أخبار الأهلي : عاجل .. مفاجأة سارة من لاعبي الأهلي لعلي معلول فى النهائي ..تعرف عليها    «المصريين بالخارج» يطلق مبادرة مخاطر الهجرة غير الشرعية    إسبانيا تطالب إسرائيل بالامتثال لقرار محكمة العدل الدولية    برئاسة «العسومي».. البرلمان العربي يختتم جلسته العامة الرابعة    الأزهر يشارك في اجتماع اللجنة الوطنية للصحة النفسية للأطفال والمراهقين    تفاصيل مالية مثيرة.. وموعد الإعلان الرسمي عن تولي كومباني تدريب بايرن ميونخ    معديات الموت.. مواجهة نارية بين الحكومة والبرلمان.. ونواب: بأي ذنب يقتل الأبرياء؟    تأجيل محاكمة عامل أشعل النار فى شقة خطيبته بالعبور    فرقة بانوراما البرشا تفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان كان    «القومي للحضارة» يشارك في مهرجان «إنتيرميوزيوم 2024» بموسكو    5 أبراج محظوظة ب«الحب» خلال الفترة المقبلة.. هل أنت منهم؟    تابع أسعار الحديد والأسمنت اليوم 25 مايو.. عز يرتفع من جديد    بث مباشر.. الرئيس السيسي يشهد افتتاح المشروعات التنموية في جنوب الوادي    حالة الطقس غدا الأحد 26 مايو.. الأرصاد تُطلق مفاجآت مدوية بشأن الساعات المقبلة    خاص.. وفاء عامر في عيد ميلادها: «ادعولي أنا مكسورة وقاعدة في البيت»    بروتوكول تعاون بين جامعتيّ بنها والسادات في البحث العلمي    الأعمال المستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة.. الصوم والصلاة    83 ناديا ومركز شباب بالقليوبية تذيع مباراة الأهلي والترجي التونسي.. الليلة    وزارة الرى تنظم ندوة بالسويس لترشيد استهلاك المياه    جامعة أسيوط تخصص 100 ألف جنيه لكل كلية لجودة العملية التعليمية    توقيع برتوكول تعاون مشترك بين جامعتي طنطا ومدينة السادات    بسبب وجبة أرز وخضار.. إصابة 3 أطفال بتسمم في بني سويف    مزايا تمنحها بطاقة نسك لحامليها فى موسم الحج.. اعرف التفاصيل    العين الاماراتي ضد يوكوهاما.. تشكيل الزعيم المتوقع فى نهائي أبطال آسيا    محمد شبانة بعد تداول صورته بدلا من قيادى بالقس.ام: سأقاضى إسرائيل (فيديو)    انطلاق امتحانات نهاية العام بجامعة طيبة التكنولوجية 2023-2024    سوزوكي بالينو 2021 كسر زيرو بأقل من 800 ألف جنيه    جامعة عين شمس تستقبل وفدًا من قوانجدونج للدراسات الأجنبية في الصين    شريف إكرامي: الشناوى لم يتجاوز فى حق أى طرف حتى يعتذر    وزير الأوقاف: تكثيف الأنشطة الدعوية والتعامل بحسم مع مخالفة تعليمات خطبة الجمعة    علاج 1854 مواطنًا بالمجان ضمن قافلة طبية بالشرقية    كيف تعالج الهبوط والدوخة في الحر؟.. نصائح آمنة وفعالة    وفد برلماني بلجنة الصحة بالنواب يزور جنوب سيناء ويتفقد بعض وحدات طب الأسرة    في يومها العالمي- أضرار لا تعرفها لكرة القدم على صحة القلب    انهيار جزء من الرصيف البحري الأمريكي قبالة السواحل في غزة    باحثة بالمركز المصري للفكر: القاهرة الأكثر اهتماما بالجانب الإنساني في غزة    باحث استراتيجي: حكم محكمة العدل الدولية دليل إدانة لجرائم إسرائيل    أكاديمية الشرطة تنظيم ورشة عمل عن كيفية مواجهة مخططات إسقاط الدول    مفاجآت جديدة في قضية «سفاح التجمع الخامس»: جثث الضحايا ال3 «مخنوقات» وآثار تعذيب    وزير الخارجية يجري زيارة إلى بيت مصر بالمدينة الجامعية في باريس    داعية: الصلاة النارية تزيد البركة والرزق    وزير الري: مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط يخدم الدول الإفريقية    ضبط 14 طن قطن مجهول المصدر في محلجين بدون ترخيص بالقليوبية    شيماء سيف تستفز ياسمين عز في تصريحات عن الرجال.. ماذا قالت؟ (فيديو)    المفتي: لا يجب إثارة البلبلة في أمورٍ دينيةٍ ثبتت صحتها بالقرآن والسنة والإجماع    "كولر بيحب الجمهور".. مدرب المنتخب السابق يكشف أسلوب لعب الترجي أمام الأهلي    إنبي يكشف حقيقة انتقال أمين أوفا للزمالك    مساعد نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتفقد محطات الصرف الصحي والصناعي بالعاشر    برنامج تدريبى حول إدارة تكنولوجيا المعلومات بمستشفى المقطم    نهائي دوري أبطال إفريقيا.. الملايين تنتظر الأهلي والترجي    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    عيد الأضحى 2024 الأحد أم الاثنين؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    غرفة شركات السياحة: تأشيرات الزيارة لا تتيح لحاملها أداء فريضة الحج    مباحثات عسكرية مرتقبة بين الولايات المتحدة والصين على وقع أزمة تايوان    استعلم الآن.. رابط نتيجة الصف الخامس الابتدائي 2024 الترم الثاني بالاسم والرقم القومي    المدارس المصرية اليابانية تعلن بدء التواصل مع أولياء الأمور لتحديد موعد المقابلات الشخصية    "كان يرتعش قبل دخوله المسرح".. محمد الصاوي يكشف شخصية فؤاد المهندس    مواعيد مباريات اليوم السبت والقنوات الناقلة، أبرزها مواجهة الأهلي والترجي في النهائي الإفريقي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي جرادات يكتب : الإرث العثماني والانتفاضات العربية
نشر في الوفد يوم 28 - 10 - 2012

كما النظام الأرستقراطي الأوروبي في القرون الوسطى، فإن نظام المِلَّة العثماني، (بكلمات الكاتبة صفية سعادة)، »يحدد الانتماء على أنه انتماء ديني في الدرجة الأولى، وله الأفضلية القانونية، وبالتالي الحقوقية لكل أتباع السلطنة العثمانية . وليس مبالغة القول ان العرب هم أكثر الأمم التي خضعت لهذا النظام العثماني تضرراً، إذ بينما تخلصت من إرثه أمم أخرى، (وبينها الأمة التركية)، بإقامة دولة - الأمة الديمقراطية المدنية الحديثة، فإن استقلال الدول العربية تباعاً في
منتصف القرن العشرين المنصرم، لم يفضِ إلى تخلُّصِ أنظمتها السياسية تماماً من إرث هذا النظام، ذلك أن دول الاستعمار الغربي لم تكتفِ بتقسيم الوطن العربي واستعماره، وبالتالي إفشال محاولة العرب إقامة دولة - الأمة، بل، حافظت أيضاً على نظام الملة العثماني هذا، ورسخته كأداة لبث الفرقة وإشعال الفتن الدينية والطائفية والمذهبية والإثنية والجهوية التي تيسِّر السيطرة على المجتمع العربي وتمنع إعادة توحيده، وتحول دون تنمية وتعزيز اللحمة القومية والوطنية بين أبنائه . ولعل نظرية الولايات المتحدة عن »الفوضى الخلاقة«، ليست سوى ترجمة جديدة لما نصح به قديماً رئيس وزراء »بريطانيا العظمى«، ونستون تشرتشل، حيث قال: »إذا لم تتمكنوا من الهيمنة على منطقة، بادروا إلى تجزئتها« .
