كنت أخطط للكتابة عن الاعلان الدستوري الذي أصابني بالاحباط خصوصاً المادتين 32 و35 واللتين تجعلان الرئيس يعين ثلث اعضاء مجلس الشوري مع عشرة من اعضاء مجلس الشعب وهو ما يتنافي مع كل الاعراف والأصول الديمقراطية ويكرس لمفهوم الحاكم الطاغية والديكتاتور ويعيدنا لعصر جمهورية مباركستان والتي تبدو أنها لم تزل بعد كما قال نيكولاس راي ضمن مقاله لصحيفة »الجارديان« البريطانية وطبعا قبل الانتخابات الرئاسية القادمة سيكون المجلس العسكري محل الرئيس والتعيين هنا سيكون بيد المجلس لا بيد عمرو وأنا هنا لا أقصد عمرو موسي المرشح للرئاسة والذي لابد أن يعلن كمرشح ليبرالي ديمقراطي رفضه لمبدأ التعيين وإلا ستنفي عنه صفة الديمقراطية فلا يوجد بلد ديمقراطي في الدنيا تعين فيه السلطة التنفيذية أحداً ليراقبها في البرلمان ، وكما قال الدكتور عبد المنعم المشاط استاذ السياسة . هذا عوار فاضح في الاعلان الدستوري نقلا عن عدم فهم بقاء مجلس الشوري وتقليص مهامه وهو لا بيحل ولا بيربط..، أما حكاية كوتة المرأة فهي إحدي ابداعات أو بدع الست سوزان ثابت وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. وسوف يدخل جهنم كل من يدلس إرادة هذا الشعب وأنا أقصد هنا جهنم الدنيا قبل جهنم الآخرة »جزاءً وفاقا« لمن يأثم أو يصر علي الأثم في حق هذا الشعب أو يخدعه، لأنني بعد أن شاهدت جمعة إنقاذ الثورة في ميدان التحرير شعرت بأن بطارية الشحن الثوري لدي المصريين لم تنفد. وقد سألتني امرأة مصرية من عامة الشعب ترتدي جلباباً وتقول لي أنا فلاحة من المنصورة عايزة أسأل هيه البيضة ولا الفرخة وعندما طلبت منها تفسير سؤالها قالت: »عملوا الاستفتاء ليه وصرفوا الملايين إذا كانوا مبيتين يعملوا إعلان دستوري وبعدين يتكلموا عن فروع الشجرة والجذع مش موجود، وسألتها مرة تانية ماذا تقصدين؟ فقالت: يعني همه ماقالوش ها يحكمومنا بأي نظام رئاسي ولا برلماني والانتخابات فردية ولا نسبية قلت لها تقصدين بالقائمة النسبية، هزت رأسها وتجاهلت تعليقي ثم قالت: وموضوع الخمسين في المية فلاحين وعمال همه بيضحكوا علينا. ما احنا شفنا لواءات شرطة في المجلس المزور دخلوا بصفة عمال قلت فعلا مايقرب من خمسين ضابط شرطة دخلوا المجلس المزور بتاع سرور والشريف وعز تحت صفة العمال تجاهلتني واستطردت: يا استاذ قولهم المصريين ما بياكلوش من الكلام ده وخلوهم يجيبوا الفلوس اللي بره بطريقة الفار في المصيدة. سألتها وماهي هذه الطريقة فقالت : يعني يشدوا عيلة مبارك ويدخلوها القفص ويقولولهم ترجعوا فلوس الشعب نسيبكم مش هاترجعوها هاتفضلوا كده جوه القفص.. ضحكت وقلت لها هل انت مصرة انك فلاحة من المنصورة فقالت ايوه ومعايا شهادة محو الأمية وشهادة مراقبة من جمعية حقوق الإنسان، قلت لها ضاحكاً وتستاهلي شهادة الفلاحة الفصيحة. أسرار صاحبة الجلالة و طشة الملوخية.. كنت أخطط للكتابة عما فات بالتفصيل لكن وبسبب مساحة المقال ايضا وجدتني مشدوداً للكتابة عن التغييرات الصحفية الأخيرة وانفتحت شهيتي لبعض حكايات الدراما المثيرة في عالم صاحبة الجلالة المليء بالأسرار والغموض خصوصاً مع هذه النشوة العارمة التي اجتاحت عموم قراء المصريين بزوال مقالات اصحاب الاقلام المباركية الشهيرة أمثال صاحب مقالة طشة الملوخية والتي تستحق جائزة القرن أي قرن تختاره حضرتك كنموذج فائق الابداع