منصة على شجرة لاغتيال ترامب.. تفاصيل جديدة حول تحقيقات أمريكا لحماية الرئيس    على طريقة فيلم لصوص لكن ظرفاء.. حفروا نفقا داخل مسجد لسرقة مكتب بريد "فيديو"    الموت يفجع الفنان حمدي الوزير.. اعرف التفاصيل    بالصور.. وزير الثقافة يقدم واجب العزاء في والدة أمير عيد    الخطيب يهنئ «رجال يد الأهلي» ببطولة إفريقيا    تحالف مصرفي يمنح تمويل إسلامي بقيمة 5.2 مليار جنيه لشركة إنرشيا    البابا تواضروس يكرم خريجي مركز القديسة ڤيرينا للتمريض    مطران الأراضي المقدسة والقدس والضفة الغربية والأردن ل «البوابة»: وقف إطلاق النار في غزة ثمرة رؤية القاهرة الثاقبة    مهرجان الموسيقى العربية يختتم أعماله بإعلان توصيات تؤكد التوازن بين الإبداع الإنساني والابتكار التكنولوجي    ترامب: الولايات المتحدة تمتلك أسلحة متطورة لا يعلم الآخرون بوجودها    إنقاذ الأرواح نجاة أسرة من حريق بالطابق ال 16 فى عقار بالإسكندرية    جامعة قناة السويس تعلن نتائج بطولة السباحة لكلياتها وسط أجواء تنافسية    الأهلي يتوج ببطولة أفريقيا لكرة اليد رجال في المغرب    سان دييجو المملوك للمصري محمد منصور يصنع التاريخ في الدوري الأمريكي ويتأهل لأبطال كونكاكاف    هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب القنوت في صلاة الوتر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل تجوز الأضحية عن المتوفى؟.. أمين الفتوى يجيب    أول وحدة لعلاج كهرباء القلب بالفيوم    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يفتتح الملتقى الثاني لعُلماء باكستان "تنسيق المواقف ووحدة الكلمة"    منتدى أسوان للسلام منصة إفريقية خالصة تعبّر عن أولويات شعوب القارة    روني: لن أتفاجأ برحيل صلاح عن ليفربول    حقيقة مفاوضات حسام عبد المجيد مع بيراميدز    رئيس جامعة كفر الشيخ يتفقد معامل ومدرجات الطب البيطري لمتابعة أعمال التطوير    بريطانيا تتراجع 5 مراتب في تصنيف التنافسية الضريبية العالمي بعد زيادة الضرائب    وكيل تعليم الفيوم يشيد بتفعيل "منصة Quero" لدى طلاب الصف الأول الثانوي العام.. صور    نقابة الأشراف تعليقا على جدل مولد السيد البدوي: الاحتفال تعبير عن محبة المصريين لآل البيت    هيئة السكة الحديد تعلن مواعيد قطارات المنيا – القاهرة اليوم    محافظ أسوان يتفقد مركز الأورام ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    محمد الحمصانى: طرحنا أفكارا لإحياء وتطوير مسار العائلة المقدسة    نساء 6 أبراج تجلبن السعادة والطاقة الإيجابية لشركائهن    أمينة الفتوى: الزكاة ليست مجرد عبادة مالية بل مقياس لعلاقة الإنسان بربه    تكريم ستة فائزين بمسابقة المنصور الجامعة للأمن السيبراني    المغرب يستضيف بطولة للكرة النسائية بمشاركة تاريخية لمنتخب أفغانستان    «القومي للبحوث» يناقش تطوير علم الجينوم بمشاركة خبراء من 13 دولة    انطلاق الدورة الرابعة من ملتقى التميز والإبداع العربي لتكريم رموز الفن    هشام جمال يكشف تفاصيل لأول مرة عن زواجه من ليلى زاهر    مصدر من الأهلي ل في الجول: ننتظر حسم توروب لمقترح تواجد أمير عبد الحميد بالجهاز الفني    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة غرب الإسكندرية لتيسير حركة المرور    قرار وزارى بإعادة تنظيم التقويم التربوى لمرحلة الشهادة الإعدادية    مركزان ثقافيان وجامعة.. اتفاق مصري - كوري على تعزيز التعاون في التعليم العالي    الأمين العام الجديد للشيوخ يجتمع بالعاملين لبحث أليات العمل    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    مجلس إدارة راية لخدمات مراكز الاتصالات يرفض عرض استحواذ راية القابضة لتدني قيمته    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    وزير الصحة يطلق جائزة مصر للتميز الحكومي للقطاع الصحي    المنظمات الأهلية الفلسطينية: الوضع كارثي والاحتلال يعرقل إدخال المساعدات لغزة    اتصالان هاتفيان لوزير الخارجية مع وزيري خارجية فرنسا والدنمارك    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    تأجيل محاكمة 3 متهمين بالتنظيم الثلاثي المسلح لسماع أقوال شاهد الإثبات الأول    علي هامش مهرجان الجونة .. إلهام شاهين تحتفل بمرور 50 عامًا على مشوار يسرا الفني .. صور    «نقابة العاملين»: المجلس القومي للأجور مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    موانئ البحر الأحمر: تصدير 49 الف طن فوسفات عبر ميناء سفاجا    روح الفريق بين الانهيار والانتصار    حبس المتهم بانتحال صفة موظف بخدمة عملاء بنك للنصب على مواطنين بالمنيا    تقارير: اتحاد جدة ينهي تجديد عقد نجم الفريق    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    أسعار البقوليات اليوم الاثنين 20-10-2025 في أسواق ومحال محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زين العابدين الركابى يكتب:ماذا يراد بمصر؟.. و(فقدان الرؤية) سبب الأزمة
نشر في الوفد يوم 08 - 12 - 2012

يبدو أن إخواننا المصريين - بأطيافهم كافة: لم يجمعهم - منذ عام - إلا كراهيتهم للنظام السابق: رئيسه وحزبه وسائر أتباعه. فلما سقط النظام: زال (الموضوع الجامع)، ومن ثم تفرقوا بعد اجتماع، وتشتتوا بعد وحدة.
علامَ يدل هذا؟
يدل على أنه لم يكن هناك (رؤية وطنية واضحة مشتركة حول مجمل قضايا مصر في حاضرها ومستقبلها).
نعم. هذا هو السبب الرئيسي لما يجري في مصر الآن.
وفقدان الرؤية ليس أمرا ثانويا أو ترفيا، بل هو (ضرورة وطنية) يهلك الجميع إذا هم افتقدوها.
إن الرؤية الواضحة المشتركة هي:
1 - وضوح الهدف أو الأهداف الوطنية المشتركة للتنمية والأمن وممارسة الحرية والوحدة الوطنية.
2 - الاستراتيجية الواضحة الموصلة إلى تحقيق الأهداف.
3 - التواطؤ الوطني الموثق على صياغة البرامج الوطنية المتنوعة بموجب تلك الأهداف والاستراتيجية. فمهما اتسعت الخلافات والاجتهادات، فإن الأهداف العليا والاستراتيجية المؤدية إليها يتوجب أن تحكم البرامج التفصيلية المتنوعة كافة.
لكن ذلك لم يحدث، وبسبب غيابه تتعرض مصر لزلازل سياسية واجتماعية نسأل الله أن ينجي مصر والمصريين منها ومن آثارها المدمرة.
من كان يتصور أنه بعد عام واحد - تقريبا - من رحيل نظام حسني مبارك، يرتد المصريون إلى نقطة الصفر فيطالبون رئيسهم المنتخب بالرحيل أيضا.
لم يكن أحد يتصور ذلك، بيد أنه وقع، وهو وقوع مسبب بفقدان الرؤية للمستقبل: القريب والبعيد.
ولسنا ندرس كيف يجرؤ سياسي على التقدم والإسهام لقيادة العمل الوطني وهو لا يملك رؤية واضحة لتطوير بلاده؟!
هل السياسة مجرد لعبة؟
هل السياسة (شهوة كلام)؟
هل السياسة (دعوى بلا دليل ولا مضمون)؟
هل السياسة هي القدرة الهائلة على الكيد للخصوم، والنيل منهم في هذه الصورة أو تلك (والخصوم ها هنا فريق من أبناء الوطن نفسه)؟!