والأدهى، فإنه، وعلى الرغم مما تقدم، فإن تيارات »الإسلام السياسي« على ما يبدو، مازالت تتمسك بأجزاء من، (وبعضها بكل)، تصورات نظام المِلَّة العثماني هذا . يشي بذلك أنه ما إن تحقق، (جزئياً طبعاً)، هدف »الشعب يريد إسقاط النظام« الذي نادت به الانتفاضات الشعبية العربية، حتى فرط تيار »الإسلام السياسي« ائتلافه مع تيار »القوى المدنية«، ما يؤكد أن لجوء تيار »الإسلام السياسي« إلى هذا الائتلاف كان مجرد تكتيك اضطراري فرضه احتشاد الجماهير المنتفضة بالملايين في »الميادين«، وأنه جاء دون موافقة هذا التيار على أن النظام السياسي الجديد المراد بناؤه، وفقاً لمطلب الانتفاضات الشعبية، يشتمل، في ما يشتمل، على بناء »دولة مدنية«، أي دولة لا توازي، ولا تعلو على، سلطتها، أية سلطة أخرى، فردية كانت أو دينية أو طائفية أو مذهبية أو إثنية أو جهوية . ما يعني أن مشوار هذا المعنى من التغيير المنشود للانتفاضات الشعبية العربية ما زال طويلاً وشائكاً ومعقداً، لأنه لا يصطدم بعائق التدخلات الغربية بقيادة الولايات المتحدة فقط، بل، يصطدم أيضاً بعائق أن حركات »الإسلام السياسي« الفائزة لتوها بالسلطة، مازالت تصر على اشتقاق التصورات الدستورية لعلاقة السلطة بالدولة من تصورات نظام الملَّة العثماني إياه الذي حافظت عليه، ورسخته، وما انفكت تعمل على تكريسه، دول الاستعمار الغربي إياها، وإلا لكان بلا معنى عدم اتفاق، (كي لا نقول صراعاً)، قوى »الإسلام السياسي« مع »القوى المدنية« على مضامين مشاريع الدساتير في مصر وتونس وليبيا، (مثلاً) . هنا تجدر الإشارة إلى أن مفهوم »الدولة المدنية«، وهو مفهوم حديث للدولة على أية حال، لا يتعرض من قريب أو بعيد لموقع الدين ومقامه، بل للموقع والمقام اللذيْن منحتهما الأنظمة القديمة للدولة، (ومنها نظام الملة العثماني)، من سلطة لا متناهية لرجال الدين، لتتحول اهتماماتهم بذلك من روحية إلى سياسية اقتصادية،أي ليتحولوا إلى سلطة موازية لسلطة الدولة .
ومن باب التدليل، فإن من إنجازات الثورة الفرنسية، أنها أرست نظاماً سياسياً جديداً أنهى سلطة رجال الدين الموازية لسلطة الدولة أو المتحالفة معها، عبر نقلِ الدين، (وليس عبر محاربته)، من الحيز العام إلى الحيز الخاص، وجعْلِه مسألة خاصة، أي فردية، كمفهوم اقتضاه نشوء »الدولة- الأمة« الديمقراطية المدنية الحديثة الجامعة لدويلات الأمة الواحدة، (ذات الأديان والطوائف المختلفة)، في دولة واحدة بنظام سياسي يساوي بين مواطنيها كأفراد أحرار بمعزل عن انتمائهم الديني والطائفي والمذهبي والإثني والجنسي . بهذا الإنجاز تخلصت أوروبا من إرث النظام الأرستقراطي للدولة في العصور الوسطى، القائم على تحالف سلطة الدولة وسلطة رجال الكنيسة الموزعة على طوائف مختلفة متحاربة، حيث كان هناك لكل فئة دينية قانون يحكمها .
لكن هذا النظام الحديث للدولة، لم يولد دفعة واحدة، ولم يتخذ تماماً الشكل الفرنسي لولادته، لا في العالم عموماً، ولا حتى في معظم دول أوروبا خصوصاً، ارتباطاً بحركة، وبطبيعة، القوى الاجتماعية والسياسية المنخرطة في النضال من أجله، بل، ولا يزال يشهد لحظات مدٍ وجزر . فإنهاء الحروب الطائفية بين الكاثوليك والبروتستانت، (مثلاً)، لم يتجاوز في بدايته حدود الحل القائم على مفهوم »التسامح المتبادل«، بل، إن هذا الحد الأدنى من الحل هو الصيغة السائدة حتى اليوم في مجتمع الولايات المتحدة، كمجتمع تشكَّل من هجرة طوائف عانت اضطهاد سلطات دول أوروبية عدة آنذاك .
وبالعودة إلى الحالة العربية، فقد شكل ترسيخ نظام الملة العثماني على صعيد المجتمع وإدارة الدولة، أداة أساسية من أدوات تدمير المجتمعات العربية، وتغذية الفتن بين أبناء شعوبها، واستتباع دولها ونهب ثرواتها، وعائقاً أساسياً في طريق تحولها إلى دول ديمقراطية مدنية حديثة، بسبب تحويل انقساماتها الأفقية الطبيعية إلى انقسامات عمودية، تمنع بناء المفهوم الحديث للمواطنة الذي دون بلوغه يغدو عبثياً الحديث عن إنهاء سلطات رجال الدين والطائفة والمذهب والجهة الجغرافية والأصل الإثني، كسلطات موازية لسلطة الدولة المضطرة والحالة هذه، إلى مراعاتها والتغاضي عنها، بل، والخضوع لمشيئتها أحياناً . ماذا يعني هذا الكلام؟ يعني أن دول الاستعمار الغربي لم تخترع الانقسامات العمودية في المجتمعات العربية، إنما استخدمت، وغذّت، ولاتزال، ما خلقه نظام الملة العثماني البائد . وهذا هو ديدنها .
نقلا عن صحيفة الخليج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.