والجودة لصاحفة النفاق ولا يمكن أن تنسي عزيزي القارئ هذا المقال المعجزة في فكرته والذي عبر عن قابلية كاتبه المريعة الفظيعة علي مسح قلمه في حذاء الحاكم وتوظيفه لتأليه هذا الحاكم ووضعه في مصاف آلهة الأوليمب في الأساطير الاغريقية . فكاتب هذا المقال المعجزة قال إن المصريين يعيشون عيشة أفضل وأحسن من الرئيس مبارك لأنه يملك رفاهية السير في الشارع كما لا يملك رفاهية أن يشم بنفسه رائحة طشة الملوخية التي هي حق مباح للمصريين جميعا. ثم أنه في مقال آخر وللتدليل علي تواضع الرئيس نشر إيصالاً جمركيا دفعه حسني مبارك لكرتونة بلح قادمة من السعودية كهدية من الملك السعودي . شفتوا هذه الاشكال من صحافة النفاق؟ والحديث يطول عن نماذج كانت سبباً في صياغة وتسلط هذا الديكتاتور حتي انه لم يكن يقرأ إلا لهم ويرفض قراءة أي نقد حسب كلام المحيطين به وهو ما فسره الدكتور عكاشة بأن الديكتاتور يزداد في مخه نسبة المورفين والافيون عندما يسمع مديحاً والعكس صحيح . وأنني أطالب باحثي علم الصحافة في كليات الاعلام بتدريس نماذج صحافة النفاق وتحليلها لنعلم كيف كانت تتم تربية كوادر المنافقين داخل المؤسسات الصحفية عموماً وفي أمن الدولة السابق خصوصاً ورغم تفاؤلي الشخصي بزوال عرش المنافقين في بلاط صاحبة الجلالة خصوصاً أن الذين عينوا معظمهم اكفاء وخلصاء للوطن والمهنة لكن هناك من يتخوف من المتحولين والانتهازيين ولصوص الثورات وجرذان السفينة وهم سدنة كل عصر ولا ذمة ولا ضمير لهم وكل شرفاء هذه المهنة يعلمون كيف كان هؤلاء سريعي التسلق والالتفاف حول كراسي رؤساء مجالس ادارات الصحف ورؤساء التحرير في العقود الماضية. وهناك حكايات تندي لها الجبين كما يقولون عن هذه الصحفية التي صعدها رئيس مجلس ادارة مؤسسة صحفية قومية من محررة عادية لرئيسة تحرير ثم سمسارة مطابع وأدوات طباعة كانت تسافر للخارج لعقد صفقات وتحول الملايين باسم المسئول الأول في المؤسسة وهناك السائق ومندوب الاعلانات وفرد الأمن الذين تحولوا لصحفيين ورؤساء تحرير وكل مؤهلاتهم انهم كانوا مرشدين لأمن الدولة. أو كوادر في الحزب الوطني أنا لا أنسي يوماً وقف فيه الكاتب الراحل العظيم محمد السيد السعيد، وقال له يا ريس نحن نكتب عن مستقبل مصر الديمقراطي ولكن يقال لنا ان كتاباتنا لا تصلك وما يصل اليك مقالات المديح فقط من رؤساء التحرير، فسأله وانت كتبت ايه عايزني اقراه فقال له انا كتبت كثيرا عن تداول السلطة والديمقراطية وعندي تصور اريد أن يصل إليكم يومها سكت مبارك لثوان ثم نفخ وقال: ابقوا شوفوه. وطبعا نظر زكريا عزمي للراحل العظيم نظرة وعيد وتهديد ومات محمد السيد السعيد الباقي بكلماته الجريئة دون أن يري مبارك ما كتبه أو يفكر في قراءة حرف واحد لأي كاتب مصري وطني محترم لأنه كان فقط يقرأ لكائنات الحظيرة اللي يختارها له الشريف ويضع افرادها علي رأس المؤسسات المسماه قومية وهي لا تمت بصلة للقومية، هي مؤسسات ملك الشعب ولابد أن تكون صحفها صوته وهذا حديث آخر عن قوانين الصحافة والملكية والادوات لكن حتي يحسم أمرها أتمني أن يكون القسم الذي كتبه عبدالعظيم حماد في افتتاحية أول مقال له بالأهرام هو ميثاق شرف حقيقي لكل مسئول صحفي يتسق ضميره مع اهداف الثورة والشعب وحق مصر في دولة مدنية ديمقراطية حرة متقدمة نفاخر ونباهي بها الدنيا قاطبةً.. يارب. [email protected]