يعاني 6 مليون مواطن في محافظة المنيا من صداع المواقف العشوائية، والتي تكون في الغالب شبه بعيدة عن سيطرة الأجهزة التنفيذية والرقابية والأمنية، وتنتشر مصاحبة لها، السرقات بالإكراه والاختطاف، وتضيع معها كرامة الراكب، لكنها تركت دون رقابة تحمي هيبة الدولة، وكرامة المواطن. فمنذ ما يزيد عن عشرون عاما ، ومع بداية عام 2000 ، وجدت مساحات من الاراضي ، نتيجة ردم بعض مجاري مياه الري داخل المدن، ورأت حكومات الرئيس المخلوع (مبارك ) والمتعاقبة في ذلك الوقت، إستغلالها كمواقف للسيارات، لتخفيف حدة وتكدس الزحام، والقضاء علي المواقف العشوائية، إلي هنا ويبدو الأمر طبيعيا ، حيث بدأت أعمال التنفيذ وتسليم المواقف، بتكلفة ما يقرب من 15 مليون جنيه للوحدات المحلية وإدارتها. ولكن لضعف أداء العمل الحكومي وقتها ، والتسيب والإهمال لم تتمكن الوحدات المحلية بمدن (المنيا – ملوي – سمالوط – العدوة)، من فرض سيطرتها علي السائقين، والذين أحجموا ورفضوا الإنصياع لتعليمات الوحدات المحلية، والتي تقاعست عن إتخاذ إجراءات رادعة، تكفل إلتزام سائقي السيارات بالمواقف المخصصة، ليخرج السائقين (السنتهم ) لتعليمات رؤوساء المدن والمراكز ، في ظل غياب تام للأجهزة الرقابية وكذلك إدارات المرور، والتي تركت (الحبل علي الغارب) للسائقين ليخلقوا بأنفسهم مواقف عشوائية فرضوها كأمر واقع علي الجهاز الحكومي والتنفيذي. وبرغم مئات الشكاوي من الأهالي بسبب حالة الإختناق والإزدحام التي خلقتها المواقف العشوائية ، ومعارك ومشاجرات السائقين مع بعضهم البعض، أو مع الركاب أثناء تحميل سياراتهم ، إلا أن رؤساء المدن ، أصموا أذانهم عن الأمر، وكأنه لايعنيهم بشيئ، وعلي الناحية الأخري رأي مدمني وتجار المواد المخدر، الفرصة المواتية للسيطرة علي مواقف السيارات المغلقة، وجعلوها وكرا لبيع الممنوعات، وقيام بعض سائقي سيارات الملاكي ، بإستغلال المواقف بوضع سياراتهم بداخلها ، والصورة تشهد علي غلق المواقف منذ عام 2000 وحتي الآن، معبرين السائقين وبعض الركاب عن أن سوء إختيار موقع مواقف السيارات هو السبب. حيث كشف مسئولين بالوحدات المحلية عن قيام رؤساء الوحدات المحلية بالمدن والمراكز ، بإهدار أكثر من 15 مليون جنيه ، خلال السنوات الثلاثة الماضية تلك الفترة ، بسبب سوء التخطيط بإقامة مواقف للسيارات بالمدن في أماكن لا تتناسب ورغبات المواطنين، وعدم فرض الوحدات المحلية سيطرتها وإجبار السائقين علي الإلتزام بتلك المواقف ، مما أدى إلى تعطل 4 مواقف بمدينة (المنيا، ملوي، سمالوط، العدوة) عن العمل لسوء اختيار مواقعها رغم إنفاق أكثر من 15 مليون جنيه على إقامتهم، وعدم تشغيل باقي المواقف بمدن المحافظة بكامل طاقتها، وتحمل المواطنين أعباء مالية جديدة بدلاً من تخفيف الأعباء، فيما اعترف مسئولين بالجهاز التنفيذي بالمشكلة مؤكدين