«اللامس» مسموم.. و«الشامم» مخنوق.. والآكل «مقتول» «حبة الغلة» تقتل 206 مواطنين فى «إيتاى البارود» و«كفر الدوار» خلال عام واحد عضو لجنة الزراعة بالبرلمان: مبيدات زراعية مغشوشة تباع فى الأسواق.. والفلاح أولى ضحاياها خبراء: غسيل الخضراوات والفاكهة بالماء والملح يخلصها من بقايا المبيدات رغم أنها قاتلة وشديدة الخطورة، إلا أنها تباع فى الأسواق بلا ضابط أو رابط.. تلك هى كارثة المبيدات الحشرية، التى لا يكاد يخلو منها بيت ولا يستغنى عنها فلاح واحد.. مجرد لمسها يسبب التسمم، أما استنشاقها فيدمر الرئتين، وإذا تسللت إلى الطعام فإن الموت الأليم هو المصير المحتوم لمن يأكل هذا الطعام، ومن لم يمت فى الحال يتعرض لتدمير كبده وكليته وطحاله فى النهاية أيضًا يموت. فى منطقة بابا الشعرية أشهر مناطق بتجارة المنظفات والكيماويات، رصدت «الوفد» حركة بيع وشراء المبيدات. وقال سعيد فراج تاجر منظفات بمنطقة العتبة، المبيدات الحشرية سامة وإذا تناولته الحشرات والقوارض تصبها بشلل وتقضى على حياتها فى الحال ولا يصح أن تضع ربات البيوت تلك المبيدات أمام الأطفال حتى لا يصابوا بالتسمم، لافتاً إلى أن سعر سم الفئران يبدأ من 10 جنيهات، وزجاجة بودرة النمل والصراصير ب15 جنيهًا. ومن جانبه أكد محمود إبراهيم تاجر منظفات بمنطقة العتبة، أن الصابون المستخدم للتنظيف المنزلى غير سام، أما المنظفات الصناعية فتحتوى على مواد عضوية منعمة للغسيل تسهل عملية التنظيف هذه المواد سامة، ولكن جميع المنظفات أقل سمية من المنظفات القلوية، وكذلك مسلكات البالوعات، والشامبوهات قليلة السمية إلا من بعض الآثار المهيجة البسيطة للأغشية المخاطية، ولكن بعض الشامبوهات تحتوى على مواد تمنع قشور الشعر مثل السيلينيوم وقد يؤدى إلى أعراض تسممية مع كثرة استعمال الشامبو أو ابتلاعه بطريق الخطأ! وقال نبيل عبدالمقصود خبير علاج السموم، إن المبيدات الحشرية تحتوى على العديد من المواد السامة تؤدى إلى اختلال الغدد الصماء مما يؤثر على وظائفها، موضحاً أن أفضل الأوقات لاستخدام المبيدات الحشرية هو أثناء غياب الأطفال من المنزل حتى لا يتعرضوا للأذى، ويجب تهوية الغرفة جيداً التى تم استخدام المبيد داخلها حتى لا تؤثر على الصحة، ومن أخطر أنواع المبيدات بخور الناموس المنتشر حاليًا، وهو غير صالح للاستخدام الآدمى. وكشف عبدالمقصود، عن الأعراض الأولية للتسمم من المبيدات الحشرية والمنظفات المنزلية والتى تتمثل فى الشعور بآلام شديدة فى البطن وإسهال، وسيلان اللعاب المفرط، فى حين أن البعض الآخر يجفف الفم والجلد، ومن الناحية التنفسية يحدث سعال وضيق التنفس، خاصة فى حالات التسمم بالأبخرة والغازات المهيجة، وبعض الأنواع قد يسبب الألم، ومن ناحية التسمم بابتلاع المواد الآكالة كالأحماض المركزة والمنظفات يحدث حروق على الفم وآلام شديدة بالبلعوم والصدر نتيجة لاحتراق المرىء، ونصح «عبدالمقصود»، المواطنين المصابين بالتسمم بالتوجه فورًا إلى أقرب مركز سموم متخصص، حتى يستطيع الأطباء إنقاذه سريعاً ولا يصاب بالشلل فى الحجاب الحاجز وضيق التنفس. وقال سعيد متولى إخصائى تغذية علاجية، إن المبيدات عبارة عن مركبات من عناصر ومعادن لها تأثير سام وفتاك للجهاز الهضمى للحشرات، وإذا استخدم الإنسان هذه العناصر السامة يحدث ارتفاع فى نسب الرصاص، أو الكبريت أو مركبات الزرنيخ، فإذا ارتفع معدل تلك العناصر بجسم الإنسان يؤدى إلى التسمم وتصل إلى الوفاء فى الحال. وأضاف «متولى»، أن المبيدات الحشرية تشكل خطرًا كبيرًا على صحة الإنسان، وهناك العديد من الأضرار الناتجة عن الأطعمة المرشوشة بالمبيدات الحشرية ولذلك يجب على الشخص أن يتوخى الحذر أثناء الشراء ومتابعة لون الخضار