ثم من كان يتصور أن دبابات الجيش ستحيط بالقصر الرئاسي المصري: حماية له من اعتداءات الجماهير الغاضبة؟!
لم يتصور أحد ذلك، ولكنه حدث.
وما حدث يفتح ملف الجيش المصري ودوره السياسي.
بعد حراك 25 يناير 2011 أكدت قيادات الجيش المصري: أنها لن تتدخل في العمل السياسي بأي صورة من الصور. بيد أنه في بدايات المشكل السياسي الراهن في مصر: صرح أحد قادة الجيش: بأن القوات المسلحة لن تتدخل في المشكل إلا إذا (حدثت أزمة).
فهل هذه هي الأزمة التي تتيح للجيش المصري أن يتدخل في الأوضاع السياسية؟
وإذا حدث ذلك: فكيف تكون صورة التدخل؟
ثم هل هو تدخل (مؤقت)، أو أنه استيلاء على السلطة إلى أجل غير مسمى كما حدث عام 1952 حين استولى الجيش على السلطة تحت شعار مؤقت: (إقامة ديمقراطية سليمة) ثم استمر فيها عقودا متطاولة؟
وهل يساعد الساسة المتخبطون اليوم الجيش على القفز على السلطة من جديد، كما ساعد ساسة عهد فاروق ذات الجيش على القفز على السلطة بسبب عبث أولئك الساسة؟!
وهل إذا حدث ذلك تكون صفحة (الربيع العربي) في مصر قد طويت؟
مهما يكن من أمر، فإن الأولوية المطلقة لكل مصري يجب أن تكون هي (المحافظة على مصر).
لماذا؟
أولا: لأنه في حالة ضياع مصر، أو إنهاكها لدرجة الكساح فلن يكون للساسة وجود ولا حياة. ذلك أن هؤلاء الساسة إنما يستمدون من مصر وجودهم السياسي وحياتهم السياسية، فهم - مهما كبروا - فرع وهي الأصل، هم النبت وهي الحقل، ولا نبت من دون حقل.
وإنما يتمثل ضياع مصر في إبقائهم في دائرة التخلف بسبب الالتهاء الملتهب بالصراعات الحزبية والشخصية.
وإبقاء مصر في دائرة التخلف والعجز هو (الثابت الاستراتيجي) الإسرائيلي الأول تجاه مصر.
وفلسفة هذا الثابت عندهم هي: أن الضمانة الوحيدة لأمن إسرائيل هي (مصر كسيحة عاجزة)، لأن مصر إذا قويت ونهضت فهذا هو الخطر الحقيقي الأكبر على إسرائيل - في تقديرهم - ففي حالة مصر قوية لا يستبعد أن تتكون في مصر إرادة سياسية قوية تسبب المتاعب لإسرائيل - على الأقل - فلا ضمان للدولة العبرية - من ثم - إلا بوجود مصر كسيحة عاجزة لا تستطيع مجابهة إسرائيل حتى لو أرادت ذلك. ف(العداء العاجز لا يخيف)!
ثانيا: لأن مخطط تفتيت مصر لا يزال قائما، وهو تفتيت مرتبط بفكرة وجود مصر كسيحة عاجزة.. فمن أخطر عوامل الكساح والعجز: أن يكون الشعب المصري مفتتا مفككا ممزقا لا يجمعه جامع، ولا يؤلف بين ذراته مؤلف، ولذلك قال مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق: «إن نجاحنا يتمثل في أننا استطعنا أن نزرع عوامل التفتت بين مكونات المجتمع المصري»!!
وقد لا يطمع الأعداء: أن تفتت مصر جغرافياً، بيد أن حسبهم من النجاح: أن يمزقوا المجتمع المصري فكريا وسياسيا واجتماعيا على النحو الذي يجري الآن، وهو يجري: ليس بأيد إسرائيلية، وإنما بأيد مصرية مع الأسف!!
ولا نبرح - من قبل ومن بعد -: نركز على (أهمية الرؤية الواضحة) في العمل السياسي والاستراتيجي.
