أيام ترحل وماضٍ يبتعد.. وتظل الذكريات قصصًا صامتة.. وأحداثًا تنطوى.. وحوادث تمضى.. إلا أنها تترك فينا أثرًا لا يزول.. ففى حياتنا ذكريات لا تُنسى مهما مر عليها الزمان. تبحث «الوفد» فى ذكريات رجال القضاء والشرطة جرائم تركت بصمات بارزة فى سجل الماضى.. وفى كل أسبوع نسرد جريمة من ذكرياتهم. الزمان- 2014. المكان- مركز طما بسوهاج. الجريمة- قتل. (القاتل المجنون) المقدم محمد سليمان مفتش مباحث جرجا بسوهاج، يحكى لنا جريمة فى ذاكرته وقعت أحداثها منذ أكثر من ثلاث سنوات، وما زالت عالقة فى ذاكرته، لأنها راحت ضحيتها ربة منزل وابنتها، على يد ابنها دون ذنب اقترفته أيديهن البريئة سوى أن الابن أصابته لوثة عقلية فقام بقتلهما، ولقد توافقت هذه الواقعة مع المقولة الشهيرة بأن «الجريمة لا تفيد»، وتطابقت نهايتها مع قول الله عز وجل (إن ربك لبالمرصاد). يقول المقدم محمد سليمان: فى عام 2014 عندما كنت أعمل رئيسًا لوحدة مباحث طما، ورد لنا بلاغ من أهالى قرية مشطا بعثورهم على جثتين لسيدة تدعى وفاء محمد 55 سنة ربة منزل وابنتها نجوى 22 طالبة، غارقتين فى دمائهما وبجوارهما أنبوبة بوتاجاز فارغة ملوثة بالدماء، فبدأنا فى مهمة البحث بإشراف اللواء خالد الشاذلى مدير المباحث- آنذاك- وكانت المهمة شاقة لأننا لم نتبين غياب أموال أو ممتلكات بالمنزل مما جعلنا نستبعد أن الجريمة تمت بدافع السرقة، كما تبين لنا حسن سمعة القتيلتين مما يستبعد جرائم الشرف، كما أنهما كانا من أسرة بسيطة ترتبط بالمودة مع الجيران وليس لها أعداء، خاصة أن أهالى القتيلتين لم يتهموا أحدًا بارتكاب الواقعة، وهذا جعل عملية البحث شاقة جدًا، ومر على هذا الحال أكثر من أسبوعين، وكادت القضية أن تقيد ضد مجهول لولا عناية الله التى أرادت كشف خيوط الجريمة. فقد أبلغنى أحد مصادرى أن السيدة القتيلة لها ابن مصاب بلوثة عقلية ومتغيب عن المنزل وكان يعالج عند أحد أطباء الصحة النفسية بمدينة طما، وأنه يتردد على بعض الأماكن الزراعية فقمنا بمتابعته والقبض عليه وبسؤاله أقر أمام النيابة العامة بجريمته تفصيليًا، وأضاف بأنه دخل المنزل ليلًا ووجد أمه وأخته نائمتين فأمسك بإسطوانة البوتاجاز الفارغة وقام بضربهما حتى أرداهما قتيلتين وأنه ليس نادمًا على ذلك لأن كل شيء مكتوب، مضيفًا بأنه حر يفعل ما يشاء لأن القتيلتين هما أمه وأخته ولا شأن لأحد بهما. أمرت النيابة العامة بحبسه أربعة أيام على ذمة التحقيقات وأحالته محبوسًا إلى محكمة الجنايات التى تبين لها عدم سلامة قواه العقلية فأمرت بإيداعه مستشفى الأمراض النفسية بالعباسية.