والفواكه ورائحتها قائلًا: إن الأضرار الناتجة من المبيدات الحشرية، تجعل الإنسان أكثر عرضة للإصابة بالسرطان بسبب تأثير المبيدات الحشرية على الجهاز المناعى، وتتسبب فى الإصابة بالعقم لأنها تؤثر على الحيوانات المنوية وقلة حركتها وتمنع وصول الحيوان المنوى للبويضة، كما أن المبيدات الحشرية تدمر الكبد وتصيب بالتليف أو الفشل الكبدى، وتتسبب فى حدوث فشل كلوى، وتشوهات لحديثى الولادة. ونصح متولى، بغسل الخضراوات والفواكه فى مياه بملح لمدة عشر دقائق، حتى تتخلص من بقايا المبيدات، ولكن لا تتركها أكثر من ذلك حتى لا تفقد الفيتامينات والمعادن التى داخلها، ثم شطفها جيدًا بالإسفنج المخصصة للخضراوات والفاكهة حتى تستطيع إزالة الطين والمبيدات نهائية ثم نقعها مرة أخرى وتقشير الفواكه والخضار ورمى القشر لتجنب انتقال المبيدات إلى الأطعمة. المبيدات الزراعية تستخدم لحماية الأغذية من البكتيريا الضارة ومحاربة الحشرات والقوارض ويمكن أن تكون مبيدات الحشرات مضرة لصحة الإنسان والحيوانات لأنها تحتولى على مواد سامة ومصممة لقتل الحشرات، وبلغ حالات التسمم فى مركزى إيتاى البارود وكفر الدوار فى محافظة البحيرة 1374 حالة خلال عام 2018 أثر تناول حبة الغلة القاتلة توفى 206 أشخاص تراوحت أعمارهم ما بين 15 و30 عامًا ما بين فتيات وشباب. ويقول هانى أسامة مزارع بمحافظة القليوبية، إن بعض المزارعين أميون ولا يستطيعون قراءة التعليمات الإرشادية المتواجدة على عبوات المبيدات الزراعية قبل استخدامها ولا نجد من يقدم الإرشادات الزراعية باستمرار لتحديد الجرعة المطلوبة دون التسبب فى الخسائر ولا يتوفر لنا أدوات الوقاية مثل القفازات والأحذية والكمامة التى تحمينا من أضرار التعامل المباشر مع المبيدات. ومن جانبه قال سيد إبراهيم فلاح بمحافظة القليوبية، أن المزارعين يتعرضون للأمراض بسبب عدم اتخاذ الإجراءات الواقية التى تحميهم من استنشاق الغازات والروائح القوية، بالإضافة أن أقراص حفظ القمح أثناء رش المبيدات تصيب الإنسان بالتسمم ولا نجد بدائل أو إرشادات صحية لاتباعها حتى يستطيع المزارعون تفادى آثارها القاتلة وأضاف: «اعتدنا على حدوث حالات تسمم وسط المزارعين، خلال رش المبيد ونتعامل معها بشرب الماء والملح والطرق التقليدية حتى الذهاب سريعًا إلى المستشفى لتناول العلاج المناسب ومن الممكن أن يتوفى المزارع قبل الذهاب إلى المستشفى». ويذكر أن أقراص الغلة كانت للانتحار إذ قامت مؤخرًا سيدة فى بداية العقد الرابع من العمر على الانتحار، بتناولها حبة حفظ الغلال السامة، وذلك داخل مسكنها فى مدينة كفر الشيخ. وتلقت مديرية أمن كفر الشيخ بلاغًا، من نقطة شرطة مستشفى كفر الشيخ العام، بوصول «ج. ف. ع» 40 عامًا، تقيم بمدينة كفر الشيخ، فى حالة إعياء شديد، وتوفيت بعد وصولها المستشفى. انتقلت قوة شرطية إلى مستشفى كفر الشيخ العام، وبسؤال زوج المتوفية، أفاد بتناول زوجته حبة حفظ الغلال السامة، وجرى ونقلها إلى المستشفى، فى حالة إعياء شديد، وحاول الأطباء إنقاذها لكنها توفيت. وبعد 24 ساعة من وفاة الحالة الأولى قامت شهدت محافظة كفر الشيخ حالة وفاة ثانية لشاب، بعدما أقدم، على إنهاء حياته، بتناول حبة حفظ الغلال السامة، فى مسقط رأسه بقرية الجرايدة، التابعة لمركز بيلا، وذلك عقب ساعات من انتحار سيدة، صباح اليوم. وتلقت مديرية أمن كفر الشيخ، إخطارًا من مأمور مركز شرطة بيلا، بتلقيه إشارة من مستشفى بيلا المركزى، بوصول «أ. م. م»، 39 سنة، ويقيم بقرية الجرايدة، دائرة مركز شرطة بيلا، فى حالة إعياء شديد، إثر تعرضه لحالة تسمم فسفورى، بادعاء تناوله حبة حفظ الغلال السامة. انتقلت قوة من مركز شرطة بيلا، إلى مستشفى بيلا المركزى، وبالفحص