"إن هذا الوطن العزيز هو وطني، فيه عشت وحاربت من أجله وعلى أرضه أموت، وسيحكم التاريخ عليّ وعلى غيري بما لنا أو علينا"، آخر كلمات الرئيس الراحل محمد حسني مبارك الراسخة في أذهان المصريين حتى الوقت الحالى، بعد تنحىه عن الحكم في 11 فبراير بعد ثورة 25 يناير 2011، وبهذا يكون أمضى حسني مبارك قرابة ثلاثين عامًا في حكم مصر. عرفه الشعب المصري بعد كلمة الرئيس أنور السادات الشهيرة عنه "النائب حسني مبارك بيحترموه جدا في إسرائيل، حقيقة، لأن الدرس كان موجعًا"، هكذا كان الرئيس الراحل، يصفه بعد خلع بدلته العسكرية بعد قيادته القوات الجوية ليكون إلى جواره في سدة الحكم. يعد مبارك الرئيس الرابع لجمهورية مصر العربية عقب توليه الرئاسة فى 14 اكتوبر عام 1981 عقب اغتيال محمد أنور السادات خلفا له، وتنحى عن السلطة فى 11 فبراير 2011، وذلك تحت ضغوط شعبية خلال قيام ثورة 25 يناير وتسليمه السلطة للمجلس الاعلي للقوات المسلحة لتصل مدة توليه الرئاسة الى الثلاثين عاما، وكان قائد القوات الجوية المصرية أثناء حرب أكتوبر ومعروف بلقب صاحب أول ضربة جوية حيث كانت لها أثرا كبيرا في ضرب النقاط الحيوية للقوات الإسرائيلية في سيناء. ميلاده ولد محمد حسني السيد مبارك في الرابع من مايو عام 1928 في قرية كفر المصيلحة في محافظة المنوفية، حيث كان والده يعمل مفتشا بوزارة العدل، وعقب انتهائه من تعليمه الثانوي بمدرسة المساعي المشكورة بشبين الكوم التحق بالكلية الحربية في مصر ليحصل على البكالوريوس في العلوم العسكرية عام 1948 ثم حصل على درجة البكالوريوس في العلوم الجوية عام 1950 من الكلية الجوية ، وتلقى دراسات عليا في أكاديمية "فرونز"، العسكرية في الاتحاد السوفيتي السابق في عام 1964 . تزوج من سوزان ثابت "سوزان مبارك"، وهي مصرية تحمل أيضا الجنسية البريطانية، حيث أن والدتها من ويلز في المملكة المتحدة، وقد درست في الجامعة الأمريكية، وأنجبت له ولدين، وهما: جمال، وعلاء مبارك ، في 18 مايو، 2009، وتوفي محمد علاء مبارك، الحفيد الأكبر لمبارك نظرا لمشاكل صحية. وقد عرف عن مبارك أنه رجل رياضي يستيقظ في السادسة صباحا، ويمارس رياضة الإسكواش ولا يدخن أو يشرب الخمور. بداية عمله بدأ عمله كظابط في القوات الجوية بالعريش 1950، ثم انتقل لمطار حلوان لتلقي تدريبات على طائرات مقاتلة في 1951-1953، كى يصبح بعد ذلك مدرسا في كلية الطيران، ثم مساعد أركان حرب الكلية، و في 1959 كان أركان حرب الكلية و قائد سرب، ثم عين ين في نوفمبر عام 1967 عميدا للكلية الجوية في إطار حملة تجديد لقيادات القوات المسلحة المصرية عقب نكسة 1967، ثم عين رئيسا لأركان حرب القوات الجوية المصرية وهو المنصب الذي ظل يشغله حتى تعيينه قائدا للقوات الجوية ونائبا لوزير الدفاع عام 1972. وفي حرب أكتوبر عام 1973، كان قائدا للقوات الجوية المصرية ،حيث بدأ الهجوم المصري على القوات الإسرائيلية التي كانت تحتل شبه جزيرة سيناء بغارات جوية مكثفة ساعدت في دعم عبور القوات المصرية لقناة السويس واقتحام خط بارليف ما كان له أثر كبير في تحويل مبارك إلى بطل قومي، وتم ترقيته في العام التالي للحرب لرتبة فريق، ثم اختاره الرئيس المصري السابق أنور السادات نائبا له في عام 1975 كان لمبارك دور أساسي في التفاوض مع إسرائيل حتى التوصل إلى اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 ومعاهدة السلام التي وقعت عام 1979، والتي انقسمت حولها الآراء في الشارع المصري حيث اعتبرتها عدة قوى معارضة ولا سيما الإسلامية بمثابة تنازل لإسرائيل. مبارك رئيسا لمصر 14 أكتوبر 1981 في السادس من أكتوبر 1981، اغتيل الرئيس السادات خلال