«جزى الله عنا الشيخ محمد حسان خيراً» جملة قالتها هايدى مجدى راسخ عقيلة علاء مبارك القابع الآن بصحبة شقيقه جمال داخل الزنزانة رقم اربعة بسجن مزرعة طرة كانت عائلة الرئيس المخلوع قد ذاقت طعم الحزن لأول مرة حينما غيب الموت محمد نجل علاء مبارك فى 18-5-2009 كانت العائلة من قبل تعيش نسياً منسيا كلما تحدث أحد عن الموت واجهه مبارك بقوله أنا من بيت مشهود له بطول العمر أبى مات عن 104 أعوام وامى تجاوزت التسعين.. جاء القدر ليمنح مبارك درساً فى أحب الناس إلى قلبه، غير أنه لم يعِ الدرس وإن زادت حياته بؤساً.. ولم يكن هناك بديل أمام والدى الطفل المكلومين سوى اللجوء إلى الله عز وجل وكان الطريق ممهداً عبر ثلاثة من الدعاة هم الأقرب لقلب علاء مبارك: الشيخ محمد حسان ود. عمرو خالد والشيخ الحبيب الجفري.. المشايخ فى الرئاسة قبل الثورة فى سرية تامة كان المشايخ الثلاثة يقومون بزيارة أسرة علاء بحضور بعض الأقارب المقربين من أجل تقديم دروس للعائلة.. كان كل منهم يذهب منفرداً، قال الشيخ محمد حسان كلمات فتحت القلوب الصم والأعين العمياء وفقاً لرواية رجب هلال حميدة الذى فتح له علاء فى اللقاءات المتكررة لهما فى سجن المزرعة خزانة أسراره ليبوح له بالكثير من الأسرار عن التحول الكبير الذى حدث للعائلة بعد وفاة نجله.. يقول رجب سمعته يتلو القرآن بتلاوة جيدة وضبط محكم لم يكن هناك أى خطأ لا فى نطق الحروف أو فى أحكام التلاوة فقلت له كيف تأتى لك ذلك، فقال علاء «كنت استعين فى البداية بتسجيلات للشيخين محمود الحصرى وعبدالرحمن الحذيفى وأردد وراء التلاوة ثم شعرت بحاجتى لمن يعلمنى فاستعنت ببعض المشايخ» .. وعن علاقته بالشيخ حسان وعمرو خالد والحبيب الجفرى قال علاء: كنت أعرفهما من قبل غير أنه بعد وفاة ابنى توطدت العلاقة بيني وبينهم وشعرت أنا وزوجتى بأن الأحزان تزول والهم يتبدد حينما نستمع لكلامهم عن الدنيا التى بالنسبة للإنسان اختبار وشعرت براحة غريبة وكذلك زوجتى حينما سمعنا من المشايخ الحديث النبوى الشريف حينما يتوفى الابن فيقول الله: «يا ملائكتى قبضتم روح ابن عبدى فيقولون نعم فيقول أخذتم ثمرة قلبه فيقولون أجل فيقول الله وماذا قال فيقولون حمدك واسترجع.. فيقول ابنوا له بيتاً فى الجنة وسموه بيت الحمد». كل ما نورده فى هذا المشهد تم داخل زنزانة علاء وجمال بحضور رجب حميدة الذى يؤكد أن ما سمعه كان مدهشاً للغاية. ابنى سمع صوت الملائكة يتابع علاء أقسم بالله يا أخ رجب أن ما سأقوله لك حدث بالفعل والشيخ على الجفرى حى يرزق استيقظ ابنى الراحل ذات يوم وهو يضحك ثم قال لي: رأيت الليلة أننى صعدت للسماء وسمعت صوت الملائكة وكان معى بعض أصحابى بعدها بأيام مات محمد وعند عرض الرؤيا على الحبيب الجفرى هلل وكبر وقال فى حضور هايدى وعدد من الأقارب ابنكما شفيعكما فى الجنة ثم طلب الجفرى من علاء صورة لمحمد واحتفظ بها. كيف وافقت الرئاسة على لقاء الدعاة بأسرة المخلوع؟ من المعروف أن جهاز المخابرات العامة وكذلك أمن الدولة كانا يقومان برقابة كافة المشايخ المنتمين للتيار السلفى وكانت التقارير الأمنية تصل للواء عمر سليمان أولاً بأول عن اللقاءات التى تتم فى السابق بين المشايخ وعلاء مبارك وكان هناك تحفظ شديد على تلك اللقاءات وحرصت الأجهزة الأمنية على منعها بمحاولات شتى غير أنه وعقب وفاة حفيد مبارك ودخول العائلة فى حالة من الحزن الشديد طالب علاء من المشايخ الثلاثة أن يترددوا عليه قدر استطاعتهم بسبب دخول الأم والأب فى حالة من الاكتئاب.. الوزير حبيب العادلى بحكم أن ملف الدعاة يدخل ضمن اختصاصه كان شديد الخوف والحذر خشية أن يتمكن المشايخ لأبعد من تقديم عظات فى الصبر والبلاء للأسرة المكلومة. ونفس المخاوف اعترت اللواء الراحل عمر سليمان كان الخوف الكبير أن ينجح المشايخ فى الوصول لقلب الرئيس مبارك وأن يتحول بين يوم وليلة نحو التعاطف مع التيار الإسلامى وهنا يكون هناك خوف على مدنية الدولة.. سعى رجال العادلى فى جهاز أمن الدولة لمنع اللقاءات غير أن المحاولات التى شملت محاولة تحذير المشايخ جمدت على إثر إصدار اللواء سليمان امراً شفهياً بترك الحرية لعائلة الرئيس لتستقبل