بتوليفة منتقاة من أعمال عالمية أصبحت بمثابة بطانة لقماشة العمل الدرامى «100وش» يمكننا أن نقترب من أحد أنجح الأعمال الكوميدية المصرية التى قدمت على الشاشة فى السنوات القريبة الماضية؛ فلا يستطيع أحد إنكار أنه يلمح ما بين الحين والآخر خطوطًا متشابهًا مع أفلام (Mr. & Mrs. Smith)؛ «Ocean's Eleven»؛(Ocean's Twelve)؛( The Town) وبه روح المسلسل الإسبانى الأكثر شهرة عالميًا الآن (La casa de papel)؛ ولكن ببناء درامى لأحداث تأخذ خلفيتها الإنسانية من شخصيات من لحم ودم من الممكن أن تجد أمثالهم محيطًا بك فى البيئة المصرية. وأنت بذلك أمام خطوط من أعمال عالمية؛ بروح دم مصرية. بدون أفيهات وكوميديا مرتجلة تعيش مع تفاصيل مباراة فى الأداء الدرامى الكوميدى فى 100وش بطولة نيللى كريم، آسر ياسين، سلوى محمد علئ؛ مصطفى درويش، علا رشدى، إسلام إبراهيم، وحنان يوسف وزينب غريب ودنيا ماهر وعدد آخر من الفنانين ومن تأليف عمرو الدالى وأحمد وائل، إخراج كاملة أبو ذكرى. أهم ما يشدك فى هذا العمل هو أنك تعزف ضد منظومة فرضت علينا فى السنوات الأخيرة لممثلين أفرزهم مسرح مصر كانت لهم بداية مبشرة؛ ثم تحول وجودهم فى الأعمال الكوميدية الرمضانية والاعتماد على مقولة انك أمام ممثل من ضمن مسوغات تعارف المشاهد عليه أنه ممثل كوميدى؛ فأصبنا جميعًا بهذا الغزو من الأعمال المعتمدة على الافيهات الساذجة والمواقف الكوميدية الدرامية المرتجلة بأقصى درجات السماجة. لذلك أنت فى 100وش تؤكد أن هناك من هو يملك موهبة حقيقية؛ يستطيع بها جعل المشاهد يتابعه وهو محترم عقليته؛ وغير نادم على تضييع وقته مع أعمال غثة. 100وش هنا هو مسلسل للجريمة الكوميدية التى تخرجك من قوانين الحكم على العمل بشكل أخلاقى؛ لذلك لم يكن غريبًا أن العديد من المشاهدين أنتابهم حالة من السعادة بعد نجاح عميلة الاستيلاء على 20 مليون جنيه من البنك؛ بل ربما يصابون بنوع من الحزن إذا تم القبض عليهم فى النهاية؛ وهذا ليس بالطبع تشجيعًا للجريمة فالطرح هنا كوميدى؛ أنك أمام عمل للمخرجة «كاملة أبوذكرى» به قدر مميز من الكفاءة والاحترافية جعلت المشاهد ليس فقط من عشاقه، بل جعلت لكل واحد من ممثليها فيه مفرداته الخاصة للانضمام للانضمام إلى قائمة الأفضل فى عالم الكوميديا؛ خاصة لممثلى الصف الثانى المشاركين بالعمل؛ إلى جانب أنها أحدثت تغييراً فى طريقة نجوم الصف الأول نيلى كريم وآسر ياسين؛ ووضعتهما فى شخصيتين خارج التوقعات، فقدما دورين جديدين عليهما؛ وبتلك التوليفة من الممثلين المشاركين فى المسلسل أحدثت ضجة ونقطة تحول دراما الكوميدية التليفزيونية؛ وعودة إلى الأعمال الكوميدية الجادة التى تحترم عقلية المشاهد والتى كانت تقدم من قبل مثل مسلسل «عيون» لسناء جميل وفؤاد المهندس؛ وساكن قاصدى؛ وأعتقد أنه جدير أن يعلق فى الأذهان كواحد من أفضل مسلسلات الكوميدية البعيدة عن الأفيهات والارتجال. والجميل فى سيناريو «100وش» أنه يأخذنا فى استعراض لعدة