بعد ثورة 25 يناير المجيدة.. تشكلت حكومات كان آخرها حكومة د. الجنزوري.. وبالرغم مما أثاره البعض من تحفظات واعتراضات حول تلك الحكومات.. ولكن لا ينكر أن جهداً بذل من أجل تسيير الأمور ومحاولات لتحسين الأوضاع التى تراجعت.. خاصة بالنسبة للأمن الذى غاب بصورة شبه كاملة.. ومحاولة إيقاف التراجع السريع فى اقتصاد البلاد.. وكذلك كانت هناك بدايات لكيفية العمل على تحقيق اهداف الثورة، وخاصة بالنسبة للعدالة الإجتماعية.. ولكن لقصر الفترة التى استمرت فيها الحكومات.. لم تكتمل، وخاصة أنه كان هناك إصرار من التيار الدينى الإسلامى بعدم الرضا على تلك الحكومات والمطالبة بتغييرها الواحدة بعد الأخري. وما واجهته الحكومة الأخيرة برئاسة د. الجنزورى أكبر دليل على ذلك حتى وصل الأمر إلى التشابك بصورة عنيفة من أعضاء الاكثرية فى مجلس الشعب من الإخوان وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة مع وزراء فى الحكومة بصورة غير لائقة. ولذلك اعتبر الشعب أنها فترة انتقالية.. وتوقع أن البلاد ستبدأ فى استقرار حقيقى بعد الانتخابات الرئاسية التى جاءت بالرئيس محمد مرسي.. وبالتالى سننعم بحكومة ثورة تحقق أهدافها.. التى من أجلها أريقت دماء طاهرة لشباب أراد لنا.. الحرية.. والكرامة.. والعدالة. ولكن.. رأينا كيف أن تشكيل الحكومة برئاسة هشام قنديل تعثر.. وانقضى وقت طويل حتى تم تشكيلها.. والمفاجأة أن حوالى 25 بالمائة من الوزراء فى الحكومة الجديدة كانوا اعضاء فى حكومات سابقة ولطالما انتقدوا بشدة من قبيل التيار الدينى الإسلامي، وللعلم ان النسبة كانت ستكون أعلي.. لو لم يعتذر بعض وزراء سابقين عن عدم المشاركة فى الحكومة الجديدة. وعكس كل التوقعات التى انتظرها الشعب، فمنذ بدايات عمل الحكومة.. ونحن نعيش مرحلة مرتبكة فى القرارات.. وأصبحت عدم الشفافية قاعدة لتصريف الأمور وبصورة فاقت ما كان يمارس فى زمن النظام السابق الذى أسقطه الشعب!! وذلك يرجع إلى نقصان فى الخبرة.. والكفاءة.. فلم يطرح برنامج يليق.. بحكومة جاءت من أجل التغيير والإصلاح.. كذلك لم تتحدد تكليفات للحكومة كان يجب اتباعها وتنفيذها. وأداء الحكومة لم يصل إلى ما كانت عليه الحكومات الانتقالية المؤقتة.. التى لم نسلم من الهجوم عليها طوال فترة بقائها فى الحكم. كذلك غياب «الرشد السياسي» الذى كان متوقعا أن تمتلكه وتتحلى به الحكومة.. فهو مؤشر على الرؤى الواضحة واستيعاب الصورة المتكاملة والأخذ فى الاعتبار الأوضاع وحساب نتائجها وتقدير عواقبها، وكمثال لعدم الحكمة والقدرة على تقدير الأمور.. ففى اسبوع واحد كانت تصرفات ورد فعل رئيس الحكومة غير متوازنة فعندما زار قطاع غزة للتعزية وكان عدد الشهداء حينذاك 19 شهيدا بينهم 3 اطفال.. وكانت له صورة وهو يقبل طفلا فلسطينيا شهيدا حازت الاهتمام الإعلامى خاصة كما قيل ان قميصه تلطخ بدمائه.. وهذا كان موقفا يقدر له!!. ولكن فى زيارته لمحافظة أسيوط التى استشهد فيها 52 طفلا.. كانوا فى طريقهم لتلقى العلم فى معهد «نور الازهر» وأعمارهم تتراوح بين 6-12 سنة. ضاعت حياتهم بصورة بشعة تحت عجلات القطار.. وانتشرت اشلاؤهم على القضبان لمسافة 3 كيلو.. فمأساة بهذا الحجم التى تنفطر لها القلوب.. لم نجد لرئيس الوزراء صورة مؤثرة.. مثل صورته فى غزة كذلك لم يخرج رئيس الحكومة.. ولا رئيس الجمهورية للتعبير عن مدى حزنهم وعزائهم.. واعتذارهم ليس فقط لأهالى أسيوط.. بل لكل الشعب المصري.. بسبب سوء ادارتهم وتهاوى الخدمات العامة فى عهدهما!! الكلمة الأخيرة منذ تولى الرئيس مرسى البلاد.. وجلبه لحكومة.. وصفها أحد كبار الكتاب والمحللين السياسيين فى مصر.. أنه اشبه بطلبة يديرون اتحادا للطلاب فى جامعة.. وهم فاشلون. للأسف.. نظام الحكم الحالى منغمس فى تفاصيل الأمور فقط.. ويبحث عن توافهها ويتصدر لها.. لك الله يا مصر!!.