تساءلت مجلة "تايم" الأمريكية عما اذا كانت تركيا قادرة بالفعل على خوض حرب مع سوريا.. وقالت المجلة ان التهديدات التركية بالرد على اى محاولات سورية لانتهاك الاراضى التركية، لا ترقى كونها مجرد تهديدات، حيث ان تركيا تدرك جيدا التعقيدات والعواقب الخطيرة لخوض حرب شاملة فى تلك المنطقة الملتهبة. واشارت الى ان سوريا وحليفتها ايران واثقتان تماما من عدم قدرة تركيا على الدخول فى حرب مفتوحة مع سوريا، فى وجود مقاتلى حزب العمال الكردستانى المناهض لتركيا وهى الورقة التى تلعب بها سوريا وايران جيدا . واوضحت المجلة ان المقاتلين الاكراد الذين يخوضون معركة منذ عقود طويلة ضد الجيش التركى، كثفوا عملياتهم العسكرية ضد الجيش والشرطة التركيين خلال الاشهر القليلة الماضية فيما وصف بأنها العمليات الاعنف منذ عقد من الزمان. ويرجع بعض المحللين والخبراء ذلك الى تفجر الاوضاع على الحدود التركية السورية، ودعم تركيا المطلق لجماعات المعارضة السورية المسلحة بالمال والسلاح، وهو ما جعل النظام السورى يطلق يد مقاتلى حزب العمال الكردستانى فى المناطق الشمالية من سوريا بالقرب من الحدود التركية ، حيث أوكل لمقاتلى الحزب مهمة الرد على تركيا. سوريا تعاقب تركيا وتتهم تركيا نظام الرئيس "الأسد" بتقديم أسلحة للمقاتلين الاكردا، حيث أعلن وزير الخارجية التركي "أحمد داود أوجلو" في اغسطس: "لقد اتخذنا التدابير اللازمة ضد هذا التهديد"، مضيفا:" أن الحكومة كان لديها دليل على الدعم السوري لحزب العمال الكردستاني، لكنه امتنع عن الخوض في التفاصيل." وقالت المجلة انه اذا كانت الرئيس السورى السابق "حافظ الأسد" قد آوى المتمردين الاكراد في تسعينيات القرن الماضى، فإن ابنه "بشار" لديه كل الأسباب لمساعدتهم اليوم - وهي معاقبة أنقرة لقرارها لإيواء متمردى الجيش السوري الحر والحماس التركي للتدخل العسكرى في سوريا، وهناك تقارير تؤكد ان السلطات السورية سحبت قواتها من المناطق الكردية الخاضعة للرقابة عبر الحدود الجنوبية من تركيا، وتركت إدارتها لفرع حزب العمال الكردستاني، وذلك كجزء من خطة لردع تركيا. وقالت المجلة ان مركز الشرطة في مدينه "سيرناك" التركية، وهي بلدة يعيش بها ما يقرب من60 الف شخص في جنوب شرق تركيا، لا يزال مغطى تماما بقماش "القنب الأزرق"، للتعتيم على الأضرار التي لحقت به قبل شهرين تقريبا عندما قامت مجموعة من المسلحين الاكراد بقصف المبنى بالقذائف الصاروخية من الشوارع المحيطة، وقد نفذ الهجوم فى 18 اغسطس تقريبا، وهو اليوم الذى يناسب الذكرى العشرين لقيام الجيش التركى بعملية عسكرية واسعة ضد المتمردين الاكراد الذين حاولوا الاستيلاء على المدينة، مما ادى الى سقوط عشرات القتلى، وكأن الهجوم على قسم الشرطة يحمل رسالة للسلطات التركية، واعلن حزب العمال الكردستاني، المسئولية عن هجوم أغسطس. وتعتبر الذكرىات السنوية للاحداث المهمة فى المدينة التى تسكنها غالبية كردية، من المناسبات التى تحظى باهتمام كبير الاكراد، فعلى سبيل المثال تم غلق المحلات في جميع أنحاء المدينة بمناسبة مرور 14 عاما منذ قيام تركيا بإجبار السلطات السورية على طرد "عبد الله اوجلان"، مؤسس حزب العمال الكردستاني وزعيم، من مقره في دمشق، حيث تم القبض عليه بعد ذلك بوقت قصير، ويقضي حاليا حكما بالسجن مدى الحياة فى سجن في جزيرة تركية في بحر مرمرة. وخلال العام الماضي، تزايدت الهجمات التى يشنها الاكراد وكانت اكبر واقوى العمليات تلك التى تمت فى بداية الصيف الحالى عندما حاول حزب العمال الكردستاني احتلال مدينة "سيمدينلي" التركية، وهي بلدة تقع على الحدود الإيرانية والعراقية، وكذلك المناطق المحيطة بها، مما جعل الجيش التركي يرد بكل قوته، عبر طائرات الهليكوبتر من طراز "كوبرا" والمدفعية، والدبابات، فى عملية واسعة ضد المتمردين، اسفرت عن سقوط أكثر من مائة شخص، فيما وصف بأنه أكثر الفترات دموية في الصراع الكردي في تركيا منذ القبض على "أوجلان". 