جوانب لشخصيات أبطال المسلسل بكل ما بها من إخفاقات وإحباطات، طارحاً خلطة مميزة بكل ما به من شجن ولكنها تمنحك الابتسامة، خاصة أن كل واحد فيهم اتجه للنصب؛ واستمر فيه ليس فقط للتغيير للأفضل ماديًا؛ ولكنه أصبح مدمنًا لعنصر التشويق. والسيناريو يهتم بتصرفات أبطاله والتى تكون غريبة وغير متوقعة ومضحكة، فى مزج ما بين مشاهد الإثارة أثناء تنفيذ عمليات النصب واللقطات الكوميدية التى تتضمن التصرفات والأحداث؛ ونقط التحول فى شخصية كل واحد بهم؛ مقدمين محاكاة ساخرة لواقع عمليات نصب قد تكون وقعت فى الحقيقة. والرائع أن ترى نيللى كريم ذات الوجه الجميل والابتسامة الجذابة التى لها سحر خاص وأعتقد أنها كانت الأنسب للقيام بشخصية «سكر»؛ وهو ما ينطبق على آسر ياسين أيضاً فى دور النصاب الوسيم خفيف الظل. وإن كنت أتذكر له عملًا كوميديًا مميزًا أيضاً وهو «وبشير وبيبو». وقد كان اختيار الاثنين موفقًا لأداء أكثر أدوارهما الكوميدية؛ بأسلوب محبب ومناسب جداً لأحداث المسلسل. أدهشنى مصطفى درويش بحالة التوحد مع كل شخصية يؤديها؛ وهو كالكثيرين بالمسلسل تم اكتشاف؛ طاقات إبداعية جديدة لديهم. أما سلوى محمد على فهى مع كل مشهد تؤديه تتوحد مع ما تقوله؛ ومازال بداخلها الكثير لتقوله؛ والمشاهد التى جمعتها مع حنان يوسف مباراة فى الأداء بين نجمتين. وإذا كان المسلسل يعتمد على مجموعة من الممثلين أثبتوا وجودهم جعلهم قد يرتقون إلى تصنيف نجوم الكوميدية فإن من أهم العناصر التى أدت إلى ذلك هو قدرة كاملة أبوذكرى فى السيطرة على كل تفصيلة بالعملح، خاصة المونتاج حتى لا يسقط المشاهد صريع الرتابة؛ وهى سمة للكوميديا فى الآونة الأخيرة فى مصر. وإذا كانت الفكرة ليست بالجديدة وطرحت عالميا أكثر من مرة؛ ولكنها هنا مقدمة شكل مختلف من كاملة التى تبدو كأحد مخرجى الكوميديا المتمكنين؛ والذين أحدثوا نوعية فارقة لمسلسلات الكوميدية، وأسهمت فى نقلها إلى بُعد جديد؛ وربما يجعل المنتجين يعيدون ترتيب أوراقهم؛ فيقومون بإعادة اكتشاف ممثلين جدد لهم طلتهم الخاصة كما رأينا مع «شريف دسوقى» صاحب فيلم «ليل خارجى» والذى برع فى أداء شخصية سباعى؛ فأكد موهبته وظهر كممثل ذى رؤية لا يختلف عليها اثنان؛ وهو أحد العوامل الرئيسية لنجاح العمل؛ والقادر على إعطاء اللمسة السحرية المبهرة لاكتمال أى مشهد يظهر فيه. وفى الحقيقة أن جميع أبطال العمل مصطفى درويش، علا رشدى، إسلام إبراهيم، وزينب غريب ودنيا ماهر يجعلنا ننتبه لتفاصيل الأحداث؛ فى انتظار مفاجآت فى الأداء بين الحين والآخر؛ فكل ما قدموه له نكهته الكوميدية؛ فيخطفون أفئدتنا لمتابعتهم؛ ولقد تفاعل الجمهور معهم بصورة تفاعلية غير متوقعة؛ من خلال مجموعة من المواقف التى تحبس الأنفاس من شدة سجية من يؤديها. ويبقى فى النهاية أن سر الخلطة فى «100وش» هو التفانى والإخلاص فى تأدية الأدوار والابتعاد عن الاستسهال والسطحية، ليصبح العمل علامة فارقة؛ أنقذتنا من الأعمال الكوميدية الغثة.