بدء تلقي أوراق المرشحين لانتخابات مجلس النواب غدا بمحكمة شبين الكوم في المنوفية    بعد قضاء 8 أيام.. البابا تواضروس يختتم جولته في أسيوط (تفاصيل)    غداً.. موعد طرح أغنية «واحد اتنين تلاتة» ل محمد رمضان| فيديو    مدبولي: الرئيس السيسي أكد في «انتصارات أكتوبر» أن السلام لا يمنح إلا بالقوة    مؤتمر «المدن تشكل المستقبل».. محافظ بني سويف يؤكد أهمية الشراكات الدولية وتمويل التحول الأخضر    بمشاركة مصرية.. انطلاق برنامج الزمالة التقنية للشباب العربي 2025    محافظ المنوفية يحيل عددا من المختصين بالزراعة والوحدة المحلية بالبرانية وجريس للنيابة    وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يزور مدرسة WE للتكنولوجيا التطبيقية (صور)    لمناقشة عدد من الملفات المهمة.. بدء اجتماع الحكومة الأسبوعي برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي    مدبولي: نبني مدنًا جديدة ونحافظ على تراثنا القديم وهذه دلالة استضافة مفاوضات غزة    مجلس جامعة حلوان يستهل جلسته بالوقوف دقيقة حداد على روح رئيس الجامعة الأسبق    مدير الإغاثة الطبية في غزة: المساعدات الطبية لم تكن يومًا كافية والمأساة تفوق الإمكانيات    الخداع الاستراتيجي ..أحد أسرار النصر في حرب أكتوبر المجيدة    روسيا تحث الغرب على وقف نهج المواجهة وتحمل مسؤوليتها لإعادة إعمار أفغانستان    المعلم رمز الأخلاق، سفير الإمارات يكشف تفاصيل زيارته للأسطورة حسن شحاتة    وزير الرياضة يطمئن على بعثة منتخب رفع الأثقال المشاركة في بطولة العالم بالنرويج    بيان رسمي من برشلونة بشأن افتتاح ملعب كامب نو    خاص.. كيشو ممنوع من تمثيل أي دولة أخرى غير مصر حتى يناير 2028    رابطة الأندية تعلن عقوبات الجولة العاشرة من بطولة الدوري    حقيقة إنصاف زيزو في أزمته مع الزمالك بقرار رسمي    السكة الحديد تطلق الرحلة الرابعة والعشرين ضمن مبادرة عودة السودانيين    كشف غموض اقتحام 3 محال تجارية في قنا    الأرصاد: رياح وأمطار وسحب منخفضة على شمال البلاد والقاهرة الكبرى    تعرف على قائمة الممنوعين من السفر لحج القرعة لعام 2026    رئيس الوزراء: حدائق تلال الفسطاط الأكبر بالشرق الأوسط بتكلفة 10 مليارات جنيه    بكاء أسرة لطفي لبيب أثناء تكريم اسمه بمهرجان المركز الكاثوليكي (فيديو وصور)    محمد قناوي يكتب: قراءة في جوائز مهرجان الإسكندرية السينمائي ال 41    أسماء جلال من كواليس «فيها إيه يعني؟»: «كل واحد يخليه في حاله»    فوز جون كلارك وميشيل ديفوريه وجون مارتينيس بجائزة نوبل في الفيزياء 2025    «بصلي وبصوم وبسرق وعاوزة أكفر عن ذنبي».. أمين الفتوى يجيب    رمضان عبد المعز: الإيمان بأقدار الله يُريح الروح ويُهدي القلب    ما حكم سب الدين عند الغضب؟.. أمين الفتوى يُجيب    نائب وزير الصحة يبحث مع محافظ الغربية سبل تطوير المنظومة الصحية    ندوات تثقيفية لرفع الوعي الصحي بالأمراض المعدية في المنيا    تُدشّن مبادرة الكشف المبكر عن أمراض سوء التغذية لطلاب المدارس بالمنوفية..صور    تحرير 118 مخالفة لمحال تجارية لم تلتزم بقرار الغلق    بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم: أحمد عمر هاشم خدم كتاب الله وساند المسابقة    "المستشار هشام قطب" يدعو لتفعيل نظام المساعدة القانونية لغير القادرين ماليًا    سكرتير عام المنيا يتابع معدلات تنفيذ المشروعات التنموية    وزير الخارجية يلتقي رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري    بسبب معاكسة فتاة.. إصابة شخصين في مشاجرة بالأسلحة البيضاء في أوسيم    اليونيسيف: أطفال