مازال الحوار متواصلا مع أحمد أبوالغيط وزير الخارجية حول أهم ملفات الدبلوماسية المصرية.. وسياسة مصر الخارجية.. فبعد ان تحدث عن الدور المصري وتأثيره وفعاليته وان مصر هي قوة التأثير العربي والإسلامي الأساسي في الإقليم وان التغيرات في الأدوار ليست بسبب الضعف العربي أو المصري.. لكنها ترجع إلي التغيرات السياسية والاقتصادية علي المسرح الدولي.. وان حجم الدور المصري يتناسب مع الأهداف التي تسعي مصر لتحقيقها.. في هذه الحلقة يزداد الحوار سخونة ويفتح وزير الخارجية ملف القضية الفلسطينية ليؤكد ان مصر تسعي وفي التوقيت المناسب لاستعادة فعالية وحدة الحركة الفلسطينية وان مصر علي اتصال بجميع الاطراف الفلسطينية وعلي كل المستويات.. كا تحدث عن الملف النووي الإسرائيلي وان المشكلة في بقاء إسرائيل خارج معاهدة منع الانتشار النووي.. وبالنسبة للملف السوداني فمصر موجودة وبقوة ولها علاقات جيدة بجميع الاطراف.
ويبدأ الحوار في الحلقة الثانية بسؤال عن العلاقات المصرية الامريكية وكيف يتم التنسيق والتعاون بينهما؟ في العمل الاقليمي نسعي للتوصل الي تسوية فلسطينية اسرائيلية والبعض قد يتساءل ما اهمية الولاياتالمتحدة في هذا الموضوع فاهمية الولاياتالمتحدة تكمن في قدرتها الهائلة في التأثير علي اسرائيل وبالتالي نقوم باستغلال تلك النقطة للتعامل مع اسرائيل كما ان التعاون مع الولاياتالمتحدة ضروري للغاية ويؤدي الي تأمين الاستقرار وهذا يحدث من خلال خروج الولاياتالمتحدة من العراق لذلك علينا التحرك والتنسيق معهم وتشجيعهم علي الخروج من العراق ولكن في ظروف تؤمن الاستقرار ولا تعمق من الحالة التي وصل اليها حاليا واذا لم تخرج الولاياتالمتحدة من العراق فسيكون هناك ضرر بالغ علي الاقليم.
ماذا عن المعونة الامريكية وتخفيض الولاياتالمتحدة للمعونات الاقتصادية لمصر؟ الدعم الاقتصادي والعسكري لمصر بدأ في اعقاب اتفاق السلام المصري الاسرائيلي ولكن هذا الدعم ليس باتفاق مقنن وانما هو تفاهم نتج بعد اتفاقية كامب ديفيد حيث عرضت الولاياتالمتحدة هذا الدعم للطرفين المصري والاسرائيلي اذا توصلا الي اتفاق سلام وبالتالي استمر الدعم من عام 80 في صورة دعم اقتصادي وعسكري فالدعم الاقتصادي كان في حدود 815 مليون دولار سنويا والعسكري حوالي مليار و800 مليون دولار.. وفي عام 97 قررت الولاياتالمتحدة تخفيض الدعم الاقتصادي نتيجة طلب اسرائيل حيث طالبت الولاياتالمتحدة اعادة توزيع الدعم لانها اصبحت لا تحتاج الي الدعم الاقتصادي وتوزيعه علي الدعم العسكري فقبلت الولاياتالمتحدة علي هذا الطلب.. اما مصر فقد كان الاقتصاد المصري عام 97 لا يزال يحتاج الي هذا القدر من الدعم فتم توقيع اتفاق جديد يقضي بتناقص الدعم الامريكي 40 مليون دولار حتي عام 2007 وثبات الدعم العسكري مع بعض التسهيلات التي تزيد المبلغ وترفع فاعليته للدعم العسكري والان اصبحت القدرة الاقتصادية والتنموية المصرية في حالة جيدة ولا مجال للمقارنة بها مع عام 97 لذلك اصبح الدعم الاقتصادي عام 2007 '415 