262قتيلا من الجيش ووفقا ل "هيو بوب"، رئيس مكتب تركيا لمجموعة الأزمات الدولية، التي نشر مؤخرا تقريرا عن القضية الكردية، بلغ عدد الضحايا منذ يونيو 2011 ، 775 شخصا بما في ذلك 262 من قوات الأمن و 426 من مقاتلي حزب العمال الكردستاني و87 من المدنيين، وقتل أكثر من 40 الف شخص منذ بداية الصراع، الذي بدأ مع تمرد حزب العمال الكردستاني في عام 1984. وعلى الرغم من أن حزب العمال الكردستاني يرفض وصفه بأنها منظمة إرهابية - من جانب تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي - وعلى الرغم من أهدافه الأخيرة كانت بشكل عام ثكنات عسكرية، فإن عملياته اوقعت العديد من المدنيين ويشتبه على نطاق واسع أن المتمردين الاكراد كانوا وراء الهجوم الذى أسفر عن مقتل 10 اشخاص في "غازي عنتاب" القريبة من الحدود السورية، في أغسطس الماضى ، رغم نفى حزب العمال الكردستاني التورط فى الهجوم. وفى يوم 9 اكتوبر، ذكرت وسائل الاعلام التركية، انه تم إلقاء قنابل المولوتوف على ثماني مدارس في اقليم "سيرناك" ، مما ادى الى اصابة اثنين من تلاميذ المدارس الابتدائية. دور ايران وتتهم تركيا ايضا ايران فى دعم مقاتلى الاكراد، حيث ان ايران هى الحليف الاكبر لسوريا، كما انها لاتخفى رفضها لاستضافة تركيا عناصر من درع الدفاع الصاروخي التابع لحلف شمال الاطلسي، وردد "بولنت ارينج"، نائب رئيس الوزراء التركى، مرارا وتكرارا التواطؤ الإيراني في تفجير "غازي عنتاب" وعمليات حزب العمال الكردستاني في داخل وحول مدينة "سيمدينلي"، وقبل شهر، وصل الخلاف بين أنقرة وطهران لآفاق جديدة عندما تم بث لقطات فى التليفزيون التركي لعملاء ايرانيين مزعوميين وهم يتشاورون مع أعضاء حزب العمال الكردستاني حول مواقع الأهداف العسكرية والشرطة في تركيا. وقالت المجلة ان سوريا وايران تلعبان جيدا بورقة حزب العمال الكردستاني الاستراتيجية، لجعل الأتراك يفكرون مرتين قبل اى تدخل فى سوريا، كما ان معظم الأتراك يعارضون العمل العسكري في سوريا. ويقول "سنان اولجن"، الدبلوماسي التركى السابق ورئيس مركز ابحاث دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية،: "هناك خوف من أن الحكومة لم تعالج بعد الوضع في جنوب شرق البلاد قبل الدخول في مجموعة من الإجراءات التي قد تنتهي بتهديد أمنها"، ويضيف "اولجن":" ان للحكومة التركية التي تشتبه فى قيام "الأسد" بتسليح المقاتلين الأكراد ، يجب ان تكون أكثر حرصا من أي وقت مضى تجاه ما يمكن ان يحدث فى حالة سقوط نظام "بشار". ويقول العديد من الاكراد:"انه بدلا من محاولة إلقاء اللوم على سوريا فى موجة العنف الجديدة من حزب العمال الكردستاني، ينبغي أن تنظر القيادة التركية نظرة فاحصة في المرآة، فقد أصدرت حكومة "رجب طيب اردوجان" سلسلة من الاصلاحات الجريئة على مدى العقد الماضي، مثل وقف التعذيب، وإطلاق محطة تلفزيونية كردية، والموافقة مؤخرا، على ان تكون المقررات التعليمية اختيارية باللغة الكردية، ولكن على الرغم من المفاوضات السرية مع حزب العمال الكردستاني، الذي كشف عنها العام الماضي فقط، لم تف أنقرة بمطالب الكرد الرئيسية، والتي تشمل مزيدا من الحكم الذاتي، والتمثيل السياسي، والحقوق اللغوية الكاملة ونقل "أوجلان" إلى الإقامة الجبرية. وعلاوة على ذلك، شنت الحكومة حملة صارمة ضد الحركة الكردية ككل واعتقلت ما لا يقل عن 8000 من النشطاء والسياسيين والصحفيون والطلاب لمجرد صلاتهم المزعومة بحزب العمال الكردستاني. وختمت المجلة بأنه فى ظل تزايد الهجمات الكردية الدامية على مواقع الجيش التركى ووقوع مزيد من القتلى من الجيش والمدنيين، فإن تركيا ستفكر ألف مرة قبل الدخول فى حرب مفتوحة مع سوريا.