عرض عسكري، وكان مبارك جالسا إلى جوار الرئيس السادات خلال العرض العسكري حين تعرضت المنصة الرئيسية للهجوم الذي قتل فيه السادات بينما نجا الرئيس مبارك. وفي 14 أكتوبر 1981 أدى محمد حسني مبارك اليمين الدستورية كرئيس للبلاد، عقب خمس سنوات من تعينه نائبًا للرئيس الراحل السادات، وذلك بعد ترشيحه من قبل مجلس الشعب ونجاحه في الاستفتاء الشعبي الذي اقيم بعد اغتيال السادات ، ثم انتخب رئيساً للحزب الوطني الديموقراطي في 26 يناير 1982. وقد أعيد انتخابه رئيسا للبلاد في استفتاءات شعبية عليه كمرشح أوحد في أعوام 1987، و1993و1999 حيث أن الدستور المصري يحدد فترة الرئاسة بست سنوات دون حد أقصى. في عام 2005 أقدم مبارك على تعديل دستوري جعل انتخاب الرئيس بالاقتراع السري المباشر وفتح باب الترشيح لقيادات الأحزاب وأعيد انتخابه بتفوق كاسح على منافسيه. ثورة 25 يناير وتنحي مبارك عن السلطة استمر الشعب فى اعتراضه على سياسة مبارك خاصة بعد انتشار شائعات نيته توريث الحكم لنجله جمال مبارك الذي يسعى إلى أن يلعب دورا سياسيا في هيكلية الحزب الحاكم، ولكن الرئيس مبارك نفى مرارا أن يكون قد اتخذ أي قرار بمن سيخلفه . وقد تعرض خلال سنوات ولايته الخامسة لضغوط داخلية متزايدة لإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية، وزادت حدة المعارضة بعد اجراء انتخابات مجلس الشعب في نوفمبر عام 2010 والتي أسفرت عن انتخاب برلمان يسيطر عليه الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بأغليبية تزيد عن 90%. شهدت مصر سلسة تظاهرات حاشدة في جميع ميادين مصر، بالتزامن مع 25 يناير 2011 خاصة ميدان التحرير استتمرت لأيام، وقامت المظاهرات تنديدا بقمع الشرطة، وقانون الطوارئ، البطالة، رفع الحد الأدنى من الأجور الأساسية، أزمة المساكن، إرتفاع أسعار المواد الغذائية، الفساد، سوء الظروف المعيشية، وكان الهدف الأساسى للمظاهرات إسقاط نظام الرئيس حسني مبارك، الذي تولى السلطة من 30 عام، وبلغت اوجها في 28 يناير الذي سمي بجمعة الغضب حيث قدر عدد المشاركين فيها بثمانية ملايين شخص في جميع انحاء مصر، والذي انتهى بفرض حظر التجول ونزول الجيش إلى شوارع القاهرة وعدة مدن خرج مبارك على التلفزيون في ساعة متأخرة ليعلن حل الحكومة، وفي 29 يناير 2011 أقدم مبارك على إجراء رفضه ثلاثة عقود متوالية وهو تعيين نائب له واختار مدير المخابرات اللواء عمر سليمان للمنصب كما كلف وزير الطيران في الحكومة المقالة أحمد شفيق بتشكيل الحكومة. وفي يوم 11 فبراير أعلن نائبه عمر سليمان تخلي الرئيس عن منصبه وتكليف المجلس العسكري بإدارة شؤون البلاد، وقد أفادت مصادر رسمية عن مغادرة مبارك وعائلته القاهرة متجها إلى منتجع شرم الشيخ قبل إعلان تنحيه. مبارك في قفص الاتهام فى صباح يوم الأربعاء 3 أغسطس 2011، وقف مبارك في قفص الاتهام لأول مره في أكاديمية الشرطة التي تحولت لساحة قضاء برئاسة المستشار أحمد رفعت، بتهم قتل المتظاهرين عمدا واستغلال النفوذ واهدار المال العام. وظهر مبارك راقدا على سرير متحرك داخل قفص الاتهام ومعه نجلاه علاء وجمال، وكان معه في قفص الاتهام وزير الداخلية السابق حبيب العادلي وستة من معاونيه . وفي 2 يونيو 2012 صدر الحكم بالسجن مدى الحياة على مبارك ووزير الداخلية السابق حبيب العادلي وتبرئة المساعدين الستة لوزير الداخلية في قضية قتل المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير، وبراءة مبارك من قضايا الفساد المالي. وفي جلسة اعادة المحاكمة، أدين مبارك وابنيه، علاء وجمال في 9 مايو 2015 بتهمة الفساد وحكم عليهم بالسجن. وكان مبارك يقيم في مستشفى عسكري