مليون دولار سنويا' اما الدعم العسكري فثابت واعلنت الولاياتالمتحدة من طرف واحد ان الدعم العسكري سيتم تجديده في صورة 13 مليار دولار لمدة 10 سنوات قادمة و30 مليارا لاسرائيل لمدة 10 سنوات قادمة اما الدعم الاقتصادي فلم يتحدد بعد ولم يتم التحدث بعد مع الجانب الامريكي في هذا الموضوع. كما تحدث الامريكيون انهم ينوون حجب 200 مليون دولار من الدعم العسكري حينما يصل الكونجرس خطاب من وزيرة الخارجية الامريكية عن مدي استجابة مصر للمتطلبات الامريكية وهذه المتطلبات تتحدث عن اداء وزارة العدل والداخلية والقوات المسلحة في اداء الاتفاقيات مع مصر واسرائيل حول الاتفاق.. ورد الجانب المصري كان طالما ان هذا قرار الكونجرس فهذا شأن يتعلق بالكونجرس ولكن من المؤكد ان مصر لن توافق علي اي مشروطية لحجب مبالغ لكي يتم الاستجابة الي تلك الاشتراطات فالحكومة لن توافق علي اي شروط مقابل عدم حجب اي مبالغ.. فمصر دولة لها رئيس وحكومة وشعب لا يقبل شروطا من احد والذي لا يعرف هذا لا يعرف المصريين.. وهذه هي قصة الدعم كما اسميها فانا لا اعتبرها معونة فالاقتصاد المصري قوي. عملية السلام الأخبار: ما تصور سيادتكم لعملية السلام في الوقت الراهن؟ وزير الخارجية: الصورة بالغة السوء، فعندما تنكسر الحركة الوطنية الفلسطينية يحدث تهديد للمستقبل الفلسطيني، والحركة الوطنية الفلسطينية في هذه اللحظة مصابة بالشرخ، وبالتالي لا أتصور اننا نستطيع ان نحقق امال الشعب الفلسطيني في الحصول علي دولة واستعادة ارضه وتجاوز مأساة المائة عام الماضية، طالما بقي الوضع علي ما هو عليه. ومن هنا تسعي مصر وفي التوقيت المناسب لاستعادة فعالية وحدة الحركة الوطنية الفلسطينية، وتسعي أيضا وبدعم دولي متمثل في الرباعي الدولي الذي يتكون من الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة وروسيا لتحريك عملية السلام علي أسس متفق عليها. ونأمل ان الاجتماع القادم في الولاياتالمتحدة في نوفمبر يطلق عملية سلام تؤدي إلي الوصول وبأسرع وقت ممكن إلي الوضع الذي يمكن الفلسطينيين من الانطلاق لتحقيق الدولة وتغيير المعادلة الداخلية. فالوضع الفلسطيني بالغ الصعوبة، وسوف تأتي وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس في سبتمبر المقبل وبالتالي فنحن ننتظر لتشرح لنا المفهوم الأمريكي في التعامل، ونسعي للتأثير علي الرؤية الأمريكية من خلال الكثير من المشاورات والاتصالات علي المستوي الأقل من الوزاري، أي علي مستوي الخبراء والمسئولين، وذلك لانه خلال هذه الفترة من الآن وحتي نوفمبر المقبل سنجد ان الصورة كما اراها وربما أكون مخطئا ولكن في تقديري ان هناك الوضع الفلسطيني المتصدع، ووضع اسرائيلي غير مستقر انتظارا لتقرير فينوجراد الذي سيظهر في أكتوبر المقبل، وما ستكون عليه صورة إسرائيل نفسها بعد هذا التقرير وهناك اتصالات إسرائيلية فلسطينية متكتم عليها وتصدر بها تقارير في الصحف الأمريكية والإسرائيلية، وهناك دلائل علي بذل جهود، فالولاياتالمتحدة تنتظر تقرير بيتريوس ورايان كروكر في العراق، وهناك الوضع اللبناني الذي يحتاج للحسم بين الفترة من 24 سبتمبر حتي 24 نوفمبر لحسم موضوع الرئاسة، وربما يؤدي هذا لحدوث ديناميكة للتخلص من هذه الورطة في لبنان وكل ذلك يشكل عناصر ضغط علي الوضع العام لجهود عملية السلام. سوريا والمؤتمر الدولي القادم الأخبار: وماذا عن سوريا وموقفها من المؤتمر الدولي القادم للسلام؟ الوزير: نحن طلبنا أثناء مؤتمر شرم الشيخ عدم استبعاد أي طرف، إذا ما كان لهذا الطرف الرغبة في المشاركة أو قدرة علي التأثير الايجابي. وجاءنا الرد الأمريكي متمثلا في حديث واضح أثناء الاجتماع من وزيرة الخارجية الأمريكية بان الولاياتالمتحدة لم تقرر بعد لمن توجه الدعوات ولم تستبعد أحدا حتي الآن ولم تقرر جدول الاعمال أيضا حتي الآن. والولاياتالمتحدة تبني رؤيتها لهذا الاجتماع من خلال التدرج، فهي أعلنت يوم 25 يوليو الماضي ان هدف المؤتمر هو خدمة علمية السلام واطلاقها ولكن سيظهر في الأيام القادمة كيفية الوصول لهذا الهدف حتي يقرروا متي سيعقد المؤتمر بالتحديد خلال نوفمبر المقبل. وفي تقديري أنهم يؤجلون تصورا منهم ان هذا التأجيل سوف يؤدي إلي تحقيق تقدم علي الأرض فيما يتعلق بالعلاقة الفلسطينية الإسرائيلية، وبناء موقف فلسطيني فلسطيني وفلسطينيإسرائيلي. ولا أقصد بالموقف الفلسطينيالفلسطيني ما يتعلق بالسلطة الفلسطينية وحماس، وإنما أقصد به تطوير الأوضاع علي الأرض فيما يتعلق بالضفة الغربية بشكل يصبح مقنعا لإسرائيل ان هناك شريكا يوثق فيه. وأنا أؤمن شخصيا ان هناك شريك موثوق فيه منذ 40 عاما ولكن المشكلة ان الطرف الآخر يرغب في تعقيد اطالة الأمور ويهرب من مواجهة لحظة الحقيقة، فإسرائيل تهرب علي مدي سنوات طويلة من مواجهة الحقيقة وعندما كانوا يهاجمون الرئيس ياسر عرفات، كنت أضحك وأقول وماذا بعد ياسر عرفات؟ فسوف يجدون حجة أخري ليقولون 'لا شريك'، ولكنهم توقفوا اليوم عن ذلك وأتمني ان يكون هذا التوقف توقفا استراتيجيا أي تغيير في الخط الاستراتيجي لدولة إسرائيل تجاه السلام وبناء علاقة والتوصل إلي اطلاق الدولة الفلسطينية، والأمر فيما مضي كان عبارة عن مناورات. والبعض يقول 'انتم تتفاوضون وانتم تعلمون انهم لن يعطوكم شيئا'.. وهذه دعوة للتوقف عن كل شيء والفشل والضياع وذهاب الناس للنوم، واتذكر عندما كان شامير رئيس وزراء إسرائيل ووزير الخارجية ومعه نتنياهو نائب وزير الخارجية الإسرائيلي في ذلك الوقت في 1991 حيث كان شامير يقول لكل من اجتمع به 'سوف اتفاوض 10 أعوام ولن يأخذوا مني شيئا'.. وهذا فكر لرئيس وزراء سابق ووزراء سابقون ولكن لم يمنع ذلك مصر من المحاولة. فأين شامير عام 1993! كان قد ذهب واضطروا للاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، ووقف رابين في البيت الأبيض لتحية ياسر عرفات الذي كان يطلق عليه قبلها بأسابيع 'الإرهابي الأوحد علي الأرض' ولذلك لا نستطيع ان نتوقف، فعلينا الاستمرار، وأنا لدي أمل ان تكون إسرائيل قد وصلت إلي لحظة الحقيقة بان كسر الفلسطينيين