التصريحات التي أطلقها الرئيس مرسي حول مكافحة الفساد والتصدي للفاسدين تصريحات مهمة لكنها تحتاج الي عمل اكثر من الكلام والعمل في مكافحة الفساد يحتاج الي خبراء لهم باع دولي في هذه القضية ويحتاج الي تنفيذ الالتزامات الدولية علي مصر في هذا المجال وتحتاج الي الشفافية في العمل والوضوح وإلي القدوة التي يقتدي بها الناس في مكافحة الفساد وهذه القدوة لابد أن تقوم بخطوات مهمة حتي يثق الناس فيها. وعندما يتحدث الرئيس عن الفساد الذي زاد بعد الثورة بصورة أكبر مما كانت عليه قبل الثورة عليه أن يعلن للرأي العام خطته الوقائية أولا لوقف نزيف الفساد المستشري وخطته لكبح جماح الفساد القائم حتي يصل الي أقل نسبة مقبولة وكيف ستقوم حكومته باسترداد الأموال والأصول المنهوبة التي لا نعرف حتي الآن قيمتها وحجمها واين اودعت والدول الموجودة بها. وبعد الثورة مباشرة كتبنا في «الوفد» حول الطرق الثلاث الدولية لمكافحة الفساد وقلنا إن هذا الامر يحتاج الي تحرك عاجل وسريع لا يحتمل التأخير حتي لا تتبخر هذه الأموال وتباع الاصول الموجودة خارج مصر إلا أن المجلس العسكري والحكومة لم يلقوا بالا كالعادة بهذه القضية وتم تكليف جهاز الكسب غير المشروع ووزارة العدل بتشكيل لجنة لاستعادة هذه الاموال وللأسف هذه اللجنة صرفت أموالا علي سفرياتها أكثر من الأموال التي استعادتها. ويدور الحديث الآن عن تشكيل لجنة جديدة وترشيح أسماء لها ومع احترامي للأسماء المرشحة إلا أنهم ليس لديهم الخبرة اللازمة لاستعادة هذه الاموال فلم يعمل أي واحد منهم في عملية استرداد الموجودات ولم يشارك أحد منهم في صياغة الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد ولم يتم إجراء أي تعديل علي المنظومة القانونية المصرية لأن البرلمان المنحل انشغل بما هو تافه وترك القضايا الأساسية كما هي فلم يبك عليه أحد عندما حل إلا أعضاؤه وحاشيتهم وبقيت القوانين المصرية كما هي. وهي قوانين تحرض علي الفساد وتحمي الفاسدين بل وتكرمهم. وعدم شفافية الحكومة ومؤسسة الرئاسة يشكك في مصداقية أي عمل تقوم به الدولة لمكافحة الفساد بكافة أنواعه وأشكاله فالوزراء مازالت أيديهم مرتعشة وأغلبهم لا يعرفون كيف يتخذون القرار ومن لديه القدرة منهم وهم قله يتجاهلون أي تحذيرات تقدم لهم من المؤسسات المختلفة فيتخذون قرارات خاطئة واصبح هم الحكومة الأول كيف يتم جمع أموال المواطنين مثلما فعلت حكومة الحزب الوطني المنحل أي أنها حكومة فاشلة بكل المقاييس فلم تقدم لنا برهانا واحدا يقول انها ستنجح في الايام القادمة. ومكافحة الفساد تحتاج الي الشفافية والقدوة الحسنة وكان علي الرئيس مرسي أن يكون قدوة وأن يبدأ بجماعته التي لا نعرف حجم الأموال التي لديها ومن أين جاءت هذه الأموال؟ وحزبه الذي صرف مليارات من الجنيهات علي انتخابات مجلسي الشعب والشوري والرئاسة فمن أين لحزب جديد مثل هذه الأموال؟ ومن الذي مول قيام الأحزاب الجديدة كلها في مصر التي أصبحنا لا نعرف عددها؟ فعندما نقاوم الفساد في الرأس يتم علاجه في باقي الجسم لكن السرية والكتمان وغياب الشفافية وغياب القدوة يعزز من الفساد بل يجعله ينمو أكثر مما كان عليه، فالرئيس مطالب الآن أن يعلن للرأي العام عن خطته لمكافحة الفساد وأن يلزم جماعته وحزبها بالإعلان عن الأموال والأصول التي لديها ومن يديرها ثم إلزام جميع الأحزاب الجديدة والحركات السياسية أن تعلن للرأي العام عن أموالها وأصولها ومن أتت بهذه الأموال؟ وما يردده الآن قيادات في حزب الرئيس مرسي أن هناك وثائق جديدة تسلمتها الرئاسة من أجهزة الأمن المختلفة والعاملين بالرئاسة حول تهريب اموال وسندات ومشغولات ذهبية من مصر ومن مؤسسة الرئاسة علي وجه الخصوص الي بلدان عربية في طائرات رسمية خاصة مملوكة لوزراء عرب زاروا مصر في فترة الثورة هذا الامر يحتاج الي توضيح من الرئاسة ولو صحت هذه الرواية التي سمعتها من أكثر من قيادة في حزب الرئيس فلماذا لم يعلن عنها حتي الآن؟ وما هي البلدان التي تم إرسال هذه الأموال إليها وكيفية إرسالها؟ أو يخرج علينا المتحدث الرسمي لينفي هذه المعلومات خاصة أن الوزير الدكتور محمد محسوب أعلن منذ أيام أن الرئيس سوف يفجر مفاجأة وبعدها بيومين نفت الرئاسة هذا الكلام تماما وأعلن نفس الوزير أنه ستتم استعادة 2 مليار دولار خلال أيام ومرت الأيام ولم يعد لنا أي سنت كما لم يعلق أحد من قريب أو بعيد علي هذا الكلام ولم نعرف من الصادق ومن الكاذب ومن الذي لديه المعلومات الحقيقية في هذا البلد هل الحكومة أم الرئاسة أم الجماعة أم حزب الجماعة. فقضية مكافحة الفساد تحتاج الي إرادة سياسية صادقة وفريق عمل متناسق متناغم كل واحد يعرف دوره ومهامه تحتاج الي تعديل عشرات القوانين وإقرار قوانين جديدة ومنح القضاء المصري الولاية الدولية. فالقضية لا تعالجها التصريحات فالرئيس المخلوع لم يخل خطاب من خطاباته من كلمة لن نتستر علي فساد ووجدنا بعد الثورة أننا كنا نغرق في محيط من الفساد القضية تحتاج الي جهود كبيرة وواسعة واخلاص وابعادها عن المزايدات السياسية والاستعانة بمن لهم خبرة حقيقية في هذا المجال والاستعانة بالمجتمع المدني كأداة ضغط علي الحكومات الرافضة للتعاون معنا لإعادة أموالنا المنهوبة نحتاج الي خطة وطنية لمكافحة الفساد والوقاية منه ونحتاج الي تطبيق القانون علي الكافة نريد قانونا لمنع تضارب المصالح وآخر لحرية إتاحة وتداول المعلومات، وقانونا لتعويض ضحايا الفساد من المفسدين نريد قوانين توضع لتطبق وتنفيذ قوانين لإخضاع القطاع الخاص للرقابة المالية الصارمة نريد تغيير قيادات البنوك التي ترعرعت في عصور الفساد ومازالت تحكم البنوك بهذه العقلية، من معه واسطة يتم تعينه ومن ليس معه يذهب مع الريح، الفساد يحتاج الي إرادة صادقة لمكافحته وليس كلاما ورديا ويحتاج الي المصارحة والمكاشفة والشفافية مع الناس حتي ننجح في وقفه علي الأقل نريد مبدأ ابدأ بنفسك أولا يا سيادة الرئيس.