عبد السلام النابلسي هو أحد أهم صناع الضحك في تاريخ السينما المصرية، صاحب بصمة فنية كوميدية تميزه عن غيره من الفنانين في القرن العشرين. في ذكري ميلاد كوكب الشرق.. أم كلثوم بدأت مشوارها الفني بملابس الرجال السهل الممتنع أسلوب وطريق سلكه عبد السلام النابلسي خلال مشواره الفني، رغم أن أدواره في أغلبها كانت ثانوية، فقد شارك الفنان فريد الأطرش في 11 فيلماً سينمائيًا. ملك الإيفيهات.. هكذا أطلق على النابلسي الذي اتخذ قرار بترك الصحافة بعد ظهور موهبته في التمثيل وهو ابن العائلة المتدينة حافظ القرآن وتلميذ الأزهر الشريف. لم يكتف بالتمثيل بل اتجه الى العمل كمساعد مخرج لابراهيم لاما و توجو مزراحي، ثم توقف عن الإخراج وتفرغ للتمثيل فقط، بعد أن ذاع صيته، وارتفع نجمه في سماء الكوميديا. شارك النابلسي مع مجموعة كبيرة من الفنانين أعمالهم في أدوار ثانية ولم يفكر في البطولة المطلقة سوى في أوائل الستينيات في فيلم حلاق السيدات عام 1960 ولم يحصل الفيلم على النجاح المنتظر رغم مشاركة اسماعيل يس فيه. وبعد عام واحد حاول مرة أخرى في فيلم عاشور قلب الأسد، واشترك معه هذه المرة الفنان رشدي أباظة وزهرة العلا وتحية كاريوكا؛ إلا أن الفيلم قوبل بالتجاهل والفشل. ومن هنا عشق الجمهور عبد السلام النابلسي، مشاهدته في أدوار ثانية لتخفيف وطأة الميلودراما أو التراجيديا التي تمتلىء بها الأعمال السينمائية مع كامل الثقة في موهبته وقدرته على تقديم الأدوار المتنوعة والمختلفة، ولكن دائمًا هناك من يملك كاريزما ممثل الصف الأول حتى وإن كان أقل موهبة من السنيد والأمثلة على ذلك كثيرة. وخلال مسيرته الفنية، قرر أشهر عازب في الوسط الفني، وهو في سن كبير أن يعلن عن رغبته في الاستقرار الأسري وهو في سن ال60، ليتزوج من إحدى معجباته جورجيت سبات. وتوالت الأحداث المؤلمة على الفنان، فقد قررت مصلحة الضرائب في عام 1965 الحجز على أثاث شقته المستأجرة في الزمالك، والتي لم تكن بقيمة المبلغ المطلوب، وظلت القضية معلقة حتى وفاته في عام 1968 رغم تدخل العديد من رموز الفن في مصر، وعلى رأسهم كوكب الشرق أم كلثوم. شعر النابلسي بدنو أجله، لدرجة أنه كان يترك مفتاح غرفته من الخارج، ساءت حالته وامتنع عن الطعام تمامًا قبل أيام من رحيله، حتى ليلة 5 يوليو 1968، قبل وصوله إلى المستشفى. لم تجد زوجة النابلسي، مصاريف الجنازة فتولى صديقه الفنان فريد الأطرش عن طريق شقيقه فؤاد، والذي كان يحاول أن يخفي الخبر عنه، لكنه علم من الصحف، وانهار ومرض حزنا على وفاة صديق العمر. ولد النابلسي في 23 أغسطس من عام 1899، لأسرة فلسطينية عاشت في لبنان، وكان جده قاضي نابلس الأول وكذلك والده، ونشأ في وسط عائلة متدينة، وعندما بلغ العشرين من عمره، أرسله والده إلى القاهرة ليلتحق بالأزهر الشريف، فحفظ القرآن الكريم وبرع في اللغة العربية، إضافة إلى إتقانه للفرنسية والإنجليزية اللتين تعلمهما في بيروت.