غزة يعيشون رعبا ينبغي ألا يواجهه أي طفل    مدبولي يوجه بتوفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الكبرى    قطاع الأمن الاقتصادي يضبط 2691 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 7 اكتوبر 2025 فى المنيا    كيروش: مواجهة قطر صعبة.. ونطمح للانتصار في بداية مشوار التأهل    الأهلي يحيل ملف ثلاثي الفريق إلى لجنة التخطيط لحسم مصيرهم    «مش بيحبوا يتحملوا مسؤولية».. رجال 5 أبراج يعتمدون على الغير بطبعهم    كريم أدريانو يفوز بجائزة «the best» في ثاني أيام عروض مهرجان «المهن التمثيلية» (تعرف على الفائزين)    «رياضة القليوبية» تطلق مبادرة «أكتوبر في عيون الشباب»    أغلقوا المدرسة قبل موعدها، تحويل العاملين بابتدائية قومبانية لوقين بالبحيرة للتحقيق    محافظ بورسعيد للطلاب: عليكم بالتمسك بالأخلاق الحميدة التي يرسخها الأزهر الشريف    وكيل صحة بني سويف يشيد بدور التمريض: العمود الفقري للمنظومة الصحية    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 5 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    ضبط 99 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وزير الخارجية: نثق في قدرة الرئيس ترامب على تنفيذ خطة غزة    مفاجآت فى واقعة اختفاء لوحة أثرية من مقبرة بسقارة.. فيديو    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سمير الحجاوي يكتب :يهودي في قلعة حماس
نشر في الوفد يوم 28 - 10 - 2012

بكل بساطة حل المفكر اليهودي الأمريكي الأشهر في العالم نعوم تشومسكي ضيفا على قطاع غزة، القلعة الحصينة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، برفقة 10 باحثين كبار من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وكندا للمشاركة في مؤتمر علمي حول اللغويات والأدب، وأعلن بكل صراحة ووضوح "أن زيارته تسهم في كسر الحصار عن غزة.. وأنه منخرط في الدفاع عن الشعب الفلسطيني والحديث عن محنته وانتقاد سياسات حكومات إسرائيل وعملياتها الإجرامية"، مؤكداً على "حق الفلسطينيين في العيش بسلام وحرية"
تشومسكي، ليس رجلا عابرا، فهو رقم صعب يحتل مكانة بارزة في علوم اللغويات واللسانيات على مستوى العالم، إلى جانب المفكر الفلسطيني الأمريكي الراحل إدوارد سعيد، فهذان المفكران حفرا اسميهما على جدار التاريخ وأثرا في مسيرة العالم كله، وكلنا نتذكر الضجة الكبيرة التي أثارها إدوارد سعيد عندما قذف بحجر من جنوب لبنان على جنود الاحتلال الإسرائيلي في شمال فلسطين.. لم يكن أكثر من حجر، لكنه كان كافيا ليثير كل أجهزة الإعلام والفضائيات والصحف والتعليقات في العالم، خاصة في الغرب، واليوم تثير زيارة البروفسور اليهودي تشومسكي عاصفة كبيرة وهو يزور قلعة حماس في غزة، وهو الذي صنفته إسرائيل "اليهودية" بأنه "شخص غير مرغوب به" ومنعته من دخول الضفة الغربية عام 2010 ونعتته الصحافة الإسرائيلية بأنه "يهودي يكره نفسه"، ولم يستطيعوا أن يلصقوا به تهمة "معاداة السامية"، فهو يهودي رغم أنوفهم.
قطاع غزة الذي يحكمه الإسلاميون من حركة حماس استقبل هذا "اليهودي" استقبالا حافلا، ومنحته الجامعة الإسلامية دكتوراه الفخرية، واستمع إلى محاضرته مئات الطلبة والأستاذة الفلسطينيين، مما يعطي الأشياء بعدا يحاول الكثيرون طمسه وإبعاده عن الواجهة، فالصراع بين الفلسطينيين والعرب والمسلمين ليس مع اليهود واليهودية كدين، بل مع الاحتلال الإسرائيلي، وهو احتلال استعماري استيطاني إحلالي، يعمل على تصوير الصراع وكأنه مع كل اليهود ومع اليهودية كدين ويتحالف مع "عقلية صليبية" ضد الشعب الفلسطيني.