من تشاء من الدعاة لسبب مهم هو أن الرئيس مبارك وحرمه وبالرغم من أحزانهما على رحيل الحفيد إلا أنهما يقاطعان لقاءات المشايخ ولم يسبق لهما أن حضر أيا منها رغم محاولات علاء إقناعهما بالحضور. لا جزاء للصبر الجميل إلا الجنة كان لقاء المشايخ الثلاثة كما يشير علاء يبعث على الراحة ويجعل من تقبل المصائب أمراً محتملاً وتغيرت وجهة نظرنا للحياة ويشير رجب حميدة إلي أن السؤال الذى كان يلح علينا دائماً عندما أشاهد علاء يعلوه الطمأنينة أجد نفسى غير قادر على أن أكبح جماح نفسى للسؤال عن رد المظالم وكان هو يشعر بذلك، طاف بخاطرى ذات مرة الحديث النبوى الصحيح «من اغتصب شبراً من أرض طوقه يوم القيامة من أراضين سبع» كنت أقول لنفسى ما بال هؤلاء لا يهتمون بالأمر ويظنون أن التوبة ستقبل بالصلاة والصوم فقط.. أضاف: ذات مرة وجدت علاء يقف مع شقيقه جمال والوزيرين أحمد المغربى وزهير جرانة وكان يبدو عليهم حالة من الضعف والهزال فقلت لله أنا أريد أن أنصحكم نصيحة لوجه الله ردوا المظالم سواء التى للأشخاص أو التى للدولة والله العظيم إن الموت يأتى بغتة لكن ما يدهش ويحزن أنهم جميعاً وعلى قلب رجل واحد قالوا ليس علينا مظالم لأحد إحنا شقينا وعملنا وقال علاء والله العظيم بأشتغل بالحلال من أول يوم ومثله قال جمال وكذلك المغربى وجرانة. هايدى تدهش المساجين بالحجاب كان يوم زيارة للمساجين فإذا بعائلة مبارك تتقدم الصفوف وكان بين الموجودين سيدة محجبة تسير بجوار سوزان وكانت ترتدى الحجاب الذى هو يمثل بالنسبة للسيدة الأولى سابقاً مشكلة حيث عرف عنها كراهيتها له كما صرح أكثر من مصدر فى مؤسسة الرئاسة لذا كان السؤال الذى يدهش كل من رأى العائلة أو سمع بحضورها عن تلك المحجبة التى تجلس بجوار سوزان المفاجأة كما يقول رجب حميدة أنها كانت هايدى راسخ لقد ارتدت الحجاب. قال لى حميدة أيضاً: كنت أريد أن أقول لها لماذا لا ترتدى الحجاب الشرعى المتمثل فى الخمار والجلباب الواسع لكننى تراجعت وأنا أحدث نفسى بأن الأيام المقبلة قد تشهد مزيدا من التحول. هل ترتدى خديجة الحجاب؟ هذا السؤال كان منتشراً قبيل عام من اندلاع الثورة فحينما شاهدت خديجة، هايدى تتحدث عن الراحة النفسية التى تلازمها حينما تستمع إلى الشيخ حسان ورفاقه كانت تشعر بافتقادها الرغبة فى أن تعيش تلك التجربة أن تسمع شيخاً من وراء حجاب وبالفعل بدأت فى الحضور وتردد أنها كانت على شفا ارتداء الحجاب غير أن الأمور فيما بعد شهدت تحولاً درامياً حيث قامت الثورة ورحل مبارك عن السلطة واتجه لشرم الشيخ ثم سرعان ما تم القبض عليه هو ونجليه. ومن المعلومات التى تتردد بقوة أن هايدى تتابع القنوات الدينية التى يظهر عليها الشيخ حسان والشيخ الجفرى وكذلك عمرو خالد ويعترف علاء لحميدة بأن ما حببهم فى المشايخ الثلاثة هو أسلوب الترغيب لا الترهيب فهم يحببون الناس فى الله عز وجل ويذكرونهم برحمته دون عذابه. قلت لرجب حميدة هل تعتقد ان المشايخ كانوا عملوا العكس أى حرصوا على ترهيب العائلة بدلاً من ترغيبها هل كان من الممكن أن يعيدوا المظالم ويتوقفوا عن ارتكاب الآثام قال لى إن المشايخ الثلاثة مشهود لهم بالحكمة وأنا عندى قناعة من يرد الهدى يهده الله أما من يسعى نحو البحث عن تبرير لمعصية نفسه سيلقى حتماً العقاب الذى يستحقه.. وجدتها فرصة فقلت للشيخ رجب وبالنسبة لك ألا تشعر بأن عليك مظالم يجب أن تردها قال كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون. قلت: أقصد هل انتفعت من البرلمان وحصلت على أراض؟ قال: لم أحصل على شيء وبنيت نفسى بنفسى وعلى من عنده دليل عليّ فليقدمه للنائب العام. لماذا لم يحضر جمال جلسات المشايخ؟ سألت حميدة هل كان جمال يحضر جلسات العلم مع علاء.. قال أشك فى ذلك لأنه فى السجن كان لا يأتى للمسجد إلا يوم الجمعة كما كان أسلوبه فى الحياة مختلفاً يحب الحياة على النمط الأوروبى والأمريكى حتى فى الطعام قلت له ألم تحاول معه أجاب حاولت كثيراً غير أن علاء أكد لى أنه يحافظ على الصلاة فى الزنزانة وقد بدأ يتغير غير أن حميدة لم يكن قانعاً بأى حال بأن جمال يتغير. وعن نفسى يقول حميدة كنت ومازلت أحبه وأرجو له الهداية.