ان لقاء خليفة بوتين سيشكل تحولا ليس علي صعيد البلدين فقط بل ايضا علي المستوي الخليجي والاقليمي بشكل ملحوظ.