محافظ كفر الشيخ يعلن افتتاح 4 مساجد بمراكز المحافظة    رئيس جامعة بنها يتفقد المستشفى الجامعي للاطمئنان على الخدمة الطبية المقدمة للمرضى    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2205 فلكيا.. والإجازات الرسمية المتبقية في العام    وزير البترول يلتقي الرئيس التنفيذي لشركة IRH الإماراتية لبحث التعاون    أخبار مصر اليوم|وزير الكهرباء يبحث توطين صناعة المهمات الكهربائية لكابلات الجهد العالى..اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره الفرنسي    نتنياهو يقود إسرائيل إلى الهلاك    انتبهوا.. لقد بدأ ضم الضفة    تحمل 40 طنا.. مطار العريش يستقبل طائرة مساعدات كويتية    علاء كمال: كل مباريات الزمالك صعبة.. والفارق سيكون في الدوافع    مدرب أتالانتا يكشف سبب رفضه انتقال لوكمان إلى إنتر ميلان    محافظة الجيزة: غلق كلي بكوبري الجلاء في الاتجاهين لمدة (3 ساعات) صباح السبت    جولة مفاجئة.. رئيس جامعة بنها يتفقد الخدمات الصحية بمستشفى بنها الجامعي    معاشي 600 جنيه.. نجوى فؤاد تستغيث ب وزير الثقافة: «مش عايزة أعيش في دار مسنين»    درويش ورفاقه.. المقاومة من طرف ثالث    القاهرة والفيلم.. الصعود إلى الهاوية    السيسي يوافق على ربط موازنة جهاز تنظيم النقل البري لعام 2025-2026    مؤشر لمرض خطير.. حسام موافي يوضح أسباب الدم في البول لدى الأطفال    انفجار كبير يهز مانهاتن واشتعال نيران على سطح أحد البنايات    الإحصاء: معدل البطالة يتراجع 0.2% إلى 6.1% في الربع الثاني من 2025    ضبط قضايا اتجار في العملات الأجنبية بقيمة 6 ملايين جنيه في 24 ساعة    بيان أزهري شديد اللهجة ردًا على وهم "إسرائيل الكبرى"    "الطفولة والأمومة" يحبط زواج طفلتين بمحافظتي البحيرة وأسيوط    محافظ المنيا يفتتح مسجد العبور ويؤدي صلاة الجمعة بين الأهالي (صور)    ET بالعربي يعلن توقف فيلم كريم محمود عبد العزيز ودينا الشربيني والمنتج يرد    20 صورة- بسمة بوسيل ترقص وتغني في حفل الدي جي الإيطالي مو بلاك    خطيب المسجد الحرام: الحر من آيات الله والاعتراض عليه اعتراض على قضاء الله وقدره    خطيب الأزهر يحذر من فرقة المسلمين: الشريعة أتت لتجعل المؤمنين أمة واحدة في مبادئها وعقيدتها وعباداتها    وزير الأوقاف ومحافظ الوادي الجديد يؤديان صلاة الجمعة بمسجد التعمير بشمال سيناء    محافظ الدقهلية يتفقد المخابز ويوجه بتكثيف حملات التفتيش (صور)    الصحة 47 مليون خدمة مجانية في 30 يومًا ضمن حملة «100 يوم صحة»    مؤسسة شطا تنظم قافلة صحية شاملة وتكشف على الآلاف في شربين (صور)    استغرقت 3 ساعات.. إنقاذ طفلة "العظام الزجاجية" بجراحة دقيقة بسوهاج (صور)    تفحمت بهم السيارة.. مصرع 4 أشخاص في اصطدام سيارة ملاكي برصيف بالساحل الشمالي    حكم من مات في يوم الجمعة أو ليلتها.. هل يعد من علامات حسن الخاتمة؟ الإفتاء تجيب    محافظ الجيزة يوجه بمضاعفة جهود النظافة عقب انكسار الموجة الحارة | صور    رانيا فريد شوقي في مئوية هدى سلطان: رحيل ابنتها أثر عليها.. ولحقت بها بعد وفاتها بشهرين    الاتحاد السكندري يعاقب المتخاذلين ويطوي صفحة فيوتشر استعدادًا ل «الدراويش» في الدوري    فليك: جارسيا حارس مميز وهذا موقفي تجاه شتيجن    بطعم لا يقاوم.. حضري زبادو المانجو في البيت بمكون سحري (الطريقة والخطوات)    الصفقة الخامسة.. ميلان يضم مدافع يونج بويز السويسري    البورصة: ارتفاع محدود ل 4 مؤشرات و 371.2 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول    متى تنتهي موجة الحر في مصر؟.. الأرصاد الجوية تجيب    الكنيسة الكاثوليكية والروم الأرثوذكس تختتمان صوم العذراء    عودة أسود الأرض.. العلمين الجديدة وصلاح يزينان بوستر ليفربول بافتتاح بريميرليج    الزمالك يمنح محمد السيد مهلة