على ضرورة إعادة دراسة تشغيل تلك المواقف أو استغلالها كحدائق عامة ومتنزهات للمواطنين. ففي مدينة المنيا تحدث محمد جمال ، موظف ، إنه تم إنشاء مجمع مواقف للسيارات بمنطقة "ماقوسه" جنوب مدينة المنيا ، بتكلفه تزيد على 3 مليون جنيه منذ عامين دون تشغيل ،بسبب سوء الدراسة في اختيار الموقع، وأضاف إن المجلس في ذلك الوقت سبق وأن ناقش إقامة مجمع تعليمي مكان مجمع المواقف الجديد ، ولكن المسئولين فضلوا إنفاق ملايين الجنيهات ، على موقف معطل, مطالبا اللواء عصام البديوي محافظ المنيا الجديد بالتصدي والعمل علي حل المشكلة . وتشير وفاء خليل ، موظفة ، أنه في إطار تطوير مواقف السيارات بمدن المحافظة ، تم إنشاء مجمع للمواقف بمدينة ملوي ، بتكلفة حوالي 5 مليون جنيه ، ويسع 600 مركبة ، ويضم مجمع خدمات يشتمل على 32 محل تجاري ، ويضم مبنى لإدارة المواقف, وكذلك مبنى لإدارة المرور ومباحث المرور ، وقد تم افتتاح مجمع المواقف وتشغيله لمدة اسبوع ، وبعدها تم إغلاقة لعدم إلتزام السائقين ، وأصبح مرتعا للصوص وتجار المواد المخدرة. ومضيفه خليل ، إن المشروعات الممولة من الدولة، تعيبها الإرتجالية ، وعدم التخطيط السليم ، فبدلاً من أن تعمل علي راحة المواطنين ، أصبحت تضيف أعباء جديدة لكون موقف ملوي غرب المدينة ، ويحتاج لمواصلات داخلية كالتاكسي أو المشروع. ومؤكدة وفاء إن سوء التخطيط يعد إهدار للمال العام الذي منح من أجل رفاهية المواطن ، لذا نطالب محافظ المنيا الجديد بمحاكمة المسئولين التنفيذيين ، والذين قصروا بشكل واضح في أداء عملهم ، لمخالفتهم للقانون ، بعد أن فهم تحكموا وتلاعبوا في أحلام البسطاء ومتطلباتهم التي منحتهم الدولة إياها. ويقول أشرف عطا ، موظف ، أنه تم اقامة موقف للسيارات بمنطقة ترعة الصفافة غرب مدينة سمالوط ، بتكلفة 5و2 مليون جنيه لكن الموقف معطل ، ولا يعمل، وقام السائقين بإقامة مواقف عشوائية لأنفسهم في مناطق شارع التجارة وميدان عامر, والأحمدي ، وطريق فيلا سمير مكادى القديمة, وآخر للميكروباص عشوائي أمام البنزينة البحرية. مطالبًا عطا ، بدور جاد للمرور في إنهاء الأزمة وضرورة التخطيط الجيد قبل تنفيذ مثل هذه المشروعات، حيث تسبب موقف سيارات مركز سمالوط في إعاقة الحركة المرورية طوال اليوم، ما يؤرق الأهالي باستمرار، وسط مطالب بنقله لمكان آخر، نظرا لموقعه الحيوي وتواجده بالقرب من مدارس تعليمية، انتهت إلي غلقه وهجران السائقين هربا إلي مواقف عشوائية . وبرغم مئات الشكاوى من قبل الأهالي، للوحدة المحلية بمركز ومدينة سمالوط ، شمال المنيا ، والتي جاء فيها أن الموقف يتسبب في غلق الشوارع بإستمرار كما أنه يمنع في بعض الأحيان مرور سيارات الإسعاف، خاصة وأنه يقع أمام مدرسة إسلامية وأخرى لتحفيظ القرآن، ما يؤثر على حركتهم المرورية أمام الموقف طوال اليوم، بخلاف