هل من علاقة بين من لا يجيد القراءة والكتابة وبين من يرفع الشعارات الدينية؟، ما خطورة هذا وتلك على بناء الدولة الديمقراطية؟، هل من الممكن إجراء انتخابات شفافة فى ظل وجودهما؟، هل من المنتظر أن يكون البرلمان معبرا عن ارادة المواطنين واحتياجاتهم عند مشاركتهما؟، لماذا لا يتم استبعادهما بنص الدستور من المشاركة السياسية سواء بالتصويت أو الترشح؟. آخر ما وصلني من داخل اللجنة التأسيسية أنهم قرروا إلغاء نسبة العمال والفلاحين التى كانت مقررة لهم في البرلمان، فقد اتفقوا بالإجماع على عدم الأخذ بالمادة 87 من الدستور المعطل، والتى خصصت للعمال والفلاحين نصف مقاعد مجلس الشعب، أغلب الذين وافقوا على إلغاء نسبة العمال والفلاحين كان مرجعهم فى هذا عدم إجادة بعضهم أو أغلبهم للقراءة والكتابة، فقد أصبحنا في القرن العابر للقارات، والبرلمان هو الذي يشرع القوانين ويضع السياسات ويراقب الحكومة، وهذا الجهد يحتاج من يجيد القراءة والكتابة والمتابعة السياسية والثقافية، وهو ما لا يتوفر ولن يتوفر فى عامل أو فلاح بالكاد يقرأ اسمه، فهل من المعقول أن تترك إدارة البلاد إلى فئات لا تعرف الألف من كوز الدره؟، ما يفهمه هؤلاء فى الضرائب والكويز والأسهم وصناعة القوانين؟، كيف سيناقش الموازنة بندا بندا؟، كيف سيعرف مخاطر اتفاقية غاز أو بترول أو منسوجات؟. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، لكن هناك شريحة كبيرة من الأفندية وأنا منهم ترى عدم منح الذى لا يجيد القراءة والكتابة حق المشاركة السياسية بشكل عام، كان مشاركته فى التصويت أو فى الترشح، وذلك لأنه عقبة أمام بناء دولة ديمقراطية حقيقية، لأن أغلب هذه النسبة إذا أضفنا لهم نساءهم، يتم استغلالها فى عملية التصويت، على باب اللجان بعضهم يبيع صوته مقابل كرتونة أرز وسكر وزيت، وبعضهم يتم استغلال عدم إجادته للقراءة والكتابة ويختارون له الرمز، الجردل أو الكنكة أو السلم أو الحمار، وبعضهم يذهب ويختار أي رمز يروجون له فى الحي، صحيح بينهم الكثير ممن لا يبيعون ولا يتم استغلالهم رغم حاجتهم، لكن فى النهاية من يبيع أو يتم استغلاله هم الذين يشكلون رقما فى العملية التصويتية، كما أن أصواتهم هي التي تحسم الانتخابات لحزب أو جماعة لا تستحق الأغلبية. وفى ظني أن هذه الشريحة من المواطنين تماثل شريحة أخرى تجيد القراءة والكتابة، هي شريحة من يستغلون الدين ويرفعون شعاراته بهدف الوصول إلى كرسي الحكم، حيث يقوم هؤلاء باستغلال البسطاء من المواطنين باسم الدين لكي يصوتون من لصالحهم، وبالتالي يحصلون على أغلبية مزيفة، أو أغلبية غير معبرة عن إرادة الشعب، وهذه الفئة أخطر بكثير على المجتمع والحياة السياسية من الفئة التى يتم استغلالها لعدم إجادتها القراءة والكتابة، لماذا؟، لأنهم يرفعون الشعارات الإسلامية من أجل تحقيق مصالحهم هم وليس من اجل المصلحة العامة أو بهدف خدمة الوطن والمواطنين، ومن جهة أخرى فإن هذه الفئة برفع الشعارات الدينية تعمل على تقسيم المجتمع والمواطنين إلى مؤمنين وكفار وفاسقين، ناهيك عن عنصريتهم ضد غير المسلمين. والذى يراقب المشهد السياسى يرى بشكل واضح الفتاوى التى ينتجها رموز التيارات السياسية الدينية ضد النخب السياسية، حيث أصبحت الليبرالية والديمقراطية والتعددية مجرد مصطلحات تجمع تحتها الكفار والملحدون، كما يشاهد أيضا فى الساحة السياسية استغلال هذه الفئة للغير المتعلمين وللشرائح الأكثر فقرا بشكل يؤسف له فى العملية الانتخابية أو فى الترويج لبعض القرارات السياسية التى تخدم على مصالحهم الضيقة. على أية حال أن من لا يجيدون القراءة والكتابة ومن يرفعون الشعارات الدينية هى الفئات الأكثر خطرا على العملية الديمقراطية، كما انهما يمثلان عائقا كبيرا أمام بناء الدولة الديمقراطية، وأغلب الظن أن أصحاب الشعارات الدينية سيجرون البلاد إلى حافة التقسيم والعنصرية، وربما الحرب الأهلية، لهذا أرى أن يتضمن الدستور الجديد نصًا أو أكثر نستبعد فيه مشاركة من لا يجيد القراءة والكتابة ومن يرفع الشعارات الدينية من المشاركة السياسية، سواء بالتصويت أو الترشح أو تأسيس أحزاب ذات مرجعية دينية، وأن يعاقب المخالف بعقوبات مشددة ومغلظة، لأنه ليس من المنطقي ان نلغى كوتة من لا يجيد القراءة بالبرلمان ونسمح باستغلاله فى التصويت لصالح من يرفع الشعارات الدينية.