وأُطلق سراح ابنيه في 12 أكتوبر 2015. حصل على البراءة في 2 مارس 2017 بحكم محكمة النقض المصرية، ثم أطلق سراحه في 24 مارس 2017. مبارك ومرسي وجها لوجه فى قضية "اقتحام السجون" فى 26 ديسمبر 2018، شهدت محكمة جنايات الشرطة، أول مواجهة بين الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك ومحمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان. فيما استدعت محكمة جنايات القاهرة مبارك للشهادة في قضية "اقتحام السجون" حيث تعاد محاكمة مرسي والمرشد العام للجماعة محمد بديع مع 24 آخرين من قادتها وكوادرها، بعد نقض حكم سابق بإعدامهما مع أربعة قياديين آخرين. وواجه مرسي والمتهمون اتهامات بالتواطؤ مع حركتي "حماس" وحزب الله لاقتحام الحدود الشرقية لمصر عبر أنفاق في قطاع غزة من أجل تهريب قادة الجماعة من السجون. وفي أول ظهور له منذ اطلاق سراحه قبل عام ونصف عام، رفض مبارك في البداية الإدلاء بشهادته إلا بعد الحصول على إذن من الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي والقيادة العامة للقوات المسلحة نظرا "لأن شهادته تتضمن أسرارا للدولة وتتعلق بأمنها ويخشى أن تسبب في اتهامه بارتكاب مخالفة قانونية"، لكنه استجاب لاحقا لطلب القاضي بالإجابة على بعض الأسئلة التي لا تتضمن أمورا تتعلق بأسرار وأمن البلاد. ارتجاف أذيني وورم وجلطة دماغية.. مرض مبارك خلال 10 سنوات تعرض الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، لأزمة صحية، بحسب نجله علاء، حيث أن والده أجرى عملية جراحية، وقد جرى حجزه فى قسم الأورام، لإجراء فحوصات طبية، لتحديد حالته الصحية، وأجرى عملية استئصال ورم فى المعدة وانتقل بعدها إلى غرفة العناية المركزة. العملية الجراحية التي أجراها مبارك، تنضم لتاريخه المرضي خلال السنوات العشرة الأخيرة، ففي عام 2010، سافر إلى ألمانيا لإجراء جراحة عاجلة، لاستئصال المرارة، وورم حميد فى الإثنى عشر، وانتشرت شائعة وفاته على نطاق واسع، ورددتها بعض وسائل الإعلام الغربية، حتى خرج الفريق المعالج للرئيس السابق، ونفى تلك الشائعة. وعقب ثورة يناير 2011، تعرض لعدة أزمات صحية خلال محاكمته، في مايو 2011، تعرض لارتفاع في ضغط الدم، وإغماء بعد أن تزايد عدد المتظاهرين أمام مستشفى شرم الشيخ الدولي، ومحاولة اقتحامها. في يونيو 2012، عقب نقله إلى سجن طرة، مر مبارك بحالة صحية خطيرة، وتردد أنه أصيب بجلطة في الدماغ، وأن قلبه توقف، وجرى إسعافه بجهاز الصدمات الكهربائية، وجرى دعوة أطبائه لرعايته في مستشفى السجن، وأثبت التقرير الطبي، أنه يصاب بنوبات متكررة من "الارتجاف الأذيني". في ديسمبر 2012، عانى مبارك من شرخ بسيط فى ضلوع الصدر، لم يحتاج إلى أى تدخل جراحي، وكذلك عدة كدمات غير واضحة، جرى علاجها فى مستشفى السجن، نتيجة سقوطه على جسم صلب، عقب سقوطه عدة مرات فى حمام غرفة الرعاية المحتجز بها، في سجن مزرعة طرة. وفى ديسمبر 2014، تعرض لأزمة صحية جديدة، وأكد الإعلامى أحمد موسى، مقدم برنامج "على مسؤوليتى"، خلال إحدى حلقات برنامجه وفاة مبارك، لتنفي أسرته شائعة الوفاة، وأكدوا أن الأمر لم يتجاوز الوعكة الصحية المفاجئة، وسرعان ما استقرت صحته مجددا. في ديسمبر 2015، تردت الحالة الصحية لمبارك، وهو ما صاحبه خروج شائعة بوفاته مجددًا، وخرجت الأسرة كالعادة لتنفي الشائعة، على لسان محامي مبارك فريد الديب، كما تعرض لأزمة أخرى عام 2016، بعد إصابته بنوبة سكر. وفاة الرئيس الاسبق حسنى مبارك توفى اليوم الثلاثاء، الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك عن عمر ناهز 91 عام، في 25 فبراير ذلك الشهر الذي تنحى فيه عن الحكم.