أحيانا ما تبدو بعض الشعارات المرفوعة وكأنها «كلمة حق».. ولكن عندما تبحث عن التفاصيل.. لا تجد رؤية حقيقية لبديل آخر.. حيث تكتشف أن تلك الشعارات رفعت لأسباب سياسية.. أو لمجرد العند فقط.. حيث لا هدف لها سوى هدم ما هو قائم.. لمجرد أن من رفعوا تلك الشعارات ليسوا أعضاء فى «الفريق» الحالى.. أو لأن بعضهم نُحى عن زمام الأمور التى أدارها لسنوات طويلة.. أقول ذلك بمناسبة الاختراع الجديد.. الذى أطلقه البعض فى وجه الجماعة الصحفية.. وهو إنشاء مجلس جديد للإعلام.. أو للصحافة تحت مسمى المجلس الوطنى للإعلام.. تحت شعار «استقلال الصحافة المصرية.. أو الإعلام المصرى عموما عن كافة سلطات الدولة». وفى رأيى أن هذا ليس إلا تلاعب بالألفاظ وخلط للأوراق.. فبالنسبة للإعلام المرئى والمسموع لدينا تنوع فى ملكيته ومن ثم فى إدارته.. وهو ما يترتب عليه بالضرورة التنوع فى طريقة تناوله للأحداث. فلدينا قنوات تليفزيونية ومحطات إذاعية مملوكة للدولة.. أى أنها ملكية عامة.. ومن الطبيعى أن تعبر عن مصر كلها حكومة وأهالى ومعارضة. ولدينا قنوات خاصة مملوكة لأفراد.. وبعضها يعمل بشكل موضوعى طبقا للمعايير الإعلامية المتعارف عليها عالميا.. وبعضها الآخر يعبر عن مصالح معينة سواء لأفراد أو جماعات. كذلك الأمر بالنسبة للصحافة.. فلدينا صحافة قومية مملوكة للدولة (الشعب) ويمارس حقوق الملكية عليها مجلس الشورى. ولدينا صحافة مملوكة للأحزاب وتعبر عن اتجاهاتها السياسية. ثم لدينا صحافة خاصة.. صادرة عن شركات وأفراد وهى حرة فى اتخاذ ما تراه.. سواء موقف الموالاة أو موقف المعارضة. والمعنى أن كل فئة فى المجتمع تستطيع أن تعبر عن نفسها من خلال هذا التنوع الإعلامى والصحفى وخاصة الأحزاب.. والأفراد الذين يمثلون جماعات «الضغط» المختلفة. فلماذا يرغب البعض فى حرمان عامة الشعب من التعبير عن نفسه من خلال الصحف التى يملكها وهى الصحف القومية المملوكة له؟ حيث يطالب هؤلاء بعدم ملكية الشورى لتلك الصحف.. وأن تنقل ملكيتها إلى مجلس خاص «المجلس الوطنى للصحافة» وأن تظل الدولة مسئولة عنها مالياً وإدارياً!! طيب.. هذا المجلس المخترع.. من هم أعضاؤه؟.. ومن الذى يعينهم؟.. وما هى سلطاتهم؟.. فعندما تطرح تلك التساؤلات على من يرفعون هذا الشعار.. لا نجد إجابة.. ولا رؤية واضحة.. لقد اختلطت السياسة بالمهنة.. وتدخلت الأغراض والأهواء.. بعيدا عن المصلحة العامة.. والأمن القومى. فمن المعروف أن الصحافة القومية المصرية هى لسان حال مصر.. والمعبرة عن مصالحها القومية والمدافعة عن أمنها القومى.. لأنها لا تتحرك عن أهواء أو مصالح خاصة ولا تعبر عن اتجاهات سياسية معينة.. ولكن عن كامل مصر.. الشعب والأرض.. التاريخ والجغرافيا.. الماضى والحاضر وتوقعات المستقبل. فلماذا يرغب البعض فى هدم هذه الكيانات العملاقة.. والتى كانت ومازالت «منارات» مصرية عامة.. تحت دعاوى مختلفة بعضها مغرض.. والبعض الآخر مغرض أيضا! لقد أوضحنا من قبل أن هناك فرقاً بين الملكية والإدارة.. وأن مجلس الشورى الذى يمارس حقوق الملكية على هذه المؤسسات القومية لا يتدخل فى الإدارة.. التى هى مسئولية مجالس إدارات تلك المؤسسات وجمعياتها العمومية.. وأوضحنا أيضاً أن الصحافة المصرية تتمتع بما يسمى ب «الإدارة الذاتية» حيث أعضاء مجالس الإدارات والجمعيات العمومية كلهم من أبناء ذات المؤسسة.. وأن حوالى 55% يعينهم مجلس الشورى والباقى ينتخبون من زملائهم. وكشفنا أيضاً أن المجلس الأعلى للصحافة والمنوط به متابعة الأداء الاقتصادى والمهنى لتلك المؤسسات.. يتكون أغلبه من الصحفيين ومعهم بعض الخبرات القانونية والاقتصادية.. فالعيب إذن لم يكن فى النظام.. ولكن كان فى غياب الإدارة الجيدة.. والمتابعة الجادة.. والمحاسبة الدقيقة.. ومع ذلك.. أعتقد أنه لا أحد.. خاصة العاملين فى قطاع الصحافة.. ليس لديه مانع من الحوار والمناقشة لعلاج السلبيات والتأكيد على الإيجابيات فكلنا مصريون.. والمفترض أن كلنا يستهدف المصلحة العامة للبلاد والعباد.. فتعالوا.. إذن إلى كلمة سواء.