لو كان الصراع مع اليهود واليهودية كدين لما استقبل "تشومسكي" استقبال الأبطال في غزة وعمان، ولما أشرعت أبواب العالم العربي إمام حاخامات حركة "ناطوري كارتا"، أو الدكتور نورمان فنكلستين صاحب كتاب "صناعة الهولوكوست.. تأملات في استغلال المُعاناة اليهوديَّة"، ولو كان عداؤنا لليهود لما سمينا مدارسنا باسم "نيوتن" ولما وضعنا صور نيوتن واينشتاين في مناهجنا الدراسية، ولما اعتبرنا المفكر الكبير موسى بن ميمون جزءا لا يتجزأ من تاريخنا العربي الإسلامي.
الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري لفلسطين سمم العلاقات العربية الإسلامية اليهودية، وسيعمل على إدامة هذا التسمم ما دام جاثما على صدور الشعب الفلسطيني ويحتل الأرض الفلسطينية ويقتل أهلها ويغتال حاضرها ومستقبلها ويدمر أرضها ومزارعها ويحاصر شعبها ويزرع المستوطنين ويشرد السكان الأصليين من أبناء الأرض.
"مشكلة إسرائيل" إنها تشكل وبالا على اليهود في كل العالم، وتضعهم في مشروع مواجهة دائم مع الجميع، وتحول حياة اليهود إلى معركة دائما لا تتوقف، معركة تستنزف الشخصية والعقلية اليهودية إلى ما لانهاية، لكن العجب العجاب أن اليهود يقودون أنفسهم بأنفسهم إلى التهلكة، في حالة عصية على التفسير، فالمسيحيون الصهيونيون يريدون أن يستخدموا اليهود "وقود محرقة" لإنزال المسيح من السماء، وهو النزول الذي لن يتحقق حسب رأيهم إلا بإقامة دولة لليهود في فلسطين وقد حصل، وتدمير بابل "أي العراق" وقد حدث، وثم المعركة الكبرى في هرمجدون، وهي المعركة التي سيقتل فيها المسيح الكفار "أي المسلمين واليهود" حسب خرافاتهم، أي أن هؤلاء المسيحيين المتصهينين يطبقون المعادلة التالية: اجمع اليهود وحارب بهم ثم أنزل المسيح من السماء واقتلهم، فأي غباء أكبر من غباء من يقدمون أنفسهم وقودا لمعركة ستفنيهم، هذا الكلام نصت عليه كتبهم وتفسيراتهم الدينية، ولذلك فإن التحالف "اليهود مع المسيحيين المتصهينين" أمر يبعث على التعجب والحيرة والدهشة في الوقت نفسه.
لكن مفكرين كبارا من طراز تشومسكي وفرانكلستين وشلومو ساند صاحب كتاب "اختراع الشعب اليهودي" وآرثر كوستلر صاحب كتاب "القبيلة الثالثة عشر"، خرجوا عن الخط التقليدي وابتعدوا عن التفسير الخرافي لإسرائيل، بل إن رجلا من وزن أبراهام بورغ رئيس الوكالة اليهودية ورئيس الكنيست الإسرائيلي سابقا اعتبر أن إسرائيل لا مستقبل لها، وكان أغرب موقف هو ما صرح به الداهية اليهودي ووزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر من أن "إسرائيل ستختفي بعد 10 سنوات" وأنه لن يكون هناك إسرائيل.
تشومسكي مثقف ثوري منسجم مع نفسه وقناعاته يرى أن "حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني تزايدت بعد الحرب الإسرائيلية على غزة" ويعتبر أن "نزاع الشرق الأوسط هو صناعة أمريكية- إسرائيلية خالصة وصرفة" وأن "الغرب يخشى من قيام ديمقراطية في المنطقة لأنها يمكن أن تجلب الاستقلال الحقيقي لها".
تشومسكي يعيد تعريف الأشياء، ينتصر للإنسان كإنسان، وهو ذات الموقف الذي نتخذه حيال استهداف اليهود، من مجازر هتلر وحتى تدنيس القبور من اليمين الأوروبي المتطرف، فحياة الإنسان هي القيمة العليا للحياة بغض النظر عن اللون والعرق والدين.
علينا أن نعمل على إشراك مفكرين كبار من طراز تشومسكي لإنقاذ اليهود أنفسهم من "محرقة هرمجدون" التي يخطط الراغبون بإنزال المسيح من السماء، ولن يكون هذا إلا بإنهاء إسرائيل من الوجود ككيان استعماري غاصب يقوم على الخرافات والأساطير، وإنقاذ الشعب الفلسطيني من "المحرقة الإسرائيلية"، وهو الحل الوحيد الذي يضمن لليهود وجودهم، وإلا فإنهم سائرون إلى محرقة "هرمجدون المسيحيين المتصهيين" والتي أعطاها العزيز كيسنجر 10 سنوات فقط لكي تحدث.
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.