لن يكون، وان الدولة الفلسطينية لا بد وان تبزغ، وان هناك شعبا مكونا من 5 ملايين فلسطيني يجب ان يحيا، لانه بحلول عام 2025 سيكون هناك 12 مليون نسمة، 6 ملايين فلسطيني و6 ملايين إسرائيلي وعليكم ان تتعاملوا مع ذلك، فإما وجود دولتين وهو الأمر الطبيعي أو وجود دولة عنصرية من 6 ملايين تحتل ال6 ملايين الآخرين وتفرض عليهم روءيتها وهذا لن يكون لأن ال6 ملايين الذي يطلق عليهم 'عرب فلسطين' وراءهم 300 مليون ووراءهم ما هو أكبر من ذلك وهو الحق والعدل والاخلاقيات. وبالتالي إذا اقتنع المجتمع الإسرائيلي بذلك، فان ما يدور من مشاورات حالية والمؤتمر القادم وغيره من الجهود ربما يؤشر إلي احتمالات لحدوث انفراجة. وقد يقول البعض انهم يضيعون الوقت، ويقول البعض الآخر انهم يخفون شيئا بالنسبة للعراق، يتصور البعض انها عملية تحفيزا لا لشيء في منطقة الخليج وكلها احتمالات موجودة، ولكن ما أرصده بان هناك احتمالا قويا لتحرك استراتيجي وصولا للدولة الفلسطينية ولا يجب ان نيأس. الأخبار: هناك تعبير شهير ان مصر تقف بمسافة واحدة عند كل الفصائل الفلسطينية.. ولكننا أمام المؤتمر القادم ولابد من ترتيب البيت الفلسطيني.. فهل سيقف العرب مكتوفي الايدي من تحديد أجندة هذا المؤتمر؟ الوزير: من ينجح في الامتحان هو الذي يكتب ورقة الاجابة، فالأب والخال والعم هم الذين ينصحون الابن بالتوجه العام ولكن الابن هو الذي سيدخل الامتحان، فالفلسطينون هم الذين سيدخلون الامتحان وعليهم ان يخرجوا أنفسهم من هذا الوضع بمساعدة مباشرة مننا وبجهد ومصداقية مصرية وهذا لم نتخل عنه ولدينا اتصالات حالية بجميع الأطراف الفلسطينية علي كل المستويات ولكن الوضع الآخر هو أن كل شيء لابد ان يعلن في التوقيت الذي نراه يخدم المصلحة لاننا لسنا في مجال التجارة أو المتاجرة. وأقول انه لدينا اتصالات مع الجانب الأمريكي ونتوقع الطرح الأمريكي بالرؤية التي ننقلها لهم وتنقل لنا وعندما ذهبت إلي واشنطن كان هناك الكثير من الحديث حول القضية الفلسطينية، فالقضية الفلسطينية اخذت 75 % من المناقشات في واشنطن، وجميع الاتصالات بين الرئيس مبارك وبوش تدور معظمها حول القضية الفلسطينية لأنها جوهر النزاع. فعندما تقرر الولاياتالمتحدة اطلاق بيانها في حديث الرئيس بوش وتقرر الدعوة للمؤتمر الدولي للسلام، فهذا الأمر لا يأتي من فراغ بل نتيجة لجهد مصري وعربي لتشجيع الولاياتالمتحدة لأخذ هذا المنحني في التحرك وأعتقد انه تسرب قبل حديث الرئيس بوش من القاهرة تصور لما يمكن ان يأتي علي لسان الرئيس بوش ونشر في الصحف القومية بما تحدث به بعد 24 ساعة أو 48 ساعة. وهذا كان جهدا مصريا، ولا أدعي ان مصر هي المسئولة عن عودة الولاياتالمتحدة للامساك بملف الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية ولكن أقول أن مصر كان لها تأثيرها ومساهمتها علي تشجيع الولاياتالمتحدة علي هذا النهج الجديد. واعتقد أننا لن نتحلي عن مسئوليتنا في محاولة التأثير علي التفكير الأمريكي لكيفية التحرك في الاعداد للمؤتمر.