أخيرة لحسم ملف تجديد تعاقده    مالي تعلن إحباط محاولة انقلاب وتوقيف متورطين بينهم مواطن فرنسي    الكشف على 3 آلاف مواطن ضمن بقافلة النقيب في الدقهلية    محافظ أسيوط يتفقد محطة مياه البورة بعد أعمال الإحلال    قصف مكثف على غزة وخان يونس وعمليات نزوح متواصلة    الإدارية العليا: إستقبلنا 10 طعون على نتائج انتخابات مجلس الشيوخ    ضبط مخزن كتب دراسية بدون ترخيص في القاهرة    فاركو عن مواجهة الأهلى: :"مباراة لعلاج حموضة صفقات الصيف"    ملك بريطانيا يحذر من "ثمن الحرب" فى الذكرى ال 80 للانتصار فى الحرب العالمية الثانية    ياسر ريان: لا بد من احتواء غضب الشناوي ويجب على ريبييرو أن لا يخسر اللاعب    قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا    ضربات أمنية نوعية تسقط بؤرًا إجرامية كبرى.. مصرع عنصرين شديدي الخطورة وضبط مخدرات وأسلحة ب110 ملايين جنيه    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نسيم الخوري يكتب :قراءة مختلفة في دماء بيروت
نشر في الوفد يوم 28 - 10 - 2012

بين لحظة وقوع الانفجار الرهيب في ساحة ساسين في الأشرفية في بيروت، ولحظة وقوع نظري على »الدالية« ابنتي البكر المحامية الشابّة صفراء تنزف في مستشفى الروم مثل ورق الحور في تشرين، قطعنا ألف عامٍ من المشاعر والصور والأهوال والدموع التي لا يمكنني التقاط غبارها، كونها تتجاوز أبجديات
البشر . لا يعرف سوى الأهل، أي الأمهات أوّلاً والرجال ثانياً، كيف يعربش الأولاد ويلتفون حول شراييننا وأعمارنا عبوراً نحو تمكين الذات، في لعبة تعاقب الأجيال . نجت داليتي والحمد لله ولم تتعثر حبال الصرّة، وأدعو بأن يجعلنا نغيب جميعاً قبل أن نسمع وقع خوف أطفالنا أو صراخهم . يكفي هذا المطلع الذي يمكن تعميمه على الرقعة العربية وعلى ما حصل في لبنان من تهشيم يستحيل لحمه ووصله . وكي لا نسفّ، نقول نحن في لبنان كما في الكثير من العواصم الشرق أوسطية نبدو وكأننا نقيم في الغابة، من دون نسيان طقوس الموت وهندسة الغرائز في الغابات . نعم نحن نقيم في غابة لبنان حمى قاطنيها من هؤلاء . من هم هؤلاء؟ لم ولن نجد الجواب لتعددهم، لكننا نستطيع أن نصفّ النقاط . . . . كي يتشكّل هذا الفراغ الطويل أمامنا، وليملأ القرّاء بمخيلتهم هذا الفراغ بالكلمات والأوصاف المناسبة . الهدف أن يتشارك الكاتب والقارئ لا بمتعة القراءة أو لذّة الحبر، بل بمدى المرارات والمخاوف والعذابات التي باتت تحيق بنا في لبنان .
كنا نتصورأننا أكلنا الحروب في لبنان وقطعنا جذوعها، لكنها عادت تنبعث أوراقاً تطلّ من تحت التراب وحفر التفجيرات . وعاد لبنان في الساحات والشاشات والمقالات وعلى ألسنة السياسيين يتوشّح بالدم ووقف الحوار ويستخدم مصطلحات مثل الاصطدام والحرب الأهلية والفتنة والقتال والتقسيم والأقنعة السود والأسلحة المرفوعة، وهو واقع ملفوف بالجرائم السياسية المثيرة التي أربكتنا في القانون والدستور، والمضي في الحياة إلى النكايات والقهر والخوف والعوز والتربص والتحريض والشتائم والفجيعة التي تطل برأسها من خلف فجيعة أخرى . . إلخ، من المصطلحات التي كنا نظنها قد يبست فوق النصوص والألسنة، على الرغم من أن ميراثها الدموي لم يجف بعد في جروح اللبنانيين الكثيرة . يبدو أن سياسيينا قد غفلوا عن واقع لبنان المتشظي في مواطنيه الكثر المتمرمرين المبعثرين في مدن الدنيا وفوق أرصفتها، إن لم يكونوا في المصحات والمستشفيات ومراكز العلاج الفيزيائي والمقابر! وكأنه كتب على هذا اللبنان أن يكون حقيبة متنقلة أو وطناً محمولاً بين حرب وحرب، أو قطع من زجاج متهشم يستحيل إعادة تركيبها في تاريخ مقرف يغوص في الشهادات التي لم ولن يعرفها وطن صغير عظيم بهذا الحجم . وفي الظن أن اللبنانيين لا يعرفون أو أنهم يتناسون نعمة أن ينتمي الإنسان إلى وطن صغير رائع مثل لبنان .