فإذا انعدمت (الرؤية) الثاقبة النافذة.. للتاريخ والواقع والمستقبل - فهذا نوع من (العمى الاستراتيجي).. أما النوع الآخر من العمى فهو أن توجد (رؤية)، لكنها مؤسسة أو مبنية على تفكير خاطئ، وتحليل مختل معتل، وتقدير لا يؤدي استصحابه - في الحساب والموقف - إلا إلى المزيد من الأخطاء والتخبطات والكوارث.. فأي نوع من العمى الاستراتيجي يوجد الآن؟: ليس من الواقع ولا من الرؤية الصحيحة له: نفي وجود رؤية استراتيجية - بإطلاق -.. وبهذا الإقرار يثبت النوع الثاني من العمى الاستراتيجي.
والكلم حقيق بالتمحيص والضبط، إذ كيف يقال: إن هناك رؤية استراتيجية، وإن هذه الرؤية ذاتها عمش أو عور أو عمى؟ أوليست تنطوي الاستراتيجية على الحساب والتخطيط والذكاء؟.. لئن قال هنري وارد بيتشر: «ليست العظمة أن تكون قويا، بل في الاستخدام الصائب للقوة»، فإنه يمكن أن يقال: «ليست العبقرية أن تكون ذكيا، بل العبقرية أن يتعدى ذكاؤك اللحظة الراهنة - دون تجاهل لها - ليومض ويلتمع وينفذ إلى الأفق البعيد».. وللعلم كلمته - ها هنا - فمن العلم أن نعلم أن هناك مستويين من الذكاء: الذكاء المتمثل في وقدة الذهن وسرعة الخاطر، وانثيال التفكير.. والذكاء الثاني هو الذي يتمثل في التروي، والتفكير العميق، وتقدير العواقب والمآلات، وبعد النظر.. وأحسن المراتب والأحوال: أن يتناغم المستويان، إذ لا تغني وقدة الذهن عن (بعد النظر).. وكثير من الكوارث والزلازل التي ضربت المجتمعات البشرية تسبب فيها نفر من الناس: تتقد حركتهم الذهنية بذكاء يكاد يكون جنونا من فرط توقده، ولكنهم كانوا محرومين من المستوى الثاني من الذكاء وهو: البصيرة الثاقبة، وسداد التفكير، وموهبة التروي، وقوة الرؤية الممتدة إلى الأمام كأبعد ما يكون الامتداد مما هو متاح للقدرة البشرية في هذا المجال.. مثلا (هتلر) لم يكن غبيا، ولم يتهم بذلك، بل كان ذكيا: ومن أقوى الأدلة على ذكائه - بمعنى النشاط الذهني المتواصل -: أنه بنى الحزب النازي بسرعة غير معهودة في بناء الأحزاب. ولكن هذا الذكاء المتوقد لم يغنِ عن الرؤية الطويلة الأمد والأجل بدليل أن ذلك الذكاء نفسه أهلك ألمانيا أيما هلاك، وجعل هتلر نفسه يستدبر الهدف، إذ قبض الضياع والمهانة في حين كان يسعى إلى الوجود والمجد.
ونعمد إلى التوكيد على العبارة التالية، نظرا لأهميتها القصوى للمصريين - ولعموم العرب والمسلمين - هذه العبارة هي «ليعلم المصريون أجمعون: أن وجود مصر عاجزة باستمرار هو هدف ثابت من أهداف الصهيونية - متلبس بأهداف قوى أخرى - ذلك أن وجود مصر عاجزة هو (الضمانة الوحيدة) لمستقبل الدولة العبرية».
هكذا يتصورون وهم مقتنعون - في العمق بهذا التصور الشرير.
ومصر العاجزة هي مصر: المضروب أمنها، المعطلة تنميتها، والممزقة وحدتها.
أليس من الإيذاء الجسيم لمصر: أن يسهم أبناؤها - بهذا الدافع أو ذاك - في خدمة مخططات أعداء وطنهم؟!
وهذا شيء غريب جدا. فقد عرف المصريون - في تاريخهم الحديث بالذات - بالوطنية العالية والفطنة، المبكرة اليقظة، المحبطة لكل المكايد بالوحدة الوطنية الصلبة.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.