المشاجرات المستمرة بين السائقين، نتيجة للإختيار السيئ لمكان إقامة موقف السيارات . مشيرين الأهالي إن الموقف يضم سيارات القرى كافة بمختلف أنواعها، إضافة ل"التوك توك" والدراجات البخارية، وإنه مع حركة دخول وخروج السيارات تلك، يجد أصحاب السيارات الملاكي والمارة صعوبة في التنقل خاصة وأن الموقع يعتبر المدخل الأساسي للمدينة بكافة شوارعها وقراها ونجوعها. مريم شكري إحدي معلمات مركز سمالوط ، قالت "إنها تمر يوميا من أمام الموقف وكانت شاهدة على واقعة تعطل سيارة إسعاف في أثناء مرورها أمام الموقف لنقل إحدى الحالات من داخل المدينة، ولم يراعي السائقين ذلك برغم آلة التنبيه التي ظلت تعوي لأكثر من ربع الساعة، وبرغم إنفاق مايقرب من 3 مليون جنية لإنشاء مجمع مواقف بسمالوط، غير أن بعد مكانه كان سببا لعدم جدواه، وهجرة السائقين منه، ما يعد إهدارا للمال العام، وهو ما حدث بمراكز المنياوملوي وأبوقرقاص. وفي مركز دير مواس ، جنوب المحافظة ، تم إنشاء موقف للغروب على جنابية دير مواس الغربية (الديروطية)، وذلك بناءً على موافقة المجلس الشعبي المحلي لمدينة دير مواس بجلسته في 31/12/2002 ، وموافقة المجلس الشعبي المحلى للمركز بجلسته في 27/1/2003 وتم افتتاح الموقف في 18/3/2003 في احتفالات عيد المنيا القومي، لكن مايؤسف له هو إهمال موقف السيارات وهجره وأإصبح يحتاج إلى رعاية وجهود مرورية. وفي ابو قرقاص، أكد سعيد عبد الغفور ، أنه تم إقامة موقف للسيارات للغروب بجوار قرية الجوارجى ، بتكلفة 260 ألف جنيه، لخدمة سيارات الغروب، لكن السائقين يهربون من الوقوف بالموقف ، ويقفون عشوائيًا بشوارع المدينة أمام جمعية الشبان المسيحيين وقد ناقش المجلس المشكلة وطالب بدور جاد للمرور. وفي مدينة العدوة شمال المنيا ، أكدت التقارير عن توقف موقف السيارات المقام جنوبالمدينة ، منذ عام 2003 رغم إنفاق 230 ألف جنيه على تطوير بحجة عدم رغبة السائقين والمواطنين والمجالس المحلية في تشغيله, وهناك مقترحات من مسؤولي الوحدة المحلية بإستغلال الموقف خلال الفترة القادمة كحديقة أو منتزه للعائلات في ظل إقامة عمارات سكنية بالمنطقة، بعد أن فشلوا في إجبار السائقين بالوقوف داخل موقف السيارات والإبتعاد عن المواقف العشوائية . وفي مركز مغاغة ، تم إقامة مجمع مواقف بمنطقة ترعة الفشنية ، بتكلفة مليون و650 ألف جنيه, وأنه تم صيانة وترميم موقف الغروب القديم القبلي بشارع الشون، بعد توقف موقف السيارات عن العمل وإغلاقه . وطالب اهالي المنيا ، بالتدخل العاجل للواء أسامه القاضي ، محافظ المنيا ، والاجهزة الرقابية وعلي رأسها الرقابة الادارية ، والمطالبة بسرعة التحرك ، وحل الأمر ، سواء بنقل مواقف السيارات إلي أماكن أخري بديلة ، مع القضاء علي المواقف العشوائية ، والتي أصبحت تسبب صداعا في رأس مواطني المحافظة بشكل يومي .