يدفعني توجس الحبر ورجفته إلى إعادة رسم لوحة الانهيار اللبناني ورفعها في وجوههم لربّما نتّعظ ونتذكر لوحة الحروب اللبنانية وفصول الانهيار التي تدمغ الأدمغة والشرايين . وهذا يعني محاولة مني لعصر الحروب اللبنانية المتراكمة فوق أكتافنا ورفع الغطاء عن عقدين من الحروب اللبنانية في تناقضاتها، ومآسيها، ومسبباتها، وأساليبها ونتائجها البشعة التي غدت مضرب الأمثال . وتظهر الصعوبة في عزل مسائل مثل المحكمة الدولية والحكومة الوفاقية ورئاسة الجمهورية، عن غيرها من المسائل الجوهرية الأخرى، مثل الطائفية والوفاق والتجزئة والصيغ الوطنية والانتماءات الوطنية والتحولات الاجتماعية والديمغرافيّة والثقافية والإعلاميّة . . . لطرح سؤال واحد: هل يتذكّر اللبنانيون ماذا حلّ بوطنهم؟
نعصر ملف الحروب ونصفّيها، لنبرز حجم الكارثة البشرية التي حصدت الآلاف، وهدّمت حضارة وخربت بلداً من بلدان المتوسط الراقية، وكلّفت إعادة إعماره مليارات الدولارات وخطاباً منقسماً ومتوتراً في المديونية العامة . وتتناقض الأرقام في هذا المجال . فبينما نرى مثلاً أن »مسلسل العنف في لبنان بالتراشق بالقذائف المدفعيّة والصاروخيّة، ثم التحوّل إلى القصف العشوائي والتصفيات الطائفية والاغتيالات قد حصدت 240 .144 قتيلاً و051 .184 جريحاً و415 .17 مفقوداً و968 .13 مخطوفاً و455 .13 معاقاً بين 13 إبريل/نيسان 1975 وأواخر ،1991 وهي أرقام لا يدخل فيها عدد القتلى الذين سقطوا في المخيّمات الفلسطينية، ولا تدخل فيها آثار الغارات »الإسرائيلية« على المخيمات الفلسطينية، ولا غارات الطيران الحربي الفرنسي على مواقع حركة »أمل الإسلامية«، و»الحرس الثوري الإيراني« في »بوداي« في البقاع وغيرها . . كما حصدت أعمال تفجير 3641 سيارة 386 .4 قتيلاً و784 .6 جريحاً . . . إلخ، نرى من ناحية أخرى، أن نتائج الحروب اللبنانية جاءت على الشكل الآتي: 328 .71 قتيلاً أي 7 .2 في المئة من اللبنانيين و144 .97 جريحاً، أي أربعة في المئة، و627 .9 معاقاً أي بنسبة 36 .0 في المئة من اللبنانيين، و860 .19 مخطوفاً أي بنسبة 75 .0 في المئة منهم، بينما نرى في دراسة ثالثة أن الحروب قد أودت بحياة »مئة وخمسة وعشرين ألف شخص« . يُضاف إلى هذه الأرقام 750 ألف مهجّر ومليون ونصف المليون مهاجر في الفترة ما بين 1975 - ،1991 أو في نظرة ثانية 360 .125 أسرة مهجرة توصلنا إلى 980 .680 نسمة مقابل 860 .617 عدد الأسر المقيمة في لبنان من مجموع السكان المقدر ب000 .061 .3 نسمة . وتذهب الدراسات إلى القول إن اثنين من ثلاثة من اللبنانيين اقتلعوا لمرّة واحدة على الأقل من أماكنهم، بينما حصرت وزارة المهجرين العدد ب604 .355 مهجّرين .
لا يتضح كلام من هذا الوزن إلا إذا عرفنا أن 192 قرية وبلدة متوزعة على المناطق اللبنانية كافةً قد دمّرت وهجر أهلوها . . . إضافة إلى بيروت الكبرى عاصمة التدمير حيث انهيارات الطوائف كلها وخصوصاً الموارنة والشيعة والدروز . وهذا الرقم هو بالطبع خارج العدد الذي يصل إلى 374 قرية جنوبية قصفت من أصل 461 قرية مجموع قرى ومزارع الجنوب، أي بنسبة إجمالية 12 .81 في المئة .
أمس قالت ابنتي الجريحة بعدما بدأت تستجمع شظاياها الداخلية: سأكرّس يدي الجريحة للتمرّس على كتابة اللوائح وتنسيق الدعاوى بحثاً عن الحق والحقائق والحقيقة والدفاع عن عظمة الإنسان .
ليتنا نتذكّر، فنخرج نهائياً من الساحة إلى الوطن ومن السلطة التي تتجاوز في إدمانها المخدرات، إلى تواضع القلب وهدأة الرأس والعقل الذي خلقه ربّك فوق يديك، ومن فوقهما خلق القيم والأخلاق ومسيرة الإنسان .
نقلا عن صحيفة الخليج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.