تبين أن الشاب المذكور تناول حبة حفظ الغلال السامة، المعروفة إعلاميًا ب«الحبة القاتلة»، بغرض الانتحار، ووصل المستشفى فى حالة إعياء، وفشلت محاولات الأطباء فى إنقاذه، وتوفى داخل قسم الاستقبال فى مستشفى بيلا المركزى. المبيد لا يقتصر على تناوله عن طريق الفم، فأكل الخضر والفاكهة الملوثة بالمبيدات غاية فى الخطورة كذلك يمكن أن يتسرب المبيد إلى الجسم عن طريق الجلد والعين والتنفس وتزداد الخطورة مع تركيز المادة الفعالة، بما يجعل تأثيره الخطير يمتد إلى كل العاملين فى المجال، ومما لا شك فيه أن استخدام المبيد بجرعة أكبر من الموصى بها يؤدى إلى زيادة المتبقى منه فى المحصول أو التربة. وأشار «أبوصدام»، إلى أن أشهر حالات التسمم بالمبيدات كان نتيجة تناول «الحبة القاتله» وهى مبيد حشرى عبارة عن حبوب تستخدم للحفاظ على الغلال من التسوس وحمايته من الحشرات الضارة وتستعمل لتخزين الغلال فى المنازل من أخطر المواد الكيميائية المستخدمة للحفاظ على المحاصيل الزراعية والإسراف فى استخدام المبيدات الكيماوية يؤدى إلى تلوث المسطحات المائية والتربة وكذلك المحاصيل الزراعية والثمار، كما يؤثر على صحة المزارع والإنسان». وتابع «أبوصدام»، أن الاستغناء عن رش المحاصيل الزراعية بالمبيدات أمر صعب فى الوقت الحالى لصعوبة القضاء على الحشرات والأمراض بالطرق الطبيعية واتساع المساحة الزراعية والحاجة الملحة للقضاء السريع على الحشرات والأمراض النباتية، ولذا تتخذ الدولة جهودًا كبيرة لمنع التعرض للتسمم من هذه المبيدات وتدريب المزارعين على كيفية رشها والتعامل معها وتعريفهم بأضرارها وتحدد المبيدات المحظور استخدامها، كما واتخذت إجراءات كبيرة للكشف عن متبقيات هذه المبيدات فى المنتجات الزراعية للحفاظ على صحة المواطنين. ونصح نقيب الفلاحين، المزارعين بضرورة التعامل مع المبيدات الزراعية بحذر لأنها سامة مع التخلص من مما يتبقى منها بطريقه آمنة، مطالبًا إلى تشريع يضمن تقنين استخدام هذه المواد السامة ومحاربة المواد المحظورة، مع التوعية بمخاطر استخدام مبيدات الآفات الزراعية التى تؤدى إلى ظهور العديد من الأمراض الصحية، مثل ضعف المناعة وتضخم الطحال والفشل الكلوى والكبد الوبائى وأمراض الجهاز التنفسى والسرطان. مبيدات مغشوشة أكد النائب محمد فهمى عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، وجود مبيدات زراعية مغشوشة بالأسواق تدمر المحاصيل الزراعية، وقال: «الفلاح يستطيع الحصول على المبيدات بطرق شرعية ولابد أن يكون هناك برامج تدريبية للمزارعين ولغير المزارعين لزيادة الوعى حول كيفية الاستخدام الأمن والصحيح لمختلف أنواع المبيدات والآفات». وتابع «فهمى»، أن الغش التجارى تدخل فى تصنيع المبيدات الزراعية غير صالحة للاستخدام الآدمى من ويقع مئات المواطنين ضحايا التسمم يسببها، بالإضافة لخسائر المحصول بآلاف الأطنان ولهذا يجب تكثيف الرقابة على منافذ بيع المبيدات الزراعية لمواجهة المبيدات المغشوشة. ومن جانبه أكد محمد عامر خبير مبيدات زراعية، أن المواد المحرمة دوليًا لا تستخدم للمحاصيل الزراعية فى مصر وأن سوء الاستخدام للمبيدات من المزارع عليه عامل كبير، فى مدى التأثر بالمبيد فيجب أن يراعى الفلاح عند شراء المبيد من وزارة الزراعة الأخذ فى الاعتبار فترة الأمان، أى فترة ما بعد الرش الأمنة قبل حتى المحصول والموجودة على الملصق بالعبوة التابعة لوزارة الزراعة. وقال «عامر»، أن مادة «الألومنيوم فوسفيد» هى المادة الفعالة فى أقراص حفظ الغلة والمستخدم لمنع تسوس محاصيل القمح والذرة وغير ذلك من الحبوب الزراعية وحمايتها من الحشرات الضارة، سعرها جنيه واحد فقط وتستطيع قتل الإنسان فى خلال دقائق معدودة.